قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي اليوم الخميس، تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، إلى جلسة الثلاثاء المقبل، وذلك في قضية اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر. وجاء قرار التأجيل لمعاودة الاستماع إلى أقوال العميد وائل نديم الضابط بالحرس الجمهوري، وتكليف الطب الشرعي بتوقيع الكشف الطبي على المتهمين خالد حمدي وأحمد إسماعيل ومحمد حامد كيلاني، لبيان ما إذا كان أيا منهم قد تعرض للإكراه البدني أو التعذيب على حد زعمهم، من عدمه، بحسب وكالة "أ ش أ". وقررت المحكمة أيضا إحالة ممثل النيابة العامة في القضية، إلى التفتيش القضائي، على ضوء تحدثه بصورة تخالف التقاليد القضائية أثناء انعقاد المحكمة، بإصراره على التعقيب المستمر على حديث هيئة الدفاع عن المتهمين وقرارات المحكمة، دون الحصول على إذن مسبق من المحكمة بالحديث. استمعت المحكمة إلى شاهد الإثبات المقدم طارق صبري بقطاع الأمن الوطني، حيث قامت المحكمة بسؤاله حول ظروف تفتيش مسكن المتهم أحمد إسماعيل ثابت، وعملية ضبط المتهمين محمد حامد كيلاني وخالد حمدي عبد الوهاب.. حيث قرر الشاهد أن عمله اقتصر على ضبط المتهمين دون التحقيق معهما، وأنه لا يعلم بمكان احتجازهما عقب ذلك. وأكد الضابط الشاهد – ردا على سؤال من المحكمة في هذا الصدد - أن المتهمين المذكورين لم يتعرضا لأي اعتداء بالضرب أو أي إكراه، مشيرا إلى أنه عقب ضبطهما تم تسليم كل منهما لمركز الشرطة التابع له محل سكنهما. وردا على سؤال من المحكمة حول تفسيره لما قام به المتهم أحمد علي عفيفي، في جلسة سابقة، بالصياح من داخل قفص الاتهام متهما إياه بأنه قام باستجوابه والاعتداء عليه – نفى الشاهد بصورة قاطعة صحة ما ذكره المتهم، مشيرا إلى أنه اندهش من مثل هذا التصرف، وأن ما جاء على لسان المتهم ليس سوى ادعاء كاذب لا أساس له من الحقيقة أو الواقع. وسمحت المحكمة لهيئة الدفاع بسؤال الضابط الشاهد، حيث قام المحامي محمد عبد الفتاح الجندي عضو هيئة الدفاع بسؤاله حول دور حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري الأسبق ورئيس شبكة قنوات الجزيرة، في الاتفاق المبرم بين المتهم علاء سبلان وضابط المخابرات القطري خلال لقاء جمع الثلاثة بالعاصمة القطريةالدوحة.. حيث قرر الشاهد أنه سبق وأجاب تفصيلا عن السؤال وأوضح في إجابته أن "سبلان" تعهد لضابط المخابرات القطري، خلال اللقاء، بإحضار أصول الأوراق التي عرض صور فوتوغرافية منها أمامه بحضور حمد بن جاسم، مقابل الحصول على مبلغ من المال. وأشار إلى أن المتهم محمد كيلاني كان دوره يتمثل في نقل أصول الأوراق والوثائق إلى قطر، مستغلا كونه يعمل مضيفا جويا. وأبدى ممثل النيابة العامة ضياء عابد رئيس نيابة أمن الدولة العليا، اعتراضه على ما ورد على لسان الدفاع من أن المتهم محمد كيلاني تعرض لإصابات تتمثل في خلع في الكتف وكسر بالساعد، مشيرا إلى أن هذه الأقوال هي أقوال مرسلة من الدفاع، وأن المتهم لم يقل بها في أي مرحلة من مراحل الدعوى، سواء في مرحلة التحقيق الابتدائي أمام النيابة العامة، أو مرحلة التحقيق النهائي أمام المحكمة. وأضاف ممثل النيابة أن المتهم على العكس مما ورد على لسان دفاعه، فقد قرر بتحقيقات النيابة أنه أدلى بأقوال طائعا ومن تلقاء نفسه. من جهته، طالب الدفاع بإحالة المتهم "كيلاني" إلى مصلحة الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه، لبيان ما إذا كان به ثمة إصابات من عدمه، وتاريخ حدوثها حال وجودها، وأن تحقق المحكمة لمعرفة الجهة التي تولت إلقاء القبض على المتهم المذكور. واستكمل شاهد الإثبات حديثه، مؤكدا أن تحرياته أثبتت أن المبلغ المتفق عليه، والذي تم الاتفاق عليه بمعرفة حمد بن جاسم وعلاء سبلان لباقي المتهمين، والذي بلغت الدفعة الأولى منه 50 ألف دولار أمريكي نظير الحصول على أصول مستندات الأمن القومي وأسرار الدفاع موضوع الاتهام، صرف من خزينة دولة قطر، باعتبار أن حمد بن جاسم يرأس شبكة قنوات الجزيرة القطرية التي تولها الحكومة القطرية. وأذنت المحكمة للمتهم أحمد عبد العاطي بالتحدث من داخل قفص الاتهام، وبعد موافقة الدفاع عنه، حيث قال إن حمد بن جاسم غادر منصبه كرئيس للوزراء ووزير الخارجية، وأنه لا علاقة له بشبكة قنوات الجزيرة والتي يرأسها منذ تأسيسها حمد بن ثامر. واستمعت المحكمة إلى زوجة المتهم محمد كيلاني والتي سردت ظروف إلقاء القبض على زوجها، مشيرة إلى أنه قبض عليه يوم 24 مارس 2014 ، وأن قوة الأمن أبلغتها بأنه سيتم مناقشة زوجها في أمر لمدة نصف ساعة وسيعود إلى المنزل مرة أخرى. وأضافت أن شاهد الإثبات المقدم طارق صبري كان على رأس القوة الأمنية التي قامت بمداهمة المسكن، ولم تصل أخبار من زوجها في أعقاب ذلك لمدة شهور، قبل أن تراه في مقطع مصور عرضته وزارة الداخلية في شأن الإعلان عن القضية، وأنها التقت به لاحقا في النيابة ليخبرها أنه تعرض لإكراه بدني وأنه لم يعرض على الطب الشرعي لإثبات الإصابات التي تعرض لها. من جانبه، قام المستشار محمد شيرين فهمي بقراءة نص محضر التحقيق مع المتهم، والذي استهله المحقق بإثبات "عدم وجود أية إصابات ظاهرية به، وأن النيابة العامة ناظرته ولم تجد به أية إصابات". كما استكملت المحكمة الاستماع إلى مرافعة علاء علم الدين المحامي عن المتهم أحمد إسماعيل، والذي واصل إبداء دفوعه القانونية في معرض طلب البراءة للمهم، مؤكدا انتفاء أركان جريمة الاشتراك مع بقية المتهمين في ارتكاب واقعة التخابر موضوع القضية. من جهته، طالب المحامي محمد الجندي المحامي عن المتهم محمد كيلاني إلى المحكمة أن تستعمل حقها القانوني وفقا لقانون الإجراءات الجنائية، بشأن إدخال متهمين جدد في الدعوى الذين وردت أسماؤهم في تحريات وشهادة المقدم طارق صبري ضابط الأمن الوطني. كان النائب العام الراحل المستشار هشام بركات قد أحال المتهمين إلى المحاكمة في شهر سبتمبر 2014، وذلك في ختام التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا بالقضية.. حيث جاء بأمر الإحالة "قرار الاتهام" أن محمد مرسي وعددا من المتهمين قاموا باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية - والتي من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة - بغية تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية. والمتهمون في القضية هم كل من: محمد محمد مرسي عيسى العياط (محبوس - رئيس الجمهورية الأسبق) - أحمد محمد محمد عبد العاطي (محبوس - مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق – صيدلي) - أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (محبوس - سكرتير سابق برئاسة الجمهورية) - أحمد علي عبده عفيفي (محبوس - منتج أفلام وثائقية) - خالد حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان (محبوس - مدير إنتاج بقناة مصر 25 ) - محمد عادل حامد كيلاني (محبوس - مضيف جوي بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية) - أحمد إسماعيل ثابت إسماعيل (محبوس - معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا) - كريمة أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (طالبة) - أسماء محمد الخطيب (هاربة - مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) - علاء عمر محمد سبلان (هارب – أردني الجنسية - معد برامج بقناة الجزيرة القطرية) - إبراهيم محمد هلال (هارب - رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة القطرية). وأشارت التحقيقات إلى أن "مرسي" استغل منصبه كرئيس للدولة، وقام بتعيين بعض كوادر جماعة الإخوان في وظائف بالغة الحساسية بمؤسسة الرئاسة، منهم أحمد عبد العاطي مدير مكتبه، وأمين الصيرفي سكرتيره الخاص.. وبعد زيادة حدة الانتقادات ضد مرسي وتصاعد الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان، أصدر التنظيم الدولي للجماعة تعليماته للرئيس (الأسبق) بتسريب ما يطلع عليه بحكم منصبه من وثائق هامة، إلى جهاز المخابرات القطري، ومسئولي قناة الجزيرة، ومن بينها تقارير شديدة الخطورة عن القوات المسلحة المصرية وأماكن تمركزها وطبيعة تسليحها، والسياسات الداخلية والخارجية للبلاد، ووثائق واردة إليه من الجهات السيادية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية) وأسرار الدفاع، احتفظ بها كل من المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي بخزينة مكتبه بالرئاسة، بصفتهما الوظيفية، ثم سلماها إلى المتهم أمين الصيرفي. وأظهرت التحقيقات أن الصيرفي استغل عدم إمكان تفتيشه من أمن الرئاسة بحكم وظيفته، وقام بنقل تلك الوثائق والمستندات من مؤسسة الرئاسة وسلمها إلى نجلته كريمة الصيرفي التي احتفظت بها بمسكنها الخاص، ثم سلمتها بناء على طلبه إلى المتهمين أحمد علي وعلاء سبلان، عن طريق المتهمة أسماء الخطيب، وقاموا بنسخها وتخزينها على وسائط ألكترونية بمساعدة المتهمين خالد حمدي وأحمد إسماعيل، ثم سافر المتهم سبلان إلى قطر، والتقى بالمتهم إبراهيم هلال رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة، والشيخ حمد بن جاسم (رئيس الوزراء وزير خارجية قطر السابق - رئيس مجلس إدارة شبكة قنوات الجزيرة) في حضور ضابط بجهاز المخابرات القطرية بفندق شيراتون الدوحة، وتم الاتفاق على تسليمهم الوثائق نظير مبلغ مليون دولار، تسلم (سبلان) جزءا منه عبر إحدى شركات تحويل الأموال بعد أن تم تسليم الوثائق بالفعل عن طريق المتهم محمد عادل كيلاني بمطار الدوحة. وتبين من التحقيقات أن 7 من المتهمين (من العاملين بقناتي الجزيرة و مصر 25 وشبكة رصد) قد ارتكبوا جريمة التخابر بصورة مباشرة وصريحة، باتفاقهم مع ضابط جهاز المخابرات القطري على العمل لصالح دولة قطر، وإمداد المخابرات القطرية بالوثائق السرية الصادرة عن الجهات السيادية المسلمة إلى مؤسسة الرئاسة، والتي تم اختلاسها بمعرفة الرئيس الأسبق ومدير مكتبه، وتم تهريبها بمعرفة سكرتيره الخاص ومتهمين آخرين. وأكدت التحقيقات واعترافات عدد من المتهمين المحبوسين احتياطيا، أن المتهمين أمين الصيرفي ونجلته كريمة الصيرفي، هما من بادرا بالتواصل مع بقية المتهمين لتسريب تلك المستندات والوثائق إلى قطر بغية إذاعة محتوياتها على قناة الجزيرة، وأن عددا كبيرا من تلك الوثائق لم تكن تسلم سوى لمحمد مرسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك، والذي كان يتولى حفظها بنفسه داخل خزينة شخصية بمكتبه أو التخلص منها بطرق محددة بمعرفته. وأسندت النيابة إلى محمد مرسي وبقية المتهمين ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية والتخابر معها، بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية. كما نسبت النيابة إلى المتهمين طلب أموال ممن يعلمون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على حريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.