يقول أستاذ الأدب الشعبي خالد أبوالليل أن العيد في الماضي كان أكثر تلقائية، وألفة ووداً، بسبب تبادل الزيارات العائلية، وعدم الإكتفاء بالطمأنة بالتليفون . ويرجع الباحث تمسك المصريين بأعيادهم الدينية وتراجع الاحتفاء بالأعياد القومية إلى أن العيد الديني أصبح فرصة للتعبير عن الهوية والاقتراب بعد أن أفقدنا النظام السابق هذه المعاني، وصرت لا ترى التفاتا بأعياد مصر القومية مثل 6 أكتوبر، أو 23 يوليو. وفي الدول الغربية نلاحظ الإهتمام بالأيام القومية ذات الدلالة وليس الأعياد الدينية وحدها، ففي النرويج مثلا يرتدي الشعب في اليوم الوطني الزي التقليدي للنرويج، ويتناولون المأكولات الشعبية. وعن التراث الشعبي للحج يقول أبوالليل : ارتبط الحج بأغاني "التحنين" التي تعبر عن الشوق لزيارة بيت الله الحرام وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، كما عبرت جزء من هذه الأغنيات عن فرحة الحاج بالسفر بل وأمنيته بالموت في مكة . هذه الأغنيات لها جذور شعبية عميقة، وهي سهلة في التغني بها ، فمنها واحدة يقول المنشدون فيها : "فاطمة يا فاطمة/ يا بنت نبينا/ افتحي لنا الباب يا فاطمة/ ده أبوكي داعينا" وكأن السيدة فاطمة تملك مفتاح الكعبة وتفتحه أمام الزوار.
ويضيف الباحث ل"محيط" : التطور التكنولوجي أثّر على الاحتفاء الشعبي بالحج، فقد كانت رحلة الحج في الماضي تستغرق عاما ، لذلك كان الاحتفاء بمن يسافر يمتد طويلاً، ومن الطقوس المرتبطة بالسفر إلى الحج هي أن يجدد المسافر بيته قبل السفر، وأن يرسم الكعبة على جدران منزله، وتزيينه ببعض آيات القرآن عن الحج، والأحاديث النبوية التي تحث على التقرب من آل البيت.
وهذا الطقس موجود إلى الآن في الريف، بجانب تعليق علامة بيضاء على المنزل حتى يعرف أهل القرية اعتزامه السفر من أجل الحج، ويخرج الجميع في وداع المسافر، لنيل شرف توصيل الحاج، مع إنشاد أغاني طوال الرحلة، كما تقام مأدبة طعام لكل المودعين قبل السفر.
ولا تقتصر الاحتفالات فقط على قرية الحاج بل تمتد لتشمل القرى المجاورة، التي تأتي لوداعه وتطلب منه الدعاء لها، وهو ما لم يحدث الآن نظراً لكثرة الحجاج، وسهولة الرحلة، وبعد عودة الحاج يزوره الجميع ليهنئه بسلامة الرجوع، ولشرب مياه زمزم التي يحرص على إحضارها معه للتبرك بها.
كذلك يرتبط عيد الأضحى بالذبائح التي يحرص عليها الجميع وإن كانوا فقراء، ويتذكر أبو الليل أغنية شعبية تتردد على ألسنة الأطفال في هذه المناسبة وكأنهم ينشدونها للخروف وهي: " بكرة العيد ونعيد/ وندبحك يا شيخ سيد/ ونحطك في الأروانة/ وندب عليك بالخرزانة" وهي تحكي قصة الذبح نفسها، كذلك بعض الأسر الثرية تقيم ما يسمي ليلة الخاتمة التي يحييها منشد ديني في المديح، فالطقوس الشعبية كلها تتم من خلال الجماعة وليس فرد واحد، لأن أهم ملامح الثقافة الشعبية هي الفكر الجمعي.
ويحرص أهل البيت الذي يقدم الذبيحة على غمس أيديهم في دمائها، وكذلك الاحتفاظ بفروة الخروف وعدم بيعها.