القنوات المصرية ماقدمتش برامج جذابة، غير التوك شو لما بلد تكون بتنتج 60% من إنتاج العرب الثقافي وفقا لل"بي بي سي"، هوليوود الشرق، وأي فنان عايز يشتهر لازم ياخد منها التأشيرة، وفيها أهم قامات فكرية، وعلى الرغم من كده إعلامها مابيتشافش خارج حدودها، يبقى أكيد فيه خلل! المشكلة ابتدت تتحس مع أحداث تصفيات كأس العالم، لما كانت القنوات المصرية بتتكلم عن اللي حصل، وبتذيع فيديوهات للاعتداءات، وإحنا نتحرق ونسمع آه يا غالية ونعيط، في نفس الوقت اللي باقي البلاد العربية ماكانتش سامعة إحنا بنقول إيه!!... وقيسوا على كده بقى أي موقف نقابله، البرامج الحوارية تشتغل بالليل على ودنه، وإحنا نتشحن الشحنة التمام، لكن لما نبص حوالينا، نلاقينا في وادي والدنيا في وادي تاني!! موقعنا على الساحة الإعلامية العربية بالأرقام للأسف كشف تقرير "نظرة على الإعلام العربي" لعام 2009، اللي أصدره نادي دبي للصحافة، بالتعاون مع إحدى الشركات المتخصصة في أبحاث التسويق، إن القنوات الفضائية المصرية مش متشافة خالص برّه مصر، باستثناء قناة الحياة اللي بتتشاف بنسبة 9% في السعودية، وبانوراما دراما بنسبة 13% في السعودية برضه! وغير كده، القنوات الفضائية ناجحة داخل مصر بس، أما عن الساحة الإعلامية العربية، فبتسيطر عليها مجموعة "إم بي سي" بقنواتها المختلفة، ومجموعة قنوات روتانا، وقنوات الجزيرة، ومؤسسة دبي للإعلام، ومؤسسة أبو ظبي للإعلام، وال"بي بي سى". وبين المجموعات دى، احتلت مجموعة "إم بي سي" المركز الأول في معدلات المشاهدة، لأنها بتستحوذ منفردة على 40% من نسب المشاهدة. وأشار التقرير لتنوع القنوات واللغات اللي بتبثها ال"إم بي سي" واستحواذها على اهتمام معظم المشاهدين، لقدرتها على تلبية احتياجاتهم من البرامج العائلية الترفيهية، يعنى بالعربى إحنا برّه الصورة خالص!! توك شو طلع له قناة ولو حاولنا نفهم سر الهِو اللي إحنا فيه ده، هنلاقي مفتاح الحل عند الجمهور المصري، ففي نفس التقرير وضمن إحصائية عن أعلى البرامج مشاهدة في مصر، توزعت النسب على 7 مراكز، 5 منهم برامج "توك شو"! في المركز الأول "القاهرة اليوم" التاني "العاشرة مساء" التالت "الأفلام" الرابع "90 دقيقة" الخامس "الحياة اليوم" السادس "مصر النهارده" السابع "الكرة مع شوبير" فيه شعب في الدنيا مابيتفرجش إلا على برامج حوارية؟!! يعنى مثلا في البلاد العربية التانية، البرامج المفضلة عند الناس بتتنوع بين برامج إخبارية وفنية ورياضية، إنما في مصر.. هو التوك شو وبس! وده لو دل على شيء، فإنما يدل على إن القنوات المصرية ماقدمتش برامج جذابة، غير التوك شو، ومفيش أي برنامج فني أو رياضي أو مسابقات اتوجهت له عناية كافية، عشان يخرج بصورة لائقة، يحقق من خلالها مشاهدة عالية! كأن الحكاية عبارة عن توك شو وطلع له قناة! ده غير إن الكارثة تكتمل لما تلاقى إن ولا برنامج توك شو متشاف برّه مصر، وده برضه مش كلامي، ده كلام الإحصائيات! وبصراحة، دي حاجة منطقية بالنسبة لمحتوى البرامج دى، اللي مابتتكلمش إلا عن الشأن الداخلى لمصر، وضيوفها بيكونوا مصريين بس، وكلها مشاكل! ولو حبينا نلخص الحاجات دى، هنلاقى إن غياب التنوّع هو سيد الموقف، زى ما التقرير أشار إلى أن أعلى القنوات مشاهدة، هي اللي حققت تنوعا في محتواها ولغاتها، فلبّت احتياجات العرب كلهم. أما القنوات المصرية فمسحت التنوّع بأستيكة، سواء في نوعية البرامج، أو جنسيات الضيوف (يعنى ماتلاقيش في برنامج رياضى مثلا لاعب كورة غير مصرى، أو تلاقى في أى برنامج مسابقات ضيوف مش مصريين!) أو حتى في المواضيع اللي بيتناولها البرنامج الواحد! فقر الفكر سالنا د.هناء فاروق، أستاذ الرأي العام بإعلام القاهرة فقالت: "الإمكانيات المادية بتلعب الدور الأول، لكن الأخطر فقر الفكر؛ لأن المادة صحيح بتعمل إبهار، لكن الإبداع لو موجود، تأثير العامل المادى هيقل، والمشكلة الحقيقية إننا ماعندناش قدرة على الإبداع، كله بيقلد وبيستسهل، وأصبحنا ماشيين على القاعدة الأمريكية اللي بتقول "اتبع خُطوات الفائز"، لما قناة تعمل برنامج وينجح، كل القنوات تقلّده وماحدش بيجتهد عشان يقدم شيء جديد، وكل البرامج شكل واحد" "العنصر التالت..غياب الرؤية والتخطيط والمنطق، المفروض إن شغلنا بيزنس، يعنى أكون عارف بنتج البرنامج ده ليه، ومين الجمهور اللي بتوجه له، وفيه مشكلة كمان إن صانع القرار في المؤسسات الإعلامية، مش على علم بالاختلاف بين البلاد العربية، وإن اللي المصريين بيحبوه مش شرط باقى البلاد تتابعه، لكن لو عارف الجمهور والرأى العام واتجاهاته، هيعرف إيه اللي بيحبه المغاربة، وإيه اللي بيحبه الخلايجة، وهيعمل مضمون يلبي كل الاحتياجات". "العنصر الرابع.. غياب الاحترافية، وحتى في طريقة التعيين، بنلاحظ غياب العناصر الشابة، وعلى الرغم من إننا بنشوف في الكلية كل سنة إبداعات وطاقات هايلة في مشروعات التخرج، فللأسف مابيبقاش ليهم مكان في الصناعة الخطيرة دى بعد كده!! " "وللأسف برده، نجح فكر السوق في إنه ينسينا إن مصر مشهورة بالعقول المبهرة على مدى تاريخها، وإن الاستثمار الحقيقي في العقول المبهرة اللي أكيد تقدر تتغلب على الإبهار المادي". "ده غير العشوائية المنتشرة، يعني اللي بينتقد الحكومة، واللي بيتريق، واللي بيجمع تبرعات، لكن ماحدش بيسأل نفسه إذا كان بيفيد البلد دى بجد ولا لأ، أو إذا كان بيدعم ريادتها ودورها الثقافى ولا لأ". "والحل مش بس إني أتكلم عن العرب، لكن لازم كمان أتكلم معاهم، وأدمجهم في خريطتي، وأعرف مشاكلهم، وإحنا فين بالنسبة لمشاكلهم، وبالنسبة لهم بشكل عام". قناة لوجو مش مذيع وعشان الرؤية تكتمل، سألنا "أ.إيهاب بهجت" مدير إنتاج برامج قناة الحياة، اللي حققت أعلى مشاهدة داخل مصر، والقناة الوحيدة اللي حققت مشاهدة نسبية خارج مصر، فقال: "لما بدأنا نعمل قناة الحياة، كانت رؤية مالك القناة السيد بدوي، ورئيس القناة أ.محمد عبد المتعال،إننا نعمل قناة على غرار ال"إم بي سي"، من حيث تنوع البرامج والقنوات، ودى بلغتنا اسمها قناة "اللوجو"، يعني القناة تتعرف باسمها مش بإنها قناة منى الشاذلى أو عمرو أديب، ودى قنوات -مع احترامنا الكامل ليها- بتنافس بعضها لكنها غير جاذبة على الإطلاق للمشاهد العربي". "وبالنسبة لكون ضيوفنا ومتسابقينا مصريين بس، فده لأننا لاحظنا إن نسبة المصريين بالقنوات العربية لا تتجاوز ال3%، يعني ما بياخدوش حقهم، فقررنا تسليط الضوء عليهم، لكن مش معنى ده إن الانتشار عربيا خارج حساباتنا، لكن خطتنا لما أسسنا القناة كانت أولا صنع شبكة قوية، فيها مواد إعلامية كبيرة، نثبت بيها نفسنا على الصعيد المصرى، وده الحمد لله اتحقق في ظرف سنتين، هم عمر القناة، وحققنا كمان نسبة مشاهدة في بعض البلاد العربية، الخطوة اللي بعدها إننا نتجه للشارع العربى، وأول خطوة كانت "برنامج 1 ضد 100" لمصطفى شعبان، وده نسبة المصريين فيه 30% بس، وبننتجه بالتعاون مع قناة أبو ظبى، وبكده نكون ضربنا عصفورين بحجر واحد، أنتجنا برنامج قوى، وفي نفس الوقت فتحنا نافذة على العالم العربى، وفى خطتنا المقبلة إطلاق 3 قنوات، هي "الحياة مغرب" لبلاد المغرب العربى، و"الحياة مشرق" لبلاد المشرق، و"الحياة إفريقيا" لدول حوض النيل، وهتتميز القنوات دي بمحتوى يجذب المناطق الموجهة ليها". كلمة أخيرة: كل الأرقام والحقائق بتقول إنه آن الأوان للقائمين على الإعلام المصري إنهم يعيدوا حساباتهم، ويدركوا إن واجبهم مابيقتصرش على مناقشة قضايا مصر بس، وإن عليهم مسئولية تدعيم دورها الريادى، وعدم نسيان اللي حصل في 18 نوفمبر أبدا.