اوفدت بريطانيا وزير خارجيتها وليام هيغ الى مقديشو كما عينت سفيرا لها في العاصمة الصومالية لاول مرة منذ عقدين الخميس، في خطوة غير مسبوقة من لندن لمعالجة النزاع في الصومال. وتاتي زيارة هيغ الى المدينة التي غالبا ما تشهد عمليات انتحارية وهجمات بالقنابل والرشاشات، قبل انعقاد مؤتمر كبير في لندن يهدف الى ايجاد سبل لاحتواء التهديد الذي يمثله مقاتلو القاعدة وقراصنة السفن. وتنقل هيغ، الذي كان يرتدي سترة واقية وخوذة، من المطار مخترقا شوارع العاصمة التي دمرتها الحرب، داخل سيارة مدرعة تعود الى فرقة من جنود الاتحاد الافريقي التي تحمي الحكومة الصومالية المتعثرة. والتقى وزير الخارجية بالرئيس الصومالي شيخ شريف احمد وعددا من كبار المسؤولين، وقال ان زيارته هي "مؤشر على التزام بريطانيا تجاه الصومال وشعبها". ونقلت وزارة الخارجية عنه قوله أنه "في مؤشر اخر على التزامنا الطويل تجاه الصومال، فان السفير البريطاني الجديد في الصومال مات بو، قدم اليوم اوراق اعتماده للرئيس شيخ شريف". وكان اخر سفير بريطاني غادر الصومال قبل 21 عاما بعد ان عمت الفوضى الدولة الواقعة في القرن الافريقي بعد الاطاحة بالرئيس سياد بري في العام 1991. وسيبقى بو، الممثل البريطاني الاعلى السابق في الصومال، في العاصمة الكينية، بحسب ما افاد متحدث باسم السفارة البريطانية في نيروبي، ولن ينتقل الى مقديشو او يفتتح السفارة الا "عندما تسمح الظروف الامنية" بذلك. الا ان تعيين السفير وزيارة هيغ -ارفع مسؤول بريطاني يزور مقديشو منذ العام 1992- يشيران الى الاهمية التي توليها لندن للازمة في الصومال. وتعتبر بريطانيا الصومال "تهديدا مباشرا" لامنها بسبب مخاوف من ان مواطنين بريطانيين انضموا الى حركة الشباب التي ترتبط بتنظيم القاعدة والتي تقاتل من اجل الاطاحة بالحكومة الضعيفة المدعومة من الغرب. وفي السنوات الاخيرة انضم العديد من المقاتلين الاجانب، بعضهم صوماليون يعيشون خارج بلادهم، الى حركة الشباب وشاركوا في معارك شرسة هدفت الى السيطرة على البلاد وفرض حكم الشريعة الاسلامية. كما ان القراصنة الصوماليين الذين ينشطون في وسط وشمال الصومال يتسببون بالمشاكل لحركة النقل البحري ويحتجزون بريطانيين واجانب رهائن من اجل الحصول على فدية. وتم تشديد الاجراءات الامنية في مقديشو اثناء زيارة هيغ التي تاتي قبل مؤتمر لندن الذي من المقرر ان يعقد في 23 شباط/فبراير ويهدف الى حل الازمة التي طالت في الصومال. وقالت وزارة الخارجية ان المؤتمر "يهدف الى الجمع ما بين قادة الدول والمنظمات الشريكة .. للمساعدة على صياغة موقف مشترك لمعالجة مشاكل وتحديات الصومال التي تؤثر علينا جميعا". واضافت ان ذلك يتضمن معالجة مشاكل التطرف "والاسباب وراء انعدام الاستقرار والنزاع في الصومال، اضافة الى مكافحة القرصنة وافضل الطرق لمعالجة "التهديد الارهابي القادم من الصومال"، والازمة الانسانية الناجمة عن النزاع والجفاف في ذلك البلد. وقال هيغ في مقديشو ان المؤتمر الذي سيرأسه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، يامل في دعم "مستقبل افضل للصومال وشعبها" مضيفا ان الرئيس الصومالي وافق على حضور المؤتمر. وتاتي زيارة هيغ في اعقاب زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لذلك البلد في اب/اغسطس الماضي، وزيارة الامين العام للامم المتحدة في كانون الاول/ديسمبر والتي كانت اول زيارة يقوم بها امين عام للامم المتحدة خلال 18 عاما. ونقل مبعوث الاممالمتحدة الخاص للصومال مقره من نيروبي الى مقديشو الشهر الماضي. وتفتقر الصومال الى حكومة مركزية فعالة منذ العام 1991. وجرى ارسال 10 الاف من جنود الاتحاد الافريقي من اوغندا وبوروندي وجيبوتي لدعم الحكومة الصومالية. وتسيطر حركة الشباب المسلحة على مساحات واسعة في وسط وجنوب الصومال، الا انها تواجه ضغوطا متزايدة من القوات الحكومية والجيوش الاقليمية. وتحارب قوات من الجيش الكيني حركة الشباب في جنوب البلاد، كما تقاتل قوات اثيوبية تلك الحركة في الجنوب والغرب، بينما تنتشر قوات الاتحاد الافريقي في مقديشو. وتقول الاممالمتحدة ان الصومال تعاني من اسوأ ازمة انسانية في العالم، حيث اعلنت ثلاث من مناطقها "مناطق مجاعة" ويواجه نحو 250 الف شخص خطر الجوع.