حذر تمام سلام رئيس وزراء لبنان، من أن صمود القطاعات الاقتصادية اللبنانية لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية في ظل عدم الاستقرار الإقليمي والتنشج الداخلي اللذين يلقيان بثقلهما على الحركة الاقتصادية. وأكد سلام في كلمة له اليوم في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية، أن المدخل الأساسي للمناخ المطلوب من قبل قطاع المصارف والأعمال ومن قبل كل اللبنانيين هو إنهاء الشغور في منصب الرئاسة اللبنانية. وأشار سلام حسبما ورد بوكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى أن القطاع المصرفي اللبناني أظهر على مدى السنين قدرة ملحوظة على مقاومة الضغوط وحافظ في الوقت ذاته على وتيرة نموه في أصعب الظروف السياسية والأمنية. وقال: "إن هذا الأداء يعود في جانب أساسي منه إلى تمكن المصارف دائما من المحافظة على نسب ملاءة تواكب المعايير الدولية وعلى مستويات سيولة شكلت مظلة حماية لها في الأوقات الحرجة". وأضاف: "لقد نجح القطاع المصرفي اللبناني في التأقلم مع التحولات العالمية الكبيرة، فواكب مسار التطور في تكنولوجيا المعلومات والتزم التزاما كاملا بالمعايير الدولية وخصوصا بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب". ورأى سلام أن حصة كبيرة من نجاح القطاع المصرفي اللبناني تعود إلى كفاءة قياداته وكل العاملين فيه، لكن المساهمة الأكبر تعود إلى السياسة الحكيمة للمصرف المركزي الذي وضع إطارا ناظما للعمل المصرفي فرض احترام أرفع معايير الوقاية. وقال إنه مثلما نجح القطاع المصرفي اللبناني في الصمود في وجه الأزمات، تمكنت القطاعات الاقتصادية الأخرى من النجاة ولو بأثمان كبيرة، مشيرا إلى أن هذا شهادة بحد ذاته على إرادة المستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين وإيمانهم بمستقبل لبنان الأمر الذي يستحق تحية لهم وللعاملين في القطاع الخاص في لبنان. لكنه استدرك قائلا إن الواقعية تقتضي القول إن هذا الصمود لايمكن أن يستمر إلى ما لانهاية إذا بقى مسلسل النزف مستمرا في ظل عدم الاستقرار الإقليمي والتشنج الداخلي اللذين يلقيان بثقلهما على الحركة الاقتصادية. وقال: "إنه إذا كانت تسوية الوضع الإقليمي أبعد من قدراتنا وخارج متناول أيدينا فإن التخفيف من تداعياته وأضراره وأولها أضراره الاقتصادية ممكن ومتاح، من خلال العودة إلى حياة سياسية سليمة وفتح الباب أمام أداء تشريعي وتنفيذي طبيعي". ونبه سلام إلى خطورة تأثيرات النزوح السوري على لبنان، خاصة أنه بلد صغير... داعيا اتحاد المصارف العربية وجمعية مصارف لبنان للقيام بمبادرات للوقوف إلى جانب الدولة اللبنانية في هذا الملف. وقال: "أنتم رجال الاقتصاد والمال أنجح منا بالتأكيد كرجال السياسة، فقد عملتم دون أن تنتظروا ان ينتهي السياسيون من خلافاتهم لأن هذه الخلافات لن تنتهي". واختتم سلام كلمته بالقول "نفخر بكم ونهنئكم على إنجازتكم .. ونأمل يوما أن تنتقل عدوى النجاح من عالم المال إلى عالم السياسة". من جانبه، قال رياض سلامة حاكم مصرف لبنان: "إنه ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتي امتدت إلى الأسواق الناشئة أصبح على المصارف المركزية في العالم وفي المنطقة أن تتحمل مسئوليات إضافية ربما ترغمها على توسيع ميزانياتها مما يعرض الأسواق التي تعمل فيها إلى تقلبات حادة نتيجة زيادة السيولة". وأضاف : "سيكون المتنفس لهذه التقلبات حسن إدارة السيولة وإدخال أدوات صادرة عن المصرف المركزي معنية باستيعاب هذا الكم من السيولة وذلك بغياب إمكانية تحريك الفوائد لهذا الغرض بعد أن بلغت صفر بالمائة". وأوضح أن مصرف لبنان قرر إطلاق حزمته الثالثة للعام 2015 والتي تقضي بإقراض المصارف مليار دولار أمريكي بفائدة 1 % من أجل السكن والمشاريع الجديدة والمشاريع المتعلقة بالبيئة والتعليم الجامعي. وأشار إلى أنه من أجل المحافظة على الثقة والاستقرار، سيستمر مصرف لبنان في سياسته القائمة على إدارة أسعار الصرف بين الدولار الأمريكي والليرة اللبنانية ويبقيها بين ال1501 و1514 ليرة مقابل دولار. وقال: "إننا على كامل الثقة بأن نظامنا المصرفي وقطاعنا المصرفي سيبقيان الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني وسيبقى القطاع المصرفي قطاعا منخرطا في العولمة العالمية". من جهته، قال فرانسو باسيل رئيس جمعية مصارف لبنان، إن لبنان يعاني عجزا سنويا كبيرا، من المتوقع أن يفوق الخمسة مليارات دولار هذه السنة، أي ما يوازي 11 % من الناتج المحلي للبلاد.. مشيرا إلى أن تحويلات العاملين في الخارج حافظت على مستواها المرتفع وكذلك القروض المصرفية، وفي المقابل شهدت المديونية العامة في السنوات الثلاثة الأخيرة تطورا سلبيا إذ ارتفع الدين العام إلى مايقارب 66 مليار دولار أمريكي متجاوزا ال140 % من الناتج المحلي.