سيطر مسلحون على مقر الحكومة المحلية والبرلمان في شبه جزيرة القرم في أوكرانيا يوم الخميس ورفعوا العلم الروسي مما أثار قلق الحكام الجدد في كييف الذين حثوا موسكو على عدم انتهاك القوانين المنظمة لوجود القاعدة البحرية الروسية في شبه الجزيرة. وقال أولكسندر تيرتشينوف القائم بأعمال الرئيس منذ عزل فيكتور يانوكوفيتش مطلع الأسبوع "أهيب بالقيادة العسكرية للأسطول الروسي في البحر الأسود.. بأن أي تحركات عسكرية بما في ذلك الأسلحة خارج حدود هذه المنطقة (منطقة القاعدة العسكرية) سنعتبره عدوانا عسكريا." واستدعت وزارة الخارجية الاوكرانية أيضا القائم بأعمال السفير الروسي في كييف لإجراء مشاورات فورية. وهناك إشارات متضاربة من موسكو إذ وضعت طائراتها المقاتلة على طول حدودها الغربية في حالة التأهب القتالية لكنها قالت في وقت سابق انها ستشارك في المناقشات بشأن حزمة مالية من صندوق النقد الدولي لأوكرانيا. وقالت أوكرانيا انها تحتاج 35 مليار دولار على مدى العامين المقبلين لتجنب خطر الإفلاس. وأثار الخوف من التصعيد العسكري قلق الغرب إذ حث الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فو راسموسن روسيا على عدم القيام بأي تحرك من شأنه "تصعيد التوتر أو التسبب في سوء تفاهم". وقال راسموسن يوم الخميس إن استيلاء مجموعة مسلحة على مقر الحكومة المحلية والبرلمان في القرم أمر "خطير وغير مسؤول". وأضاف في اجتماع للحلف حضره القائم بأعمال وزير الدفاع الأوكراني "يساورني قلق شديد إزاء أحدث التطورات في القرم. التحرك الذي قامت به مجموعة مسلحة خطير وغير مسؤول." وقال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي إن سيطرة مسلحين على مقر الحكومة في القرم "لعبة خطيرة جدا". وقال سيكورسكي في مؤتمر صحفي "هذه خطوة عنيفة وأحذر من قاموا بها ومن سمحوا لهم بهذا لان هذه هي الطريقة التي تبدأ بها الصراعات الإقليمية." ولم يعرف على الفور من يسيطر على مقر الحكومة في سيمفيروبول عاصمة المنطقة كما انهم لم يتقدموا بمطالب لكن شهودا من رويترز قالوا انهم يتحدثون الروسية ويبدو انهم أوكرانيون انفصاليون من أصل روسي. ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن شاهد قوله إنه كان هناك نحو 60 شخصا بالداخل وإن معهم اسلحة كثيرة. وأضافت أنه لم يصب أحد بسوء حين استولى أشخاص يتحدثون الروسية ويرتدون ملابس عسكرية على المبنى في الساعات الاولى من صباح اليوم الخميس. وقال ليونيد خازانوف وهو أوكراني من أصل روسي لرويترز "كنا نبني المتاريس في الليل لحماية البرلمان. ثم جاء شاب روسي يحمل مسدسا ... استسلمنا جميعا وكان هناك إطلاق نار ودخل حوالي 50 شخصا من النافذة." وأضاف خازانوف "كانوا هناك... ثم جاءت الشرطة وبدا عليهم الخوف. سألتهم (المسلحين) ماذا تريدون فقالوا: نريد ان نتخذ قراراتنا لانفسنا لا أن تقول لنا كييف ما سنفعل." واحتشد نحو 100 شرطي امام مبنى البرلمان وسار عدد مماثل يحملون الاعلام الروسية إلى المبنى وهم يرددون "روسيا... روسيا" ويحملون لافتة تطالب بإجراء استفتاء القرم. وقال احدهم ويدعى الكسي (30 عاما) "لدينا دستورنا والقرم ذاتية الحكم. الحكومة في كييف فاشية وما يقومون به غير قانوني ... نريد التعبير عن دعمنا للناس في الداخل (البرلمان). لا بد أن تكون السلطة لنا." والقرم هي المنطقة الوحيدة في أوكرانيا التي بها اغلبية روسية عرقية وهي آخر معقل كبير للمعارضة للقيادة السياسية الجديدة في كييف بعد الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش يوم السبت. ويتمركز جزء من الأسطول الروسي في البحر الأسود بالقرم في ميناء سيفاستوبول. وعبر قادة أوكرانيا الجدد عن قلقهم بشأن مؤشرات على وجود نزعات انفصالية هناك. وأكد أرسين أفاكوف القائم بأعمال وزير الداخلية الاستيلاء على المبنى وقال إن المهاجمين لديهم أسلحة آلية ورشاشات. وقال على موقع فيسبوك "المحرضون في مسيرة. هذا وقت للهدوء." وقال تيرتشينوف للبرلمان الذي دعا إلى جلسة لتسمية الحكومة الجديدة "المجرمون الذين يرتدون زيا عسكريا ويحملون أسلحة آلية استولوا على المباني." وناشد موسكو الالتزام ببنود اتفاق يسمح لأسطول روسيا في البحر الأسود بأن يتخذ من سيفاستوبول قاعدة له حتى عام 2042. وقال رئيس الوزراء في القرم انه تحدث إلى الناس داخل المبنى عبر الهاتف لكنهم لم يقدموا أي مطالب. وقالوا انهم وعدوا بالاتصال به مرة أخرى لكنهم لم يفعلوا. وتجاهل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوات بعض من ينتمون إلى أصل روسي في القرم لتستعيد موسكو السيادة على الاراضي التي سلمها الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف لأوكرانيا إبان الحقبة السوفيتية عام 1954. وتقول الولاياتالمتحدة إن اي عمل عسكري روسي سيكون خطأ فادحا. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن موسكو ستدافع عن حقوق مواطنيها وسترد بقوة وبلا أي هوادة حين تتعرض هذه الحقوق للانتهاك. وعبرت الوزارة عن قلقها من "انتهاكات حقوق الانسان الجارية على نطاق واسع" وهجمات وتخريب في الجمهورية السوفيتية السابقة. وجرت يوم الاربعاء مواجهات بين انفصاليين مؤيدين لروسيا وتتار من السكان يؤيدون القيادة الجديدة في أوكرانيا. وأطيح بيانوكوفيتش بعد ثلاثة اشهر من الاحتجاجات في كييف. وهو هارب الآن وتلاحقه السلطات الجديدة في البلاد بتهمة القتل فيما يتعلق بموت نحو 100 شخص خلال الصراع. لكن يانوكوفيتش قال يوم الخميس إنه لايزال الرئيس الشرعي لأوكرانيا وإن الناس في المناطق الواقعة بجنوب شرق وجنوب البلاد لن تقبل "الفوضى" التي تسبب فيها زعماء اختارهم الغوغاء. ونقلت وكالات انباء روسية عن بيان ليانوكوفيتش قوله إنه طلب من موسكو ضمان سلامته الشخصية. ولم يتسن التحقق من البيان من مصادر مستقلة ولم يتضح أين يوجد يانوكوفيتش رغم ان بعض المؤسسات الاعلامية أشارت الى انه في موسكو بعد فراره من أوكرانيا. من اليساندرا برنتيس (إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير سيف الدين حمدان)