عرضنا جانبا من كتاب صهيونية في ظل الاهرام تستعرض فيه الباحثة الصهيونية روث كيمحي كيف نفذ عناصر الحركة الصهيونية العالمية الي اليهود المصريين أو اليهود الذين عاشوا في مصر منذ القرن التاسع عشر, قادمين إليها من دول لم يجدوا فيها الأمان الشخصي أو الاستقرار الاقتصادي.. وكان قادة الصهيونية وهم عنصريون غير متدينين مثل حاييم وايزمان.. يعتبرونهم رصيدا اقتصاديا لامداد الحركة الصهيونية بالمال, أو بقرة حلوبا علي حد قوله وأختارت الحركة الصهيونية أضعف منطقة في النسيج اليهودي المصري وهم الشباب بين سن15 و29 عاما, وركزوا عملهم من خلال الانخراط في الانشطة الكشفية والرياضية والتثقيفية حتي أنه بحلول عام1922 تأسس في باريس الاتحاد العالمي للشبان العبريين وأصبح له20 فرعا في الدول الاسلامية وأحدها في مصر في حلقة اليوم نستعرض انتقال الباحثة إلي نوع آخر من النشاط نوع متقدم في مرحلة متقدمة من هذا النشاط في شكل تنظيمات وحركات شباب كان يطلق عليها الحركات الحالوتسية أي الحركات الطليعية الرائدة, وكانت هذه الحركات الطليعية هي بالفعل التي تحملت العبء الأكبر في بناء إسرائيل. وفي مصر, لم تقم الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين بإنشاء حركات الشباب الحالوتسية( الطليعية الرائدة) الاشتراكية ذات الصلة والارتباط بالقطاع الاستيطاني في اليشوف( المستعمرات الصهيونية في فلسطين في عصر الانتداب) إلا في الثلاثينيات من القرن الماضي بعد أن كانت قد هيأت التربة والمناخ وغمرت مصر بالتنظيمات اليهودية والصهيونية مختلفة الألوان والصنوف بأسماء ومسميات مختلفة. الهجرة إلي فلسطين وكانت هذه الحركات الشبابية الطلائعية كما تقول الباحثة تعلم الشباب وتربيهم علي ضرورة تحقيق صهيونيتهم بالهجرة إلي فلسطين, وكانت هذه الحركات عبارة عن كيان مستقل منفصل عن أي تنظيمات تابعة للجالية اليهودية تربي شباب الجالية علي أيديولوجيتها المحددة والواضحة بعد أن غشيهم حذر تنظيمات الجالية. وكما تقول الباحثة الصهيونية, فقد كانت حركات للشباب أنشئت من أجل الشباب يديرها الشباب كأنداد لا كأضداد(PeerGroup) بواسطة أجهزة وآليات منتخبة, ومن ثم فقد كان لهذه الحركات مجالس وقيادات ولجان مختلفة منتخبة. وهذه الحركات كانت تقدم لأعضائها واقعا بديلا عن الواقع الذي ظلوا يعيشون فيه حتي هذا الوقت, واقعا يعيد بناء شخصية الشاب ويصوغها ويقويها وفقا لروح الحركة الصهوينية وأيديولوجيتها. وبذلك استطاعت الحركة تخريج نوعية جديدة خاصة من الشباب غير النوعية التقليدية النمطية الاوروبية الثقافية, نوعية اصطنعتها لنفسها. وكان هذا الواقع البديل الجديد الذي خلقته الحركة وطرحته علي الشباب عبر هذه الحركات والتنظيمات الشبابية الرياضية والكشفية عبارة عن أسلوب حياة ونمط معيشي ملزم. باختصار, كانت هذه الحركات هي الممر والدهليز الذي ساقتهم عبره سوقا إلي فلسطين ليقيموا عليها دولة إسرائيل, حتي وإن لم تصرح بذلك تصريحا بعد أن غرست فيهم المبدأ الصهيوني الركيز مبدأ التجسيد الذاتي. هذا المبدأ الذي استطاعت به سوق مايزيد علي70 ألف يهودي يعيشون في مصر, وكذلك تسوق الالاف من جميع أنحاء العالم إلي فلسطين لاحتلالها تحت ستار بناء دولة إسرائيل والعودة إلي أرض الميعاد. ولكي نعرف كيف تمكنت الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) من إثارة الحماس, والنعرة اليهودية الصهيونية في أنفس أفراد الجالية اليهودية عموما, وفي أنفس الشباب خصوصا وكيف أحدثت هذا التحول غير المتوقع تماما في شخصية وهوية يهودي, كان يعيش في مجتمع مفتوح كوزموبوليتي( لا انتمائي) علي حد وصف الباحثة طبقي متعدد الثقافات والهوية كالمجتمع المصري كان شباب اليهود يتلقون فيه التعليم الأوروبي في مدارس ومؤسسات تعليمية ثقافية أوروبية الهوية داخل مصر. يهودي يعيش في رغد وسعة ودعة, آمن علي حاضره ومستقبله فتنقله الحركة طوعا إلي بلد ليعيش في فقر, في صحار جرداء في معسكرات جماعية اشتراكية أو يعيش فيها كخدم لتحقيق صهيونيته وتنفيذها علي أرض الواقع. وكما تقدم فإن هذا التحول لم يحدث فجأة, ولكن حدث تدريجيا وفي جرعات محددة, فعلي سبيل المثال. كانت هوية شباب الجالية اليهودية في مصر الجماعية في أساسها هوية دينية تقليدية غير دينية ذات توجه قومي نحو الثقافة الأوربية, الفرنسية في معظمها. وكان معني انضمام هؤلاء الشباب لحركة شبابية حالوتسية( أي رائدة طليعية) خلع هذه الهوية تماما وتغييرها بنظام حياة وبتبني حياة ثقافية مختلفة تماما وإضافة مكون جديد للشباب اليهودي المصري هو مكون نظيره من الشبان الصهاينة الذين يعيشون في فلسطين. وقد أخذ هذا المكون يحل بالتدريج محل المكون الفرنسي الكامن في هويته. إضافة إلي ذلك, فقد كان الانضمام الي حركة حالوتسية( رائدة طليعية) معناه تغيير الرابطة الجماعية الكامنة في شخصيته وهويته واستبدال الرابطة الجماعية الجديدة الأكثر شمولا بها التي تتخلق وتتشكل ملامحها في الكيان الصهيوني في فلسطين. وقود الحركة الصهوينية وحينما بدأت الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهوينية) تنشأ كان وقود هذه الحركة من الموارد البشرية من مصدرين أساسيين: الخريجون من داخل دوائر تعليم اللغة العبرية التي كانت تقام داخل مختلف الجمعيات والرابطات الصهيونية التي أنشأتها الحركة في مصر مثل النادي العبري بالقاهرة, وكان المصدر الثاني من المعلمين والموجهين بالمنظمات الشبابية, سواء كانت تنظيمات الكشافة أو التنظيمات الرياضية الذين تربوا داخل هذه المحاضن الصهيونية, وهؤلاء الشباب بالطبقات والروافد التعليمية التربوية كانوا بشكل عام تلاميذ بالمدارس اليهودية التي حولتها الحركة إلي مدارس صهيونية بتعليم اللغة العبرية الحديثة فيها علي أيدي مدرسين صهاينة استقدمتهم الحركة من فلسطين ممن زجت بهم إلي الدول العربية( الاسلامية) في فترة ما بين الحربين. وفي بداية الثلاثينيات كانت هناك محاولات من جانب الحركة لإنشاء أفرع لحركات مرتبطة بحركة العمل( الاشتراكية الشيوعية) الصهيونية أو مرتبطة بتنظيمات تابعة للاستيطان الطليعي في فلسطين لكنها استدركت, وعدلت عن ذلك نتيجة الإعراض من أعضاء الجالية اليهودية في مصر, واستبدلت بهذه الافرع حركات شباب طليعية ذات مسميات مختلفة كحركة الحارس الشاب التي ظلت تعمل في مصر حوالي عشرين عاما( منذ إنشائها في عام1932) وكحركة الحالوتسي( الطلائع) التي أنشأتها في الاسكندرية في عام1934, ثم أنشأت قسما تابعا لها وقسما للشباب أسمته الحالوتسي الشاب وفي الحقيقة كانت هذه الحركات تابعة بالفعل لحركة العمل الصهيونية الاشتراكية كانت بمثابة أفرع لها ولكن بمسميات مختلفة. وكان الهدف الاول إلي جانب إعداد شباب الجالية للهجرة الي فلسطين هو توفير الأيدي العاملة وتهجيرها إلي فلسطين( إسرائيل) من الطبقات اليهودية الفقيرة التي تعيش في القاهرة. وعن كيفية إنشاء حركة الحارس الشاب الصهيونية التي توصف بالحالوتسية( الطليعية) في مصر كفرع للحركة الأم في فلسطين وعلاقتها بها, تقول الباحثة: إنه في شهر ديسمبر عام1934 وفي وكر متواضع لحركة العبري الشاب وهو الاسم الذي عرفت به في مصر خشية كشف أمرها فوق سطح أحد المباني بشارع فؤاد الأول رقم6 بوسط القاهرة احتفلت الحركة بهجرة الطلائع الأربعة الأوائل إلي فلسطين وهم: ماركو البفلي وأهارون ليسكوفيتش وإفراهام أرجيل وجداليا موراناجا. أربعة مؤسسين للحركة وهؤلاء الأربعة الطلائع الأوائل هم مؤسسو الحركة في مصر وأعضاء قيادتها الرئيسية. وكان هؤلاء الأربعة قد قرروا قبل ذلك بعامين في نوفمبر1932. إقامة أول وكر لحركة الحارس الشاب في مصر. وكان ماركو البفلي أكبر الاعضاء سنا( والأب الروحي للحركة في مصر) قد اعتاد زيارة فلسطين في عطلات الصيف وكان يعود من هذه الزيارات متحمسا فأقنع رفاقه المقربين وكانوا من المدربين والموجهين الكبار في قسم الكشافة بحركة الشباب مكابي بالانضمام إليه لإقامة حركة شباب جديدة ذات مضامين أيديولوجية صهيونية اشتراكية أكثر. وأخذ هؤلاء الأربعة يجندون أعضاء جددا من حركة النادي العبري بالقاهرة بالتوازي مع عضويتهم بحركة مكابي الشبابية الصهيونية. وأرسل الأربعة خطابا إلي قيادة الحركة الأم( هشومير هاتسعير) في فلسطين( في عصر الانتداب) يبلغونها فيه بسعيهم لإنشاء فرع للحركة في القاهرة طالبين المساعدة. فردت عليهم قيادة الحركة بفلسطين بعد أسبوعين وطلبت منهم تقديم معلومات عن الاعضاء الأربعة وعن معارفهم في مصر وكذلك بإبلاغ بأسماء من يمكن أن يوصوا بإقامة حركتهم لهم, وقد وافقت الحركة علي إنشاء فرع لها بالقاهرة.. وبالفعل, أرسل المؤسسون كل ما طلب منهم من معلومات عنهم وعن الموصين بإنشائها, إلا أن قيادة الحركة الأم في فلسطين ترددت في الموافقة لأسباب منها: عدم تمكن الحركة من توفير مقر لها بالقاهرة يمكن أن يكون عنوانا لها لدي السلطات المصرية حسبما ينص القانون المصري, والخوف من رفض السلطات المصرية منح اعضائها ترخيصا لأن ذلك سيتطلب منها تقديم لائحة للسلطات ولائحتها تقول إنها ستمارس نشاطا تعليميا( تعليم اللغة العبرية للشباب اليهود) وستنظم محاضرات عن الصهيونية وتقدم دروسا في الجغرافيا وفي تاريخ فلسطين وما إلي ذلك, الي جانب نشاطها كحركة كشفية, فضلا عن اسمها الحارس الشاب كان يدل علي إنها حركة اشتراكية( شيوعية), وكان هذا النوع من النشاط محظورا في مصر, ونظرا لأن القانون المصري يحظر علي الحركة الرياضية( أو الكشفية) ممارسة أي نشاط سياسي أو ايديولوجي رأت قيادة الحركة في فلسطين في ذلك خطرا قد يعرض حياة مؤسسيها للخطر. وفي محاولة للخروج من هذا المأزق فكر مؤسسوها في الانضمام الي حركة مكابي الكشفية الصهيونية المعترف بها في مصر, وممارسة نشاطها الايديولوجي والتنظيري من داخل هذه الحركة, إلا أن الخلافات بين حركة الحارس الشاب وقادة حركة مكابي جعلت مؤسسيها يعدلون عن هذه الفكرة وظلت مشكلة الستار أو الغطاء الذي ستمارس به الحركة الطليعية الصهيونية نشاطها قائمة. وحاول رئيس الحركة البفلي حل المشكلة, فسافر الي وارسو حيث مقر القيادة العليا لحركة الحارس الشاب إلا أنه فشل. ثم سافر إلي معسكر الحركة في فينا ومنها الي فلسطين فاقترح عليه قادة الحركة الذهاب مرة أخري إلي وارسو, حيث مقر جمعية تربوت( الثقافة) وطلب المساعدة والسماح بالموافقة علي إنشائهم مقرا للجمعية يمكنهم من خلاله ممارسة نشاطهم, إلا أن القيادة العليا للحركة في وارسو رأت ان هذه الفكرة غير عملية. وأخيرا وحلا لمشكلة الغطاء عرض عليهم الاتحاد العالمي للشباب العبري وهو جمعية صهيونية حصلت علي ترخيص في مصر بممارسة النشاط التثقيفي والتربوي الانضمام للجمعية لتكفل حرية الحركة لهم ومنحهم غرفا في مبناها الذي كانت تعمل منه معظم الجمعيات والتنظيمات العبرية والصهيونية بشرط أن يعملوا لحساب فرع الحركة في مصر( الاتحاد العالمي للشباب العبريين) مقابل الموافقة لهم علي إعداد برنامج عمل تربوي كشفي, وكستار عرضت عليهم إطلاق لقب جماعة ماكس نورداو, ووافق مؤسسو الحركة وبدأت الحركة تمارس نشاطها بين الجماهير, والشبان الصهاينة. فأخذت الحركة تعيد تنظيم عمل الصندوق القومي التأسيسي الصهيوني في مصر, وأضافوا دورة لتعليم اللغة العبرية لأعضاء( الاتحاد العالمي للشباب العبري) وكذلك أخذوا يشاركون في نشاط رابطة مكافحة العداء لليهود الالمان التي أقيمت في مصر, كما كانوا ينظمون لجمعية النادي العبري الصهيونية في مصر أيضا حفلات ويعدون برامج دراسية باللغة العبرية عن الحياة في فلسطين التي كانوا يلقبونها ب أرض إسرائيل. التجنيد أولا وكان الهدف من كل نشاط الحركة في مصر هو التأثير علي الشبان الصهاينة والسيطرة عليهم عن طريق تجنيد رأي عام موال ومؤيد لحركة العمل الاشتراكية في فلسطين في الوقت الذي كان يسير عليها في ذلك الوقت الصهيونيون العموميون أو( الإصلاحيون) ولذلك لقبهم بعض صهاينة مصر ب الاشتراكيين والشيوعيين والبلاشفة, ومن ثم رفض طلبهم بالانضمام الي الهستدروت الصهيوني. ثم استطاعت الحركة بالاتفاق مع الاتحاد العالمي للشبان العبريين تغيير اسمها من جماعة ماكس نورداو إلي العبري الشاب, وأصبح اسمها الرسمي أمام السلطات المصرية جماعة العبري الشاب القاهرة مصر واتخذت شارة لها ورمزا مقاربا لشارة الحارس الشاب وبعد إشهار الحركة والاعتراف بها خطط اعضاء الحركة الأربعة في سبتمبر1934 للهجرة إلي فلسطين كأول نواة مصرية من المهاجرين الصهاينة, وبالفعل سافروا وأقاموا هناك في كيبوتز عين الحارث, إلا أن هجرتهم إلي فلسطين قوبلت بالنقد والاستهجان من جانب قادة ومؤسسات الحركة الصهيونية في فلسطين لتسرعهم في الهجرة وهم الموجهون الوحيدون في الوكر المصري. ورأت قيادة الحركة إيفاد مبعوث للحركة الي مصر لإدارة عمل فرع الحركة في مصر, لكنها اشترطت ان يقوم أعضاء الحركة في مصر بتغطية نفقات إقامته واستجيب لطلبهم. وبالفعل وصل المبعوث وأخذ يدير عمل الحركة وينسق العمل بين وكرها في مصر وأوكارها الأخري في تونس وسوريا والعراق, كما أخذ المبعوث في وضع خطط وبرامج عمل تجنيد الشبان من الأصل الأشكنازي أو من العائلات التي كانت قد هاجرت من فلسطين وأقامت في مصر لصفوف الحركة, كما أخذت الحركة تنظم زيارات لأعضائها لفلسطين. وتبرع أحد الصهاينة بمجموعة من الحدائق التي كان يملكها في محافظة الجيزة لكي تقوم الحركة بتدريب الشبان الصهاينة علي العيش في الطبيعة وعلي ممارسة الأعمال اليدوية والزراعة بها, استعدادا لتهجيرهم الي فلسطين, وأخذت حركة الحارس الشاب الصهيونية عبر فرعها العبري الشاب توسع من نشاطها داخل مصر, وتجذب المزيد والمزيد من الشبان الصهاينة واتخذت من مبني الهستدروت الصهيوني بشارع عماد الدين( رقم140) حيث مقر الصندوق القومي التأسيسي الصهيوني وكذلك مقر جمعية النادي العبري مركزا لها ايضا. وقامت الحركة بافتتاح وكر جديد لها في ضاحية مصر الجديدة( هليوبوليس), وقد أقيم هذا الوكر في مدرسة يهودية باتشي بمصر الجديدة التي كان يقيم بها عدد كبير من العائلات اليهودية الثرية الارستقراطية, ثم انشأت الحركة دار أطفال لتلقف الشبان الصهاينة من سن الطفولة. وفي عام1937 أصدرت الحركة نشرة داخلية كانت تنقل فيها كل نشاطات الوكرين, ثم ألحقت هذه النشرة بملحق بصحيفة اسرائيل, وأصبح هذا الملحق أداة جذب وتجنيد, حيث كان ينشر كل أخبار أفرع الحركة في نيويورك وفرنسا وغيرهما. وكانت نشرة الملحق ايضا تنشر المحاضرات التي كانت تلقي بالوكرين عن الحروب الطبقية والخلافات بين حركة عمال صهيون وبين حركة الحارس الشاب في الشتات كما كانت تنشر بها المناقشات التي كانت تجري حول خطب بن جوريون والمشكلات التي كان يتعرض لها يهود اليمن وكذلك أخبار المستعمرات والكيبوتزات والكيبوتز الموحد والكيبوتز القطري والهستدروت والأفرع التابعة لها جميعا. ورغم الحرب العالمية فقد ظلت مصر في الأعوام من1940 1942 تنعم بالهدوء والأمان, ومن ثم ظلت حركة الحارس الشاب الصهيونية العالمية عبر فرعها في مصر العبري الشاب تمارس نشاطها كالمعتاد وهو: النشاط التعليمي والتربوي, والنشاط الكشفي وتنظيم الجولات والنزهات وإقامة حفلات عيد المساخر( البوريم) وحفلات الحانوكاه وعيد البكور وعيد الأسابيع, وغيرها من حفلات الأعياد اليهودية وإزاء تزايد هذا النشاط وكذلك عدد الأعضاء تزعم الباحثة أن بلدية القدس منحت الحركة ملعبا كبيرا بشارع كومانوس المجاور لمدرسة باتشي اليهودية وأخذت الحركة تستضيف في سنوات الحرب الأولي أعدادا كبيرة من الصهاينة المجندين بالجيش البريطاني العاملين في مصر. وكان هؤلاء الجنود يتطوعون بإلقاء المحاضرات وإجراء المناقشات بوكري الحركة في مصر الجديدةوالقاهرة وأسهموا في جذب أعضاء جدد للحركة من بين الشبان الصهاينة, وكانوا بمثابة حقنة تنشيط لأعضاء الحركة بالقاهرة, كذلك كان هؤلاء الجنود الصهاينة بالجيش البريطاني عنصرا وسيطا بين الحركة في مصر وقادة الحركة في فلسطين. الشيكل في مصر كما أخذت الحركة تتوسع في نشاطها لجمع التبرعات وبيع الشيكل الصهيوني في مصر لصالح مؤسسات الحركة اليهودية العالمية في فلسطين وليس لمؤسسات الحركة في فلسطين فقط, الأمر الذي زاد من شعبيتها في مصر. وإلي جانب عملها الداخلي كحركة في مصر كانت حركة العبري الشاب الصهيونية تعمل في تنسيق وارتباط كامل مع ثلاث دوائر خارجية هي الحركة القريبة منها ايديولوجيا وثقافيا وذهنيا وهي الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) في مصر بكل المؤسسات التابعة لها وهي الهستدروت الصهيوني والصندوق القومي التأسيسي والتنظيمات الصهيونية الأخري. وفي الدائرة الثانية القريبة منها فكريا وأيديولوجيا والتي كانت بعيدة عنها من الناحية الجغرافية والثقافية والذهنية هي مؤسسات حركة الحارس الشاب العالمية. أما الدائرة الثالثة فقد كانت تضم الهستدروت الصهيوني العالمي بكل المؤسسات والأفرع التابعة له عالميا. وتختم الباحثة الصهيونية في فصلها حديثها فتقول إن حركة الشباب العبري الشاب التي كانت قد أقيمت في القاهرة في27 نوفمبر1932 كانت أول حركة شباب طلائعية تقوم في مصر( أي تهجر أعضاءها من الشباب الصهيوني الي فلسطين), وكانت هذه الحركة إنجيلية أيديولوجية استطاعت جذب الشبان المثقفين من خريجي المدارس الثانوية والجامعة وأول من أشركت في نشاطها الفتيات في جماعات مختلطة.