نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: المحكمة توقف حبس فرج عامر لهذا السبب.. والبابا يصلي قداس أحد الشعانين بكنيسة رئيس الملائكة    الوفد ينظم محاضرة تحديات الأمن القومي في عالم متغير    بعد عامين من انطلاقه.. «محسب»: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع المصري    الصاوي يستقبل الفريق الزائر لضمان الجودة والاعتماد بكلية اُصول الدين والدعوة بالمنوفية    خيانة جديدة للسيسى ..امتيازات الإمارت ب"رأس الحكمة" تحولها لدولة داخل الدولة على حساب السيادة المصرية    المستندات المطلوبة لتقديم شكوى إلى جهاز حماية المستهلك    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    وزير السياحة السعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة على البحر الأحمر    إعلام إسرائيلي: متظاهرون يحتجون قرب منزل نتنياهو لمطالبته بالتنحي    رئيس الأركان الأوكراني: الوضع «تدهور» والجيش الروسي يحقّق «نجاحات تكتيكية» في أوكرانيا    اندلاع مظاهرات في تركيا لدعم طلاب الجامعات الأمريكية المؤيدين لفلسطين    الأونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين بغزة على لتر من الماء يوميًا    الرئيس عباس يطالب أمريكا بمنع إسرائيل من "اجتياح رفح" لتجنب كارثة إنسانية    الشيبي يلجأ إلى الشناوي ومعلول لتبرئته في قضية حسين الشحات    طريق الزمالك.. التشكيل الرسمي ل مباراة نهضة بركان ضد اتحاد الجزائر في الكونفدرالية    حفيظ دراجي يرد عبر «المصري اليوم» على أنباء رحيله عن «بي إن سبورتس»    "صفقة تبادلية مع برشلونة".. تقارير تكشف موقف بايرن ميونخ من رحيل نجم الفريق    بالصور.. محافظ الدقهلية يزور الفريق الأول لنادي المنصورة لتهنئته على الصعود    بهدف الاحتكار، ضبط 135 ألف عبوة سجائر مهربة في مخزن بالظاهر    غدا .. محاكمة 27 متهما بإنهاء حياة شخص بأسيوط    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    زاهي حواس يكشف تكلفة حفل الزفاف الأسطوري في حضن الأهرامات    ملك أحمد زاهر تكشف كواليس مشاركتها في مسلسل "محارب".. فيديو    ثقافة الإسكندرية تقدم التجربة النوعية "كاسبر" على مسرح الأنفوشي    حكم ورث شقة إيجار قديم بالتحايل؟.. أمين الفتوى يوضح    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    شركة استرازينيكا: مبادرة 100 مليون صحة ساهمت في القضاء على فيروس سي    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي بمحافظة الأقصر    "الرعاية الصحية" تشارك بورشة العمل التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية    فيلم «شقو» ل عمرو يوسف يتجاوز ال57 مليون جنيه في 19 يوما    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    رمضان عبد المعز: فوّض ربك في كل أمورك فأقداره وتدابيره خير    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    رفض والدها زواجه من ابنته فقتله.. الإعدام شنقًا لميكانيكي في أسيوط    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في قرية جبل الطير بسمالوط غدا    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    البوصلة    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تباينات الهم الأنثوي‮ ‬ في قصيدة النثر المعاصر

للبيئة تأثير كبير في إبداع الإنسان،‮ ‬تنعكس ظروف وحالات تلك البيئة علي نوعية إبداعه،‮ ‬سواء من حيث المواضيع أو اللغة التي‮ ‬يكتب بها،‮ ‬وحيث إن البيئة تعزز مدركات المبدع الحسية‮ ‬،‮ ‬والطبيعة جزء من تكوين الإنسان،‮ ‬فهو ظاهرة طبيعية في ذاته،‮ ‬وفي هذا المقال نحاول أن نتجلي تجربة شاعرتين،‮ ‬من بيئتين مختلفتين،‮ ‬وأن نقرأ في تلك التجربتين هموم الشاعرتين واختلافاتها،‮ ‬بين ماري أوليفر وغادة السمان مساحة من الهم المختلف،‮ ‬وعمق في التجربة الإنسانية،‮ ‬إبداع أنثوي‮ ‬يُنصّب حبره ليبوح عن بيئته‮ .‬
ولدت ماري أوليفر في بلدة صغيرة في ولاية أوهايو عام‮ ‬1935،‮ ‬نشرت ديوانها الشعري الأول عام‮ ‬1963‮ ‬وكان بعنوان‮ "‬لا رحلة‮.. ‬وقصائد أخري‮"‬،‮ ‬ومنذ ذلك الوقت توالت دواوينها التي أكسبتها مكانة مميزة في الفضاء الشعري الأمريكي‮. ‬
عُرفت ماري بوضوح وعمق تأملاتها وتوظيفها للطبيعة كأداة للتأمل مما أكسبها مكانة راسخة ضمن شعراء الطبيعة الرومانسيون وفي عام‮ ‬1983‮ ‬فاز ديوانها‮ "‬البدائية الأمريكية‮" ‬علي جائزة بوليتزر الشهيرة وحاز علي إشادة نقاد الادب‮. ‬
تلك المزاوجة بين الحس الصوفي و وعي عملي بضراوة العيش ومتطلباته‮. ‬فتميزت قصائدها في هذا الديوان بغنائية مكثفة،‮ ‬ورشيقة‮ ‬كأنات ناي‮... ‬وفيه انتقلت من التغني بالطبيعة وإغوائها إلي عالم المعاناة الشخصية والتاريخية‮.. ‬أو كما قال أحد النقاد إلي مواجهة ما لا‮ ‬يمكن تغييره‮. ‬هذا الانتقال بدا واضحا في ديوانها التالي‮ " ‬مختارات شعرية‮ " ‬الذي فاز بجائزة الكتاب القومي‮. ‬حيث أبرزت القصائد الجديدة المزيد من تأمل الذات،‮ ‬الطبيعة والوجود بشكل‮ ‬يزداد ثراء ورشاقة‮. ‬في قصيدتها العاصفة نقل حساس لتلك‮ ‬الكائنات الصغيرة التي تواجه قسوة الطبيعة وقد لا‮ ‬يأبه إليها أحد،‮ ‬ولكن الشاعرة التي التصقت بقوة تري مالا‮ ‬يراه الآخرون‮. ‬
علي الساحل اصطف سربٌ‮ ‬صغير من البط
ينفض ريشه الأسود
كان الجليد‮ ‬ينهمر بقوةٍ‮ ‬من الشرق
والبحر كان هائجا
إن تماوجات الطبيعة القاسية تختلج في‮ ‬نفسية الشاعرة وتتحد لتبث الوجد لقدوم ذلك السرب الضعيف أمام قساوة الطبيعة‮ ‬،‮ ‬ولكنها تجد ملجأ في الطيور الكبيرة مثل البط‮ ‬
ثم أقبل سربٌ‮ ‬صغيرٌ‮ ‬من المَدْرَوان
ضئيلُ‮ ‬الأجسام حادُّ‮ ‬المناقيرِ
مكسوَّةٌ‮ ‬ظهورُ‮ ‬طيورِه بالجليد،
فحطَّت وراء البط
وكانت ظهور البط أيضا مكسوة بالجليد‮.‬
تقاربت طيور المَدْرَوان لحدّ‮ ‬التماسِّ
لحدّ‮ ‬التواجد أسفل سقف من ذيول البط،
وظلت الريح تهب نحو ساعة علي السرب
وظلت الطيور بدون حراك
وفي النهاية عصفت الريح بالمدوران
عصفت بسرب صغير كأنه ملء كف من الريش
أطاحت به إلي الماءِ‮ ‬وكان مضطربا لا‮ ‬يزال‮.‬
ولكنه عاد من جديد
وتركته البطات‮ ‬يحط
وتركته‮ ‬يحيا
تركته كأنها سياج من الريش‮.‬
إذا‮ ‬جاء شخص لا تعرفونه وحكي لكم هذا
كما أفعل الآن فهل تصدقونه؟
أعرف أن ذلك سيكون صعبا‮.‬
ولكن هذا ما رأيته‮.‬
ولو لم‮ ‬يكن‮ ‬يكفي لشيء
فهو‮ ‬يكفيني لكي أعيش مفتوحة العينين‮.‬
أعرف أن الناس لا‮ ‬يريدون سوي المعجزات‮.‬
وأن ما رأيته لم‮ ‬يكن معجزة،
صورة تنقلها بإحساس عميق لتقول‮ ‬يكفي أن أعيش مفتوحة العينين لأن ما‮ ‬يحدث حولنا هو معجزات كثيرة ولكننا لا نفقهها لأننا لا نري‮. ‬اندماج تام في الطبيعة تعانق مع تلك الكائنات‮ ‬يترجم لغتها،‮ ‬بوحي سماوي‮. ‬هذه"الطيورالتي قال عنها الشاعر الصيني‮ "‬زاي شوان‮" ‬إنها‮ ‬أعلي المخلوقات التي نستطيع بأعيننا المجردة أن نراها،‮ ‬لا نعرف شيئا عن السماء من بعدها،‮ ‬هي حدُّنا الأقصي في العلاقة بالسماء‮". ‬فهو أراد أن‮ ‬ينبهنا إلي سمو هذه‮ ‬الكائنات ولكن‮ "‬ماري أوليفر‮" ‬أنزلت لنا الطيور نراها علي الأرض‮. ‬نري ذلك التقاسم في مواجهة قساوة الطبيعة‮ . ‬وفي مقال للشاعرة الأمريكية‮ "‬ماكسِن كومِن‮" ‬عن ديوان‮ "‬عطش‮" ‬الصادر للشاعرة‮ "‬ماري أوليفر‮"‬،‮ ‬تقول الأولي عن الثانية‮ "‬إنني أري فيها صوتا‮ ‬غنائيا متطرفا في‮ ‬غنائيته،‮ ‬لا‮ ‬يقبل فيها مهادنة،‮ ‬ولا‮ ‬يرضي عنها بديلا،‮ ‬أراها صوتا لا‮ ‬غني لنا عنه،‮ ‬صوتا نحتاج إليه احتياجا ماسا‮".‬
وهذا ما نلمسه في قصيدة لها تندرج تحت مسمي القصائد الصوفية تتحدث مع الله تناشده أن تري رأس الهر حيث هو أصغر أسرار الله،‮ ‬أو أنه قريب حميم لها‮ ‬لأنها تمتلك فصيلة دم برية،‮ ‬تقول‮ :‬ رّبي،‮ ‬ابقَ‮ ‬في قلبي‮.‬
واحمني
وخذ بعيدا نهمي للأجوبة‮.‬
حس صوفي عميق‮ ‬يحاول الوصول إلي الحقيقة،‮ ‬من خلال تلك الكائنات الصغيرة
اتحاد معها،‮ ‬يرصد قوة الحب الذي تصوره كدقات الساعة‮.‬
ودع الساعات ترقصُ‮ ‬فوق جسدي‮.‬
مثل‮ ‬يدي حبيبي‮.‬
اجعل رأسَ‮ ‬الهرّ‮ ‬يظهرُ‮ ‬مجددا‮.‬
أصغرُ‮ ‬أسرارك‮.‬
ربما هو أحد أقاربي البّريين من نفس دمي‮.‬
ربما هو أحد أقاربي من نفس دمي البّري،
في الهوة المعتمة للمستنقع
تأمل الطبيعة والبحث في أسرارها أنشأ العلاقة بين الشاعرة والله،‮ ‬البحث في المخلوقات التي تعد معجزة لن‮ ‬يراها الناس السطحيون بحواسهم العادية‮. ‬أسئلة‮ ‬تحتاج إلي أجوبة،‮ ‬ولكن ما حولها هو الأجوبة المثلي لما‮ ‬يعتمل في صدرها‮. ‬وهي حين أرادت أن تصور الموت صورته بدب جائع،‮ ‬لتجيب عن سؤالها‮ ‬
ما هو الموت؟
عندما‮ ‬يأتي الموت
كدب الخريف الجائع
عندما‮ ‬يأتي‮..‬
ويُخرج من محفظته‮..‬
نقوده اللامعة ليبتاعني‮ ‬
أو كجبل جليدي بين لوحي كتفي
التماهي مع الكائنات التي تبث في أعماقها وحشة الموت في صورة الدب المتوحش حين‮ ‬يغتال فريسته‮. ‬أو جبل جليدي‮ ‬يخلو من صورة الحياة‮. ‬ينبثق فضولها لتتساءل‮ ‬
كيف هو كوخ الظلام هذا؟‮ ‬
لذا سأري كل‮ ‬الموجودات كإخوة لي‮ ‬
تضم الطبيعة لتأنس بها من مهاجمة الموت حين‮ ‬يسلبها معني الحياة وتحتوي الموجودات كأيقونة للخلود‮. ‬
وسأري الوقت فكرة ليس إلا‮ ‬
والخلود مجرد احتمال‮ ‬
وكل حياة مجرد زهرة وحيدة‮ ‬
شائعة كزهرة الربيع وكل اسم هو نغم تردده الشفاه‮ ‬
ويميل كما الموسيقي نحو الصمت‮ ‬،‮ ‬وكل جسد في شجاعة الأسد تعشقه الأرض
وهي إذا تصور النهاية حين تبلغ‮ ‬حياتها حد الدهشة تكون الزوج الذي احتضن العالم بين ذراعيه‮.‬
وفي نهايتي أريد أن أقول
إنني طيلة حياتي
كنت زوجة الدهشة‮.‬
والزوج الذي احتضن العالم بين ذراعيه‮ ‬
آنذاك‮ ‬
لا أريد أن أتساءل في حيرة
هل صنعت شيئا من حياتي
لا‮.. ‬
لا أريد‮..‬
أن أتحسر أو أخاف
أو أن أغوص في جدال‮.‬
أنا فقط أريد‮..‬
ألا‮ ‬ينتهي بي المطاف‮..‬
كعابرة سبيل‮... ‬في هذه الحياة‮.‬
أما الشاعرة‮ ‬غادة السمان حين تكتب قصائدها تكتبها من حبر المعاناة،‮ ‬معانة الأنثي في مجتمع تحوطه الكثير من العقد الاجتماعية والنفسية والعادات والتقاليد التي لم‮ ‬يستطع التخلص منها رغم دعوات التحرر‮. ‬
الحب الذي تعلن عنه‮ ‬غادة السمان لغة من التمرد لمعاني حب جديدة تثبت من خلالها وجودها‮ ‬،‮ ‬وتزيل‮ ‬الأسوار وقوالب المجتمع المتجمدة،‮ ‬الحب الذي تخلّق من أصوات الرصاص،‮ ‬من بيئة‮ ‬أدمنت الحرب والقتال،‮ ‬بيئة تحمل جيناتها ذلك الذكر العربي الذي لا‮ ‬يري في الأنثي سوي متاع‮ ‬،‮ ‬فأنتجت منها أنثي تؤكد كينونتها المستقلة‮ ‬وندا للرجل في معركة الحب‮. ‬تقول
أنا طائرالبرق‮ ‬
صادقة كالبرق‮ ‬
علنية كالبرق‮ ‬
وأبراج المراقبة في العالم كله‮ ‬
لن تسرق من شفتي كلمة حب لك وللكون‮ ‬
كلمات تواجه بها ذلك الحب المتواري،‮ ‬الذي‮ ‬يراه المجتمع عيباً‮ ‬أو حراماً‮ ‬فهي تأبي أن تكون حبيبية تختبئ خلف الأسوار وفي الظلام أو أن تسرق لحظات الحب خلف الجدران المغلقة،‮ ‬إنها تحب بكل وضوح وصدق،‮ ‬بكل حرية،‮ ‬وتفان‮.‬
سأظل أنا الحب‮ ‬
خارج الإطارات كلها‮ ‬
وخارج المتاريس والنوافذ
ذات الستائر المزوقة والمزركشة
سأضل كالنمرة‮ .. ‬أركض فوق أشجار ظلك‮. ‬
هنا ترفض الأنثي أن تنتظر الحب ليصطادها،‮ ‬لتكون أسيرة له،‮ ‬بل تريد الحب الذي لا‮ ‬يراها عيبا أو عورة،‮ ‬فهي كالنمرة التي تتحلي بإرادتها في اختيار الحب،‮ ‬وتتعدي السائد والتقليدي في علاقة الرجل بالمرأة،‮ ‬الذي‮ ‬يختزل الفعل والإرادة في الرجل فقط‮ ‬،‮ ‬فهو الذي‮ ‬يُقدِم علي الحب وهو الذي‮ ‬يقرر أن‮ ‬يتركه‮. ‬
وحين‮ ‬يكون الالتصاق بالحبيب‮ ‬يوصم الحب بالنقص والضعف،‮ ‬فهي لا تحب كالعبيد‮. ‬فهي تؤكد علي المساحة التي‮ ‬يجب أن تكون بين الحبيبين‮. ‬حتي لاينطفئ الحب‮.‬
تعلمت ألا ألتصق بك‮ ‬
كي لا تزهد بي‮ ‬
وألا أبتعد عنك‮ ‬
كي لا تنساني‮ ‬
أتقنت كي ألمس حبك اللغم
ولا ألتمسك به كي لا‮ ‬ينفجر
ولا أعرض عنه كي لا‮ ‬ينطفئ
تعلمت أن الكثير لديك
يوازي القليل
وأنك لا تريد أن أمنحك حبي
بل تريد أن أمنحك سرقة حبي‮! ‬
في بلد عاثت فيه‮ ‬يد الحرب،‮ ‬تعلن الشاعرة حبها،‮ ‬فالحب هو المعادل الموضوعي فأصبح الحب هو معركتها الأبدية‮ . ‬هنا‮ ‬يكون الإعلان،‮ ‬والاعتراف بالأخطاء التي تُفشل الحب،‮ ‬أو ذلك الفهم القاصر لحقيقة الحب،‮ ‬الذي لا‮ ‬يسلب كينونة الطرفين‮. ‬
أعلنت عليك الحب
كانت القسوة خطيئتك‮ ..‬
وكان الكبرياء خطيئتي‮ ..‬
وحين التحمت الخطيئتان‮ ..‬
كان الفراق مولودهما الجهنمي‮ .‬
الحب الذي تعلنه الشاعرة مفتوح العينين لا‮ ‬يكذب ولا‮ ‬يستعير معنيً‮ ‬هامشيا،‮ ‬حب واثق الخطي‮ ‬
ولم أقع في الحب
لقد مشيتً‮ ‬إليه بخطي واثقة
مفتوحة العينين حتي أقصي مداهما
إني واقفة في الحب
لا واقعة في الحب
أريدك
بكامل وعيي
‮(‬أو بما تبقي منه بعد أن عرفتك‮!)‬
لأجلك
تتزيّن النساء
لأجلك
اخترعت القبلة‮ !...‬
وها هو الشعر عندها‮ ‬يصور الحياة‮ ‬فهي مجرد‮ "‬فقاعة علي حد‮ ‬تعبير الباحث‮ " ‬عبداللطيف الأرناؤط‮" ‬لا تلبث أن تنفجر،‮ ‬تصوير للحظات الزمن الهاربة التي تركض وتمحو في ركضها معالم الحياة المتجددة أبداً‮. ‬حاولت أن تدون لحظاتها المتألقة والهاربة من الزمن‮.‬
‮ ‬التقينا بعد الأوان
وافترقنا قبل الأوان
حتي موسم الهرب فات أوانه
نحن موسم الحب المجنون
المرفوض من موسم الشرائع‮ ...‬
لاحظنا التباينات في الكتابة الأنثوية لدي الشاعرتين،‮ ‬اللتين عاشتا في بيئتين مختلفتين عن الأخري مما خلع علي شعريهما نكهة مختلفة‮. ‬في المواضيع وفي الهموم‮ . ‬لقد كان قدر أوليفر أن تمتزج بالطبيعة‮ ‬والكائنات البرية،‮ ‬والجبال والسماء،‮ ‬فأنتجت أدبا‮ ‬يبوح بأسرار الطبيعة‮. ‬بينما كان قدر‮ ‬غادة أن تواجه واقعها المهزوم اجتماعيا،‮ ‬وتعلن تمردها عليه،‮ ‬وتنتقده بعنف‮ ‬،‮ ‬وتعري أمراضه النفسية والاجتماعية‮.‬
بين الطبيعة والتوحد مع الكائنات والتماهي في استحضار معان تؤلف من الطبيعة أحاديث مغايرة عن الاعتيادي تنطق أوليفر،‮ ‬إلي السمان المتمردة في أعماقها وأحاسيسها،‮ ‬التي تأبي أن تكون مجرد أنثي خالية من المعاني الوجودية للحب‮ ‬،‮ ‬لتكون أنثي الحب المقيد بتلك المفاهيم‮ ‬،‮ ‬وأن تختزل في مصطلحات بيئية لا تؤمن بإحساس المرأة المتوهج‮. ‬تلك التباينات بين لغتين شعريتين،‮ ‬نستشعر هموم الأنثي المتنوع والمختلف كل في إطار بيئته‮. ‬لتشكل البيئة رافدا لتوالد المعاني الأدبية للمعاناة الإنسانية‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.