تحول محيط محكمة جنايات المنيا الى ساحة للصريخ والعويل ، من قبل اهالي المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام في أحداث العنف التي شهدتها محافظة المنيا عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة في اغسطس الماضي ، وصل الى حد عدم الاكتفاء هذه المرة بالدعاء على القاضي، ولكنه امتد للمطالبة بإعدامه، فيما سقطت بعض الأمهات مغشيا عليهن فور سماعهن النبأ. لم تكن زينب محمد وغيرها من ذوى المحكوم عليهم بالمؤبد والإعدام وإحالة الأوراق للمفتي، يتخيلون أنهم سيعودون لمنازلهم وهم يحملون إعلان إنهاء حياة أحبتهم. قالت زينب محمد وهي تصرخ إنها لن ترضى "بأقل من إعدام القاضي"، الذي وصفته بأنه "مسيس". زينب التي لم تستطع أن تتمالك دموعها، أضافت: "أخي صلاح حكموا عليه بإحالة أوراقه المفتي الجلسة الماضية وأخذوه ظلما، واليوم لا أعرف ما إذا كان ممن حكم عليهم القاضي بالمؤبد أو الإعدام، لكن لن يشفى غليلنا سوى إعدام هذا القاضي". نجلاء رمضان، فتاة نحيلة كانت تحمل صغارها، قاطعت زينب قائلة "الإعدام مايكفناش فيه، نريده يدخل القفص ولا يقبلوا منه شهادة ولا محامي ولا يعبروه بدليل إدانة، مثلما فعل مع زوجي حسن، بعدها يقف أهله مثلنا ولا يعرفون الحكم ويكون قد حكموا عليه بالإعدام". الأوصاف التي رسمها الأهالي للقاضي لم تخرج عن "المسيس" و"الظالم"، وهو ما تضمنته دعواتهم عليه بين "حسبي الله ونعم الوكيل"، و"بكرة تتعدم". رشا حنفي، زوجة أحد المحكوم عليهم بالمؤبد، قالت في حديثها لوكالة الأناضول وهي في حالة انهيار مصحوب بسخرية من الحكم الصادر ضد زوجها "مؤبد وغرامة.. ندفع الغرامة ليه، هدية على افتراءهم ونيابة عن حكمهم الظالم، لو دعيت على القاضي أدعى عليه بإيه، حسابه عند الخالق". المطالبة بإعدام القاضي جاءت لافتة في صراخ وبكاء الأهالي عقب صدور الحكم بعدما كانت أحاديثهم منذ الصباح، تدور حول مطالبة القاضي بالتراجع عن أحكامه التي لم يتوقعها الأهالي. ومرارا أعلنت السلطات المصرية أن أحكام القضاء مستقلة و"غير مسيسة"، ولا يجوز التعليق عليها. وقالت "أم مصطفى" والدة احد المتهمين التي اتخذت مكانها على أحد الأرصفة وهي تحدث نفسها بكلمات متقطعة عقب سماع الحكم على ولدها بالمؤبد "ابني مابيصليش، وليس إخوان مسلمين .. ابني ذهب يبحث عن يومية عمل ب10 جنيهات لكنهم أخذوه ظلما وافتراء، واتهموه في قضية مخدرات سألت عليه قالوا لي ابنك أخذوه في قضية ثانية وتهمته الشغب والبلطجة". والدة مصطفى زكي، التي تجاوزت الستين تقول "ابني ما بيصليش لماذا أخذوه، هل جزاؤه أنه حاول البحث عن لقمة عيشه وعيشنا" . وعلى مسافة ليست ببعيدة قالت سيدة أخرى والدة شخصين محكوم عليهما بالمؤبد يدعيان رضا وعبد الهادي محمود لمراسلة الأناضول "الضباط ظالمين، ويأخذوا عاطل مع باطل وأصبح اللي يصلي فرض ربنا إخوان، طب عيالي ليسوا إخوان ولا يعرفوا جامع ربنا شكله إيه .. عيالي عندهم عربة كارو يبحثون عن الرزق بها". وبدت عدد من زوجات المحكوم عليهم بالمؤبد اليوم، ربما أسوأ حالا من الأمهات، فلم يكن بأيدهن حيلة أخرى سوى نفي ما اعتبروه التهمة الحقيقية في القبض على ذويهم، وهي الصلاة أو الالتزام الديني، الذي قد يشير إلى إمكانية انتمائهم لجماعة دينية كجماعة الإخوان المسلمين. زوجة أحد المحكوم عليهم بالمؤبد اليوم ضمن 491 شخصا، ويدعى وائل سعيد، قالت لمراسلة الأناضول "زوجي ليس من الإخوان، ونحن أناس في حالنا لا علاقة لنا بالسياسة أو الإخوان، وليس لنا علاقة بشيء"، متسائلة "هل أصبحت صلاة الشخص تهمة حتى يأخذوا زوجي". الزوجة التي نفت انتماء زوجها لجماعة الإخوان قالت إن زوجها يوم الأحداث كان في المستشفى بجوار والده، لكن المحكمة لم تسمع شهودا ولم تطلع على أوراق تثبت برائته. بنفس ذات المحاولة قالت زوجة أحد المحكوم عليهم بالمؤبد ويدعى عمار الدين مأمون "زوجي ليس من الإخوان، صحيح الانضمام للإخوان ليس عيبا، لكن نحن لسنا إخوان، ليظهروا لنا أدلتهم ويعطونا فرصة ننفيها". ووسط دموع حاولت أن تخفيها، تابعت الزوجة أقول للقاضي ضع نفسك مكاننا، لو حكموا عليك بالإعدام وأخذوك من بين أولادك وتهمتك الوحيدة الصلاة فاشتبهوا فيك، فماذا كنت تفعل. ووجدت هذه الأحكام الصادرة تجاه المتهمين، اعتراضات محلية ودولية منددة بها في وقت تتحدث السلطات المصرية عن استقلال القضاء ورفضها التدخل في شؤونها القضائية. وكانت محكمة جنايات المنيا قضت اليوم الاثنين، برئاسة القاضي سعيد يوسف سعد صبره، وعضوية القاضيين إبراهيم وليد وطلعت جودة، بإحالة أوراق المتهمين (683) إلى المفتي، بعد اتهامهم، باقتحام مركز العدوة وتعريض السلم العام للخطر، وحددت جلسة 21 يونيو المقبل، للنطق بالحكم علي المتهمين. كما قضت ذات المحكمة بإعدام 37 من أنصار مرسي، في قضية أخرى، كان قد صدر بحقهم في مارس الماضي، قرار بإحالة أوراقهم إلي المفتي، فيما قضي بالسجن المؤبد (25 عاما) ل491 آخرين كانت قد أحيلت أوراقهم سابقا للمفتي، بعد اتهامهم ب"الهجوم على أقسام شرطة في مدينتي سمالوط، ومطاي بمحافظة المنيا". وبحسب مصادر قضائية فإن الحكم في قضيتي اليوم أولي قابل للطعن ويحال عقب صدوره إلى محكمة النقض لإعادة النظر فيه.