ثورة يوليو تخلصت من فاترينة الملك فاروق الكبيرة للمسكوكات! "الجواهرجية" لديهم مسكوكات أكثر من الموجودة بالمتاحف! التلف والضياع مصير العملات المُخزنة بالمتاحف! انتقد د.محمد يونس أستاذ الآثار وخبير المسكوكات، إهمال دراسة المسكوكات الأثرية والنقود، والتعامل معها بشكل هامشي لا يعطيها حقها، مؤكداً أن مصر بأكملها تخلو من العروض المتحفية المتخصصة في النقود، باستثناء فاترينة عرض واحدة في متحف الفن الاسلامي وصفها أحد الخبراء الأجانب في المسكوكات بأنها مجرد "تابلوه زراير" نظراً لطريقة العرض عير الجذابة والتي تظهر النقود وكأنها مجرد أزرار!. ولفت إلى أن الملك فاروق كان لديه فاترينة كبيرة للنقود والمسكوكات، لكن تم بيعها بأكملها من قبل ضباط ثورة يوليو إلى مزاد بريطاني. جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة مساء أمس، تحت عنوان "مستقبل العمل الأثري في مصر – المشكلة والحل"، وأوضح يونس في كلمته أن هناك اهتمام عالمي بالمسكوكات، ولا توجد ولاية في أمريكا إلا وبها متحف لعرض النقود، وهي الهواية الأولى هناك لجامعي المقتنيات، وتحظى بتقدير في العالم كله، أما نحن فنتعامل معها باعتبارها وسيلة للكسب السريع. وعرض الباحث لأهمية المسكوكات الاسلامية التي رغم صغر حجمها إلا أنها تعكس الأحداث التاريخية بكل دقة، وقد استخدمها الحكام كوسيلة إعلامية لإضفاء الشرعية على حكمهم، كما أنها تكشف جديداً كل يوم، وهي من أقيم العناصر الأثرية وأغلاها ثمناً، ولا يمكن أن نراها في الشارع عكس الآثار الأخرى، ورغم صغر حجمها إلا أن تنبئ بالكثير، ضارباً مثلاً بأحد الدنانير، حجم قطره 3 سم فقط ولكنه يحمل 150 كلمة الأمر الذي يعبر عن مهارة الفنان. وانتقد الباحث القانون المصري ووصفه بأنه يدمر عملية دراسة المسكوكات نهائيا، لأنه يجرم اقتناء المسكوكات ضمن المجموعات الخاصة، لذلك مكانها الوحيد هي المتاحف التي تعامل الدارسين بقسوة وترفض أن يطلعوا على النقود خاصة إذا كانت مصنوعة من الذهب كما أن المتحف لا يقدر قيمة المسكوكات، لذلك إما أن يصهرها صناع الذهب، أو يتم بيعها خارج مصر، مشيراً إلى أن صناع الذهب "الجواهرجي"، يمتلكون من المسكوكات ما يفوق الموجود في المتاحف. واعتبر يونس أن هناك حالة من "الإفلاس" في دراسة المسكوكات، لأن الدارسين يتعاملون مع صور العملات، التي لا تعطي الاحساس بقيمة القطعة، مؤكداً أن لم يعرف هذا الشعور إلا حين سافر إلى الخارج لنيل درجة الدكتوراه، وتعامل حينها مع سبعين ألف قطعة من النقود!. مؤكداً أن التخفظ على هذه المواد الأثرية في خزائن المتاخف يعرضها للتلف والضياع، وكثير منها يتم تخزينه في أماكن غير صالحة للتخزين. وأشار الباحث إلى أن دراسة العملات في الخارج تخضع للتكنولوجيا، والدراسات الإحصائية والتحليلة، وليست مجرد تكرار ووصف عقيم للعملة، مؤكداً أن العرض المتحفي الجذاب يساعد على تنمية الوعي الأثري لدى الشعب، والإحساس بقيمة هذه المسكوكات، مشيداً بالعرض المتحفي لمتحف "انطاليا" بتكيا، الذي يعرض النقود والعملات على هيئة "كنز". وعرض الباحث لتعريف "علم المسكوكات" بأنه هو العلم الذي يهتم بدراسة تلك القطع من المعدن المصهور أو المطروق التي تصدرها السلطة الحاكمة، على اختلاف أنواعها من دنانير ذهبية ودراهم فضية ونحاسية، مؤكداً أن النقود أكثر بقاء من الشعوب والأماكن التي مثلتها. فالمسكوكات تستطيع أن تعيد لمخيلتنا صوراً حية لإمبراطوريات ودول اندثرت منذ زمن بعيد، وذلك من خلال الصور الجميلة الرائعة التي نُقشت عليها. وهكذا تعد المسكوكات الإسلامية مصدر مهم من مصادر التاريخ الإسلامي، فهي وثائق صحيحة يصعب الشك فيها لكونها إحدى شارات الملك أو السلطان، والتي يحرص كل حاكم على اتخاذها بمجرد توليه الحكم بعد أن يعتلي عرش دولته، و تتجلى أهمية النقود من الناحية السياسية فيما سجل عليها من أسماء خلفاء و ملوك و حكام و أمراء وولاة، كما أن تصنيف هذه النقود يساعد على دراسة الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي ، وضبط تواريخ حكمها بصورة دقيقة . كما أن تسجيل مدن الضرب على هذه النقود يوضح امتداد نفوذ كل حاكم، والأقاليم الخاضعة له. يتابع: كذلك حملت النقود العربية الإسلامية ملامح العقيدة الإسلامية منذ تعريبها على يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 77ه ، حيث نقش عليها البسملة و الشهادة، وآيات من سورة الإخلاص، كما سجل على النقود العربية الإسلامية الشعارات الخاصة بالمذاهب الإسلامية المختلفة.