ظاهرة إحتاجت الأسواق ,وإستطاعت أن تكون حديث المدينة في الشارع الأسيوطى ,هى "إرتفاع الأسعار" ,بشكل غير طبيعى ,وقابل للتصاعد كل يوم,حتى أطلق عليها مواطنى أسيوط جنون الأسعار,الأمر الذى جعل الشارع الأسيوطى في حالة من الغليان والإستياء الشديد في ظل ما تعانيه البلاد من أزمة إقتصادية ,وما ينعكس عليها بسوء الظروف المعيشية الصعبة التى يعانى منها المواطنين. أرجع المواطنون جنون الأسعار للتجار الذين يرفعون الأسعار ويستغلون حاجتهم ,وألقى التجار باللوم على المسئولين ,بحجة شراء السلع من أماكنها بأسعار مرتفعة ,ويقومون ببيعها للمواطن بزيادة طفيفة جداً ,بما لا يحقق الربح المرضى للتجار ,وما بين التجار والمسئولين يقع المواطن البسيط فريسة لذلك. فكيف ؟ومن أين؟ يكفى إحتياجاته ,ويغطى مصاريف بيتة في ظل إرتفاع الأسعار المريب,والذى قد يٌنذر بخطر قادم ,لامحالة ,وثورة جديدة أطلق عليها ثورة الأفواة. حاولنا توضيح تلك الظاهرة ,ومعرفة أسبابها ,والدوافع التى أدت إلى تفاقمها بهذا الشكل المريب في التحقيق التالى:
في البداية تستنكر "أم صلاح" ربه منزل :"الأسعار الجنونية التى تفاجئ بها لدى البقال أو الفكهانى ,حينما تقوم بالتسوق وشراء مستلزمات المنزل ,من خضر وفاكهة ,وغيرة ,وتجد أن السلع غالية جداً ,وهو ما يؤثر على كمية الشراء فبدلاً من أن تقوم بشراء 3 كيلو من الطماطم ,تكتفى بكيلو واحد فقط ,بسبب إرتفاع ثمنها ,وهكذا في بقية المشتروات".
وتضيف الطفلة "هند مرزوق" بائعة ورق عنب حينما سألناها عن سبب إرتفاع سعر كيلو ورق العنب فتقول :"نبات ورق العنب يظهر وبكثرة في فصل الصيف ,ويلجأ المواطنون لشرائه خلال الفتره الحالية ,بديلاً عن نبات الكرنب ,وهو ما يساهم في إرتفاع سعرة على الناس ,مشيرة إلى أنها طفلة تأتى من القرى البعيدة والأرياف لتحصل على قوت يومها ببيع أوراق العنب ,وذلك يتطلب مصروفات عالية ,في المواصلات والتكاليف".
ويرجح "حسن فتحى" طالب بكلية الإعلام الأسباب وراء إرتفاع الأسعار في الإحتياجات اليومية للمواطن البسيط :"إلى الإضطرابات السياسية التى تشهدها البلاد في الآونة الأخيرة ,خاصة تفاقم أزمة السولار وما لها من تأثير على عملية شحن ونقل البضائع المختلفة ,التى يستوردها التجار ,مشيراً إلى الخسائر التى تشهدها البورصة المصرية ,وإنعكاسها على المنتجات ,خاصة الغذائية التى يعجز المواطنين في الحصول على القدر الكافى منها ,واللجوء للطرق الغير مشروعة في تحقيق الربح". ويوضح "على حسن" موظف بالقطاع العام: "أن المعيشة أصبحت صعبة جداً في ظل غليان الأسعار من حين لآخر في السوق الأسيوطى ,والراتب الشهرى لا يغطى كافة المصروفات التى نحتاجها خاصة ,وأننا أسرة كبيرة مكونة من 6 أفراد فكيف نستطيع شراء أنواع من الأطعمة المختلفة ,بالإضافة إلى منتجات اللحوم وغيرها ,والتى تتكلف الكثير من الجنيهات ,وكيف يمكن الموازنة بين مصاريف الأبناء ,وإحتياجاتهم المدرسية ,وبين متطلبات البيت".
ونوه تاجر خضروات :"إلى أن إرتفاع تكاليف الشحن والنقل هو السبب الحقيقى وراء غلاء الأسعار ,فقد زادت تعريفه النقل للضعف في ظل نقص السولار ,وإستغلال تجار السوق السوداء للسائقين والإشتراط عليهم بقيمة الشحن مسبقاً ,فما على التاجر سوى رفع أسعار الخضروات على صغار البقالين ,لضمان عملية الربح والإستمرار في هذا العمل ,لافتاً إلى إرتفاع الأسعار وبشدة في المحافظات البعيدة التى تحتاج للنقل من مسافات طويلة".
ويشير "حسنى خلف" عامل :"إلى أن غياب الرقابة التموينية على الأسواق هى التى سنحت للتجار بإستغلال حاجه المواطن ,ورفع الأسعار علية,وممارسة الجشع المعتاد ,ولكن مسئولى الرقابة لديهم علم بالأمر وعلى دراية ,ولا يتحركون للتجول بالشوارع ومراقبة حركة الأسواق ومتابعة عمليات البيع والشراء ,والإكتفاء بالقيام بالحملات التموينية على المخابز ومحطات الوقود ,وهذا ما يجعل التجار يستغلون الفرصة ,ويرفعون الاسعار ,لتحقيق أقصى ربح ممكن". وفى السياق ذاته إنتقدت شعبة الإستيراد والتصدير بالغرفة التجارية بأسيوط القرارات الإقتصادية التي صدرت مؤخراً بزيادة الجمارك على أكثر من مائة سلعة مستوردة من الخارج ,ووصفت هذه القرارات بالغير مدروسة والمتعجلة ,والتى ستؤدى حتماً إلى موجة تضخم قوية في السوق المصري ,مما يتسبب في إرتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية وينعكس سلباً على المواطن محدود الدخل. وأشارت الشعبة :" إلى أن الحكومة تدعى أن الجمارك إقتصرت زيادتها فقط على السلع الغير ضرورية ولكن الحقيقة غير ذلك, حيث أن الزيادات شملت عدد كبير من السلع الرئيسية التي تمس الإحتياجات الأساسية و الضرورية للمواطن" . ومن جانبه حذر عاطف يوسف أمين عام الغرفة التجارية بأسيوط: "من أزمة نقص السيولة وإرتفاع سعر الدولار مع زيادة التعريفة الجمركية على السلع المستوردة ,بما سيؤدى إلى زيادة الركود الإقتصادي ,وتوقف عملية الإستيراد وهروب المستوردين ، الأمر الذى يؤدى إلى إرتفاع نسبة التضخم بالبلاد و حدوث موجة جديدة من غلاء الأسعار ،بعد القرارات الصادرة بزيادة الجمارك ."
وأكد "يوسف" :"على أن الأجيال القادمة هى من ستدفع فاتورة القرارات المتخبطة بسبب إحجام الإستثمارات الأجنبية عن القدوم لدولة متذبذبة القرارات الإقتصادية ,بين الإنفتاح والإنغلاق مما يؤثر على الجدوى الإقتصادية لأى إستثمار,وعدولها لأية دولة أخرى أكثر إستقراراً".