نعاني من قصور في الخطاب الإعلامي الموجه للغرب أقمنا دورت في العلوم الشرعية لتوعية الشباب قال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية إن دار الإفتاء المصرية تحارب الفوضى في الداخل وفي الخارج ، ففي مصر تحاول نشر الفكر الوسطي والاهتمام بالشباب حتى لا يقعوا في براثن التطرف والإرهاب وخارج مصر تعمل على تصحيح الصورة الغربية المغلوطة عن الدين الإسلامي مؤكداً أن هناك قصورا في الخطاب الإعلامي الإسلامي الموجه للدول الأوربية كما أن هناك دورات في العلوم الشرعية لتوعية الشباب وحمايتهم من الوقوع في التطرف . وأضاف "نجم" خلال حواره ان هناك جماعات متطرفة تتبنى فكرًا شاذًّا يساهم في الإساءة للدين وللأوطان، مشيراً إلى أن الدار تسعى جاهدة للتصدي لمثل هذه الأفكار وهذه الفوضى في الفتاوى، مؤكداً أن هذه المهمة ستكون الهم الأكبر لدى المؤسسات الدينية في المرحلة المقبلة تحد من الفتاوى التي تحدث بلبلة في المجتمع. هل لديك تفسير لانتشار الفتاوى الشاذة في مصر والعالم العربي رغم وجود مؤسسات دعوية وشرعية كثيرة الآن.. وهل ستواجه فوضي الفتاوى بتشريعات للحد منها ؟ هذا أمر طبيعي نظرًا للأحداث التي يمر بها العالم العربي بوجه عام والتي تمر بها مصر بوجه خاص، وهذا يرجع أيضًا إلى وجود جماعات متطرفة تتبنى فكرًا شاذًّا يساهم في الإساءة للدين وللأوطان، ونحن نحاول التصدي لمثل هذه الأفكار وسيكون ذلك همنا الأكبر في المرحلة المقبلة، حيث سنقوم ببيان الأحكام الشرعية بطريقة منضبطة تحد من الفتاوى التي تحدث بلبلة في المجتمع وتقضي على ما يسمى بفوضى الفتاوى، وسيكون هذا الأمر من خلال طريقتين: الأولى وهي الإسهام الفاعل في بث مزيد من الوعي العام لدى جماهير الأمة بهذه القضية، والعمل على إرساء ما سماه بعض علمائنا ب"ثقافة الاستفتاء"؛ لأن هذا سيكون بمثابة تحصين من الوقوع في هذا الإشكال، والطريقة الثانية هي تصحيح المفاهيم الفاسدة التي تخلفها تلك الفتاوى على مجتمعاتنا وعلى روح الإسلام الوسطي. مع الزميل محمود الجلاد تبنت دار الإفتاء خلال الفترة الماضية خطة للتوسع في الرد على الشبهات التي تحيط بالإسلام كالفتاوى الشاذة، فهل كان لحدة العنف والتطرف التي وصلنا إليها الآن دور في هذا ؟ في البداية مهمة الإفتاء الأساسية هي بيان الحكم الشرعي للمسلمين بكل ما يشغلهم في أمور دنياهم ودينهم، وهذا هو صميم عملنا بدار الإفتاء المصرية، وكوضع طبيعي انتشرت في الآونة الأخيرة موجة من الشبهات والفتاوى الشاذة والآراء الصادمة التي تطعن في ثوابت الدين والصحابة، وبالتالي هبت الدار من واقع صميم عملها للرد على كل تلك الشبهات والافتراءات، وكان هذا النشاط واضح بشكل ملحوظ نتيجة الزخم الكبير حول هذه القضايا ونتيجة لانتشار الآراء المتشددة من قبل البعض، فالدار من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة تحصل على الكثير من هذه الفتاوى والآراء نتيجة الرصد اليومي وعلى مدار الساعة من قبل الباحثين والمتخصصين في هذا المرصد، ومن ثم تقوم بالرد والتفاعل مع الأحداث ونشرها في الإعلام لإعطاء الصورة الصحيحة، ومنع حدوث البلبلة والوقيعة بين الناس في ظل ما تشهده البلاد من ظروف صعبة . مرصد التكفير التابع للدار كيف يعمل وما خطتكم لتصحيح المفاهيم المغلوطة عند كثير من الشباب وخاصة في مناطق الأطراف الحدودية في الدولة ؟ المرصد أداة رصدية وبحثية لخدمة المؤسسة الدينية باعتبارها المرجعية الإسلامية الأولى في مجال الفتوى، وهدفه التصدي لظاهرة فتاوى التكفير والآراء المتشددة في مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وتقديم معالجات فكرية ودينية لتلك الظاهرة وآثارها، ومحاولة الوقوف على الأنماط التكفيرية والمتشددة في المجتمع لتكون محل مزيد من البحث والدراسة لتقديم تصور لعلاج الظاهرة والمرتبطين بها، ومنها أيضًا تحسين صورة الإسلام وتنقيح الخطاب الديني من ظواهر التشدد التي طرأت عليه بفعل أيديولوجيات وافدة أو مجتزئة جميعها يدعو للعنف والتطرف، وهناك محاولات من الدار بالتنسيق مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف عن طريق علمائهم لنشر المفاهيم الصحيحة في ربوع الوطن، والقضاء على ظاهرة التشدد والتطرف وتجفيف منابعها. وما هي خطة الدار لدمج الشباب وتثقيفهم وتعليمهم العلوم الشرعية، وحمايتهم من الشبهات التي تثار يوميًّا في الفضائيات ووسائل الإعلام؟ بالطبع الشباب هم أهم شرائح المجتمع فهم أساس في الحاضر وهم من يقودون السفينة في المستقبل، وهم من يقودون قاطرة التنمية والبناء، والدار تسعى من خلال عدة مبادرات لحماية الشباب من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب، كما إنها تقوم بإعداد الدورات في العلوم الشرعية لتوعية الشباب، ونشر الفكر الوسطي من خلال علمائها عبر الفضائيات المختلفة، وتسعى لإصدار مجموعة من الكتيبات حول أهم الشبهات المثارة على الساحة والرد عليها، لأنها في يقينها أن الشباب هم عماد الأمة ويجب الحفاظ عليهم من مغبة الوقوع إلى التطرف والإرهاب. بعد عودتك من الزيارة الأخيرة للولايات المتحدة أصدرت بيانًا تطالب فيه بضرورة تغيير صورة الإسلام عند الغرب وهو ما استغربه الكثيرون فما الذي دعاك لإصدار ذلك البيان؟ وما أكثر الدول تحتاج لتصحيح صورة الإسلام بها ؟ أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا من أهم المناطق التي يجب التركيز عليها نظرًا لعدائها الشديد مع الإسلام وكثرة حملات التشويه بها، على الرغم من وجود حوالي 50 مليون مسلم في أوروبا بكاملها، إلا أن العداء في أوروبا لا يزال مستمرًّا وهذا الأمر له أسبابه، فمنذ أن فتح المسلمون القارة الأوروبية على يد القادة المسلمين أمثال محمد الفاتح وطارق بن زياد وغيرهم إلى أن وصل المد الإسلامي إلى أقصى مدى في أوروبا، ونحن نلحظ هذا العداء التاريخي، وقد نبرر هذا العداء بأنه نتيجة للصورة الذهنية المترسبة لدى الأوروبيين وهذا ما اتضح في العداء الشديد الذي وصل إلى حالات القمع والإبادة كما حدث في البوسنة والهرسك، فقد عانى أبناء الدول الأوروبية الأصليون الذين دخلوا الإسلام لكنهم حافظوا على دينهم رغم ما لاقوه من أذى ومحاولات محو هويتهم الإسلامية مثل الألبان والبوسنيين، والكوسوفيين المقدونيين، والمسلمين في بلغاريا، أضف إليهم المسلمين الجدد، أمثال المفكر الفرنسي رجاء جارودي، والمفكر الإسلامي الألماني مراد هوفمان، وغيرهما ممن اعتنقوا الإسلام. هناك نقطة أخيرة وهي من أهم التحديات الفكرية التي تواجه المسلمين بالخارج وهي وجود فجوة فكرية في التاريخ الإسلامي هناك ومصدر هذه الفجوة أن العلماء والفقهاء ظلُّوا على امتداد التاريخ الإسلامي يفكرون في الجاليات غير الإسلامية التي تعيش في ديار المسلمين، وقد وضعوا لهؤلاء كتبًا وفقهًا تغني هذا الجانب، ولكن هؤلاء العلماء لم يفكروا في وضع الجاليات الإسلامية التي تعيش في الغرب، فالحاجة متنامية بصورة كبيرة لوجود فقه للأقليات الإسلامية في الغرب، يدرس أحوال المهاجرين، ويحصر أمرها لتجد سبيلها إلى أحكام فقهية تيسِّر وتسهِّل حياتهم في الخارج. توسع "داعش" في القتل علي الهوية في العراق بلاد الشام وتهجير غير المسلمين وجهة نظرك ما مدى خطورة مثل هذه الحركة على الإسلام ؟ وما هي خطتكم لمواجهته؟ ما تفعله داعش يشوه صوره الإسلام والمسلمين، ونحن حاليًا نقوم بتهميش الخطاب المتطرف وإتاحة الفرصة للعلماء لإظهار سماحة الإسلام، وإزالة الآثار السيئة التي أحدثتها مثل هذه الجماعات وألصقتها بالإسلام، ودعني أؤكد لك أن مواجهة فوضى الفتاوى تحتاج إلى جهد كبير من المؤسسات الدينية، ونحن لدينا ملف بالدار للتصدي لمثل هذه الفتاوى وعلاجها يكون ذلك من خلال نشر التوعية ليس في مصر فقط ولكن بالعالم كله، وهذه التوعية بالإسلام الصحيح تكون بعدة لغات، وإفريقيا سيكون لها أولوية خاصة لدينا . وهل التغيرات السياسية أثرت بشكل أو بآخر على صورة الإسلام بالغرب؟ بالفعل فالأحداث السياسية يكون لها مردود على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والدينية إيجابًا وسلبًا، ففي بعض الأحيان يكون الخطاب السياسي العربي والإسلامي الموجه للغرب يحمل التعصب والانتقاد الشديد والهجوم القوي وهذا من شأنه إحداث ردة فعل عنيفة إضافة إلى تأثيره على الحياة الاجتماعية ، كل هذا يصب في مصلحة التعصب الديني، وتعثر عملية الاندماج المجتمعي التي يترتب عليها الكثير من المشكلات، ولعل الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة العربية فيما يعرف بالربيع العربي وتصدر حملات التشويه والعمالة للغرب في كافة وسائل الإعلامي كان له الدور الأبرز في إزكاء هذه الروح العدائية ضد العرب والمسلمين ومن ثم الإسلام.