شهدت العاصمة صنعاء وعدد آخر من مدن اليمن، اليوم الجمعة، مظاهرات بين مؤيد لجماعة "أنصار الله" (الحوثي) ومناصر للرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ومطالب بانفصال الجنوب عن الشمال. فقد احتشد الآلاف في العاصمة ومدن أخرى رفضا لما أسموه "انقلاب" جماعة "الحوثي" على مؤسسات الدولة والسيطرة على السلطة بعد استقالة الرئيس هادي مساء أمس، والتي رفضها البرلمان. ففي صنعاء، أدى عشرات النشطاء صلاة الجمعة في "ساحة التغيير"، مركز الاحتجاج الدائم لثورة 11 فبراير التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح، رافعين شعارات تؤكد على ضرورة ما أسموه "استعادة الدولة". كما رددوا شعارات تندد بما وصفوه "انقلاب" الحوثيين على مؤسسات الدولة الشرعية وإجبارهم الرئيس هادي على الاستقالة بعد تقديمهم مطالب تعجيزية". وتواجد مسلحون حوثيون بجوار المتظاهرين، لكنهم لم يمنعوهم من التجمع في الساحة ولا التظاهر فيها. وفي مدينة تعز (غرب)، التي تعتبر مهد ثورة 2011، احتشد آلاف المحتجين في شارع جمال و"ساحة الحرية"، تحت شعار"لا للانقلاب"، معربين عن رفضهم القاطع لما أسموه "انقلاب" الحوثيين على شرعية الدولة. وطالب المتحشدون الرئيس هادي وحكومته بالعدول عن الاستقالة والعمل مع الشعب ل"تحرير اليمن من المليشيات"، في إشارة إلى جماعة الحوثي. واعتبر خطيب ساحة الحرية، توفيق عبد الملك، أن ما حدث هو "انقلاب مكتمل الأركان"، مضيفا أن "استقالة هادي جاءت في ظل وضع وأيام صعبة دخلت معها اليمن في فراغ دستوري". ودعا الخطيب ما اسماهم ثوار اليمن إلى "الالتحام والنزول للشوارع واغتنام الفرصة لاستعادة الثورة حتى يكتمل التحول والديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة". وفي محافظة الحديدة (غرب)، خرجت مسيرات شعبية عقب صلاة الجمعة، ردد فيها المشاركون شعارات تندد بما وصفوه "انقلاب" الحوثيين على الرئيس هادي. وطالب المشاركون بخروج مسلحي الحوثي من المدينة، وهددوا بإغلاق الميناء والاعتصام بداخله وخارجه رفضا للحوثيين. وفي مدينة إب (وسط)، احتشد الآلاف أمام مبنى السلطة المحلية للتأكيد على رفض ما وصفوه ب"الانقلاب"، متهمين الحوثيين بتدمير مؤسسات الدولة. وفي الجنوب، نظم الآلاف مسيرات في مدن عدن وحضرموت طالب فيها بتوحيد الصف واستعادة ما أسموها "دولة الجنوب" بالانفصال عن الشمال. وكان هادي قدم استقالته، مساء أمس، إلى رئيس البرلمان، بعد وقت قصير من استقالة حكومة خالد البحاح. وفي نص الاستقالة، قال الرئيس اليمني: "لقد تحملنا مسؤولية الرئاسة، وأنتم لستم بحاجة لشرح الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية حتى يومنا هذا". وخلال يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين دارت اشتباكات شرسة متقطعة بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحين حوثيين في عدة مواقع بصنعاء، بينها محيط منزل الرئيس هادي، انتهت بسيطرة الحوثيين على قصر الرئاسة. وأدان كل من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدةالأمريكية التحركات الحوثية المسلحة يوميالإثنين والثلاثاء، مؤكدة على شرعية الرئيس هادي. وأعلنت الرئاسة اليمنية، في بيان مساء الأربعاء، عن التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة، يتضمن استجابة لعدد من الشروط كان قد أعلنها زعيم جماعة "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي. على الجانب الآخر من الصراع في اليمن، نظمت ما يسمى ب"اللجان الشعبية"، التابعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثي)، اليوم الجمعة، مسيرة جماهيرية في العاصمة صنعاء، رفضا لما أسمته "محاولات الالتفاف على مطالب الثورة". وتأتي المسيرة، التي خرجت في شارع المطار شمالي صنعاء، استجابة لدعوة من اللجان إلى أنصارها بالتظاهر ل"إثبات حضور الشعب الثائر المؤيد للخطوات الثورية". ودعا المشاركون القيادات العسكرية والأمنية إلى "تحمل مسؤوليتهم التاريخية والثورية في تهدئة الأوضاع وممارسة أعمالهم اليومية المعتادة". كما دعوا الموظفين في أجهزة الدولة إلى ممارسة أعمالهم بشكل طبيعي "لتفويت الفرصة على كل حاقد ومتربص بالوطن إرضاء لأجندات خارجية أو مصالح شخصية". وجدد المشاركون تأكيدهم على جاهزية "اللجان الشعبية"، المنتشرة في العاصمة، ل"الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية الأموال والممتلكات العامة والخاصة". وشيع الحوثيون في معقلهم بحي الجراف شمالي صنعاء، اليوم، جثامين أربعة من مسلحي الجماعة سقطوا خلال المواجهات المسلحة التي دارت في محيط دار الرئاسة بين مسلحين حوثيين وحراسة دار الرئاسة. وأفاد تقرير رسمي يمني، نشرته وكالة الأنباء الرسمية، أمس الخميس، بأن حصيلة قتلى المواجهات بين جنود حرس الحماية الرئاسية ومسلحي جماعة "أنصار الله" بلغت 18 قتيلا و96 جريحا.