حذر متحدث باسم نقابة الأئمة والدعاة هؤلاء الذين يظهرون حقدهم وبغضهم وكراهيتهم تجاه الأزهر وعلمائه الأجلاء نقول لهم الأزهر سيظل شامخ ولو كره الكارهون .. فإنكم لن يستطيعوا فعل شيء لأن الأزهر قام بدور فاعل علي مر العصور وزهاء ما يقرب علي إحدى عشر قرناَ من الزمان ..فهو منذ كان وهو معهد علمي ,ومركز ديني ,لكنه ليس كذلك فقط ,بل هو بيئة اجتماعية بأعم ما يفهم من تلك الكلمة ,بيئة لها ماضيها وتقاليده, وتاريخه وأحداثه ,العمل البارز في توجيه السياسة المصرية ,والإسلامية,وتسيير الحياة المصرية,والإسلامية في أنماطها ونظمها,وغاياتها وعاداتها وذوقها ومزاجها وللأزهر بذلك نواحي عديدة في التأثير علي الحالة الأمنية بالبلاد.. وأشار إلي أنه منذ أن دخل جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله الفاطمي مصر فاتحاَ في سنة 359ه(970م) وفي أول ليلة وضع أساس القاهرة ,حيث شيد قصرين عظيمين ثم وضع أساس الجامع الأزهر ,وقد استمر العمل فيه سنتين ,وقد أقيمت أول جمعة فيه في 9رمضان 361هوكان الغرض من إنشائه أن يكون مسجداَ تقام فيه الصلوات ,ويدعي فيه للمذهب الشيعي ,ولكن ما لبث أن تحول إلي معهد للدراسة وأول من جعله معهداَ دراسياَ هو" يعقوب بن كلس "وزير العزيز بالله الفاطمي (975-996م).وأول عمل قام به في هذا الشأن أن بني بجواره داراَ لجماعة الفقهاء وكانوا خمسة وثلاثين فقيهاَ,وألقيت فيه الدروس الدينية واللغوية في عام 375ه(986م), وظلت الدراسة قائمة فيه حتي جاء صلاح الدين الأيوبي (567-589ه). وكان سنياَ يعمل علي نشر مذهب أهل السنة ,فأغلق الجامع الأزهر ليمنع دراسة المذهب الشيعي ,وظل مغلقاَ أكثر من قرن من الزمان ,ثم عادت فيه الدراسة لكن علي أسس المذهب السني ,في عهد الظاهر بيبرس (659-672ه) . وظل كذلك إلي الآن.تتوالي عليه عصور مضيئة وعصور مظلمة ..ورغم ذلك فكان علماء الأزهر منارة هادية للناس يأخذون بأيديهم ويعلمونهم أمور وتعاليم دينهم التي تدعوهم إلي ما فيه الأمن والأمان والاستقرار للبلاد والعباد .. ففي العهد الأيوبي وعلي الرغم من إبطال صلاح الدين الخطبة فيه والاستعاضة عنه بمساجد أخري ,كان له الأثر البين في التعليم ,فقد اهتم صلاح الدين وخلفاؤه بإنشاء المدارس,والإنفاق عليها ,ولكنه استعان بعلماء الأزهر للتدريس فيها العلوم الدينية من فقه وتفسير وحديث ونحو وصرف وبيان وبديع وإلي جانبها كانت تدرس الرياضيات والمنطق. ولما سقطت بغداد في أيدي التتار وفر العلماء إلي مصر كان المماليك قد استولوا علي مصر وفتحوا الجامع الأزهر للعلماء وأغدقوا عليهم فتخرج من الأزهر علماء أجلاء نعم الناس بعلمهم ولا نزال نحن ننعم بذلك منهم ابن منظور صاحب" لسان العرب" والمصري صاحب الكتب المشهورة في "النحو" وبهاء الدين السبكي صاحب كتاب "عروس الأفراح". وقد بقي الأزهر كذلك منارة هادية حين أطبقت الظلمات في العصر العثماني ,ففي القرون الثلاثة التي حكم فيها العثمانيون البلاد لم يكن للعلوم الدينية ولا للعلوم العربية غير الأزهر ,ولقد أسرف العثمانيون في محاربة اللغة العربية ,حتي جعلوا تدريسها نفسها في بعض ولاياتهم بالغة التركية ,ومع ذلك تغلبت علي كل الأحداث بفضل الله ثم الأزهر وعلمائه ,وقد تخرج فيه في هذه الفترة المظلمة جماعة من كبار العلماء الأجلاء ..منهم الشيخ /محمد الخراشي (1010-1101ه). وهو أول من تولي مشيخة الأزهر ,وكان عالماَ جليلاَ ..والشيخ عبد الله الشبراوي (1091-1171)(1580-1657م)وقد تولي أيضا مشيخة الأزهر ..ومنهم الشيخ الدمنهوري (1101-1190م) وله مؤلفات كثيرة في الحديث والفقه والأخلاق والبلاغة ,ومنهم الشيخ العطار ,وقد كان من المثقفين ثقافة مدنية بجانب ثقافته الأزهرية .فقد عني بدراسة الفلك والرياضة والطب,..وهو أول من نادي بالإصلاح والتغيير في العالم العربي .