العبث بالذاكرة؟ أنور صالح الخطيب نسينا نحن الطفل الشهيد محمد الدرة الذي طافت صور استشهاده أربعة أرجاء الأرض مدللة علي عنصرية ودموية الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل الأطفال في أحضان آبائهم نسيناه نحن بحكم ما مر ويمر بالأمة من الأهوال لكن الكيان الإسرائيلي العنصري الذي كشفه قتل الدرة علي حقيقته لم ينس قصة الدرة فها هو بعد أكثر من سبع سنوات يعيد نبشها لا ليقدم اعتذارا للشعب الفلسطيني ولوالد الطفل الشهيد عن دمويته وعنصريته بل ليتهم الفلسطينيين بأنهم المسؤولون عن قتل الطفل محمد الدرة وان مصور القناة الثانية الفرنسية طلال أبو رحمة قد لفق الفيلم أو علي الأقل تلاعب به. حكومة الاحتلال الإسرائيلي تدرك أهمية صورتها الملفقة في الخارج والتي دفعت الكثير من اجل ترويجها وتعميمها لكسب تعاطف الناس معها" بوصف الاسرائيليين أناسا مسالمين ديمقراطيين يعيشون وسط أناس بدائيين يريدون أن يسلبوهم الأرض وهم يهاجمون ابناءهم وبناتهم ويقتلونهم وأن شجاعة الاسرائيليين هي التي تدفعهم للبقاء وسط هؤلاء الناس . هذه الصورة الملفقة التي رسمتها إسرائيل لنفسها في عقول وقلوب الرأي العام العالمي تمزقت مرة واحدة بفعل صور استشهاد محمد الدرة مما دفع بعدد من العنصريين اليهود والمتعاطفين معهم لخوض معركة مضادة فالبسوا الدرة و هو يرتجف في حضن والده العاجز القبعة اليهودية المعروفة، للإيحاء بأن هذا الموت لا يمكن أن يكون إلا من نصيب ضحايا الكارثة والبطولة علي يد النازيين الجدد الفلسطينيين ، وهو ما فشلوا فيه بالفعل. القناة الثانية الفرنسية والمصور الفلسطيني طلال أبورحمة ومنذ أن بث الفيلم يخوضان معركة دفاعا عنه، في وجه المشككين بما اعتبر سبقا صحفيا تحقق آنذاك، وقد تحولت صور الدرة التي صورها أبو رحمة إلي رمز للانتفاضة الفلسطينية حيث صور الطفل محمد الدرة، الذي كان يرتعش ويموت في حضن والده جمال الدرة الذي حاول أن يحميه من الرصاص الإسرائيلي لكن دون جدوي. حكومة الاحتلال الإسرائيلي لن تنجح في العبث بذاكرتنا للتنصل من جريمة اغتيال الدرة بدم بارد، صحيح أننا معظمنا قد نسي الدرة أو كاد لكن الدرة سيبقي حيا في ذاكرة التاريخ وفي ذاكرة الشعب الفلسطيني وفي ذاكرة العالم كدليل لا ينمحي علي دموية وعنصرية دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تقتل الأطفال. العالم كله رأي قتل الطفل محمد الدرة علي شاشات التلفزة لكنه بالتأكيد لم ير مشاهد قتل 800 طفل فلسطيني وجرح نحو خمسة عشر ألف آخرين علي يد قوات الاحتلال خلال سنوات الانتفاضة الثانية؟ عن صحيفة الراية القطرية 4/10/2007