شاهد.. هتافات حماسية من الجماهير خلال مباراة بيراميدز وسيراميكا كليوباترا    تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة نيس في الدوري الفرنسي    الحكومة تكشف تفاصيل جديدة عن وصول 14 مليار دولار من أموال صفقة رأس الحكمة    وكلاء وزارة الرياضة يطالبون بزيادة مخصصات دعم مراكز الشباب    بعد تشغيل محطات جديدة.. رئيس هيئة الأنفاق يكشف أسعار تذاكر المترو - فيديو    أبومازن: اجتياح قوات الاحتلال رفح الفلسطينية كارثة يدفع ثمنها الأبرياء    وزارة النقل تنعى هشام عرفات: ساهم في تنفيذ العديد من المشروعات المهمة    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد بيت شباب 15 مايو لاستقبال طلاب ثانوية غزة    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    طاقم عمل A MAD MAX SAGA في العرض العالمي بمهرجان كان (فيديو)    «الشعب الجمهوري» يهنئ «القاهرة الإخبارية» لفوزها بجائزة التميز الإعلامي العربي    أمير عيد يكشف ل«الوطن» تفاصيل بطولته لمسلسل «دواعي السفر» (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    رئيس جامعة المنصورة يناقش خطة عمل القافلة المتكاملة لحلايب وشلاتين    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    "الزراعة" و"البترول" يتابعان المشروعات التنموية المشتركة في وادي فيران    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    مدعومة من إحدى الدول.. الأردن يعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات للمملكة    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    فرحة وترقب: استعدادات المسلمين لاستقبال عيد الأضحى 2024    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    إسرائيل تتحدى العالم بحرب مأساوية في رفح الفلسطينية    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغناء بالعبرية... محاولة اختراق صهيونية فاشلة للثقافة الكويتية / رضا عبد الودود
نشر في محيط يوم 17 - 04 - 2010


الغناء بالعبرية...
محاولة اختراق صهيونية فاشلة للثقافة الكويتية


*رضا عبد الودود

لا تتوقف محاولات الصهيونية العالمية عن اختراق جدر الممانعة العربية والإسلامية، حتى وإن بلغت درجة بساطتها أو قوتها، فعبر دمقرطة الثقافة واستغلال ثورات الشباب الفنية وتقاليع التغريب التي باتت مدخلا لتهديد الهوية الوطنية وحلحلة الثوابت الفكرية والثقافية لأبناء الأمة الذين باتوا يعايشون صراع الحضارات بكل تحدياته ووسائله .

خلال احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية في نهاية شهر شباط / فبراير الماضي تفاجأ المجتمع الكويتي ومثقفوه وفنانوه وأدباؤه بقيام فرقة 'أنثروبيولوجي الفنية' بتقديم عرضها الموسيقي الغنائي (لا يمكننا الكتابة على صفحة سوداء) على مسرح جمعية الخريجين الكويتية يومي 27، 28 شباط / فبراير الماضي.

وقد تضمن برنامج العرض أغنية باللغة العبرية للفرنسي المتصهين (انريكو ماسياس Enrico macias) مستوحاة من التراث اليهودي الديني المحمل برموز الصهيونية العنصرية.

ومع حالة الاندهاش التي سادت وجوه الحاضرين سجلت رئيسة لجنة (كويتيون من أجل القدس) الناشطة لولوة الملا انتصاراً مدويا في ساحة جمعية الخريجين بكلماتها التي أوقفت المهزلة (كيف نتغنى بالكويت بالعبري والحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح ينضمان إلى قائمة التراث اليهودي هذا العمل الذي تم استنكاره من الهيئات الدولية. كيف نكفر بقائمة الشهداء التي تمتد بطول مساحة الوطن العربي وهم الذين ضحوا من أجل القضية العربية العادلة. لا يوجد مبرر ولا عوز غنائي أو موسيقي تفتقر اليه الثقافة الكويتية كي يستعان بالفن اليهودي الذي ينبع من نفس عنصرية متحيزة لذاتها لأبعد الحدود. ان جميع المؤسسات الحكومية والأهلية ترفض بأن تتبنى الثقافة الصهيونية الغاصبة حتى باستعمال اليهودية القديمة التي ترتكز عليها إسرائيل وتبرر كل تصرفاتها اللا اخلاقية من أعمال مشينة...).

فتم منع أداء الأغنية الثانية للشاعر الصهيوني الفرنسي خلال اليوم الثاني من العرض.

وكان هذا المنع ما هو الا تراجعاً طفيفاً من المنظمين بعد حوار ونقاش واسع بين لولوة الملا ورئيسة الفرقة الموسيقية 'إيما الشاعر' وسط استهجان من الشباب المتسلطنين بالغناء والرقص.

ولما كان 'انريكو' المعروف بعدائه المفرط للحقوق العربية، وبمناهضته المستمرة للقضية الفلسطينية، وبدعمه اللوجيستي للأيديولوجية الصهيونية، ولعدوانية الكيان الصهيوني على المقدسات الإسلامية والأراضي العربية، وهو مؤمن بفكرة 'البرتهايد' او 'الابرتهايد' والتي تعني الفصل والتمييز العنصري، وبالتالي غلب صيته السياسي على الفني..

فصوب المهتمون بالشأن الثقافي أصابع الاتهام مباشرة إلى الفرقة الشبابية كون العرض المتصهين يمثل اختبارا للشارع الفني الكويتي ومحاولة للتطبيع الثقافي الصهيوني، بعد سنوات طويلة من الممانعة الكويتية لمحاولات الاختراق الصهيوني عبر أساليب صهيونية ملتوية لإدخال سلع تجارية صهيونية واجهتها وزارة التجارة بالحظر والسحب من الأسواق حتى في حالة تغيير العلامة التجارية التي غالبا ما تكون الوسيلة الأيسر للصهاينة، ومن خلال مواقف تاريخية داعمة لصمود المقاومة الفلسطينية ودعم الحق الإسلامي والعربي في مواجهة الصلف الصهيوني.

جاء العرض الفني ليصطدم مع مشاعر الغضب والاستنكار الكويتي الشعبي والرسمي للانتهاكات الصهيونية في القدس وافتتاح كنيس الخراب وضم الحرم الابراهيمي ومسجد بلال للآثار اليهودية، فقوبل الاستعراض بسيل من الانتقادات من الفنانين والمثقفين الذين حاولوا اقناع الفريق الموسيقي بوقف العرض، فرفضوا الأمر دون تقديم توضيحات تنم عن إدراكهم لمعاني ما يرددونه..

ردود الأفعال

عبر المستشار الإعلامي للجنة العمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية د.عصام الفليج عن غضبه قائلا: لا اريد ان اوجه كل النقد للفرقة الشبابية التي غلبها الحماس ولم تدر ما تغني، رغم انها غير معذروة في ذلك، واضع شيئا من 'حسن النية' مع الجهل الثقافي والخواء الفكري، فضلا عما تحمله من احباط لانها دخلت عالما غنائيا غير مرغوب به في الكويت، الا اذا اصرت على منكرها.. فلذلك حديث آخر قد يصل بهم إلى القضاء!

ولكن النقد الاكبر لمن هم اكبر سنا واكثر نضجا ممن صفقوا لهم وتمايلت رؤوسهم كادوا يرقصون معهم، سواء كانوا على جهالة باللغة، وذلك يدل على ادمان الرقص والطرق دون وعي لما يغني.. وباعتقادي هم الاغلب، او كانوا على علم.. فكابروا وعاندوا وطعنوا بتاريخهم وعطاء اسلافهم ممن ناهضوا التطبيع ورفضوا الاحتلال والاستيطان، ليؤكدوا انهم اصبحوا صيدا سهلا للصهيونية العالمية، لا لشيء.. سوى لتغلب الهوى 'الكبر'.

تفنيد فني

ولعل أبرز من عارض السقطة الفنية التي وقعت على مسرح جمعية الخريجين معقل القومية العربية أستاذ الدراما والنقد المسرحي بجامعة الكويت د.نادر القنة، حيث فند العرض الفني وما يتضمنه من معان وقيم، مؤكدا: 'لهؤلاء وغيرهم من سلالة هوى الثقافة الصهيونية أقول: بدءاً أعترف شخصياً أنني لست ضد الديانة اليهودية، فديني يأمرني بالايمان بها (الإيمان بالكتب السماوية).

ولست ضد اللغة العبرية، فلكل أمة لغتها، ولست ضد الثقافة الإنسانية الفاعلة فنحن جزء من تكوين المجتمع الإنساني. ولكنني ضد الأيديولوجية الصهيونية - وما تفرزه من ثقافة تعكس معتقدها العنصري- بغض النظر عن جنسية المتصهين وعرقه وانتمائه ولونه وديانته.

فالصهيونية العقائدية، والأيديولوجية، والعنصرية، والثقافية هي التي تحتل فلسطين، وهي التي شردت وقتلت واعتقلت ابناء الشعب العربي الفلسطيني، وهي التي دنست - ولا تزال - المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، وهي التي سرقت تراث الشعب العربي الفلسطيني واعتدت على ثقافته.

أن نكون ضد الصهيونية، وضد منتجها الثقافي وسلعها الفكرية، هذا من حقنا، فليس لأحد الحق في ان ينكر علينا ذلك. كما اننا لا ننكر على هذا البعض عشقه وهوسه للثقافة الصهيونية، فالمرء حر في ما يعشق، والتاريخ فيصل بيننا جميعا، لكن دعونا نكون منصفين وموضوعيين حينما نتعاطى المعلومات، فالحب متروك لمشاعركم اما المعلومات فانها متروكة للحقيقة وحدها.

ووصف القنة المجموعات الموسيقية التي تتشدق بدمقرطة الثقافة بأنهم 'المتعاطفون مع لصوص الثقافات'، كاشفا أن اللغة العبرية المعاصرة ليست لغة علم واكتشاف معرفي كما هي الحال في اللغة الانكليزية والفرنسية والألمانية حتى نطرب لثقافتها وموسيقاها، وأن كل الأقسام الشرقية بكليات الاداب بالجامعات العربية تدرس اللغة العبرية، ولا احد يعترض على ذلك.

بل نشجع على تدريسها وفهم كنهها، وندعو دوما إلى ترجمة ما يكتب بالعبرية حتى نفهم توجهات الكيان الصهيوني ومعرفتنا الدقيقة باللغة العبرية ساهمت في اكتشاف سرقة جوانب كثيرة من تراثنا وادبنا وفننا، حيث راح المحتل الصهيوني يدعي زورا امتلاكه لهذه المعرفة بغية صناعة جذور له في الارض العربية.

فحركة الترجمة عن العبرية لا تتوقف وكلما ترجمنا شيئا اكتشفنا شيئا جديدا من الاعتداء على حقوقنا وممتلكاتنا، وهذا الفارق بين من يوظف معرفته للعبرية لفضح عدوانية محتله وبين من يتخذها مادة للطرب والتسلطن والثقافة الفاسدة، فالأول لا يعد تطبيعا، اما الثاني فإنه يدخل في عمق التطبيع.

يقول البعض زورا: ان في فلسطين مقدسات يهودية... والحقيقة التاريخية المؤكدة تقول: ليس لليهود حجر واحد في فلسطين او حبة رمل واحدة، وقد فشل كل علماء الاركيولوجيا اثبات ذلك، فهل لكم ان تشيروا إلى اسم اثر يهودي واحد في فلسطين استنادا إلى مرجعيات تاريخية موثوق بها؟

اليهود احتلوا أرض كنعان 70 عاما ولم يتركوا فيها اثرا تاريخيا او ثقافيا واحدا. من اين جئتم بهذه المعلومة انا اتحداكم ان تثبتوها علميا على ارض الواقع، فالتاريخ الاممي كله مفتوح امامكم، حتى تعرفوا مدى الخدمة التي تقدمونها للثقافة الصهيونية ".

تشويه صورة الكويت

وفي السياق نفسه أشار الداعية الدكتور محمد العوضي إلى أن اللغة العبرية محملة اليوم برمزية (سلطة الاحتلال). بعد ان فقدت طابعها الديني، مثلها بالضبط مثل النجمة السداسية المعروفة باسم (ماجن دافيد) أي (درع داود) التي فقدت طابعها الديني والتاريخي بوصفها (ختم سليمان)، واكتسبت في القرن التاسع عشر طابعاً سياسياً عندما تم اعتمادها رمزاً لحلم الدولة الصهيونية في فلسطين.

مشددا على ضرورة 'البحث عن اللاعبين الحقيقيين وراء هذه اللعبة، فهم يحملون بلا شك شهادة غير بريئة لتلويث صورة الكويت المقاومة للتطبيع. فإيما قد تكون بريئة. لكن من يدعمها معنوياً وإعلامياً غير بريء'.

ما وراء الحدث؟!

ولعل الصمت والارتباك الذي خيم على الحدث وتساؤل السياسيين والمثقفين حول الجهة المسؤولة التي منحت التصريح للفرقة المسرحية لتقديم ذلك العرض؟ وهل تم الإطلاع على فقرات الحفل الموسيقي من قبل مسؤولي جمعية الخريجين؟ وما هي الإجراءات المتخذة إزاء ما حدث؟

وما دور وزارة الإعلام في متابعة المواد التي تبث خلال الحفلات الفنية التي تستضيفها الجهات الرسمية؟ في ضوء نفي مسؤولي جمعية الخريجين علمهم ببرنامج الحفل وعدم دراية الحضور والشباب الكويتي بمعاني الأغنية العبرية؟

وما هي الإجراءات المتخذة ضد مخالفة الفرقة وجمعية الخريجين لقرار الحكومة الكويتية منع التطبيع بكافة أشكاله مع الكيان الصهيوني؟ وكيف يتسنى لفرقة فنية كويتية أن تقدم عروضا تروج للأفكار الصهيونية خلال الاحتفال بالأعياد الوطنية، دون اعتبار لما قدمته الكويت من شهداء وتضحيات من أجل القضية الفلسطينية؟

ولصالح من أن نتغنى بالتراث اليهودي وان نتغنى بالشعراء الصهاينة وننسى تراثنا الأدبي والفني الذي يعزز قيم العروبة والانتماء في النفوس؟ وما هو المبرر الغنائي أو الموسيقي الذي تفتقر إليه الثقافة الكويتية كي يستعان بالفن اليهودي الذي ينبع من نفس عنصرية متحيزة لذاتها لأبعد الحدود؟

وكيف نتغنى بالكويت بالعبري والحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح ينضمان إلى قائمة التراث اليهودي؟ ولماذا تستعين الفرقة بمشاهد كاملة لأفلام لها قصتها وسياقها الدرامي الخاص مثل الاستعانة بفيلم (آلام المسيح) وتخيل الحضور بأنهم في صالة عرض سينمائي يشاهد صلب المسيح واخر كلماته إلى مارية المجدلية؟

...كل تلك الأسئلة وغيرها توجه الفهم الإنساني إلى أياد خفية تحاول الافتئات على الكويت كدولة عربية ما زالت تتمسك برفض التطبيع مع الكيان الصهيوني على المستوى الرسمي والسياسي والاقتصادي، رغم محاولات الصهاينة توريطها بإشاعة هالة من ثقافة التطبيع على مستويات معينة.

كنشر مقالات لكتاب ليبراليين وعلمانيين تناهض مشروع المقاومة الفلسطينية على موقع وزارة الخارجية الصهيونية في محاولة لتصوير الأمر على أنه تطبيع ثقافي، كما نشرت الأوساط الصهيونية إعلانا مدفوع الأجر في مجلة 'النيوزويك' النسخة العربية التي تطبعها 'دارالوطن' الكويتية بعنوان 'ماذا لو كانت جارتك حماس' وقد جوبه الاعلان برفض شعبي وسياسي كبير وتم مقاضاة الجريدة وتغريمها من قبل وزارة الإعلام..

وعلى ما يبدو فإن الخاصرة الثقافية هي المكان الأكثر رخاوة ويمكن اختراقه، ومن ثم تتوالى الدسائس الإعلامية التي يقف وراءها الصهاينة لتشويه صورة الكويت، مثل تسريب أخبار إعلامية في الصحافة العالمية عن قيام اسرائيل بالتجسس على مصر عبر الكويت وغيرها من الأخبار التي تم نفيها....بل أقر مجلس الأمة قانونا لمنع التطبيع بأي شكل من الأشكال مع الكيان الصهيوني...

كما أن كلمات أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الصباح ستظل خالدة ومعيار لوطنية كل الكويتيين وعروبتهم، حيث أعلن أكثر من مرة (أن الكويت ستكون 'آخر دولة عربية تطبع مع الكيان الصهيوني' في حال إبرام صلح دائم وعادل في القضية الفلسطينية).

وجدير بالذكر أن منطقة الخليج كانت عرضة للاختراق التطبيعي حتى أوائل العام 2000، حين قررت قوى سياسية وفعاليات مجتمعية في الثامن من نيسان (أبريل) 2000 تأسيس وإشهار 'المؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني' ومقره الكويت، وتبعه تأسيس لجان فرعية لمقاومة التطبيع في كل من البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، ترتبت عليها هبة وحركة شعبية واسعة لمقاومة التطبيع والتحذير من مخاطره.

الغزو الثقافي الصهيوني لن يتوقف

وذلك بعد فشله الذريع بعد مضي أكثر من عشرين عاماً على توقيع معاهدة 'السلام' بين الكيان الصهيوني والأطراف العربية، وذلك وفق ما تشير إليه دراسة معهد الدراسات الأمريكي الخاص بوسائل الاعلام حول 'مقاومة السلام وأسبابه السايكولوجية' التي أوصت بنقل الصراع من اطاره العسكري والسياسي إلى المجالات الثقافية.

فشرع الصهاينة بتأسيس برنامج عمل دقيق يتم من خلاله نقل الصراع من الجبهات العسكرية والسياسية إلى الجبهة 'الثقافية'، ومحاولة فرض الحصار على الثقافة الإسلامية التي تتمسك بها شعوب المنطقة، واستبدالها بثقافة مستوردة تسمح بإحلال النظام العالمي الجديد في منطقة الشرق الأوسط الإسلامي.

ويمكن تلخيص الاستراتيجية الصهيونية التي تدعمها أمريكا في المنطقة العربية في التالي:

- محاولة السيطرة على وسائل الأعلام في العالم، وبسط النفوذ على وكالات الأنباء العالمية وشبكات التلفزة المشهورة والمحطات الفضائية المعروفة. للهيمنة على أذهان وأفكار الشعوب، وبالتالي دس ما تريد قوله وحذف ما لا ترغب فيه، وهذا يعني السيطرة الكاملة على الأجواء الثقافية للشعوب.

- إقامة الندوات والمؤتمرات للبحث في هذه القضية، والعمل على تهيئة الدراسات والبحوث المتعلقة في هذا المجال، والمطالبة باقتراحات جديدة من المجتمعين والمؤتمرين، يمكن أن تكون ذات مبنى يتم الاستفادة منه في هذا الخصوص.
- تهيئة ميزانية هائلة تغطي مراحل الخطة، وصرف جزء كبير منها في تأسيس المعاهد والمراكز الفنية والعلمية والأكاديمية النشطة في الشرق الأوسط.

وفي هذا الإطار أعلن شمعون بيريس في أحد لقاءاته: أن 40' من ميزانية إسرائيل خصصت للمجال الثقافي والبحث العلمي. وأضاف: وإذا حل زمن 'السلام' فيجب مضاعفة هذه النسبة.

- توسيع دائرة العلاقات مع الفنانين والمثقفين العرب والمسلمين، وتهيئة الأجواء لعمليات اللقاء، وفتح القنوات معهم، لتنظيم 'تجمعات ثقافية' أو 'رابطات إقليمية' وما شابه ذلك.

- تنمية السياحة الإسرائيلية، والاهتمام بها بالشكل الذي يتسنى للزائرين والسواح أن يتعرفوا على الثقافة والآداب 'الصهيونية'، وبالمقابل تنظيم رحلات 'السواح' الصهاينة لاختراق المناطق السياحية العربية الإسلاميّة بعناوين مختلفة.
-تسخير وسائل الإعلام العربية لعملية التطبيع.

والتي من خلالها يسعى الصهاينة إلى تطبيع العلاقات الثقافية بينه وبين الأطراف العربية الإسلاميّة، والتقليل من شدة العداء والحساسية التي يكنها المسلمون تجاه الصهاينة الغاصبين. فبعض مدراء وسائل الأعلام العرب 'جعلوا من أنفسهم جسوراً لتمرير مخطط التطبيع' وذلك بسبب ارتباطهم المشبوه أو لافتقادهم الرؤية الصحيحة، فكانوا من الممهدين للغزو الثقافي الصهيوني البغيض.

ولعلنا لا نتجاوز حدود البحث العلمي بالذهاب إلى تفسير حادثة الغناء اليهودي على مسرح جمعية الخريجين الكويتية بأنه محاولة قد تقف وراءها أوساط متنفذة في الساحة الثقافية التي تم استدراجها بزيف العناوين البراقة كدمقرطة الثقافة والفنون الانسانية للتخفيف من شدة الحساسية الموجودة لدى الشارع العام العربي ثم الإسلامي تجاه الوجود الصهيوني السرطاني في قلب منطقة الشرق الإسلامي.

إلا أن جذوة المقاومة ما زالت هي المحركة للشارع الكويتي الذي يعد أكثر شعوب العالم تقديما للدعم المالي والمعنوي والسياسي للحق الفلسطيني...!



* صحافي وباحث سياسي مصري مقيم بالكويت
جريدة القدس العربي
17/4/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.