اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    أسعار العدس اليوم الخميس 16-5-2024 في الأسواق    رئيس جامعة المنيا يتفقد معامل المركز الإقليمي للصيانة والترميم بالأردن    تعرف على أسعار الشوفان اليوم الخميس 16-5-2024 في الأسواق    خلال شهور الصيف.. روشتة كاملة للحفاظ على الصحة وتقوية المناعة    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    غارات إسرائيلية على منطقة البقاع شرق لبنان    بلينكن يشدد مجددا على أهمية تجنب تصعيد النزاع في الشرق الأوسط    «سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    عمر الشناوي يكشف كواليس إصابته ب «الحشاشين» وأسباب أزمته النفسية في بداياته ببرنامج «واحد من الناس» الأحد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    ارتفاع أسعار النفط مدفوعة بقوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    توريد 185 ألف طن قمح في كفر الشيخ    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    تخفيض 25% من مقابل التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري.. تفاصيل    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الخميس    محمود عاشور يسجل ظهوره الأول في الدوري السعودي    مقبرة قرعونية السبب في لعنة الفندق والقصر.. أحداث الحلقة 8 من «البيت بيتي»    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    عالمة آثار: صورة قرطاج على قميص مؤسس فيسبوك ليست بريئة    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس 16-5-2024 بالمصنعية    رئيس الوزراء السلوفاكي يستعيد وعيه بعد عملية طويلة إثر تعرضه لمحاولة اغتيال    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 16 مايو    3 نصائح من الأرصاد لطقس اليوم.. تحذير من موجة حر شديد    ترامب عن بايدن بعد تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل: متخلف عقليا    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    رضا عبد العال: «حسام حسن كان عاوز يفوز بكأس عاصمة مصر عشان يستبعد محمد صلاح»    روسيا تعلن إحباط هجوم أوكراني بصواريخ أمريكية على شبه جزيرة القرم    فوائد تعلم القراءة السريعة    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    الانخفاض يسيطر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 16 مايو بالمصانع والأسواق    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    طفل يوجه رسالة إلى زيزو بخط يده، واللاعب يبحث عنه (صورة)    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو العَتاهِيَة..شاعر يقع بين المجون والزهد
نشر في محيط يوم 11 - 04 - 2009


أبو العَتاهِيَة..شاعر يقع بين المجون والزهد
محيط - مي كمال الدين
إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق ويعرف بأبي العتاهية، أحد شعراء العصر العباسي، قيل عنه أنه شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما، كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره، قال عن نفسه "لو شئت أن أجعل كلامي كله شعراً لفعلت".

حياته
ولد أبو العتاهية عام 130ه - 747م بعين التمر وهي إحدى القرى الواقعة قرب الأنبار غربي الكوفة وبها نشأ، وسكن بغداد، عندما ضاق الحال بوالده أنتقل بعائلته إلى الكوفة، والتي عرفت في ذلك الوقت كملتقى للعلماء والمحدثين والعباد والزهاد، ومع الرخاء الذي عم المدينة انتشر بها عدد من الجماعات الماجنة والذين يقولون الشعر متنقلين بين مجالس اللهو، ويشتهروا بالزندقة والتهتك.
وفي وسط ذلك نشأ أبو العتاهية فكان يختلف تارة إلى مجالس العلماء والعباد، وتارة أخرى إلى مجالس الشعراء الماجنة، ونظراً لفقره عمل مع والده في بيع الفخار بالكوفة.
ظهرت موهبته في نظم الشعر مبكراً واشتهر بهذا وسمع به المتأدبون من الفتيان فكانوا يتوافدون عليه لسماع شعره.

بين المجون والزهد
كانت حياة شاعرنا مضطربة فكان يخالط أهل المجون واللهو واكثر الشعراء فسوقاً، وظل كذلك لفترة من حياته حتى أطلق عليه لقب "مخنث أهل بغداد"، وعلى الرغم من حياة اللهو هذه إلا أنه أنصرف بعد ذلك إلى الزهد، فكثر شعره في الزهد ووصف الموت وأحواله، والمواعظ والحكم.
يا مَن يُسَرُّ بِنَفسِهِ وَشَبابِهِ
أَنّى سُرِرتَ وَأَنتَ في خُلَسِ الرَدى
أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ iiبَينَكُم
مَن ماتَ أَصبَحَ هَبلُهُ رَثَّ iiالقُوى
يا مَن أَقامَ وَقَد مَضى إِخوانُهُ
ما أَنتَ إِلّا واحِدٌ مِمَّن مَضى
أَنَسيتَ أَن تُدعى وَأَنتَ مُحَشرِج
ما إِن تَفيقُ وَلا تُجيبُ لِمَن iiدَعا
أَمّا خُطاكَ إِلى العَمى iiفَسَريعَةٌ
وَإِلى الهُدى فَأَراكَ مُنقَبِضَ iiالخُطا
وقال أيضاً
أَما مِنَ المَوتِ لِحَيٍّ iiنَجا
كُلُّ امرِئٍ آتٍ عَلَيهِ iiالفَنا
تَبارَكَ اللَهُ iiوَسُبحانَهُ
لِكُلِّ شَيءٍ مُدَّةٌ وَانقِضا
يُقَدِّرُ الإِنسانُ في نَفسِهِ
أَمراً وَيَأباهُ عَلَيهِ القَضا
وَيُرزَقُ الإِنسانُ مِن حَيثُ لا
يَرجو وَأَحياناً يُضِلُّ iiالرَجا
اليَأسُ يَحمي لِلفَتى iiعِرضَهُ
وَالطَمَعُ الكاذِبُ داءٌ iiعَيا
ما أَزيَنَ الحِلمَ iiلِأَربابِهِ
وَغايَةُ الحِلمِ تَمامُ iiالتُقى
اتصاله بالخلفاء
انتقل أبو العتاهية إلى بغداد أثناء خلافة المهدي، وكانت مركزاً للنشاط العلمي والأدبي بالإضافة لكونها دار الخلافة، فكانت المكان المناسب للشاعر لينشر بها أشعاره، أتصل بالخليفة المهدي الذي استدعاه للقصر ولما سمع شعره أعجب به ونال رضاه.
مما قاله في مدح الخليفة المهدي يوم توليه الخلافة:
أَتَتهُ الخِلافَةُ iiمُنقادَةً
إِلَيهِ تُجَرِّرُ iiأَذيالَها
وَلَم تَكُ تَصلُحُ إِلّا لَهُ
وَلَم يَكُ يَصلُحُ إِلّا iiلَها
وَلَو رامَها أَحَدٌ غَيرُهُ
لَزُلزِلَتِ الأَرضُ iiزِلزالَها
وَلَو لَم تُطِعهُ بَناتُ القُلوبِ
لَما قَبِلَ اللَهُ أَعمالَها
وَإِنَّ الخَليفَةَ مِن بَعضِ iiلا
إِلَيهِ لَيُبغِضُ مَن iiقالَها
وعندما جاءت فترة حكم الرشيد كان أبو العتاهية قد أعرض عن قول الشعر، فطلب منه الرشيد أن يعود إليه فأبى فحبسه في منزل حتى عاد إليه مرة أخرى، ولزم بعد ذلك الرشيد ومن بعده الأمين ثم المأمون.

"عتبة"
أعجب أبو العتاهية بجارية لزوجة المهدي وتدعى "عتبة" وكان قد أبصرها ذات يوم راكبة مع جمع من الخدم تتصرف في حوائج الخلافة، فتعلق بها قلبه وذكرها في شعره، ولما علم أمير المؤمنين هم أن يدفع بها إليه، ولكنها قالت " يا أمير المؤمنين مع حرمتي وخدمتي تدفعني إلى بائع جرار متكسب بالشعر؟"، فبعث إليه قائلاً" أما عتبة فلا سبيل لك إليها وقد أمرنا لك بملء برنية مالاً".
قال في عتبة:
يا إِخوَتي إِنَّ الهَوى iiقاتِلي
فَيَسِّروا الأَكفانَ مِن عاجِلِ
وَلا تَلوموا في أتِّباعِ الهَوى
فَإِنَّني في شُغُلٍ شاغِلِ
عَيني عَلى عُتبَةَ iiمُنهَلَّةٌ
بِدَمعِها المُنسَكِبِ iiالسائِلِ
يا مَن رَأى قَبلي قَتيلاً iiبَكى
مِن شِدَّةِ الوَجدِ عَلى iiالقاتِلِ
بَسَطتُ كَفّي نَحوَكُم iiسائِلاً
ماذا تَرُدّونَ عَلى iiالسائِلِ
وظل أبا العتاهية متغزلاً في عتبة ينظم فيها الكثير من الأشعار، حتى أمر المهدي بجلده وإدخاله للسجن، إلى أن تشفع فيه خاله وأخرجه.
وعلى الرغم من ذلك ظل حب عتبة مشتعلاً بقلبه حتى جاءت خلافة الرشيد، والذي حاول بدوره التوسط من أجل زواج أبو العتاهية من عتبة ولكن لم يفلح الأمر أيضاً، وأصاب أبو العتاهية اليأس ومما قاله في ذلك:
قَطَّعتُ مِنكَ حَبائِلَ الآمالِ
وَحَطَطتُ عَن ظَهرِ المَطِيِّ رِحالي
وَيَئِستُ أَن أَبقى لِشَيءٍ نِلتُ مِم
ما فيكِ يا دُنيا وَأَن يَبقى iiلي
وَوَجَدتُ بَردَ اليَأسِ بَينَ iiجَوانِحي
وَأَرَحتُ مِن حَلّي وَمِن iiتَرحالي
"أبو العتاهية"
يقال في سبب تسمية "أبو العتاهية" بهذا اللقب أن الخليفة المهدي قال له يوماً " أنت رجل متحذلق – أي متطرف، متعته – فغلب عليه هذا اللقب، ويقول ابن منظور " لأن المهدي قال له أراك متخلطاً متعتهاً وكان قد نعته بجارية المهدي "عتبة" واعتقل بسببها وعرض عليها المهدي أن يزوجها له فأبت - كما سبق ان ذكرنا -، وقيل لقب بذلك لأنه كان طويلاً مضطرباً، وقيل أيضاً لأنه يرمي بالزندقة ولأنه كان محباً للمجون والتعته".
وكلمة عتاهية لها أكثر من معنى ففي لسان العرب يقول ابن منظور: عته في العلم: أولع به وحرص عليه، والعتاهة والعتاهية مصدر عته مثل الرفاهة والرفاهية، والعتاهية: ضلال الناس من التجنن والدهش والتعته المبالغ في الملبس والمأكل ورجل عتاهية أي أحمق.

قال عنه أبو العلاء المعري
اللَهُ يَنقُلُ مَن شاءَ رُتبَةً بَعدَ رُتبَه
أَبدى العَتاهِيُّ نُسكاً وَتابَ مِن ذِكرِ عُتبَه

شعره
قدم أبو العتاهية في شعره الزهد والموعظة والرثاء والهجاء والمدح والوصف والحكم والأمثال والغزل، تميز شعره بسهولة الألفاظ وقلة التكلف.
ويقال عن سبب اتجاهه للزهد وتوقفه عن قول الغزل والهجاء والمديح، واقتصار شعره على الزهد والحكمة، ما روي عن أبي سلمة الغنوي الذي سأل أبا العتاهية: "ما الذي صرفك عن قول الغزل إلى قول الزهد؟". فأجابه:"إذن والله أخبرك. إني لما قلت:
اللَهُ بَيني وَبَينَ iiمَولاتي أَبدَت لِيَ الصَدَّ iiوَالمَلالاتِ
لا تَغفِرُ الذَنبَ إِن أَسَأتُ وَلا تَقبَلُ عُذري وَلا iiمُؤاتاتي
مَنَحتُها مُهجَتي iiوَخالِصَتي فَكانَ هِجرانُها iiمُكافاتي
هَيَّمَني حُبُّها وَصَيَّرَني أُحدوثَةً في جَميعِ جاراتي
رأيت في المنام في تلك الليلة كأن آتيا أتاني فقال: "ما أصبت أحدا تدخله بينك وبين عتبة يحكم علينا بالمعصية إلا الله تعالى؟"، فانتبهت مذعورا وتبت إلى الله تعالى من ساعتي من قول الغزل".

زهده
تضاربت الأقوال في زهده فكان البعض يراه زاهداً صادقاً، بينما يراه البعض الأخر راغباً في الدنيا، وان زهده ما هو إلا مواعظ أدبية وتأملات ذات صفة شعرية في الحياة والموت.
مما قاله في الزهد:
إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّي
مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ iiمِنّي
وَما لي حيلَةٌ إِلّا iiرَجائي
وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي
فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في iiالبَرايا
وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضلٍ وَمَنِّ
إِذا فَكَّرتُ في نَدَمي iiعَلَيها
عَضَضتُ أَنامِلي وَقَرَعتُ iiسِنّي
يَظُنُّ الناسُ بي خَيراً iiوَإِنّي
لَشَرُّ الناسِ إِن لَم تَعفُ iiعَنّي
قالوا عنه
قال عنه أبو الفرج "قال الشعر فبرع به وتقدم"، وقال عنه الأصمعي " شعر أبي العتاهية كساحة الملوك يقع فيها الجوهر والذهب، والتراب والخزف والنوى"، كما قيل عنه: "أنه أقدر الناس على وزن الكلام حتى أنه يتكلم بالشعر في جميع حالاته".
وقال عنه المبرد: كان أبو العتاهية حسن الشعر قريب المآخذ لشعره ديباجة ويخرج القول منه كمخرج النفس قوة وسهولة واقتدار.

الوفاة
توفي أبو العتاهية في خلافة المأمون بعد أن بلغ الثمانين من عمره عام 211ه - 826م، وله ديوان شعر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.