القاهرة: صدرت مؤخرا ضمن سلسلة "روايات الهلال" رواية "الأفندى" للروائي محمد ناجى، التي تسرد حكاية شاب مصرى فقير، يعيش فى حى شعبى بوسط القاهرة. كان الأب الحلاق يعشق الثرثرة مع زبائنه، ويدعي امتلاكه معلومات غزيرة وقدرة على قراءة الأحداث السياسية، حتى أطلق عليه الناس "سي كلام"، فيما اعتبرت الأم أنها بإنجابها ل"حبيب الله" قد انقضت مهمتها في الحياة. أما العم فلم يكن له من شاغل في الحياة سوى الحديث عن الجد "حمروش" الذي لم تقطع الرواية بما إذا كان حقيقة أم خيال. ذلك الجد الذي وقع في هوى جنية، فأورثه العشق خبلا وجنونا، فترك العالم وسار يبحث عنها في كل مكان دون جدوى. بطل الرواية حبيب الله الأفندي هو لسان حال عصره، وهو أيضاً قاس وأناني لا يرى إلا نفسه ومفسد في معظم الأحيان. "الأفندي" درس الفيزياء والفلك في كلية العلوم، لكن فقره دفع به إلى العمل مرشداً سياحياً، ولكن من نوع خاص، يقدم الخدمات التافهة والمنحطة للسياح مقابل الكثير من المال الذي لا توفره الأعمال الأخرى المحترمة. يلتقي "الأفندي" في حياته أنماطاً متباينة من البشر، كتّاباً وصحافيين وسينمائيين ومذيعين، ويكتشف أن كل هؤلاء لا يختلفون عنه البتة، فهم يتصرفون مثله على رغم مكانتهم الاجتماعية المرموقة. الرواية في مجملها هي رحلة صعود شخص هامشي من القاع إلى عالم رجال الأعمال، وعلى هامشها تتوالد حكايات فرعية عن فتاة خليجية، شبه أميرة، تركت بلادها وجاءت إلى القاهرة هربا من قصة حب فاشلة، يلتف حولها شعراء وكتاب ونقاد للاستفادة منها، وتبحث فيهم ومعهم عما يسري عنها همومها، خاصة بطل الرواية. لكنها لم تلبث في النهاية أن حزمت أمتعتها، وودعت الجميع وهي تؤكد لهم أنها لا ترغب في رؤيتهم حتى آخر العمر. وهناك حكاية مذيعة سابقة، تبكي مجدها وشهرتها الضائعة، وتبحث عن استعادتهما بأي ثمن، فتتعلق بعرض هزلي للقيام بدور في فيلم سينمائي، وتتعلق بالبطل بحثا عن الحب الضائع. ويتضافر مع حكاية المذيعة حكاية فايز ناصف - شاعر توقف عن الإبداع، وتفرغ للنقد الانطباعي والتعليقات الشفاهية - الذي يعمل بالصحافة، بلا تحقق. وأخيرا، فهناك حكاية الحاج حسين، صاحب محل في خان الخليلي، والذي احتضن البطل في صغره، ونقله من الاتجار بالعملة إلى السياحة، ففتح أمامه باب الثراء على مصراعيه. يذكر أن "الأفندي" هي العمل السادس لمحمد ناجي بعد "خافية قمر" (1994) و"لحن الصباح" (1994) و"مقامات عربية" (1999) و"العايقة بنت الزين" (2001) و"رجل أبله..امرأة تافهة" (2006). وقد ترجمت ثلاثة من أعمال ناجي إلى اللغتين الفرنسية والأسبانية، وصدرت أكثر من طبعة لبعضها.