على الرغم من أن مجلس الشورى أقر اليوم قانون المعاشات الجديد، إلا أنه ما زال يمثل لغطًا في الأوساط التأمينية والمالية ، علاوة علي عدم فهمه من رجل الشارع البسيط الذي يستحق المعاش ، وما بين مؤيد ومعارض " مصر الجديدة " التقت بخبراء التأمين في مص للتعرف على مخاطر القانون الجديد. في البداية أكد الدكتور محمد عطية وكيل أول وزارة التأمينات الاجتماعية الأسبق أن المشروع الجديد للمعاشات المطروح للمناقشة بمجلس الشعب ليس أفضل من القانون الحالي الذي يعد من أفضل نظم التأمين في العالم، مشيرا إلى أن ضعف قيمة المعاشات لا يعود لضعف في قانون التأمين الاجتماعي ذاته لكنه بسبب ضعف نظام الأجور السائد في مصر الذي يعد نظاما غير عادل ومشوها يجب إعادة النظر فيه، وأشار عطية إلى أنه وفقا لتوصيات البنك الدولي عام 1992 فيجب تعدد نظام المعاش في شكل معاشات قومية وحسابات ادخار ومعاشات نقابية مهنية وبوليسة تأمين إلى آخره لزيادة قيمة المعاش والتمكن من العيش حياة كريمة، وأضاف وكيل أول وزارة التأمينات الاجتماعية الأسبق: المعروف تاريخيا أن السياسات الاستثمارية لأموال التامين الاجتماعي كانت تسير الأموال في اتجاه واحد حيث توجه فوائض صناديق التامين الاجتماعي إلى بنك الاستثمار القومي الذي لا يستثمرها بل كان يوجهها لتمويل عجز الموازنة وإقراضها إلى هيئات اقتصادية تابعة للدولة، لافتا إلى أن قيمة المال الاحتياطي لصناديق التأمين الاجتماعي بلغت 359 مليار جنيه ومديونية الخزانة العامة للهيئة بلغت 76 مليار جنيه أي أن هناك 435 مليار جنيه مديونية على الدولة لأصحاب المعاشات، فاتجهت الدولة لإصدار قانون جديد للمعاشات كمحاولة من الدولة للتملص من مسئوليتها في رد هذه المديونية لأصحابها، وقال: إن المشروع المقترح يهدف إلى حذف تلك المديونية كأحد اقتراحات البنك الدولي لاستهلاك هذه الأموال دفتريا لأنه تم إنفاقها بالكامل ونسبة الاستثمارات فيها ضئيلة جدا، ولذلك عكفت وزارة التأمينات الاجتماعية على إقامة الندوات لتوعية الرأي العام بهذا الأمر.. وأضاف البدري فرغلي - رئيس اتحاد أصحاب المعاشات تحت التأسيس أن وزير المالية يوسف بطرس غالي يضيف نكسة جديدة إلى تاريخ الشعب المصري من خلال القانون الجديد للتأمين والمعاشات ، مشيرا إلى أنه لم يكن هناك ضرورة لتشريع قانون جديد للتأمين والمعاشات فيما تكمن الضرورة في كيفية استغلال أموال التأمينات بالشكل الذي يعود بالنفع على أصحاب المعاشات والعاملين بالمصالح الحكومية والشركات، مؤكدا أن الوزير يريد أن يقتنص 435 مليونا حسب ما أعلنته الوزيرة السابقة ميرفت التلاوي لتحويلهم من ملكية أصحاب المعاشات والعاملين إلى أملاك للخزانة العامة وتحويلها إلى أموال سيادية بعد انتزاع حقوق المواطنين الذين سيتقاضون معاشهم من ضمان الخزانة العامة وفقا لإرادتها بعد أن كانوا يتقاضونها من ناتج أموالهم ، لافتا إلى أن هذا القانون رفضته جميع دول العالم ومن بينهم تشيلي، وقد وصل إلى مصر عبر صندوق النقد الدولي من أجل تحويل التأمينات الاجتماعية إلى تامين استثماري ادخاري. وأشار فرغلي إلى أن أموال التأمينات التي بلغت 435 مليار جنيه تحولت إلى سندات خزانة بعد أن استهلكت الحكومة أموال الشعب المصري التأمينية بالكامل لكنها تتخذ ذرائع ومبررات لعدم الاعتراف بهذا الأمر، وقال: إن هذا القانون تم طرحه في آخر أيام الدورة البرلمانية لمجلسي الشعب والشورى، وهو الوقت الذي لا يجرؤ خلاله أي من النواب الاعتراض عليه ومهاجمة الحكومة حتى لا يدفع ثمن ذلك خسارته في الانتخابات، مؤكدا أن أصحاب المعاشات لا يودون المواجهة مع النظام الحاكم أو تصعيد الأمر مع وزير المالية لكنهم لا يطالبون إلا بحقوقهم، مشيرا إلى أن الحكومة ضاربت بأموال التأمينات في استثمارات البورصة وخسروا 900 مليون منها في صندوق "الشبح" دون أن يحاسبهم أحد.. وقال إلهامي الميرغني - خبير اقتصادي وعضو لجنة الدفاع عن أموال المعاشات وحماية الحقوق التأمينية: إن هذا القانون جزء من أجندة متكاملة أعدها صندوق النقد الدولي يحاول فرضها على مصر منذ عام 1978 إلى جانب فرض سياسة خصخصة الشركات والمرافق والخدمات العامة وتحويل التامين الاجتماعي من نظام تكافلي إلى نظام رأسمالي يعتمد على التفاوت الطبقي بين المواطنين، ورأى أن اخطر عيوب هذا القانون هو رفع سن استحقاق المعاش من سن 60 إلى 65 عاما رغم أن متوسط عمر المواطن المصري يتقلص تدريجيا بسبب انتشار معدل المرض، وأشار الميرغني إلى أن الحكومة منذ عام 1980 أجبرت صناديق التأمينات الاجتماعية على تحويل فائض هذه الصناديق إلى بنك الاستثمار القومي لتصل إلى أكثر من 430 مليار لا يستفيد منها المواطن المصري بجنيه واحد فيما استثمر وزير المالية هذه الأموال لكونه ممثل صندوق النقد الدولي في مصر بالبنوك الأجنبية، وأضاف الميرغني إن وزير المالية بطرس غالي بقانونه الجديد سيعطي المواطن المصري معاش قيمته 80 جنيها بعد أن استولى على أموال المؤمّن عليهم من العمالة غير المنتظمة الخاضعين للقانون رقم 112، وأوضح الميرغني أن هناك خلل في منظومة الأجور حيث يوجد 20% منها أجور ثابتة و80% أجور متغيرة لذا ينخفض دخل الفرد عندما يصل إلى سن التقاعد وطالب بضرورة رفع الحد الأدنى للأجر الأساسي إلى 1200 جنيه وناشد بضرورة حشد الرأي العام من اجل الاعتراف بهذا الحق.