فى إطار سلسلة الإصدارات التى تخرج عن منتدى رفاعة الطهطاوى – بيت تفكير مصرى مستقل – تابع لمؤسسة عالم واحد للتنمية وحرصاً من المنتدى على متابعة ومناقشة الأحداث السياسية الآنية والمتواصلة ومن خلال وحدة تحليل الخطاب السياسى كجزء من عمل منتدى رفاعة الطهطاوى التى تسعى لتقديم قراءة سريعة لما يتم تقديمه من خطب وكلمات سياسية، قامت بطرح قراءة تحليلية لكلمة الرئيس المؤقت عدلي منصور، بمناسبة عيد الفطر المبارك لعام 1434ه، 2013م. قال منتدي رفاعة الطهطاوي، عادةً ما يستغل رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور مناسبات المصريين، لتوضيح موقف الرئاسة والقائمين على إدارة شؤون البلاد من القضايا والاحداث الجارية على الساحة السياسية، الامر الذي تكرر في خطاباته بمناسبة ثورة 23 يوليو، والعاشر من رمضان، وأخيرا بمناسبة عيد الفطر المبارك لعام 2013م، حيث أرسل الرئيس المؤقت عددًا من البرقيات الموجزة والموجهة لعدد من المستقبلين، الذي كان في مقدمتهم الشعب المصري، وكذلك مؤيدي النظام السابق، والخارج ممن كان لهم إسهام في محاولة إنهاء الأزمة الراهنة بين المعتصمين المؤيدين للنظام السابق، ومكتسبات 30 يونيو. البرقية الأولى: تهنئة غير تقليدية بعيد الفطر المبارك جاءت تهنئة الرئيس المؤقت عدلي منصور بعيد الفطر المبارك بصورة غير تقليدية حينما مزج بين التهنئة بالمناسبة الدينية، والثناء على الشعب كونه مناضلا ومتحديا حيال الأحداث والأزمات القومية الكبرى، في رسالة مفادها أن عزيمة الشعب المصري تجاه الأزمات القومية والمواقف السياسية، لا تقل عن اهتمامه واحتفاله بمناسباته الدينية، حيث فيقول يهل عيد الفطر المبارك على الشعب المصرى هذا العام فى ظل أجواء استثنائية، وظروف حرجة، وأوضاع دقيقة.....، لقد واجه هذا الشعب على مدى تاريخه المُمتد لآلاف السنين، أخطر التحديات، ومر بأصعب المحن، وتعرض مرارا للتآمر والإرهاب والعدوان.. لكن عزيمته لم تلن يوما، وشجاعته لم تهتز". البرقية الثانية: الشعب المصري هو قائد المرحلة الراهنة حيث يؤكد منصور في هذه البرقيه أن الشعب المصري هو الذي رسم ملامح هذه المرحلة، في إشارة مبطنة مفادها أن مكتسبات 30 يونيو ليست انقلابا على شرعية الصناديق، يتم بموجبه فرض قرارات سيادية من القائمين على سدة الحكم بحق جموع الشعب المصري، فالشعب هو من وضع خارطة المستقبل "نحن ماضون قدما وبكل الإصرار نحو تحقيق النتائج المرجوة من خارطة المستقبل التى أوليتمونا أمانة القيام بها، واليوم نبدأ خطوة جديدة فى طريق إنشاء دستوركم بالإعلان عن قواعد تشكيل "لجنة الخمسين" ، في إشارة إلى أن الدستور هو الخطوة السابقة لأية إنتخابات باعتباره الناظم القانوني لها، ويؤكد في مناسبة أخرى " فلطالما علم المصريون الأمم كيفية قهر الصعاب والانتصار على المحن". وفي ذلك، يخاطب الرئيس المصريين باعتبارهم الفاعل الأول في الحياة والحراك السياسي الراهن، معتمدا في ذلك على ضمير المخاطب، "إرادتكم.. خطوات حكومتكم.. عضدكم.. إنشاء دستوركم.." حيث يتطلع المصريون لأن يكونوا جزءًا فاعلا في مرحلة الانتقال الديمقراطي، الامر الذي طالب به المصريون في ثورة الخامس والعشرين من يناير وما تلاها من مطالبات وأحداث سياسية لاحقة لها، فللمرة الأولى يحل المصريون محل الفاعل. البرقية الثالثة: العودة للوراء غير واردة، حتى وإن نجحت محاولات المصالحة. لم تكن هذه المرة الأولى للرئيس المؤقت عدلي منصور الذي يؤكد فيها أنه لا عودة لما قبل 30 يونيو، حيث أكد ذلك أيضا في خطاباته السابقة، وهي رسالة ذات شقين، أولها ما يمثل طمأنة للشعب المصري الذي رسم ملامح خريطة المستقبل في 3 يوليو، وثانيها من يلوحون بأنه لا حوار ولا مصالحة إلا بعودة النظام السابق ومكتسباته الدستورية ومجلس الشورى المنحل، فيقول "يظن البعض أنه قادر على منع حركة التاريخ أو إيقاف عجلة الزمن، أو أنه قادر على تحدى إرادتكم فى مستقبل واعد ومستحق، وإن ذلك لن يكون"، وفي مناسبة أخرى من الخطاب يعيد ويؤكد " لقد انطلق قطار المستقبل، وعلى الجميع إدراك اللحظة واللحاق به، وعلى من يتخلف عن إدراك تلك اللحظة أن يتحمل مسئولية قراره"، ربما قصر معنى المصالحة، في أن يرضخ مؤيدو النظام السابق لمكتسبات 30 يونيو، بل ويكونوا شركاء في قطاره، دون المطالبة بالعودة للوراء. البرقية الرابعة: الجهود الدبلوماسية للخروج من الأزمة تسير في إطار السيادة المصرية. ربما كانت تلك من أهم برقياته في هذا الخطاب، حيث يرى البعض ان الجهود الدبلوماسية المتمثلة مقابلات عدد من المنظمات الدولية والشخصيات الدبلوماسية الأجنبية، تعد تدخلا في الشؤون الداخلية المصرية بغطاء مما يطلق عليه "وساطة دبلوماسية" للخروج من الأزمة، فيؤكد منصور أن تلك الجهود جائت بتنظيم من الإدارة المصرية الحالية "لقد أعطينا الفرصة كاملة لكافة الجهود الدبلوماسية..." فالحكومة هي من أعطت الفرصة لتلك الجهود، "ولقد أعطينا المساحة الواجبة لاستنفاد الجهود الضرورية من أجل نبذ العنف وحقن الدماء..." وستكون مصر في موقف "المرحب" بهذه الجهود طالما انها جائت لتعزيز الانتقال الديمقراطي الذي تعبر عنه خارطة المستقبل، فيقول "وسترحب مصر دوما بجهود هذه الأطراف، وستثمن مواقفها لدعم "خارطة المستقبل" وتعزيز الانتقال الديمقراطى"، فجائت تلك الكلمات لتؤكد أن تلك الجهود الدبلوماسية إنما جائت في إطار السيادة المصرية وبرعايتها، وأن تلك الجهود لم تحقق النجاح المأمول رغم الدعم الكامل الذي وفرته الحكومة المصرية لها، وربما أراد بذلك أن يوجه المصارحة للشعب عما آلت إليه تلك الجهوت والزيارات الدبلوماسية.