دعا مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان؛ إلى سحب مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة، الذي طرحه مجلس الوزراء للمناقشة على دوائر الرأي العام والمؤسسات الدينية المعبرة عن الأديان والمذاهب المعترف بها رسميًا. وذكر المركز في بيان له، حصل مصراوي علي نسخة منه، أن الأهداف السامية التي ينطلق منها الكثيرون في الدعوى إلى وضع أسس وقواعد موحدة يحتكم إليها المصريون في بناء دورعبادتهم، بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم المختلفة، لا يمكن أن يليها المشروع الذي نحن بصدده، والذي يبدو أنه طُرح بصورة متعجلة، ومن دون دراسة كافية، في محاولة بائسة للحد من تزايد الاحتقان الطائفي. وأشار بيان؛ أن المرة الوحيدة التي حاولت فيها الحكومة المصرية أن تثبت صدق نواياها بعدما تعهدت بسرعة إصدار القانون عقب أحداث كنيسة إمبابة فى مايو الماضي، وذلك حين أصدرت مسودة للقانون يبدو أنها طُرحت بصورة متعجلة ومن دون دراسة كافية، إذ قدمت المسودة إعادة صياغة للقيود المفروضة على بناء دور العبادة، وفى النهاية بدل من تعديل المسودة، تعطل إصدار القانون كالمعتاد وتجددت المشاكل. فى هذا الصدد أعلن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان؛ إعتراضه على مسودة القانون التي سبق طرحها عقب أحداث إمبابة والذى قدمه فى مذكرة إلى مجلس الوزراء مقرونًا برؤيته حول هذا القانون، متطلعا أن تكون أحداث ماسبيرو محرك حقيقى لإصدار قانون يحد من مشاعر الغبن التي تستشعرها الأقليات فى مصر وبخاصة الأقباط. وأضاف البيان؛ ''إن الدعوة إلى قانون موحد لبناء دور العبادة يفترض أنها تنطلق من تأكيد حق المساواة، وتفعيل قيم المواطنة بين أتباع الديانات والعقائد المختلفة، وبدا واضحًا أن المشروع بدلاً من أن يحد من القيود، إتجه إلى فرض قيود تعجيزية على بناء دور العبادة، ومن ثم فإن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يشدد على ضرورة سحب المشروع برمته، ويحذر من أن إقراره أو تعديله بشكل جزئي، من شأنه أن يفاقم من حدة الاحتقان الديني والطائفي". وأوضح البيان أن هناك إنتقادات واسعة سجلت رفضًا لنصوص القانون، سواء من جانب الأقباط الذين يعانون غبنًا تاريخيًا في هذا الإطار، أو حتى من جانب المسلمين الذين لم يكن لديهم من قبل مشكلة في بناء دور عبادتهم أو ممارسة شعائرهم الدينية''. وأكد مركز حقوق الانسان أن المشروع، خلافا لهدفه المعلن، يرسي عمليًا انتهاك مبادئ المساواة، ويقيم أساسا "قانونيا" لخرق قيم المواطنة والحق في المساواة، والحرمان من حق ممارسة الشعائر الدينية داخل دور عبادة مرخص لها قانونًا؛ حسبما ذكر البيان. وأضاف؛ ''خص مشروع القانون المخاطبين بأحكامه من الطوائف الدينية المعترف بها في البلاد، وهو ما يعني أنه لا يقيم اعتبارا لممارسة تلك الحقوق من قبل أتباع الديانات أو المذاهب أو الطوائف الدينية غير المعترف بها ومن ثم فإن القانون لا يقر بحق المنتمين لديانات مغايرة للأديان السماوية المعترف بها مثل البهائيين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، مثلما قد يقف حائلاً دون حق طوائف مسيحية قد تنشق عن أي من الكنائس المعترف بها، ويحرمها من حقها في إقامة دور عبادة خاصة بأتباعها''. وأشار البيان؛ إلي أن مشروع القانون حظر الترخيص بالبناء لأي دور عبادة تقل مساحة الأرض المخصصة له عن 1000 متر، وهى مساحات يصعب توافرها داخل مدن وأحياء كثيرة، فضلاً عن التكلفة الباهظة لشراء أرض بهذه المساحة والبناء عليها، بالاضافة لاشتراط ألا تقل المسافة بين أي دور عبادة وأخرى عن 1000 متر، الأمر الذي يكاد يحول نهائيا دون بناء دور عبادة جديدة في الأحياء والمناطق السكنية التقليدية، ويجبر الراغبون من أبناء أي قرية في بناء دور عبادة، على اختيار مكانها خارج نطاق القرية، ومن ثم تضحى ممارسة الشعائر الدينية، سواء للمسلمين أو الأقباط تستوجب قطع مسافات كبيرة لممارسة هذه الشعائر. ولفت المركز النظر إلى أن المصريين عاشوا لفترات طويلة في سكينة، برغم تعانق أو تلاصق كنائسهم مع مساجدهم. وأوضح البيان؛ أن مشروع القانون خلا من أي نص يعطي الحق للمخاطبين بأحكامه في التظلم واللجوء للقضاء في مواجهة أي أشكال للتعسف في تطبيق أحكام القانون. ودعا المركز في ختام بيانه رئيس مجلس الوزراء إلى سحب مشروع هذا القانون، فإنه، وإلى حين اعتماد قانون مناسب وفعال، يشدد على سرعة وضرورة اتخاذ التدابير غير التشريعية الواجبة، لتذليل مختلف المشكلات ذات الطابع القانوني أو الإجرائي أوالإداري أو الأمني، التي ما زالت تشكل عائقًا سواء أمام بناء دور عبادة جديدة للأقباط على الأقل، أو لا تسمح بإعادة تشغيل أو افتتاح كنائس قائمة بالفعل، أو تم تعليق العمل بها بناء على تعليمات أجهزة أمن الدولة في العهد السابق، سواء تحسبًا لضغوط التيارات الإسلامية المتعصبة، أو بدعوى أن أعمال بناء هذه الكنائس قد جرت بالتحايل على القانون.