تسعى مصر للشهر الثالث على التوالي إلى طرح مناقصة لتوريد كامل احتياجات السوق المحلية من المواد البترولية، ولتأمين الكميات اللازمة من الوقود خلال شهر ديسمبر، بعد امتناع شركة «أرامكو» السعودية عن إرسال شحنات الوقود الخاصة للشهر الثالث على التوالي. ومازالت وزارة البترول تؤكد استمرار العقد التجاري بين «أرامكو» والهيئة، مع سعي هيئة البترول لطرح مناقصة لشراء 700 ألف طن من البنزين والسولار والمازوت من الموردين بالدولار، بديلًا لشحنات أرامكو لسد احتياجات المواطنين من الوقود. واتجهت مصر مؤخرًا إلى بعض الدول من أجل تدبير احتياجاتها البترولية، بعد موقف السعودية الذي يبدو أنه سيستمر في ظل عدم وجود حوار بين البلدين، ودخلت مصر في تعاون مشترك مع الكويت في مجال البترول والغاز، والتعاقد على استيراد كميات من البترول الخام الكويتي لتكريره بمعامل التكرير المصرية، واستيراد كميات من السولار من مؤسسة البترول الكويتية، بتسهيلات في السداد، بإمداد مصر ب2 مليون برميل من المنتجات البترولية. وواصلت مصر تقدمها في التعاون مع دولة العراق بإمداد مليون برميل من المنتجات البترولية، واتفاق وزير البترول المصري طارق الملا مع العراق على استيراد نفط البصرة الخام لتكريره في مصر، بحسب تصريحات الوزير الذي أكد أنها بداية للتعاون مع العراق، وصولًا إلى اتفاقيات ومجالات أوسع من التعاون المشترك. ووقَّعت مصر مع أذربيجان الشهر الماضي مذكرة تفاهم لتوريد كميات من النفط تصل إلى 2 مليون برميل من المنتجات البترولية زيت خام، لتكريرها بمعملي ميدور والنصر للبترول، كما تتضمن مذكرة التفاهم التعاون والمشاركة في تنفيذ العديد من المشروعات البترولية على المدى الطويل. ويجرى الآن تفاوض مصري إماراتي للتعاقد مع اثنتين من شركات البترول الإماراتية من أجل تصدير عدد من شحنات المواد البترولية لمصر، بجانب المفاوضات القوية التي تجريها مصر مع روسيا؛ للتعاقد والاتفاق على توريد عدد من شحنات البترول لصالح مصر خلال الفترة المقبلة. ورغم نجاح مصر في تدبير احتياجاتها من المواد البترولية إلَّا أن موقف وزارة البترول من شركة «أرامكو»، خاصة دون استلام شحنات البترول المنصوص عليها في العقد المبرم بين الطرفين للشهر الثالث على التوالي، وعدم اتخاذ مصر أي إجراء تجاه الشركة يثير كثيرًا من التساؤلات حول كيفية استمرار العقد في ظل إخلال أحد الطرفين بما جاء في نص بنوده، ولماذا لم تتخذ مصر أي موقف تجاه هذا التجاهل السعودي. قال الدكتور رمضان أبو العلا، خبير البترول الدولي: العقد التجاري بين مصر والسعودية الخاص بتوريد البترول، لا يتضمن شروطًا جزائية؛ لأنه عقد به نوع من المجاملات، ولذلك لا تستطيع مصر اتخاذ أي موقف تجاه السعودية؛ لأن العقد له شروط وقواعد خاصة اعتمدت على المجاملات. وأوضح أبو العلا ل«البديل» أن الأزمة بين مصر والسعودية سياسية، ووقف إمداد البترول لمصر من جانب السعودية نوع من الضغط السياسي، ولذلك لابد أن نؤكد أن هناك أخطاءً سياسية حدثت في العلاقة بين البلدين من كلا الطرفين، مشيرًا إلى أن مصر نجحت بالفعل في توفير بدائل من عدة دول؛ من أجل تدبير احتياجاتها البترولية بعد وقف إمدادات السعودية من البترول. كانت مصر قد وقعت مع السعودية اتفاقًا في أبريل الماضي ينص على إمداد السعودية لمصر بمنتجات بترولية مكررة، بواقع 700 ألف طن شهريًّا لمدة 5 سنوات، بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين شركة «أرامكو» السعودية والهيئة المصرية العامة للبترول، وبموجب الاتفاق تشترى مصر شهريًّا، منذ مايو الماضي، 400 ألف طن سولار و200 ألف طن بنزين و100 ألف طن زيت وقود، وفق تسهيلات ائتمانية بفائدة 2%، على أن يتم سداد قيمة الشحنات البترولية على مدى 15 عامًا. وفي أكتوبر الماضي، بعد تصويت القاهرة لصالح المشروع الروسي بمجلس الأمن الدولي بشأن القضية السورية، قررت شركة النفط الوطنية السعودية أرامكو وقف إمدادات البترول لمصر.