أعلنت الحكومة الكولومبية وحركة "القوات المسلحة الثورية في كولومبيا" (فارك) المتمردة الاحد في هافانا انهما توصلتا الى اتفاق على قضية التنمية الزراعية احد ابرز مواضيع الخلاف في المفاوضات الجارية من اجل انهاء خمسة عقود من النزاع. وينص الاتفاق على دفع تعويض للذين خسروا اراض او نزحوا عن املاكهم، بحسب الدبلوماسي الكوبي كارلوس فرنانديز دي كوسيو الذي استضافت بلاده المفاوضات التي استمرت طيلة اشهر. وحتى الان، ركزت المفاوضات في مركز المؤتمرات في هافانا بشكل شبه حصري على التنمية الريفية وهي احد المواضيع الخمسة المدرجة على جدول الاعمال. وكان توزيع الاراضي من بين اسباب اندلاع النزاع في كولومبيا حيث الانقسام واضح بين مالكي الاراضي الاثرياء والفلاحين الفقراء. وصرح دي كوسيو ان "الاتفاق (على التنمية الريفية) يهدف الى معالجة تداعيات النزاع وتعويض ضحايا عمليات النهب والتهجير القسري". من جهته اعلن رئيس وفد فارك الى المفاوضات ايفان ماركيز انه لا تزال هناك تفاصيل بحاجة الى التفاوض بشأنها، مشيرا الى انه سيتم بحثها في اجتماعات لاحقة. وقال ماركيز الذي يعتبر الرجل الثاني في فارك "لقد حققنا تقدما في التوصل لاتفاق، مع تحفظات موضعية سيعاد النظر بها قبل ابرام الصيغة النهائية للاتفاق". وكان ماركيز اعلن مؤخرا في ختام ستة اشهر من المفاوضات في هافانا انه تمت الاستجابة للمطالب الرئيسية لحركته، وهي انشاء محميات قروية تتمتع بحكم ذاتي وتوزيع الاراضي غير المستصلحة. ولاقى الاتفاق الذي يعتبر التقدم البارز الاول في محادثات السلام المستمرة منذ ستة اشهر في هافانا، ترحيبا كبيرا ولو انه جزء من اتفاق اشمل لا يزال التفاوض بشانه مستمرا. وحذر البيان المشترك من ان الاتفاق حول التنمية الزراعية "رهن بالتوصل الى اتفاق حول جدول الاعمال بكامله"، لان المحادثات ترتكز على مبدا ان "اي اتفاق حول بند ما لا يعتبر نهائيا ما لم يتم التوصل الى اتفاق حول كل البنود". وصرح كبير مفاوضي الحكومة الكولومبية اومبرتو دي لا كايي وهو نائب الرئيس السابق في بيان لوكالة فرانس برس ان ما اتفق عليه المفاوضون "حول المسالة الزراعية سيؤدي الى تحول جذري في المناطق الريفية في كولومبيا". واشاد الرئيس خوان مانويل سانتوس بالاتفاق في رسالة على تويتر. وكتب سانتوس "اننا نرحب بهذه الخطوة الاساسية في هافانا نحو التوصل الى اتفاق شامل لوضع حد لنصف قرن من النزاع". واضاف "سنواصل عملية السلام بحذر ومسؤولية". وسارع رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو الى تهنئة ادارة سانتوس والمتمردين على الاتفاق، وقال خلال زيارة الى بوغوتا "انه امر يملؤنا بالفرح". وكان الرئيس الراحل هوغو تشافيز على اتصال مع المتمردين ومؤيدا لعملية السلام. كما هنأ وزير خارجية الاكوادور الجانبين في رسالة على تويتر. ومن المفترض ان ياخذ الجانبين استراحة لعدة ايام قبل ان يستانفا المفاوضات حول المشاركة في العملية السياسية وهي النقطة الثانية على جدول الاعمال. كما من المفترض ان يتباحثا في قضية المخدرات ونزع السلاح بالاضافة الى كيفية التعامل مع ضحايا النزاع المسلح. وتأسست فارك في 1964 على اثر تمرد فلاحين في جبال كولومبيا، وهي اقدم حركة تمرد في اميركا اللاتينية وقد سجلت في السنوات الاخيرة تراجعا في عدد قواتها الذي لم يعد يتجاوز ثمانية الاف مقاتل ينتشرون خصوصا في المناطق الريفية، بحسب الحكومة. وصرح احد المفاوضين عن التمرد ويدعى بابلو كاتاتومبو لمجلة سيمانا الواسعة الانتشار انه من الضروري ان يعاد انتخاب سانتوس في الاقتراع الرئاسي المقرر في ايار/مايو 2014 لضمان استكمال عملية السلام. وكان متمردو فارك قالوا في وقت سابق انهم لا يؤيدون اعادة انتخاب سانتوس. ولزم سانتوس (61 عاما) الغموض حول مشاريعه بالنسبة الى ولاية رئاسية جديدة ولا تزال امامه مهلة حتى تشرين الثاني/نوفمبر ليتخذ قراره. وقبل ان يتولى سانتوس الحكم في 2010، كان وزيرا للدفاع في ادارة سلفه الفارو اوريبي المتشددة. وخلال توليه هذا المنصب قام بملاحقة عدد كبير من قادة فارك. ودعم اوريبي الذي لا يزال يتمتع بالشعبية ترشح سانتوس الى الرئاسة الا انه يعارض بشدة محادثات السلام مع فارك وبات اليوم يناى بنفسه علنا عن الرئيس. واتخذ سانتوس مجازفة سياسية كبرى عندما دخل في مفاوضات السلام، الا ان المحللين يرون انه يمكن ان يفوز بسهولة في الانتخابات الرئاسية في حال نجاح المحادثات.