شروط القبول بمدارس التمريض 2024 في الفيوم    الجيل: الإفراج عن المحبوسين في قضايا تمس الوضع الفلسطيني يوحد الصف المصري    تباينت أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 2 يونيو    توقع اتفاقية شراكة مع «بيتابس مصر» و«بنك مصر»    «محددات الموقف المصرى»    تشكيل الاتحاد السكندري لمواجهة أبو قير للأسمدة في كأس مصر    إصابة 6 من عمال المحاجر و4 آخرين في انقلاب سيارة نقل بالمنيا    رئيس الوزراء يستعرض مع مايا مرسي ملفات وأنشطة القومي للمرأة    دار الكتب والوثائق تحتفل باليوم العالمي للأرشيف.. صور    خبراء الإعلام: «القاهرة الإخبارية» خطوة لاستعادة ريادة مصر الإعلامية    "البث الإسرائيلية": توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل عن حكم حماس بغزة    وكيل «صحة البحيرة» يتفقد أعمال القافلة الطبية العلاجية بقرية بلقطر الشرقية    حلويات اليوم.. طريقة تحضير «تشيز كيك» بسهولة    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    أماكن صلاة عيد الأضحى في المحافظات 2024.. الأوقاف تعلن 6 آلاف ساحة    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    سوسن بدر تشكر «المتحدة» بعد تكريمها في احتفالية فيلم أم الدنيا 2    ينطلق السبت المقبل.. قصور الثقافة تعلن عروض المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    تعرف على سبب فشل زيجات نسرين طافش    خبيرة فلك تبشر مواليد هذه الأبراج بانفراجة كبيرة    دعاء ذبح الأضحية كما ورد في السنة..« إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله»    تكبيرات عيد الأضحى مكتوبة.. «الإفتاء» توضح الصيغة الشرعية الصحيحة    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    أمينة الفتوى: هذه الأعمال تعادل ثواب الحج    وزير الداخلية يستقبل نظيره الكويتي لبحث سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين (صور)    بكلفة 35 مليون جنيه.. استلام المدفن الصحي الآمن في شبرامنت    رئيس الشعبة بالغرف التجارية: مبيعات الأدوية تتجاوز 65 مليار جنيه خلال 5 أشهر من 2024    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    «كوني قدوة».. ندوة تثقيفية عن دور المرأة في المجتمع بالشرقية    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    طرق حديثة وحماية من السوشيال.. أحمد حلمى يتحدث عن طريقة تربية أولاده (فيديو)    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    الأهلي يكرم فريق سيدات اليد    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    التخطيط ردا علي النواب : تكلفة إنشاء الفصل المدرسى 1.2 مليون جنيه.. ونستهدف 30 طالبا داخله في عام 2030    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية.. والطالبات يكتسحن القائمة (أسماء)    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    عمرو السولية يكشف طلب علي معلول في لقاء الجونة وما ينتظره من الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة دينية أم إسلام ديموقراطي؟
نشر في محيط يوم 27 - 09 - 2007


دولة دينية أم إسلام ديموقراطي؟
السيد يسين
أصبحت علاقة الاسلام بالسياسة من بين المشكلات الأساسية التي تعترض طريق الاصلاح السياسي في العالم العربي‏,‏ بل إنها أصبحت مشكلة عالمية بحكم سيادة ظاهرة العولمة بتجلياتها الاتصالية‏,‏ بحيث أصبحت الدعاوي والحركات والاتجاهات الإسلامية عابرة للحدود‏.‏ وإذا أضفنا إلي ذلك وجود ملايين المسلمين في مجتمعات أوروبية متعددة اكتسبوا جنسياتها‏,‏ ويحرصون في غالبيتهم العظمي علي عدم الاندماج في الثقافة الغربية لادركنا اننا بصدد مشكلة عالمية أكثر من كونها محلية أو إقليمية‏.‏
وربما كانت جماعة الاخوان المسلمين التي أنشأها الشيخ حسن البنا في مصر عام‏1928,‏ هي كبري الحركات الاسلامية الحديثة التي استطاعت أن تحول الدعوة إلي حركة جماهيرية منظمة‏,‏ وسرعان ما أصبح للجماعة فروع في بلاد عربية متعددة‏,‏ وإن اتخذت في كل بلد عربي شكلا يتفق مع الخصائص السياسية لكل نظام عربي‏.‏
ويمكن القول ان الجماعة نجحت في بداياتها نجاحا ملحوظا في القيام بهذه المهام‏.‏ غير ان الانحراف الحاد في مسيرتها بدأ مبكرا حقا حين أقامت جهازا سريا مهمته ردع الخصوم السياسيين‏,‏ واغتيال الشخصيات السياسية التي لا ترضي عنها‏.‏ وقام هذا الجهاز الذي قيل فيما بعد أنه انفلت ولم يستطع حتي الشيخ حسن البنا السيطرة عليه بعدد من الاغتيالات السياسية‏.‏ وذلك أدي إلي حل الجماعة بعد أن اصطدمت بشدة مع النظام السياسي الليبرالي قبل ثورة يوليو‏1952,‏ والذي كان يقوم علي الملكية الدستورية وتعدد الأحزاب وذلك في ضوء دستور عام‏1923.‏
هذا الصدام الأول بين الاخوان المسلمين والنظام السياسي الليبرالي المصري سرعان ماتكرر فيما بعد‏.‏ اصطدمت الجماعة بنظام ثورة يوليو‏1952‏ مما أدي إلي اعتقالات واسعة لاعضائها‏,‏ بل إلي اعدام بعض قادتها‏,‏ وفي مقدمتهم سيد قطب في قضية الانقلاب علي نظام الحكم المعروفة‏.‏
وإذا كان الرئيس السادات قد قام بمصالحة تاريخية مع الجماعة من بعد وسمح لقادتها المهاجرين بالعودة إلي مصر‏,‏ وأتاح لهم اصدار صحفهم مرة أخري‏,‏ إلا ان الصدام سرعان ما تم بعد توقيع اتفاقية كامب دافيد‏,‏ وبدأ الصراع من جديد وها نحن في عصر الرئيس مبارك نجد ان الصراع قد اشتد بين الجماعة والنظام مرة أخري‏.‏
ماهي المشكلة التي أدت إلي اصطدام جماعة الاخوان المسلمين مع أربع نظم سياسية مصرية متتابعة ومختلفة اختلافات جوهرية في اتجاهاتها؟ صدام مع نظم ليبرالية واشتراكية وانفتاحية ورأسمالية‏,‏ ألا يدعو ذلك للتساؤل عن طبيعة المشكلة‏,‏ وهل الخطأ يقع علي عاتق جماعة الاخوان المسلمين أم علي عاتق قادة هذه النظم المختلفة جميعا؟
الواقع أن التحليل الدقيق للمشكلة يؤدي بنا إلي اجابة واحدة مبناها ان الاخوان المسلمين حركة إسلامية انقلابية‏,‏ تسعي إلي قلب الدول العربية المعاصرة باعتبارها دولا علمانية أقيمت علي النسق الديموقراطي الغربي المرفوض‏,‏ وإقامة دولة دينية تطبق الشريعة الاسلامية بحذافيرها وبكل تفصيلاتها في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة‏.‏
ولو ألقينا نظرة مقارنة علي سلوك جماعة الاخوان المسلمين في بلاد عربية شتي وعلي الأخص في مصر وسوريا‏,‏ لاكتشفنا ان هذه الجماعة حاولت باصطناع وسائل شتي تكييف نفسها مع النظام السياسي العربي المعاصر بالدخول لتحقيق أهدافها الاستراتيجية من مدخل القبول بالديموقراطية بما تتضمنه من تعددية سياسية‏.‏
وفي هذا المجال حدث اجتهاد يقول ان الشوري هي الديموقراطية‏,‏ وان جماعة الاخوان المسلمين يمكن ان تنشيء حزبا سياسيا تنافس به باقي الأحزاب السياسية للوصول إلي السلطة ديموقراطيا‏.‏
غير ان تأسيس حزب سياسي اسلامي يتضمن اشكاليات متعددة ويحتمل اجتهادات مختلفة‏.‏
غير أنه حدث تحول أساسي في توجهات جماعة الاخوان المسلمين في مصر حين أعلنت أنها بصدد انشاء حزب سياسي ستطرح برنامجه للرأي العام قريبا‏,‏ وأوفت الجماعة بوعدها وطرحت البرنامج المقترح فعلا‏,‏ وأرسلت نسخا منه إلي عدد كبير من المثقفين الذين ينتمون إلي اتجاهات مختلفة بخطاب موقع من مرشد الجماعة‏,‏ طالبا تقديم الملاحظات النقدية علي البرنامج للاستفادة بها في إعادة صياغته‏.‏
وقد أرسل لي البرنامج ودرسته بدقة‏,‏ واكتشفت علي الفور أن الفكرة المحورية فيه هي السعي لاقامة دولة دينية تقوم علي الفتوي بدلا من الدولة المدنية الراهنة التي تقوم علي التشريع في ضوء رقابة الرأي العام‏.‏ وقد أشرنا إلي ذلك بوضوح في مقالنا الماضي التطرف الايديولوجي ومخاطر الدولة الدينية‏.‏
نموذجان للدولة الإسلامية
علي أن النظرة المقارنة لاجتهادات جماعة الاخوان المسلمين في كل من مصر وسوريا تفضي إلي نتيجة بالغة الأهمية‏,‏ وتتمثل هذه النتيجة في ان جماعة الاخوان المسلمين في مصر تتشبث بتأسيس دولة دينية تقوم علي الفتوي‏,‏ لان برنامجها السياسي المطروح يقرر صراحة ضرورة تشكيل لجنة من علماء الدين تنتخب انتخابا مباشرا‏,‏ ولم يقل البرنامج كيف ولا ماهو تعريف علماء الدين‏,‏ يجب ان تعرض عليها قرارات المجالس النيابية لإجازتها‏,‏ وكذلك قرارات رئيس الجمهورية التي تصدر بقانون في غيبة البرلمان‏.‏
ومعني ذلك انشاء جهاز ديني يقوم بالرقابة علي المجالس النيابية المنتخبة انتخابا مباشرا وكذلك علي قرارات رئيس الجمهورية‏.‏
وهو اقتراح يمكن وصفه بأنه مضاد للديموقراطية‏!‏ وذلك لان الديموقراطية المعاصرة في ظل العلمانية التي تعني فصل الدين عن الدولة‏,‏ تقوم أساسا علي دساتير تحدد العلاقة بين الحاكمين والمحكومين‏,‏ ليس علي أسس دينية ولكن علي أسس دستورية أصبحت اليوم قيما مستقرة في كل المجتمعات المتقدمة‏.‏
وإذا كان حزب الوسط أراد بذكاء شديد أن يتجنب مأزق اتهامه بأنه ايضا لا خلاف بينه وبين جماعة الاخوان المسلمين يسعي إلي اقامة دولة دينية وهي فكرة مرفوضة اساسا‏,‏ فسمي المشروع بأنه حزب سياسي بمرجعية اسلامية‏,‏ غير أنه أخفق في تحديد ما يعنيه حقيقة بالمرجعية الاسلامية‏,‏ وكان ينبغي ان يقرر أنه يستوحي توجهاته العامة من القيم الاسلامية ولكن المرجعية مرجعية دستورية‏!‏ لان نص المادة الثانية من الدستور المصري والتي تقتضي بأن مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي للتشريع جعلت في الواقع جميع الأحزاب السياسية المصرية علي اختلاف توجهاتها تخضع لهذه المرجعية‏,‏ إلا اذا ظهر حزب سياسي يرفض المادة الثانية من الدستور ويطالب بإلغائها وينطلق من توجهات أخري‏.‏
خلاصة مانريد التأكيد عليه أنه أخيرا ثبتت الرؤية‏,‏ وتأكدنا مما سبق ان ما استخلصناه من تحليل خطاب الحركات الاسلامية المعاصرة‏,‏ وهو أن هدفها الاسمي هو اقامة دولة دينية علي أنقاض الدولة المدنية الراهنة‏.‏
غير ان جماعة الاخوان المسلمين في سوريا تطرح برنامجا سياسيا مختلفا‏,‏ لان قادتها يقيمون البرنامج علي اساس ديموقراطي كامل وبمرجعية منفتحة كما يقولون‏..‏ وهم لايدعون إلي تأسيس دولة دينية‏,‏ وإنما هذا حقهم يستوحون القيم الاسلامية في السياسات المختلفة التي يقترحونها من أجل التقدم والنهوض‏.‏
هذا المشروع يستحق أن ندرسه بالتفصيل لأنه يقدم رؤية اسلامية متقدمة‏,‏ وقد صدر هذا المشروع بعنوان المشروع السياسي لسوريا المستقبل‏:‏ رؤية جماعة الاخوان المسلمين في سوريا‏.‏
وهذا يدل علي أنه أصبح لدينا اجتهادات في مجال حركة الاخوان المسلمين علي النطاق العربي‏,‏ اجتهاد الدولة الدينية المرفوض واجتهاد الإسلام الديموقراطي الذي يمكن بعد دراسته أن يكون مقبولا من قبل عديد من الأحزاب السياسية العربية‏.‏
فلنحاول في مرة قادمة ان نلقي الأضواء علي هذا المشروع الاسلامي السوري المهم‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
27/9/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.