يعد الكتاب الذي يزيد علي600 صفحة دراسة بحثية وثائقية أعدتها المؤلفة بعد اعتزالها الخدمة في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي لمدة32 عاما للحصول علي درجة الدكتوراه من جامعة حيفا الإسرائيلية والدراسة تبحث في النشاط الذي مارسته الحركة الصهيونية العالمية وعلاقتها بالجالية اليهودية في مصر في الفترة من عام1918 وحتي عام1948, أي في فترة الثلاثين عاما السابقة علي احتلال فلسطين وفيها تقدم صورة تفصيلية وافية عن هذا النشاط الضخم الذي مارسته الحركة في غفلة من مصر الرازحة تحت الاحتلال البريطاني لم تفق منها إلا بعد فوات الأوان, أي بعد صدور وعدبلفور في نوفمبر عام1917, وبعد أن بدأت الحركة الصهيونية تجني ثمار نشاطها الذي بدأته في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين في مصر المحتلة. استعرضنا أمس كيف حاول يهود عاشوا في مصر في بداية القرن العشرين أن يتسللوا الي نسيج المجتمع المصري من خلال أنشطة رياضية وترفيهية واجتماعية لتنفيذ مخططات صهيونية باستغلال الثراء المالي لليهود وتدفقهم الي مصر حيث احتلت مركزا اقتصاديا بارزا منذ صعود محمد علي.. وتسجل الباحثة الإسرائيلية دون كيمحي في كتابها صهيونية في ظلال الأهرامات قصة الثلاثين عاما الحاسمة(1918 1948) في أنشطة الحركة الصهيونية في مصر, ودور الجالية اليهودية في دعم المشروع الصهيوني الذي تحول من فكرة إلي دولة علي أرض فلسطين وتقول: إن الجالية اليهودية في مصر ارتفع عددها من(7) آلاف نسمة في خمسينيات القرن التاسع عشر إلي80 ألفا عام1948, مؤكدة أنها كانت تتمتع باندماج وأمان كاملين مع المجتمع المصري, حتي اخترقتها الحركة الصهيونية العالمية بإرسال يوسف ماركو باروخ أول مبعوث لها في مصر عام1896, وقوالت بعدها الاختراقات من الحركة للجالية. ففي عام1896 زجت الحركة العالمية اليهودية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) بأول مبعوث لها إلي مصر ويدعي يوسف ماركو باروخ, وهو من مواليد تركيا وتلقي تعليمه بجامعات باريس وبرن. وكان يوسف ماركوباروخ قد بدأ نشاطه الصهيوني بالجزائر ومن هناك انتقل الي فيينا وإلي بلغاريا حيث أسس هناك صحيفة صهيونية باللغة الفرنسية تسمي كارمل وفي مصر بدأ باروخ يروج أفكار الصهيونية وأخذ يجمع حوله تدريجيا دائرة من المؤيديين من أعضاء الجالية الإشكنازية بالقاهرة. وفي فبراير عام1897 أنشأ أول جمعية صهيونية في مصر وفي الدول الإسلامية أسماها جمعية بركوخبا وأخذت هذه الجمعية تعمل بالقاهرةوالإسكندرية لمدة سبعة أعوام ثم أدخلت بسبب عدم نجاحها في جذب يهود غير أشكنازيين من الجالية اليهودية بالقاهرة وبسبب الخلافات في الآراء والصراع القومي بين مديريها وكان ذلك في عام1904 ومع توقف نشاطها بدأ العصر الثاني في تاريخ الصهيونية في مصر. وقد استمر هذا العصر حوالي تسعة أعوام واتسم بانقسام وتشرذم الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) إلي جمعيات متعددة بدون قيادة مركزية ويقصر عمر نشاط معظمها فقد أقيمت في القاهرة وحدها بعد اندثار بركوخبا حوالي10 جمعيات كان أبرزها جمعيةمحبي صهيون وقد أقامها في فبراير عام1906 نفر من الشبان والفتيات من الاشكناز الذين كانت الحركة العالمية اليهودية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) قد هجرتهم إلي مصر حتي أواخر القرن التاسع عشر وكانت هذه الجمعية تضم عشرات من الأعضاء وتعمل علي بيع الشيكيل الصهيوني وترويجه بين الجالية اليهودية وكانت ممثلة رسمية للصندوق التأسيسي الصهيوني بالقاهرة الذي كان يجمع التبرعات ويرسلها إلي المؤسسات الصهيونية في فلسطين( اليشوف) وعندما أقيم فرع للهستدروت الصهيوني( النقابة) بالقاهرة أدخلت الجمعية والتحق افرادها به. وفي الإسكندرية أقامت الحركة الصهيونية العالمية جمعيات صغيرة لم تعمر طويلا باستثناء جمعية شبان صهيون التي تأسست في مايو عام1907 مع جمعية منتخبة وكان أعضاؤها جميعا من اليهود الإشكناز وظلت هذه الجمعية تمارس النشاط الصهيوني وحدها حتي عام1913 وفي مدن القناة جرت مجادلات لإقامة جمعية صهيونية باسم تكفات صهيون أمل صهيون) وضمت عشرات الأعضاء برئاسة جاك دورا كما أقيمت جمعية في مدينة المنصورة وظلت هاتان الجمعيتان تمارسان النشاط الصهيوني حتي عام1916 محاولة لتوحيد الجمعيات وكما تقول الباحثة فإن كل هذه الجمعيات كانت تعمل بدون أي علاقة بينها أو تعاون أوتنسيق, كما جرت محاولات فاشلة لتوحيد هذه الجمعيات في هيئة واحدة وفي القاهرة, وفي نوفمبر عام1913 انتخبت في اجتماع حضره معظم ممثلي الجمعيات الصهيونية بالقاهرةوالإسكندرية, ولأول مرة لجنة موحدة أطلق عليها اسم اللجنة الصهيونية المركزية لمصر برئاسة نورمان بنتوفيتشي ود. إلبار موتساري وأشير بلوم ويعقوب كليف ود.إلفاس, وكلهم من اليهود الإشكناز ماعدا اثنين من السفارديم ومع قيام هذه الجمعية انتهت فترة التشرذم والانقسام الصهيوني في مصر وبدأ عصر جديدا الي جانب ايضا تركز العمل الصهيوني في مصر في لجنة مركزية. وكانت هذه اللجنة المركزية فرعا للمكتب المركزي الصهيوني الرئيسي وكان مقره في برلين وتوقفت عن العمل في أغسطس عام1914 بمغادرة بنتوفيتشي رئيسها الإشكنازي القاهرة إلي بريطانيا وإقامته فيها لفترة طويلة وفشلت محاولة انتخاب لجنة جديدة بسبب عدم وجود شخصيات ذات قدرات كاريزماتية إشكنازية بالطبع تتولي قيادتها. وفي مارس عام1917, ومع انتخاب جاك موتساري رئيسا للحركة الصهيونية في مصر حلت مشكلة قيادة الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) في مصر, وكان موتساري هذا يعمل سكرتيرا للجنة المدارس التابعة للجالية اليهودية ثم مصرفيا وكان من العائلات ذات الحسب المشهورة بالقاهرة, وكان من اليهود الشرقيين السفارد وكان موتساري عضوا ب الدائرة القومية اليهودية بالقاهرة وانتخب عضوا بالكونجرس الصهيوني العالمي في عام1913 وقد جاء انتخابه للحركة اليهودية العالمية( الصهيونية) اضطراريا خوفا علي مصير الحركة بمصر بعد أن كانت هناك تحفظات ضد اختياره في هذا المنصب ومع انتخابه اقترح تعيينه بشكل رسمي رئيسا للحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية), إلا أن الصندوق القومي التأسيسي الصهيوني واللجنة التنفيذية في برلين عارضا تعيينه خوفا من اللائحة رغم الاعتراف بأهميته لنشاطها في مصر وأصر موتساري علي تعيين الهستدروت الصهيوني العالمي له ومنحه الصلاحية لممارسة نشاطه وفي عام1917 عقد موتساري أول جلسة للجنة المركزية للهستدروت الصهيوني في مصر برئاسته, وكانت مشكلة من يهود إشكناز وسفارد من رجال الأعمال والمثقفين من يهود الجالية المتصهينين, وكما تقول الباحثة الصهيونية فإن تعيينه رئيسا للجنة المركزية للهستدروت الصهيوني بمصر قد مكن من توحيد القوي وتركيز نشاط كل الجمعيات الصهيونية في هستدروت( النقابة) صهيونية واحدة, أي في لجنة مركزية واحدة مقرها القاهرة وقد مارست هذه اللجنة عملها بتنسيق كامل مع المكاتب المركزية الصهيونية في لندن وكوبنهاجن ومع المكتب الرئيسي للصندوق التأسيسي الصهيوني( ككل) في لاهاي وكانت علي علاقة تجارية مع كل الجمعيات الصهيونية المنتشرة في جميع أنحاء مصر في القاهرةوالإسكندرية وبورسعيد وطنطا والمنصورة. مجلة صهيونية وتوضح الباحثة ان أول عمل قام به موتساري بعد تعيينه هو إصداره مجلة اسبوعية صهيونية أطلق عليها أو باسمها العبري وجهة نظر صهيونية وكانت هذه المجلة بمثابة الناطق الرسمي بلسان الهستدروت الصهيوني بمصر وصدر أول عدد منها في يناير عام1918 بموافقة سلطات الاحتلال البريطاني وظلت تصدر حتي عام1923 وبصفتها البوق الرسمي للهستدروت الصهيوني بمصر فقد استخدمت المجلة في نقل الرسائل الصهيونية العامة للجالية اليهودية بمصر, كما كانت تطبع بها كل الخطب التي كان يلقيها قادة الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) في أي مكان بالعالم, كما كانت تنشر بها تقارير عن تطورات الأحوال بالمستعمرات الصهيونية في فلسطين وأحدث أخبار أنشطة مختلف الجمعيات الصهيونية بمصر, كما كانت تنشر بها أيضا اسماء المتبرعين اليهود وللصندوق القومي الصهيوني الذي كان يقوم بتهريب الأموال المصرية إلي مكاتب الحركة بالدول الأوروبية ومؤسساتها في فلسطينالمحتلة وفي أول عدد صدر للمجلة أشاد موتساري في مقالتها الافتتاحية بما وصفه بالانتفاضة الصهيونية في مصر عقب صدور وعد بلفور إلا انه قال وليس من المنطقي أن نقر بأن يهود الجالية يبتعدون عنها ومنهم ذوو مناصب اجتماعية واقتصادية رفيعة, وهم كثر ومعارضتهم هذه إذا جاز لنا أن نسميها معارضة ترجع إلي الجهل المطلق بالصهيونية وبما ترمز اليه وتعنيه ودعا المؤسسات الصهيونية العالمية إلي استثمار أموالها في مصر بهدف التأثير علي الرأي العام المصري بمن فيهم أعضاء الجالية اليهودية, وقال إنه يوجد في مصر, ذات النفوذ والتأثير في الدول العربية الأخري يهود ذوو خبرات وتجارب كثيرة في التعاون الاقتصادي مع العرب وإنه من الممكن الاستفادة من خبرات هؤلاء اليهود ومنع حدوث أخطاء في العلاقات بين العرب واليهود في فلسطين وفي دفع التقدم الاقتصادي هناك. دور لجنة المساعدات وفي مارس عام1918 انضم إلي اللجنة المركزية المحامي ليئون كاسترو, وهو شخصية فريدة في نوعها ظلت ترافق الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) في مصر لمدة ثلاثين عاما وهو صحفي موهوب وخطيب بارع, وإن كان يعتبر شخصية مثيرة للجدل في الحقل العام اليهودي في مصر ففي جلسة حضرها للجنة المركزية عرض خطة لإعادة تنظيم عمل هذه اللجنة فقد اقترح تقسيم عمل اللجنة إلي لجان فرعية بما فيها لجنة شئون فلسطين التي كان عليها حسب رأيه تولي موضوعات كانت تتولاها حتي الآن اللجنة الخاصة لمساعدة يهود فلسطين والتي كانت تسمي اختصارا لجنة المساعدات وكانت هذه اللجنة التي شكلها جاك موتساري وكان يديرها, بناء علي طلب رئيس الادارة الصهيونية العامة وايزمان كانت تعمل بشكل مستقل وخارج عن إطار اللجنة المركزية للهستدروت الصهيوني في مصر وكان كاسترو يقول إن موضوع مساعدة يهود فلسطين هو جزء لا يتجزأ من العمل الصهيوني في مصر, وبالتالي ينبغي أن يكون في إطار صلاحية اللجنة المركزية وقد أدت الخلافات التي نشبت حول هذا الموضوع إلي استقالة جاك موتساري من رئاسة اللجنة المركزية بالهستدروت الصهيوني وبعد ذلك بأسبوعين, وأثناء توقف حاييم وايزمان رئيس الإدارة والحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) في مصر ومعه لجنة النواب التي يرأسها اجتمع مع اللجنة المركزية بالهستدروت وهو في طريقه إلي فلسطين لمتابعة سير عمل اللجنة المركزية وفي هذا الاجتماع طالب أعضاء اللجنة بنقل مهام لجنة المساعدات اليهم وقالوا إنه من الواجب اعتبار اللجنة هي الهيئة المخولة, والمفوضة في مصر بالعمل في ميدان المساعدة في إصلاح وإعمار أرض فلسطين ورفض وايزمان طلب اعضاء اللجنة, موضحا ان اللجنة انشئت قبل قيام اللجنة المركزية وأن اعضاء لجنة المساعدات قامت بجمع ما يقرب من مائة الف جنيه استرليني ثم سألهم وماذا فعلتم في الثمانية أشهر التي شكلت فيها لجنتكم حتي تطالبون الآن بصلاحيات؟ ثم واصل هجومه موضحا موقفه من الجالية اليهودية في مصر ومن الحركة الصهيونية في مصر: لقد قلتم إن علي مصر أن تلعب دورا مركزيا في مساعدة يهود أرض إسرائيل( فلسطين) بسبب وضعكم الاقتصادي والسياسي لكن اسمحوا لي بأن أقول إن ليهود مصر طموحات أكثر من اللازم إنه ليست لمصر حقوق أكثر من أي اتحاد فيدرالي صهيوني صغير في أوروبا وحسب الجغرافيا فإن مصر قريبة من أرض اسرائيل( فلسطين), لكن حسب الجغرافيا الصهيونية فإن امريكا تعد اكثر قربا من صهيون( يقصد فلسطين) ومن الناحية الاخلاقية فإن مصر بعيدة عن ان تكون جارة لأرض اسرائيل( فلسطين) إنكم علي بضع ساعات من ارض اسرائيل ومع ذلك فإن أحدا منكم لم يقم بزيارتها إن هناك يهودا في الولاياتالمتحدة أمضوا سنوات عديدة في صهيون وعملوا من أجلها.. فماذا فعلتم أنتم؟ وكم جمعتم من أموال من أجل الصناديق القومية؟ وكم من الشكيلات بعتم في مصر؟ إنكم حتي الآن لم تفعلوا شيئا مهما يبرر منحكم امتيازات أو معاملتكم معاملة خاصة. ورد كاسترو الذي اغتم من هجوم وايزمان هذا عليه بقوله: إنه لا يقدر تقديرا صحيحا القوي بمصر وأوضح ان المشكلات التي سوف تنشب فيما بعد في أرض إسرائيل( فلسطين) نشبت من قبل في مصر وأن ليهود مصر الخبرة في التعامل معها لأنهم يعرفون جيدا العقلية الشرقية وإنه من المؤسف ان ترفض الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) هذا الإسهام المهم الذي يمكن ان تتلقاه من يهود مصر ورد عليه وايزمان بأن هذه الأقاويل لا تبرر معاملة صهاينة مصر معاملة خاصة ولم يستطع كاسترو أن يجيب وانتهي النقاش عند هذا الحد وقد أدي ذلك إلي استقالة جاك موتساري ورفيقه أهارون الكساندر من رئاسة لجنة المساعدات ومن رئاسة اللجنة المركزية للهستدروت الصهيوني وفي للهستدروت الصهيوني بالقاهرة حصن دائم تم فيه تجميع كل المكاتب التي تمارس النشاط الصهيوني في مصر, ومن بينها مكتب الصندوق القومي التأسيسي الصهيوني في مصر ومكتب حركة الشباب مكابي ومكتب حركة الكشافة التابعة لحركة مكابي. ومكتب الاتحاد العالمي للشبان العبريين( ه.ع.ص.ع) الصهاينة وسرعان ماتحول هذا البيت, وهو عبارة عن مبني من ثمانية طوابق كان يملكه يوسف شيكوريل إلي يهودي وصهيوني بالقاهرة. ونتيجة لهذه الخلافات المستمرة سواء بين أعضاء اللجان أو بين اللجنة التنفيذية للهستدروت الصهيوني واللجنة السياسية في مصر التابعة للإدارة الصهيونية في القدس, ولجنة الصندوق القومي التأسيسي الصهيوني, والتي كانت موكلة بجمع التبرعات من صهاينة مصر, وهي خلافات زرعتها الحركة العالمية اليهودية لاحتلال فلسطين لاستبدال قادة الجالية اليهودية في مصر السفارد واستبدال آخرين إشكنازبهم فقد تقرر في اجتماع لجنة الهستدروت في فبراير عام1927 إنشاء لجنة تنفيذية مؤقتة والبدء في إنشاء جمعيات صهيونية جديدة( من الشبان الإشكناز) تكون بمثابة نواة للقوي الصهيونية الشابةالجديدة لكي ينتخب منها أعضاء جدد للجان الدائمة المستقبلية للهستدروت الصهيوني وبالفعل تم تشكيل ثلاث لجان من الشبان الصهاينة أثناء عام1927, إلا أن هذه الجمعيات فشلت أيضا في تغيير وجه الهستدروت الصهيوني بمصر كما تقول الباحثة أي في استبدال أعضاء السفارد بآخرين من الإشكناز. كما فشلت أيضا محاولات أخري منها محاولة رئيس لجنة الصندوق القومي التأسيسي التابعة للهستدروت الصهيوني في مصر انتفاضة في فلسطين وقد ظل الوضع علي هذا النحو حتي تفجرت أول انتفاضة فلسطينية في فلسطين في أغسطس عام1929, حيث ترك الجميع خلافاتهم جانبا وبدأت النشاط الصهيوني في مصر ينتقل من مرحلة العلن إلي المرحلة السرية وأخذت التعليمات تفد إلي أعضاء اللجان والجمعيات الصهيونية في مصر بإدارة دعاية هادئة وبالتزام الحذر لعدم جذب اهتمام السلطات ولما انقطعت أجهزة الاتصال وخطوط التليفونات والتلغراف بين مؤسسات الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) في لندن وغيرها من الدول الأوروبية وبين مؤسساتها في فلسطين كانت الاتصالات بينها تجري عبر الحركيين الصهاينة الذين كانوا قد يقيمون في فلسطين وأوفدوا إلي مصر للإقامة فيها لمتابعة ولإدارة النشاط الصهيوني بها حيث كانوا ينقلون أخبار الانتفاضة الي رئيس الحركة حاييم وايزمان في مقر إقامته في لندن أولا بأول. وفي القاهرة شكل اليهود لجنة خاصة تضم ممثلي طوائف اليهودية الثلاث في مصر لجمع التبرعات للمصابين الصهاينة في هذه الأحداث وإلي جانب هذا النشاط فقد بدأ الخوف يسري من تأثيرات هذه الأحداث المحتملة علي الجالية اليهودية في مصر فقد أخذت اللجنة السورية الفلسطينية كما تقول الباحثة الصهيونية تغرق الصحف المصرية والعربية التي تصدر في مصر بالمقالات المحرضة ضد الصهيونية بهدف التأثير علي الرأي العام المصري, الذي كان يتجاهل الموضوع حتي ذلك الوقت كما أن أحمد زكي باشا, الذي كان عضوا حتي بداية العشرينيات في اللجنة السياسية التي كان يرأسها باروخ مسعودة وجاك هو فلار غير جلده وأصبح واحدا من أشد المهاجمين ضراوة وقد حملت هذه الهجمات طابعا معاديا لليهود وقد أزعج النشاط الذي كان يقوم به ذكي باشا يهود القاهرة الذين أدركوا أن هذا النشاط يمثل تغيرا في مواقف جزء من الطبقة المثقفة المصرية تجاه الصهاينة واليهود ومكانهم بالشرق الأوسط إن كون مصر مركزا لنشاط اللجنة السورية الفلسطينية ومركزا لنشاط الصحف العربية السورية التي كانت توزع في فلسطين وسوريا قد أقلق قادة الجالية اليهودية الذين كانوا يخشون من أن تبدأ الصحف المصرية حملة دعائية وكراهية ضد الجالية اليهودية في مصر وعلي الفور شكلت لجنة برئاسة يوسف أصلان قطاوي من ممثلي كل الطوائف اليهودية ومن منظمة بني بريت الصهيونية ومن الهستدروت الصهيوني ومن رئيس اللجنة التنفيدية بالهستدروت برئاسة لينون كاسترو بوقف هذا التغيير, وهذا التحول وقد لجأت هذه اللجنة الي الحكومة المصرية وتعهدت بالحد من النشاط الصهيوني في مقابل تدخلها للحد من الحملات الدعائية الصحفية المعادية لليهود والمعادية للصهيونية التي تشن في مصر, وبهذا نجحت اللجنة في دفع الحكومة المصرية للتدخل لمنع صدور ترجمة بروتوكولات حكماء صهيون للغة العربية كانت مجلة أسبوعية قد اعتزمت نشرها. ومع هذا النشاط, ووفقا لتعهد اللجنةللحكومة المصرية ضغط قادة الجالية علي الهستدروت الصهيوني وعلي النقابات الصهيونية الأخري في مصر لتجميد نشاطها, وقد استجابت هذه النقابات للضغط وكتب مفوض الصندوق القومي التأسيسي الصهيوني بالقاهرة ليئون بسان عدة مرات للمكتب الرئيسي للصندوق بالقدس طالبا منه الامتناع في هذا العام عن القيام بحملة الجباية السنوية المعتادة في مصر بسبب التحريض بالصحف المصرية وأوضح المفوض أن وجود أي شخصية صهيونية رسمية في مصر أي مبعوث حملة الجباية سوف يكون امرا غير مرغوب فيه في مصر, كما أوضح أن هذا الرأي ليس رأيه فقط وإنما ايضا رأي كل القادة الصهاينة في القاهرةوالإسكندرية أيضا وبالرغم من ذلك فقد تجاهل المسئولون الصهاينة بالقدس هذا الطلب, التوصية وأوفد الصندوق مفوضه, إلا إنه وجد صعوبات كثيرة في ممارسة عمله فقد بعث تقريرا من القاهرة قال فيه إنه وجد عداء مطلقا للأهداف الصهيونية وأن المصريين واليهود والصهاينة ينظرون اليه كما لو كانوا ينظرون إلي شئ يهدد الاستقرار والأمن العام وأن رئيس الهستدروت الصهيوني في القاهرة فليكس جارين لا يفعل شيئا في كل ما يتعلق بالعمل الصهيوني. جمود مؤقت ورغم ان الباحثة الصهيونية تقول إن الانتفاضة الفلسطينية في عام1929 ومخاوف قادة الجالية بسبب حملات التحريض التي تقوم بها الصحف المصرية والعربية قد أدخل النشاط الصهيوني ومؤسساته في مصر في غيبوبة عميقة وأن ثلاثينيات القرن العشرين شهدت جمودا تاما بالمؤسسات والتنظيمات الصهيونية فقد ظلت حملات جمع التبرعات مستمرة كل عام ولم تتوقف وإن كانت قد اعترضتها بعض الأعراض والصعاب من جانب القادة الصهاينة من بين الجالية اليهودية في مصر كما أصدر رئيس الهستدروت الجديد بالقاهرة( مايو عام1933) مجلة شهرية جديدة باللغة العبرية اسماها كاديما كما ظلت الصحيفتان الصهيونيتانisrael والرأي( وجهة نظر الصهيونية) وكذلك صحيفة الحرية(Laliberte) التي أصدرها رئيس الهستدروت الصهيوني السابق ليئون كاسترو وكذلك صحيفةLaAurore التي كان يصدرها نائب رئيس الهستدروت لوسيان شيوتو, تصدر بالقاهرة وكذلك الصحف التي كانت تصدرها المؤسسات الصهيونية بفلسطين كصحيفة الهستدروت الصهيونية الأم( العالم) لم يتوقف مجيئها وتوزيعها في مصر وفي نفس الوقت كانت المؤسسات واللجان والمكاتب والجمعيات الصهيونية لم يتوقف عملها ف مصر, وإن كان بوتيرة أقل وبمزيد من الحذر والسرية, كما لم يتوقف وصول المبعوثين الرسميين والشخصيات الصهيونية العالمية إلي مصر لمتابعة النشاط الصهيوني بها ايضا لم تتوقف الخلافات الأيديولوجية وصراعات القوي الشخصية سواء بين أعضاء الجالية اليهودية أو بين هؤلاء الأعضاء وبين قادة ورؤساء المؤسسات الصهيونية أيضا لم يتوقف تشكيل جمعيات ولجان صهيونية جديدة في مصر في فترة الثلاثينيات لخدمة أهداف الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) من مصر فعلي سبيل المثال فقد أنشأ أحد الأثرياء الصهاينة من الجالية اليهودية في الاسكندرية, ويدعي أفراهام جمعية جديدة أطلق عليها اسم( رابطة مساعدة ضحايا معاداة اليهود) واشترط لتأسيسها ان تخصص كل التبرعات التي ستقوم بجمعها لاستيعاب المهاجرين اليهود من المانيا إلي فلسطين والا تستخدم في أي غرض آخر, وحتي في مساعدة اليهود المهاجرين إلي فلسطين من دول أوروبية أخري وقبل تحويل أول أموال التبرعات وقدرها13 الف جنيه استرليني من جالية الإسكندرية اشترطوا علي الصندوق القومي التأسيسي الصهيوني بالقدس استثمار هذه الأموال في إقامة مستعمرة في وادي الخفر بفلسطين للاجئين اليهود من المانيا وبالفعل وافق الصندوق التأسيسي الصهيوني علي كل هذه المطالب ولكن النشاط الصهيوني في مصر لم يضعف, ولم يدخل في غيبوبة عميقة كما تزعم الباحثة, بل علي العكس ازداد, فقد أخذ معظم اليهود الذين لم يكونوا من الصهاينة في ذلك الوقت يدخلون في دين الصهيونية افواجا, بل ويجندون أنفسهم للقيام بأنشطة صهيونية مستقلة( أي غير رسمية) بعيدا عن نشاط المؤسسات الصهيونية العاملة في ذلك الوقت, وذلك إزاء ما حدث لليهود في أوروبا كما ذكرت الباحثة نفسها, وعلي نحو ما حدث في الإسكندرية من إنشاء جمعية جديدة وجمع التبرعات. الاجتماع العام للهستدروت الذي عقد في يونيو عام1918 وحضره خمسون نائبا يمثلون مختلف الجمعيات الصهيونية في مصر انتخب لجنة جديدة لنقاية الصهاينة في مصر هستدروت صهاينة مصر وانتخب يوسف شيكوريل رئيسا للجنة الجديدة التي ضمت ممثلين من القاهرةوالإسكندريةوالمنصورة وبورسعيد إلا إن هذه اللجنة استقالت في نهاية عام1919 بعد سفر رئيسها شيكوريل الذي كان مشغولا بنشاطه التجاري وقرر السفر الي لندن لمدة عام بعد أن نشب حريق كبير في محله الكبير شيكوريل الذي يقع بشارع الملك فؤاد وانتخب في يناير عام1920 لجنة تنفيذيةCimitedaction مؤقتة برئاسة شيكوريل غير الموجود بمصر وكان يديرها بالفعل نائبه ليئون كاسترو الذي كان يعمل في ذلك الوقت أيضا رئيسا لتحرير مجلة وجهة النظر الصهيونية التي كان يصدرها في القاهرة. وفي بداية أبريل عام1920 بدأت تصدر صحيفةIsrael بمبادرة تمويل رئيس الجالية اليهودية في مصر موشي قطاوي باشا لتكون بمثابة الناطق الرسمي والمفوض لجالية القاهرة وكان يرأس تحريرها البار موتساري أحد أعضاء اللجنة التنفيذية الصهيونية المؤقتة وكانت تصدر باللغة الفرنسية ومعها نسخة باللغة العبرية. وعلي الرغم من أن الهدف من إصدارها هو أن تكون وسيلة حوار بين يهود مصر فيما بينهم وبين أنفسهم وبين هؤلاء اليهود في الشتات وبين المؤيدين للمشروع الصهيوني( لاحتلال فلسطين) ومن بيئتهم غير اليهودية, كماأعلن رئيس الجالية, إلا أن الدعوة للعمل الصهيوني وترويج الأفكار الصهيونية بين يهود مصر كان شغلها الشاغل وهمها الأول وبالتالي لم تكن الصحيفة منافسة لصحيفة الأي أو وجهة النظر الصهيونية كما كان متصورا, وكما اعتبرها البعض وإنما كانت أداة أخري للدعاية الصهيونية. أسبوع الإنقاذ وبالفعل, كما توضح الباحثة فقد نجحت الصحيفة جنبا إلي جنب مع الصحيفة الصهيونية الأخري وجهة النظر الصهيونية في دفع أعضاء الجالية اليهودية إلي تأييد المشروع الصهيوني والعمل له وقد تمثل ذلك في قيام قادة الجالية في القاهرةوالإسكندرية بتسليم خطاب شكر للمندوب السامي البريطاني في مصر للحكومة البريطانية علي قرارها بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين كما نجحت اللجنة التنفيذية للهستدروت الصهيوني في مصر في جمع7 آلاف جنيه أسترليني من أعضاء الجالية اليهودية فيها لصندوق الإنقاذ في أسبوع الإنقاذ الذي حددته الإدارة الصهيونية العالمية في أبريل عام1920 تضامنا مع يهود فلسطين وكان في ذلك دليل علي أن غالبية الجالية اليهودية في مصر قد تحولت إلي الصهيونية أي إلي تأييد مخطط الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين. وتذكر الباحثة أنه كان هناك تأييد وإجماع من جانب قادة وأعضاء الجالية اليهودية في مصر للمشروع الصهيوني لاحتلال فلسطين ولكن كانت هناك خلافات بين قادة هذه الجالية حول الأساليب والتكتيك وقد لوحظ ذلك جليا علي سبيل المثال في المؤتمر السنوي للسهتدروت الصهيوني العالمي الذي عقد في لندن في يوليو عام1920 والذي حضره300 ممثل للحركة من أربعين دولة ومثل فيه صهاينة مصر رئيس اللجنة التنفيذية للهستدروت في مصر ليئون كاستروورئيس تحرير صحيفة وجهة النظر الصهيونية لسان حال الجالية في مصر والبارون الصهيوني فليكس دي منشا فقد دعا كاسترو في هذا المؤتمر قادة الإدارة الصهيونية العالمية إلي نبذ الأساليب الخيرية والتبرعاتية وجمع الاستثمارات لإعطاء الفرصة لأصحاب رءوس الأموال بالعالم إلي استثمار أموالهم في فلسطين في مصانع ومشروعات تدر أرباحا وعندما سيكون هناك رخاء اقتصادي في فلسطين فإنه سيكون من الممكن استمالة قلوب المتبرعين والخيرين اليهود والصهاينة في جميع أنحاء العالم. إلا أن أسلوب حديثنا في هذه الفترة ينبغي أن يكون مختلفا إن هدفنا هو تحويل فلسطين إلي دولة يهودية وإقامة المشروعات اليهودية هناك مما من شأنه أن يجذب اليهود الي هناك أما بقية الأمور فلا تعنينا ولما رفض المؤتمر أفكاره, ولم يحل شكواه أمام المؤتمر بتغيير نظرة الإدارة والحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين ليهود مصر بدلا مما وصفة بالاستهزاء بهم شن حملة انتقادية عنيفة علي قادة الحركة بصحيفة وجهة نظر وصف فيها قادة الحركة ب- المتسولين خطورة وعد بلفور وتقول الباحثة الصهيونية إن وعد بلفور الصادر في عام1917 وكذلك قرارت مؤتمر سان ريمو في أبريل عام1920 ومنها قرار تضمن وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين قد ضاعف من نشاط الجالية اليهودية الصهيونية في مصر عشرات الأضعاف وزاد حماسهم وتأييدهم للحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) ومع ذلك فإنها تري أن هذا الحماس كان مؤقتا, وأنه كان شكليا في ذلك الوقت وأن السبب في ذلك يرجع إلي الخلافات العنيفة والصراعات التي كانت دائرة بين قادة الجالية ولم تجد جهود بعض أعضاء هذه الجالية وكذلك الدعوات الخارجية لتوحيد القوي والصفوف بالجالية, وإن ظل النشاط الصهيوني مستمرا في الازدياد ففي الإسكندرية كانت جمعية فتيان صهيون( الشبان الصهاينة) هي الجمعية الوحيدة بها لعدة سنوات وكانت تمثل بالفعل الهستدروت الصهيوني العالمي في الاسكندرية وفي عام1920 اقيمت جمعية أخري نسائية أطلق عليها اسمUnionFemininesionist كانت مهمتها تنظيم الحفلات لجمع التبرعات للصناديق القومية الصهيونية في فلسطين وفي العالم أما أبرز نشاط في الإسكندرية فقد كان يقوم به تنظيم صهيوني آخر يسمي ب مكتب المبلغين الذي أنشأته جمعية فتيان صهيون بالمدينة في عام1919 وكان هذا المكتب يعتبر بمثابة مكتب ساحلي تابع للمؤسسات الصهيونية في فلسطين( اليشوف) وكانت مهمته نقل المهاجرين الصهاينة الذين يفدون إلي الإسكندرية من الدول الأوربية وهم في طريقهم إلي فلسطين حيث كان هذا المكتب يقوم علي رعايتهم وتوفير المأكل والمسكن والرعاية الطبية وحجز تذاكر السفر إلي فلسطين وتحويل الأموال واستخراج تأشيرات الدخول إلي فلسطين, وكان هذا المكتب كما تقول الباحثة الصهيونية معترفا به من جانب السلطات البريطانية والمصرية وانه قام منذ إنشائه وحتي عام1927 بنقل12 الف يهودي إلي فلسطين. إطلاق فلسطينللتمويه وكانت ميزانية هذا المكتب تقوم بجمعها لجنة من أجل فلسطين وقد سميت من اجل فلسطين ولم تسم من أجل أرض إسرائيل للتضليل والتمويه التي أنشئت في مصر في عام1918 لجمع التبرعات من أجل مساعدة أرض إسرائيل من أعضاء الجالية اليهودية في مصر وكان يرأس هذه اللجنة الصهيونية البارون فليكس دي منشا ويوسف دي بيشوتو, وكان اعضاؤها من قادة مجلس الجالية ورغم أن هذه اللجنة موالية لفلسطين إلا أنها كانت صهيونية محضة. وبعد مغادرة رئيس اللجنة التنفيذية للهستدروت الصهيوني في مصر نهائيا وإقامته بصفة دائمة في فرنسا يوسف شيكوريل انتخبت لجنة جديدة في مايو عام1923, وكما تقول الباحثة أخذ العمل الصهيوني في القاهرة في الضعف وعين البارون موتساري رئيسا مؤقتا للجنة, نظرا لعدم وجود شخصية محترمة( إشكنازية بالطبع) توافق علي خلافة شيكوريل ومرة أخري تنشب الخلافات والنزاعات الشخصية بين أعضاء هذه اللجنة الجديدة, لكنها في هذه المرة كانت خلافات حول اللجنة السياسية التي أنشأتها الإدارة الصهيونية في فلسطين في مصر لممارسة النشاط السياسي والدعائي السري في مصر بدءا من عام1920. وكان الكولونيل فردريك كيش قد عين في عام1923 رئيسا للقسم السياسي للإدارة الصهيونية في القدس وقد ركز كيش علي النشاط السياسي والدعائي في مصر ففي اعقاب قرارات مؤتمر سان ريمو في عام1920 ازدادت الحاجة إلي تعزيز العمل الدعائي خارج فلسطين وإلي تهدئة العرب وكانت مصر كما تقول الباحثة الصهيونية بمثابة مفترق طرق إعلامي وثقافي ومركز مهم للصحف التي كانت تصدر بدول الشرق الأسط والتي تقرأ في فلسطين أيضا وكان كيش, رئيس الدائرة السياسية( بالإدارة) الصهيونية بالقدس يؤمن بأنه بالإمكان التأثير علي مشاعر العرب في فلسطين عن طريق الصحف العربية التي تصدر في مصر. وقد طلب كيش من شيكوريل قبل مغادرته مصر نهائيا تشكيل لجنة سياسية جديدة تكون مستقلة, وعلي اتصال مباشر به وبالفعل عين شيكوريل للجنة جاك هوفلر والبارون موتساري والمحامي باروخ مسعودة, وكان هؤلاء في نفس الوقت أعضاء في اللجنة التنفيذية للهستدروت الصهيوني في مصر, وفي مجلس الجالية اليهودية, إلا أن هذه اللجنة تحولت إلي ساحة قتال كما تقول الباحثة كان الكل يحارب بعضهم البعض فيها وقد استخدمت في هذه الحرب الصحيفتان الصهيونيتان وجهة نظر الصهيونية( إسرائيل) وقد أدي ذلك إلي استقالة رؤساء اللجنة وكذلك اعضاؤها الواحد تلو الآخر وفي الاجتماع العام للهستدروت الصهيوني في مصر في مايو1924 استقال باقي الأعضاء وتقرر تشكيل لجنة جديدة. وايزمان في القاهرة وتذكر الباحثة انه إزاء فشل أعضاء اللجنة في دعوة زئيف جابوتنسكي لزيارة مصر وإلقاء خطاب أمام يهودها لرأب الصدع وحل الخلافات, وكان ذلك في ديسمبر عام1920 قررت الحركة اليهودية العالمية لاحتلال فلسطين( الحركة الصهيونية) إيفاد وايزمان إلي القاهرة في خريف عام1924 لإنقاذ النشاط الصهيوني في مصر من الانهيار وعلق الجميع الآمال علي هذه الزيارة وتقرر تشكيل لجنة سياسية مؤقتة استعدادا لزيارة وايزمان, وكان معظم أعضائها من اليهود السفارد السفارديم وبرغم كل الصعوبات التي واجهت تشكيل اللجنة المؤقتة فقد نجح أحد اعضائها وهو مارك أوفنهايم في بداية عام1925 في اقامة بيت الشعب ولأول مرة يصبح.