أيد علماء الأزهر تقرير مرصد دار الإفتاء حول أثر الفتاوى المتطرفة على صورة الإسلام في الغرب، مؤكدين أن التيارات التكفيرية وجماعات الإسلام السياسي تحاول استخدام الدين بإصدار فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، لخدمة أفكارهم ومخططاتهم، علاوة على تصدر غير المتخصصين للافتاء وقيام البعض بتبرير الأفعال الإجرامية باسم الدين، وهو منها براء. وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، ل"الوطن"، إن المرصد رصد نحو 175 فتوى شاذة حتى الآن منها 25 فتوى سياسية، مؤكدًا أن الإسلام يحرم إراقة دم أي إنسان كما يحرم العنف بجميع صوره، وأن ما صدر بشأن فتاوي التحريض على العنف وإراقة الدماء يعد حمقى سياسية. وأضاف نجم أن الأمريكيين والغرب يتابعون عن كثب واهتمام ما يحدث في مصر لحظة بلحظة، وأنه على الجميع أن يدرك أن أي كلمة تقال في أقصى الشرق تصل في لحظات إلى أقصى الغرب بسبب ثورة الاتصالات. وأكد مستشار مفتي الجمهورية أن فتاوى إراقة الدماء الشاذة الصادرة عن جماعات الإسلام السياسي وجماعات "داعش" و"بوكو حرام"، تشوه صورة المسلمين أمام العالم، ويجب تحري الدقة في مخاطبة العالم، وإظهار الوجه الحقيقي للإسلام، لافتا إلى أن وسائل الإعلام الأمريكية تعطي انطباعًا سيئًا عما يحدث في مصر من حراك سياسي بما تحدثه من خلط بين العلماء وبين مدّعي العلم، ولابد من التواصل معهم بشكل مباشر وفعال لتصحيح الصورة لأن الجميع يتحمل هذه المسؤولية. ودعا نجم وسائل الإعلام الأمريكية إلى استقاء المعلومات الدينية من أهل العلم، وهم علماء الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف ودار الإفتاء مهمتهما التواصل مع العالم وبناء جسور التواصل والتفاهم المشترك. ومن جانبه، حمل الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، مشايخ التيارات التكفيرية مسؤولية إراقة دماء أبناء الشعب طوال الفترة الماضية واستهداف رجال الجيش والشرطة وزيادة حوادث العنف والتطرف، وخطورة انخداع فئة من الشاب بتلك الأفكار الضالة، علاوة على تشويه صورة الإسلام في الداخل والخارج وزيادة نسبة الإلحاد. وطالب كريمة بمحاكمة ومعاقبة كل من يصدر فتوى شاذة تسيء للإسلام وتحرض على سفك دماء أبناء الجيش والشرطة وإثارة البلبلة والفتن بين أبناء الشعب المصري أمثال وجدي غنيم ومحمد عبدالمقصود والدكتور يوسف القرضاوي، مؤكدًا أن فتاويهم الأخيرة لاسند شرعي لها. وأكد أن الفتاوى التكفيرية التي تتحول إلى تفجيرات وقتل تكشف الوجه القبيح لتلك التيارات الدينية، موضحًا أنها ليست فتاوى، وإنما أقوال وكلام ساقط ولاعبرة ولاوزن له ولا دليل عليه، فلايوجد عالم حقيقي تصدر عنه فتاوى تكفيرية أو إراقة دماء مسلمين. وطالب غير المتخصصين في علوم الدين بالابتعاد عن الفتوى والتوقف عن استخدام شرع الله لخدمة فصيل يتلاعب بالدين لخدمة أغراض دنيوية. ودعا إلى ضرورة استصدار قانون يجرم الإفتاء من غير المتخصصين لوقف التلاعب باسم الدين، بالإضافة إلى الاستعانة بالعلماء وأساتذة الفقه من كليات الشريعة لعمل ورش عمل بالتعاون مع المشيخة ودار الإفتاء بدعم من الدولة لرصد ومتابعة الفتاوى الشاذة والرد عليها بأسلوب علمي وشرعي. وطالب كريمة بوضع خطط وبرامج متطورة تتناسب مع التطورات الراهنة، مع العلم على إعادة النظر في البرامج والقوافل الدعوية. وطالب الدكتور عبدالهادي القصبي، عضو هيئة كبار العلماء، باقتصار الفتاوى على أهل الاختصاص، خاصة بعد صدور فتاوى تحمل طابع سياسي في الفترات الأخيرة، والتي تنحاز لفكر أو تيار بعينه وفقًا للانتماءات السياسية والحزبية، محذرًا من خطورة استخدام نصوص الدين في خدمة فكرة أو هوى مثل فتاوى تحريم المشاركة في الانتخابات، والتي أطلقها الدكتور يوسف القرضاوي، مؤكدًا أن مثل تلك الفتاوى تتعارض تمامًا مع تعاليم الإسلام الداعية لرفض السلبية، وأن يكون المسلم إيجابيًا ومشاركًا في بناء مستقبله.