وكيل نيابة بالميراث بقلم: علاء عريبى منذ 35 دقيقة 0 ثانية كنت أظن أننا بعد الثورة سوف نقضى على الوباء المسمى بالتوريث في الوظائف، وأن خروجنا لرفض محاولة الرئيس السابق توريث الحكم لابنه سوف يجعلنا نخجل من الأخذ بنظام التوريث الوظيفي فى جميع مؤسساتنا، خاصة فى القضاء والسلك الجامعي، وجهاز الشرطة، والإعلام، وغيرها من المهن التي قد أغلقت في معظمها على بعض الأسر والعائلات، لكن فيما يبدو أن هذا الوباء قد تمكن منا بشكل لا ينفع معه علاج، وأن سوء الحالة يحتاج إلى عملية بتر نظيفة وسريعة، وهذا البتر لن يتم سوى بوضع قوانين مغلظة في عقوبتها. منذ عدة أيام تلقيت رسالة من القارئ أحمد الملط بأسيوط، تناول فيها مشكلة شقيقه، الذي ظل يحلم طوال أربع سنوات بوظيفة وكيل نيابة، اجتهد وحافظ على تقدير يؤهله لهذه الوظيفة وتحقيق الحلم، بعد التخرج سمع عن فتح الباب لتعيين وكلاء جدد للنائب العام، تقدم بكل ثقة معتقدا أن الثورة قضت على نظام التوريث، وأنه سيحظى بفرصة كبيرة في اجتياز الاختبارات والفوز بالوظيفة، وأن أبناء القضاة سيقفون مثلنا فى الطابور، كل حسب تقديره ودرجاته في المؤهل، وأنه لا فرق بين العربي و الأعجمي، جميعا أمام الوظائف سواء، بعد انتهاء المقابلات فوجىء الجميع أنهم مازالوا فى ظل النظام السابق، وأن الثورة لم تصل إلى السلك القضائي، أولاد القضاء رغم أن درجاتهم لم تؤهلهم ورثوا الوظائف، أحمد الملط تأثر كثيرا لتحطم حلم شقيقه، جلس وكتب رسالته إلىَّ يحكى فيها المرارة التى استقرت فى حلقه وحلق شقيقه وحلوقنا منذ سنوات: « أستاذ علاء .. هالني ظهور نتيجة ترشيحات النيابة العامة، وكنت أظن أننا فى أعقاب ثورة مجيدة ومن ثم قد تتغير المفاهيم وقواعد التطبيق والاختيار، ولكن هيهات فلا تزال قواعد الفساد والمحسوبية هى المسيطرة على إدارة مقاليد الأمور فى مصر. شقيقى «أمير محمد ممدوح أحمد الملط» حاصل على ليسانس الحقوق جامعة أسيوط بتقدير جيد مرتفع، جاهد وأجتهد خلال الأربعة أعوام فى كليته مُمنياً نفسه بالحصول على التقدير المناسب ليصبح وكيلاً للنائب العام . تفاءلنا خيراً عندما قامت الثورة، رددنا مع الجموع: «تغيير وحرية وعدالة اجتماعية»، ظننا أن هناك بارقة أمل فى مصر لكى يحصل مجتهد على نصيبه، وأن تكون الثورة قد أرست منظومة العدالة الاجتماعية وقيم المساواة ، ولكن الغريب أن سلك القضاء مازال يدور فى فلك واحد، بل مصر بأكملها مازالت أسيرة لتلك المنظومة التوريثية الفاشلة، ابن الضابط ضابطا وابن دكتور الجامعة يصير كأبيه، وبالتالي فابن العامل عليه أن يرث استنشاق غبار المصنع عن والده !! ولا عزاء لأبناء مصر فى مصرهم . جرت عادة الاختيارات للتأهل للمنصب على نفس الوتيرة، ورأيت أن جميع من أرسلت لهم الترشيحات لم يحصلوا على التقدير المناسب للتأهل للمنصب، الذى كنت اظن انه تكليفا شريفا وليس وجاهة اجتماعية، وكان الرابط الوحيد الذي يجمع من تم تكليفهم أنهم جميعا لهم أقارب من الدرجة الأولى أو الثانية يعملون فى سلك القضاء ومؤهلون لوراثة المنصب، ومن ثم نجد بعد أعوام ان الجالس على منصة القضاء قد يكون غير أهل لمنصبه. أشعر بالمرارة والحسرة ليس على أخي فقط ولكن على أجيال حُرمت من أبسط قواعد العدل، ويقتلنى شعور أن الثورة لم تنجح بعد فى إرساء أحلام المساواة، وفشلت فى أعطاء المعطلين عن العمل والثابتين على الأمل فرصة فى أن يخرجوا ما فى عقولهم لعل البلاد تنتفع بهم خيراً .. أحمد محمد ممدوح أحمد الملط .. أخصائي بشركة السهام البترولية، أبوتيج /أسيوط. موبايل 0122872790». [email protected]