إن هناك عددا كبيرا من أبناء العاملين فى الهيئة تقدم لشغل هذه التعيينات ,وإنه إذا تقدم اثنان لوظيفة أحدهما من أبناء العاملين والأخر من خارج الهيئة وتساوى الاثنان في الكفاءة والمؤهلات سيتم اختيار الأول. إن ذلك يعد ترسيخا لمبدأ التوريث الذي رفضته ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة كما إنه يخالف الإعلان الدستوري الذي أن المواطنين أمام القانون سواء ذلك يعد أخطر من التوريث لأن الأب في هذه الحالة لم يترك مكان عمله للابن بل أصبحا يعملان في مكان واحد دون ترك فرصة لمواطن أخر كواحد من الغالبية المهشمة من الشعب المصري، !. من بين هذه المظاهر أن بعض المؤسسات الحكومية تعطي لأبناء العاملين فيها أولوية مطلقة في شغل ما يشغر بها من وظائف، وهناك ما يعرف ب "الإعلانات الداخلية" عن الوظائف المطلوب شغلها، وبالطبع لا يعلم بهذه الإعلانات إلا العاملون داخل هذه الهيئة أو تلك الإدارة، وبالتالي لن يخبروا بها إلا أقرب الأقربين، ناهيك عن الانتهاء من اختيار المحظوظين قبل الإعلان الشكلي عن الوظيفة التي كانت شاغرة. وهناك عائلات شهيرة في أكثر من "محافظات الجمهورية لا يخلو منها أي تشكيل وزاري، وبعض الدوائر الانتخابية تظل حكرا على عائلات بعينها لا ينازعها عليها أحد، وأحياناً يتم تقسيم المقاعد النيابية في هذه الدوائر بين عدد محدود من العائلات، وفي الساحة الإعلامية تتعاقب الأجيال وتبقى أسماء معروفة للمتابع البسيط. ولا يمنع ذكر أمثلة لهذه الأسماء إلا الحرص على عدم شخصنة القضية.–إن صح هذا التعبير الذي وصفها به صاحبنا- حدث غير مرة، في أكثر من كلية -وبشهادة أشخاص عدول- أن قرر مجلس أحد الأقسام عدم تعيين معيدين لمدة ثلاث سنوات لتفريغ هيئة التدريس حتى يضمن أحد المسؤولين النافذين تعيين نجله الذي التحق بهذا القسم وهو لا يزال في الفرقة الأولى. ولا تختلف شروط الالتحاق بسلك القضاء عن مثيلتها في السلك الدبلوماسي ولا في الكليات السيادية، ولا المؤسسات الرسمية. وثمة نوع آخر من أشكال التوريث يختلف قليلا عن الأنواع السابقة بغياب عصبية النسب واعتماد التوجه الأيديولوجي –إن صح الوصف ووُجد الموصوف- ويتمثل في سيطرة بعض التنظيمات السياسية أو الجماعات الدينية على بعض القطاعات فيقتصر إسناد الوظائف فيها على "الرفاق" أو "الإخوة" –بحسب الجبهة المهيمنة- ولا يحق لمن عداهم الوصول إلى هذه الأماكن، وهو ما يُطلَق عليه لفظ "الشللية".. ويظهر هذا النوع من التوريث أكثر ما يظهر -للأسف الشديد- في المؤسسات الإعلامية والثقافية. ولا تقتصر خطورة هذه السلوكيات على ما يلحق بالأفراد المحرومين من غبن وظلم، إنما تمتد إلى ما يلحق بالمجتمع من خسائر نتيجة حرمانه من جهود وكفاءات وعقول ومهارات تم استبعاد أصحابها من العمل في أماكن تحتاج لإمكاناتهم. يبقى السؤال الملح: ما مستوى أداء أي شخص قَبِلَ أن يبدأ حياته العملية بهذه الطريقة المشبوهة ؟ .. وما مدى إخلاصه لأبناء المجتمع الذين خطا فوق رقاب بعضهم ليصل إلى ما وصل إليه ؟. أما مناوئو توريث رئاسة الجمهورية فعليهم أن ينظروا للصورة بكل تفاصيلها وأن يعلنوا موقفهم صراحة، دون مناورة، من أشكال التوريث البغيضة على جميع المستويات وليس فقط على مستوى الإمامة الكبرى. ولاشك أن التوريث السياسي في هذه الحالة سوف يتسبب بكوارث ومآسي لاحدود لها خاصة أذا علمنا أن المؤسس التطبيقي لهذه الفكرة وصل إلى الحكم بدهاء وذكاء ودماء وعنف وغدر وخيانة وهو الأسلوب الذي درج عليه تلاميذ الاستبداد في العصر الحديث!وفي النهاية سوف يتم تسليم راية الاستبداد والحكم إلى الابن الذي يكون مستلما لها بدون أدنى تعب ولا يحمل من القدرات والكفاءات التي تجعله قادرا على أدارة الدولة في أفضل وجه دون نسيان أن عائلة المستبد وأعوانه المقربين في الغالب تعيش عيشة مترفة بدون أدنى جهد مما يسبب عزوفهم الدائم عن الدراسة والعمل في صفوف المجتمع هذا في حالة قبولهم لمجتمعهم. أما في حالة التعالي فأن الكارثة تكون أوسع والنتائج نكسات مستمرة،نعم أن ديمومة واستمرارية الحكم شئ وبناء الدولة ومؤسساتها شئ آخر،لأنه أذا كان الهدف هو البناء والتحديث فسوف يكون الحاكم أول من تتم الإطاحة به لانه وصل إلى الحكم بطريقة غير ديمقراطية. بدأ العديد من المؤسسات الحكومية فى جميع القطاعات الاستجابة لضغوط العاملين بها لتعيين أبنائهم فى المؤسسات نفسها، وقررت عدة جهات حكومية الرضوخ لمطالب المحتجين بهذا الشأن، فى محاولة لامتصاص غضبهم، فى الوقت الذى اندلعت فيه ثورة 25 يناير ضد فكرة توريث السلطة. أعلن اتحاد الإذاعة والتليفزيون فتح باب التعيين لأبناء العاملين، بعد المظاهرات التى شهدها الاتحاد مؤخرا ضد سياسات المسؤولين، وأسفرت عن الاعتداء على بعضهم، ومحاصرة مكاتبهم، قبل أن تتدخل القوات المسلحة لاحتواء الموقف. وفى الوقت الذى يعانى فيه الاتحاد ارتفاع عدد العاملين به، ويقدر ب39 ألف عامل، فإن عدد الطلبات التى تلقاها مكتب المهندس أسامة الشيخ، رئيس الاتحاد، تجاوز 30 ألفا، حسب تأكيدات مصادر مسؤولة. من جهة أخرى، قرر المهندس حسن صقر، رئيس المجلس القومى للرياضة، تعيين 60 موظفا من أبناء العاملين بالمجلس، عقب المظاهرات، التى نظموها للمطالبة بتعيين أبنائهم، وتحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية. فيما أسفر اعتصام أبناء العاملين بمصنع الألومنيوم بمحافظة قنا، الأربعاء الماضى، للمطالبة بتعيينهم، عن حصولهم على وعد من المسؤولين بذلك، وقررت الشركة المصرية للاتصالات زيادة نسبة تعيين أبناء العاملين من 10 إلى 20%. وكان الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية السابق، صرح أكثر من مرة بأن تعيين أبناء العاملين بالدولة باطل قانونيا ودستوريا، لأن الأساس فى الوظيفة هو الإعلان والمفاضلة بين من سيشغلون الوظيفة. من الطبيعي أن أكون في صف المعارضة لأي نظام كان وما زال سببا رئيسيا في تهميش وإفقار الغالبية العظمى من الشعب المصري تحت شعار "عدم المساواة في توزيع الثروة أفضل من العدل في توزيع البؤس" بحسب قول ابن الرئيس في جرأة تاريخية نادرة على تحدي ما استقر عليه حكماء الزمان من أن "العدل أساس الملك"، وباستخفاف مستفز لغالبية الشعب المصري تعود بنا إلى عصر "أنتم عبيد إحساناتنا"، وهذا ما يبدو أنه هدفه. إلا أن تجاوز الحق من قبل النظام لايبرر للمثقف الحقيقي بحسب معايير إدوارد سعيد، أن يقابله بتجاوز مثله. فالمثقفون الذين هم صلب الطبقة الوسطى المنقرضة في مصر، هم القيمون على القيم العليا للمجتمع والحافظون لها. ومن الإنصاف أن نقول أن التوريث في مصر أصبح ظاهرة إجتماعية غير مقصورة فقط على التوريث السياسي لمصر. فتوريث الوظائف العامة في الحكومة ومؤسساتها وشركاتها في قطاع الأعمال أصبحت تقريبا حصريا على ورثة شاغليها من موظفي الدولة. بمعنى أوضح فقد أصبح التوريث للوظائف والمناصب، على حساب الكفاءة والقدرة، ثقافة عامة لا تقتصر على طبقة اجتماعية بعينها. قد يكون مقبولا أن يورث رجال الأعمال مواقعهم الوظيفية في إدارة أعمالهم إلى أبنائهم وبناتهم، رغم أنه ينافي أبسط مبادئ إدارة الأعمال التي تقول بفصل الملكية عن الإدارة. ولكن لأن الأعمال في مصر لا تدار في أغلبها بمعايير السوق الحقيقية، بل تدار بالاحتكار والزواج من السلطة وبالفساد، فإن تلك الأعمال لا تتعرض لمنافسة حقيقية قد تكشف عدم أهلية أصحابها أو ورثتهم في إدارتها. هذا باستثناء الصين التي كسرت هذا الاحتكار المحلي واستطاعت بعبقرية أن تنجح في غلق مئات المصانع المصرية. هذا الأمر يفسر لنا تدني مؤشر التنافسية العام لمصر عام 2007 وقد جاء ترتيب الاقتصاد المصري متدنيا للغاية حسب مؤشر أداء الأعمال، حيث احتلت مصر مركز المركز 165 بين 175 بلدا، وهو ترتيب يعكس المزيد من التراجع بالقياس إلى ترتيبها المتدني في العام الماضي حيث احتلت المركز 141 بين 150 بلدا. المفاجاة هنا أن المجلس القومي المصري للتنافسية هو ولعل هذا التدني في التنافسية يفسر فشل مشروع تحديث الصناعة الذي بدأ في عام 2000 بمنحة أوروبية قيمتها 350 مليون يورو، تمثل أكبر منحة خارج دول الاتحاد الأوروبي. إنتهى المشروع فنيا عام 2005، واستمر بشكل فني آخر دون تحقيق نتائج ملموسة في تحديث الصناعة الذي هو في حقيقة الأمر تحديث لمصر في الواقع. تقول الأوليجاركية الحاكمة في مصر بمنطق الحرية المطلقة لقوى السوق طريقا واحدا للتنمية في مصر حتى لو أدى الأمر إلى سوء توزيع لثروة مصر، وأن ذلك هو الذي سيوفر الحافز لرأس المال، ومن ثم يتيح تراكمه الذي يزيد من حجم الأعمال وبالتالي مزيد من التنمية وتوفير الوظائف للمصريين. حتى بنفس هذا المنطق فإن نتائج "أعمالهم" المتدنية بشهادتهم، تقول أنهم فشلوا فشلا ذريعا في "إدارة أعمالهم" بالأصالة وبالتوريث معا. بمعنى آخر فإنه ليس من حق رجال الأعمال أن يورثوا مناصبهم الإدارية لأبنائهم، لأن تنمية مصر ليس مفوضا لهم بدون مسائلة وحساب، أو هكذا أتصور، طالما أنهم بعد زواجهم غير الشرعي بالسلطة قد أخذوا حريتهم "على الآخر" في تشريع القوانين لتسهيل أعمالهم على حساب العمال، فعلى الأقل عليهم أن يديروا أعمالهم، أو بالأحرى أعمال مصر، لصالح مصر، وهو الأمر الذي فشلوا فيه بالفعل بدليل تدني درجة تنافسية مصر. المؤكد أن الأمر الذي نجحوا فيه هو الاستحواذ على المعونات الأمريكية والأوروبية دون تطوير حقيقي لأعمالهم أو تحديث لصناعة مصر التي ألقاها النظام المصري على مسئوليتهم. الخلاصة، أن رجال وسيدات أعمال مصر الجدد يورثون إدارة أعمالهم إلى أبناءهم بغض النظر عن كفائتهم وبذلك ويضحون بتنافسية مصر ويدمرون برامج التحديث والتطوير. لا مفاجأة إذن في أن يؤيد رجال الأعمال خطة توريث "إدارة" مصر، ولتذهب الديموقراطية إلى الجحيم وكذلك ليبراليتهم الجديدة، هذا رغم تباكيهم على الديموقراطية التي ذبحها عبد الناصر!. ليت الأمر في شأن التوريث "الإداري" يقتصر على رجال الأعمال، فإن إدارة المؤسسات الكبرى في مصر هي تحت قانون الوراثة جيلا بعد جيل، وتلك المؤسسات تتميز بأهم ما في الموضوع، وهو المال، إنها المؤسسات التي تمر من خلالها ثروات مصر الكبرى. وقناةالسويس مثلا، جميع وظائفها من العليا حتى الدنيا، من المدير الكبير وحتى الساعي!، هي حكر محتكر على عائلات بعينها، ويكاد يكون مستحيلا أن ينفذ منه جديد قادم مهما كانت كفاءته!. وقس على ذلك قطاع البترول بجميع شركاته، وجهاز الإعلام في معظمه أيضا ممثلا في الصحافة والإذاعة والتليفزيون، وغيرها من مواقع عبارة عن هيئات سيادية تتميز كلها بالرواتب العالية التي لايتخيلها حتى الموظف العادي في الحكومة نفسها. أما عن قطاع الفن، فحدث عن التوريث ولا حرج، يكفي نظرة على أسماء الفنانين والفنانات لتعطي فكرة عن حجم التوريث، هذا فقط عن أبناء وبنات الفنانين الذكور، أما أبناء النساء الفنانات فهم كثر أيضا ولكن بأسماء أزواجهن. وهنا قد يقال أن الموهبة الفنية تورث، وهذا صحيح إلى حد ما، ولكني لا أعتقد أنه بهذا الشكل الوبائي. أعتقد أن ما يحكم قطاع الأعمال من احتكار ينطبق هنا على قطاع الفن أيضا. كما أعتقد أن غياب المعايير والفساد في قطاع الثقافة بصفة عامة قد غيب النقد الحقيقي الذي يمثل روح الفن والأدب. وهنا أيضا نستطيع أن نحتكم بسهولة إلى نتائج أعمال رجال ونساء الفن، آباء وأمهاتا وأبناء وبناتا، كم جائزة مرموقة حصلوا عليها؟ كم أوسكار رشحوا له؟ كم ناقد عالمي محايد كتب عنهم؟ أعتقد أن الإجابات واضحة. إنهم يعيشون بفنهم الردئ، إلا فيما ندر، على أسر واحتكار المشاهد العربي بحكم الثقافة واللغة فقط. وما قيل عن القطاع الحكومي وقناةالسويس والبترول والصحافة والتليفزيون والمؤسسات السيادية، يقال بسهولة ويسر عن قطاع الرياضة، وما أدراك ما الرياضة. أول ما قد يتبادر إلى ذهن القارئ المهتم بالرياضة أن ابن المدرب الأمريكي كان ضمن تشكيل الفريق الذي هزم منتخب مصر، ولك نتائج أعماله تثبت براءته من الفساد، فقد لعب جيدا جدا، وأحرز هدفا في مرمى مصر. هل يمكن الآن أن نفهم سببا من أسباب هزائمنا الكروية، وهو التوريث بلا كفاءة تبرر، رغم اجتهاد المجتهدين وإخلاص المخلصين. هل نبالغ إذا قلنا أن الأهداف التي تدخل المرمى المصري هي أكثر مما نتخيل، وأن وباء التوريث "عمال على بطال" هو أحد أهم المداخل لتدني درجة تنافسيتنا على المستوى القومي. أما وقد قيل ما قيل، طالما أن شعبا بجميع طبقاته قد ارتضى التوريث ثقافة وأسلوبا اجتماعيا مقبولا، بالحق وبغيره، بالكفاءة وبغيرها، للقفز إلى مواقع الثروة والنفوذ والوظائف من أعلاها إلى أدناها، فلا أعتقد أنه يحق لهذا الشعب الاعتراض على توريث مصر كلها، "بالمرة". ليس دفاعا عن مبارك، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل، والعزاء الوحيد هو أن مصر تاريخها طويل ونفسها أطول، أطول من اللازم في كثير من الأحيان، ولكنه يقصر في أحيان نادرة!. التوريث السياسي في الانظمة الجمهورية،وهو الاهم في هذا البحث بنوعيها الديمقراطي والديكتاتوري،فهو يكتسب أهمية فائقة كون أن هذا التوارث يتعارض بصورة كلية مع طبيعة النظام وفلسفته المستندة على الخيار الشعبي في أبراز القادة الجدد وتسليمهم أمور البلاد والعباد،وبالتالي أي وسيلة للتوريث يصبح النظام فارغا من أي محتوى فكري أو قانوني يمنحه الشرعية للاستمرار في الحكم ويمنح الشرعية لكل الخارجين عليه والراغبين بالتغيير نحو الافضل. وفي الانظمة الديمقراطية الجمهورية من النادر جدا حصول التوريث السياسي،لان عملية الانتخابات هي التي تحدد من سوف يخلف الرؤساء والنواب وهذه موجودة في الحكومة والمعارضة المتمثلة بالاحزاب والجمعيات وغيرها. وقد حصلت بالفعل بعض عمليات التوريث السياسي ولكن نادرة الحدوث وبصيغة الانتخابات وبالتالي تنتفي صفة التوريث الاعمى ذو الطابع الديكتاتوري الاسري،وأذكر هنا مثالا في اليونان ذلك البلد الديمقراطي العريق حيث تحكمه عائلتين منذ عدة عقود من الزمن وتتناوبان الحكم بالانتخابات والعائلتان هما باباندريو وكرامليس،والاولى تمثل اليسار!والاخرى تمثل اليمين. وبما أن حق الانتخاب والترشح حق مكفول للجميع ألا أن سيطرة العائلتين يعود الى القدرة المالية الهائلة والعلاقات المتداخلة في المجتمع والخارج والنفوذ السياسي والاجتماعي الهائل اللذان يتمتعان به بحيث يسهل عملية جذب الانصار والحفاظ عليهم،بالاضافة الى ارسال اولادهم في فترة مبكرة للعمل في مؤسسات الدولة للتدرب على دخول المعترك السياسي. وأيضا هناك بعض العوائل المتنفذة في الولاياتالمتحدة مثل عائلة كينيدي الشهيرة وعائلة بوش،ألا أن التوريث هنا رغم محدوديته فأنه يكون على فترات زمنية متباعدة بين أفراد الاسرة الواحدة تتخللها فترات حكم لافراد آخرون،ورغم محدوديتها فأن تأثيرها شبه معدوم خاصة في ظل تحديد مستوى الصلاحيات في الحكومة والمعارضة على حد سواء. ومن أجمل الاشياء في التقاليد الديمقراطية هو تقديم المسؤول في الحكومة والمعارضة استقالته عند حدوث أي تقصير ليس منه فحسب وأنما من أفراد أسرته أومرؤوسيه سواء في شؤون العمل أو الاخلاق العامة والفساد وغيرها وهو نادر الحدوث في بلدان العالم الثالث ومنها العالم العربي. لقد أزداد في العقود الاخيرة حجم الاستبداد في العالم الثالث عموما والعالم العربي خصوصا كما وكيفا،وأستفاد الطغاة ومازالوا من الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي،ورغم أنتهائها فانهم واصلوا الحصول على دعم معسكر المنتصر وتحول أتباع معسكر المهزوم لهم،المهم هو الدعم وليس الشعارات الجوفاء. وأصبح للاستبداد فنون عجيبة في حكم الشعوب وترويضها والسيطرة عليها لحكمها حسب رؤية ومصالح الفئة الحاكمة التي غالبا ما يختزلها شخص واحد،ووصل الاستبداد حدا تجاوز الحدود المعروفة في الاستهانة بالشعوب المحكومة،فوصل حد التوريث السياسي للابناء أوالاحفاد دون أخذ رأي المحكومين أو حتى الاتباع المخلصين الذين يجد البعض منهم القدرة والكفاءة للحلول محل الرئيس أو الزعيم. ولئن كانت لهذه المسألة أي التوريث السياسي جذورا ضاربة في التأريخ فأن انتشارها في العقود الاخيرة في ظل التقدم الكبير الذي أحرزته البشرية في التكنولوجيا وحقوق الانسان وانتشار مبادئ الحرية والديمقراطية يثير الغرابة والتعجب ودليل على وجود مناطق واسعة من العالم مازالت تعيش في ظل الاستبداد أو فقدان الوعي السياسي والثقافي لاختيار زعمائها وحكامها أو تمجيدهم بشكل يثير الشفقة والاشمئزاز بنفس الوقت!. وتعتبر حادثة توريث الخليفة الاموي معاوية لابنه يزيد البعيد كل البعد عن الدين أو السياسة عام 55 هجرية الموافق 675م المعروفة للجميع الاولى في التأريخ الاسلامي والدولة في حينها أشبه بالجمهورية في شكلها البدائي،ولكنها ليست الاولى في التأريخ الانساني. فهذه الحادثة تسببت بكوارث ومآسي للامة الاسلامية مازالت تعاني منها لحد الان،وفتح مجالا وبابا لتوريث الحكم لمن لا يستحقه وخلقت صناعة فريدة من نوعها جعلت العالم الإسلامي في تخلف شديد وأقصد بها صناعة الاستبداد وخرجت أجيال من الطواغيت من مختلف الاعمار والمذاهب والاديان والقوميات!. وتعتبر تلك الصناعة المصدر الاساسي لصادراتنا من المشاكل للعالم والتي تكاد تكون البضاعة الرئيسية للتصدير.