أثارت مغامرة الحوثيين باقتحام دار الرئاسة اليمنية، ومحاصرتهم لمنزل الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد البحاح، وما تلاها من استقالة هادي والحكومة، حفيظة ثوار 11 فبراير "يضم إسلاميين ويساريين ومستقلين"، المستترة منذ سنوات، ما جعلهم يعودون إلى الواجهة من جديد في شكل مسيرات وبيانات تنديد بما حدث. ومنذ يومين، دبّت الحياة إلى الساحات التي شهدت زخماً كبيراً إبان ثورة 11 فبراير / شباط 2011 الشبابية التي أطاحت بنظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وأجبرته على التنحي في عام 2012 بعد 33 عاماً قضاها في الحكم. وانتفض ثوار فبراير في العاصمة صنعاء ومدينتي تعز وإب، "وسط"، وخرجت، يومي الجمعة والسبت، مظاهرات حاشدة لم تشهدها هذه المدن منذ العام 2011، تنديداً بما أسموه "الانقلاب الحوثي" على شرعية الرئيس والحكومة وبقوة السلاح. وعادت الحياة مجدداً إلى ساحة التغيير بصنعاء، وساحتي الحرية في إب وتعز، وخرج الآلاف تحت شعارات بينها: "نازلين ضد انقلاب الحوثيين" و"يسقط انقلاب الحوثي"، في ظل فراغ تشهده البلاد بعد استقالتي هادي ورئيس الحكومة من منصبيهما. وفي صنعاء التي ترزح تحت سيطرة الحوثيين منذ 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، شاركت حشود كبيرة من اليمنيين في مظاهرة كبيرة السبت انطلقت من ساحة التغيير، وجابت عددا من الشوارع رفضا لما وصفوه بانقلاب الحوثي على هادي. وشهدت كل من "إب" و"تعز" (وسط) مظاهرات كبيرة رفضا ل"انقلاب" الحوثي على سلطة الرئيس هادي. وفي ذمار "شمال" والبيضاء "وسط"، خرجت تظاهرات مماثلة طالبت بإخراج مليشيات الحوثي من صنعاءوالمحافظات ورفضت الانقلاب على الرئيس هادي، مؤكدة على استمرارهم في العمل الثوري حتى إسقاط انقلاب الحوثيين. وذهب بعض ثوار فبراير إلى أبعد من مجرد المسيرات، حيث دعا مجلس شباب الثورة "غير حكومي ترأسه الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان" اليوم السبت، قوى ثورة 11 فبراير/شباط 2011 إلى "تدارس إعلان مجلس رئاسي انتقالي وحكومة انتقالية، لإدارة البلاد مؤقتا حتى استعادة العاصمة من الحوثيين"، لافتا إلى أن هذا المجلس والحكومة سيعملان على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والذهاب إلى الانتخابات. كما دعا في بيان وصل "الأناضول" نسخة منه، "أبناء اليمن في كافة المحافظات إلى إسقاط الانقلاب، ورفض أي صيغة للحكم أو إدارة بديلة للبلاد تعلن عنها مليشيات الحوثي المسلحة". من جهته، قال وليد العماري وهو أحد أبرز شباب ثورة 11 فبراير: "إن الشعب خرج اليوم في مسيرة عفوية وبإرادته من ساحة التغيير بصنعاء، رافضاً أن تكون الدولة مطيّة لتمرير مشاريع المليشيات، ولرفض اعطاء أي شرعية للمسلحين". وأضاف، في حديث مع "الأناضول"، أن هذه التحركات هي امتداد لثورة 11 فبراير، التي يرفض شبابها أن ينقلب أحد على أهدافها النبيلة التي خرجت من أجلها. وردا على سؤال حول ما إذا كانت هذه المسيرات بداية لثورة جديدة، قال "العماري": "إن ثورة 11 فبراير تدافع اليوم عن نفسها ضد المشاريع ضيقة الأفق، وضد سلب الدولة صلاحياتها لصالح قوى ومشاريع ضيقة الأفق، وبمنطق السلاح". وكان هادي قدم استقالته، مساء أمس الأول، إلى رئيس البرلمان، بعد وقت قصير من استقالة حكومة خالد بحاح. وقال في نص الاستقالة: "تحملنا مسؤولية الرئاسة، وأنتم لستم بحاجة لشرح الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية حتى يومنا هذا". وخلال يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين دارت اشتباكات شرسة متقطعة بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحين حوثيين في عدة مواقع بصنعاء، بينها محيط منزل الرئيس هادي، انتهت بسيطرة الحوثيين على قصر الرئاسة في العاصمة التي اجتاحها مسلحون حوثيون يوم 21 سبتمبر/ أيلول الماضي قبل أن يتوسعوا إلى محافظات شمالية وغربية ذات أغلبية سنية.