هو قاس وأناني لا يري إلا نفسه، قواد وراش ومفسد في أغلب الأحيان، ذلك هو بطل زماننا كما رسمه محمد ناجي في روايته الأخيرة "الأفندي" الصادرة في سلسلة روايات الهلال. يبدو "حبيب الله الأفندي" بطل الرواية متماسكا رغم إدراكه لرثاثة وضعه، ويدافع عن سلوكه متسائلا بجرأة: هل هناك خيارات أخري في هذا الزمان؟ يبشرنا "الأفندي" بخواء روحي لا ينبع من تأمل ما وراء الواقع، وإنما من الواقع نفسه الذي يلتصق بجلود الناس ويدفعهم إلي أردأ الخيارات، ويربك رؤاهم وأحلامهم."الأفندي" درس الفيزياء والفلك في كلية العلوم لكن فقره دفعه إلي العمل "خرتيا" أو مرشدا سياحيا من نوع خاص، يقدم الخدمات التافهة والمنحطة للسياح ليكسب مالا كثيرا لا توفره الأعمال الأخري المحترمة.. وهو في مسيرته الطويلة يلتقي بكتاب وصحافيين وسينمائيين ومذيعين، ويكتشف أن الكل يتصرفون مثله في النهاية. هل تنطوي رواية محمد ناجي علي انتقاد للشرائح الوسطي في المجتمع، التي أصبحت تلهث وراء المال والمكاسب الشخصية لإنقاذ نفسها من الفقر والانهيار ولو علي حساب الوطن والمجتمع؟ربما يضمر "ناجي" ذلك إلا أنه لا يحمل للشرائح الوسطي ازدراء بقدر ما يعبر عن تقدير لدورها المفقود، باعتبار أن دورها دائما نقل الحركة إلي التروس الأدني في المجتمع، تروس المنتجين الحقيقيين وأصحاب المصالح الحقيقية، وغياب هذا الدور يعني تجريف قاع المجتمع. من أعمال الروائي محمد ناجي "خافية قمر" و"لحن الصباح" و"مقامات عربية" و"العايقة بنت الزين" و"رجل أبله.. امرأة تافهة".. ويقول الكاتب: إن له رواية تحت الطبع باسم "ليلة سفر".