لا ادري لماذا ينتابني شعور غريب ورهيب حول ما يمكن أن يجري بالقمة العربية المرتقبة بعاصمة الأمويين وأقدم عاصمة في التاريخ ( دمشق) الحبيبة ؟!!، ويختجلني إحساس مبهم بان هذه القمة ستكون حاسمة، وربما ضربة قاضية لكثير من الأمور والمستجدات بالساحة العربية وعلى وجه التحديد بمنطقة الشرق الأوسط ، وستكون حبلى بالعديد من المفاجآت التي قد تكون بمثابة ( القشة) التي قسمت ظهر البعير بالنسبة للجامعة العربية ، هذه الجامعة التي لم تكن في يوم من الأيام اسم على مسمى ، فهي لم تستطيع حتى الآن جمع العرب وتوحيد صفوفهم وكلمتهم وأرائهم إزاء أي موقف أو معضلة أو مشكلة قد واجهتهم أو تواجههم ، رغم كل ما بذلته من جهود مضنية ،
ورغم مرور عقودا من الزمن على إنشائها ، فهي أي الجامعة العربية والحق يقال أصبحت مثلها مثل أي دورة رياضية تقام كل فترة زمنية معينة أو مهرجان فني يتسابق إليه المهرجون طمعا بالمال والأضواء والشهرة مع أن الفارق بالتشبيه كبير جدا بينهما، فعلى الأقل تبقى الدورات الرياضية والمهرجانات الفنية مفيدة أحيانا، وله مردود ايجابي على الشعوب العربية ولو من باب التسلية والمساهمة في نسيان الواقع المر الأليم للأمة العربية ، وبسبب كثيرا من المعطيات يساورني شك اقرب إلى اليقين بان هذه القمة والتي أطلق عليها اسم قمة العمل المشترك ستساهم بفاعلية منقطعة النظير بمزيدا من الشقاق والانشقاق بين الأشقاء ، ربما كان التوقيت والمكان أهم عاملين على إيقاظ شعلة الفتنة بينهم بدورة الجامعة العربية القادمة ، فلا الوقت الحالي يسمح بمثل هكذا قمم ، ولا المكان سيكون مريحا للعديد من المرغمين كرها أو مجاملة على حضورها ،
هذا بالإضافة إلى ما يمكن أن يطرح من مواضيع ساخنة جدا خلال هذه القمة وما تشكله من احراجات لبعض المشاركين بها ، وعلى سبيل المثال لا الحصر أزمة العراق المحتل وما يعانيه هذا البلد العربي المغدور من ويلات ودمار وهلاك بسبب الغزو الأمريكي الصهيوني والتدخل الإيراني السافر ، فما الذي سيقال بهذا الخصوص ، خاصة بحضور ، الرئيس العراقي الهوية ، الكردي الأصل والانتماء والمعين أمريكيا المدعو ( جلال الطلباني) أن حضر القمة أصلا ، بدولة لطالما اتهمها هو ومن معه بحكومة المنطقة الخضراء بتهمة دعم الإرهاب وإثارة الفتن بالعراق المحتل ، ساخطا حاقدا هو وأتباعه على كل ما هو بعثي وقومي عربي ، ناسيا أو متناسيا بان معظم أعضاء حكومته الرشيدة كانوا يوم ما ضيوفا معززين مكرمين على دمشق المضيافة ، تحت راية البعث القومي العروبي الحر ، حينما كانوا هم في صف المعارضة ، ورغم قربهم من بغداد في ذلك الوقت ،
ورغم مقدرة المخابرات العراقية ورجال صدام حسين وفدائيه من النيل والبطش والتنكيل بهم إلا أنهم واحتراما لروابط الأخوة والنهج الفكري السياسي الواحد الذي يجمع البلدين تركوهم يتنعمون ويتلذذون ويتفننون بمعاداتهم للنظام العربي الشرعي بالعراق ، كذلك الأزمة اللبنانية المزمنة المتمثلة في الصرعات الداخلية بين أحزابه السياسية وطوائفه الدينية والمنقسمين فيما بينهم بين مؤيد لسوريا بلد القمة المقبلة وبين من هم ساخطين عليها ومحملينها وزر ما ألت إليه لبنان من فرقة وضياع وتشتت تلوح في افقه بوادر حرب أهلية جديدة لا تبقي ولا تذر ، كذلك التوتر المربك بالعلاقات الدولية بين دول ما يسمى بدول الخليج العربي وتسابقه ركضا على إرضاء أمريكا ونيل ودها ، ولا ننسى الوضع المخزي الذي يعيشه جزء كبير من الشعب الفلسطيني بقطاع غزة المحاصر ، وما تعرض له بالآونة الأخيرة من دمار وسفكا للدماء على أيدي اليهود الصهاينة بمباركة من اليانكيين محرري العراق ومانحيه الديمقراطية ، وبرضاء وغض بصر حكومة حركة فتح المناضلة والحكومات العربية دون استثناء ، سواء تلك الحكومات التي يرفرف علم إسرائيل في عواصمها علنا أو تلك التي وضعت أعلام مصغرة لإسرائيل على مكاتب مسئوليها وفي غرف نومهم ..
كما أن هناك ورقة جديرة بالطرح بهذه القمة ألا وهي ( الخطر الفارسي ) وما يشكله من تهديد حقيقيا للمنطقة العربية ، وهو أمرا لا يمكن للعرب تجاهله ، ولا يمكن لهم الخوض فيه لان ذلك سيحرج الدولة العربية المضيفة ، ويخرج جزء كبيرا من لبنان عن عروبته و طوره ، ولن يرضي بأي حال من الأحوال حكومة الاحتلال بالمنطقة الخضراء ، التي أصبحت وبكل وضوح رأس الحربة ومقدمة الغزو الفارسي .. فكيف لهذه القمة أن تخرج بورقة عمل ناجحة تنقذ الأمة العربية مما هي عليه وفيه ، أو تصدر بيانات أو قرارات تستنكر بشدة أو تدين أعمال وأفعال ثلاثي محور العداء والشر (( أمريكا .. إسرائيل .. الفرس)) ولكل واحد من هولاء الشياطين الثلاثة من يمثله ويستميت في الدفاع عنه ، من بين الحاضرين بالقمة العربية الحاسمة .. فهل يمكن أن يكون هناك شقاقا أكثر من هذا الانشقاق يا أشقاء ؟!!!
والى اللقاء بدورة القمة العربية القادمة التي ستنظمها وتشرف عليها الدولة العربية المحتلة ( ............).