طالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بسحب مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة، الذي طرحه مجلس الوزراء للمناقشة علي دوائر الرأي العام والمؤسسات الدينية المعبرة عن الأديان والمذاهب المعترف بها رسميا. وأكد مركز القاهرة في مذكرة أرسلها لمجلس الوزراء أن الأهداف السامية التي ينطلق منها الكثيرون في الدوعوة إلي وضع أسس وقواعد موحدة يحتكم إليها المصريون في بناء دور عبادتهم بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم المختلفة لا يمكن أن يلبيها المشروع المطروح، والذي يبدو أنه أعد بصورة متعجلة، ومن دون دراسة كافية، في محاولة للحد من تزايد الاحتقان الطائفي. وتضمنت المذكرة أن الدعوة إلي قانون موحد لبناء دور العبادة يفترض أنها تنطلق من تأكيد حق المساواة، وتفعيل قيم المواطنة بين أتباع الديانات والعقائد المختلفة، ومن ثم يتطلب الوصول إلي قواعد تفضي عمليا إلي إنهاء مختلف القيود التمييزية علي حق ممارسة الشعائر الدينية، التي يخضع لها بشكل خاص المنتمون لأديان مغايرة للدين الرسمي للدولة، الذي يعتنقه غالبية مواطنيها. غير أن المشروع المطروح أخفق تماما في تبديد أسس ومشاعر الغبن لدي الأقباط، الذين تطلعوا إلي تيسير إجراءات ترخيص بناء دور عباداتهم أو ترميمها أو توسيعها، أسوة بأقرانهم من المسلمين، وبدا واضحا أن المشروع بدلا من أن يحد من القيود، اتجه إلي فرض قيود تعجيزية علي بناء دور العبادة، تقود إلي إهدار حق المصرين بمختلف انتماءاتهم الدينية في ممارسة الشعائر الدينية، حتي لو طبقت هذه القيود دون تمييز علي أساس المعتقد الديني. ولذلك يطالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بضرورة سحب المشروع برمته، ويحذر من إقراره أو تعديله بشكل جزئي. وذلك لأن المشروع خلافا لهدفه المعلن يرسي عمليا انتهاك مبادئ المساواة، ويقيم أساسا قانونيا لخرق قيم المواطنة والحق في المساواة، وللحرمان من حق ممارسة الشعائر الدينية داخل دور عبادة مرخص لها قانونا. كما أن القانون لا يقر بحق المنتمين لديانات مغايرة للأديان السماوية المعترف بها مثل البهائيين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وربما يؤول في التطبيق إلي فرض وصاية الأزهر علي حق الأقلية الشيعية في بناء دور عباداتهم، مثلما قد يقف حائلا دون حق طوائف مسيحية قد تنشق عن أي من الكنائس المعترف بها، ويحرمها من حقها في إقامة دور عبادة خاصة باتباعها. كما فرض المشروع قيودا تعجيزية علي الترخيص بالنباء لدور العبادة، لن يسمح عمليا ببناء الكنائس والمساجد أيضا إلا خارج كردون المدن، وربما يستثني من ذلك المدن الجديدة فقط. كما تضمنت مذكرة مركز القاهرة أن مشروع القانون قد فوض المحافظين كل في نطاق محافظته في مباشرة الاختصاص بالترخيص ببناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو توسيعها أو ترميمها، بعد أخذ رأي الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم، وفقاً للاشتراطات البنائية، لكن نصوص القانون التي أجازت للمحافظ أن يرفض طلب الترخيص، لم تفصح عن أي معايير واضحة يبني عليها قرار الموافقة أو الرفض. ومن ثم تظل قرارات المحافظين في هذا الشأن غير محصنة من الخضوع للأهواء والضغوط والمواءمات السياسية والدينية، التي يجوز في ظلها التيسير أو التعقيد علي طالبي الترخيص.