تحديث جديد في سعر جرام الذهب عيار 21 في محلات الصاغة.. كم يسجل الآن؟    «زراعة الوادي الجديد»: زرعنا كمون على 4000 فدان في المحافظة    توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية في سبتمبر.. كيف تأثر الدولار؟    وزير النقل يلتقي وفود 9 شركات نمساوية متخصصة في قطاعات السكك الحديدية    ارتفاع معدل التضخم في إسبانيا إلى 3.3% خلال أبريل الماضي    زراعة الإسكندرية: تفريغ 55 ألف طن قمح بصومعة السلام ونسبة الحصاد 60%    الغرفة التجارية: توافر السكر بكميات كبيرة في الأسواق    وزير الخارجية الأمريكي: أرسلنا حزمة أسلحة جديدة لأوكرانيا.. والمزيد قادم    توقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يدخل أسبوعه الثاني    الطاهري: قمة البحرين تمس الأمن والاستقرار الإقليميين.. وجميع الأنظار تتجه إليها (فيديو)    مصر تدين الهجوم الإرهابي في محافظة صلاح الدين بالعراق    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة ال 22 في الدوري    «التعليم»: امتحانات الثانوية العامة 2024 مراقبة بالكاميرات.. ونطبق تقنية VAR    حبس المتهم لحيازته مخدري الآيس والهيروين في كرداسة    في دورته الثانية.. برنامج فني متنوع لقصور الثقافة بمعرض زايد لكتب الأطفال    في ذكرى رحيله.. محطات في حياة فتى الشاشة الأول أنور وجدي    انطلاق أعمال القافلة الطبية المجانية حياه كريمة بقرى الزيات في الوادي الجديد    نشر صور امتحان الصفين الأول والثاني الثانوي العام عبر "التليجرام" والمديريات تحقق    ختام امتحانات النقل الإعدادي بالقاهرة والجيزة اليوم    فصائل فلسطينية: دمرنا ناقلة جند إسرائيلية وأوقعنا طاقمها شرق رفح    «تربية بني سويف» تنظم المؤتمر السنوي الأول لقسم الصحة النفسية    يوسف زيدان يهدد بالانسحاب من "تكوين" بسبب مناظرة عبد الله رشدي    أسرة «طبيبة التجمع»: «استعوضنا حق بنتنا عند ربنا»    طريقة عمل الفطير المشلتت في فرن البوتاجاز.. 3 وصفات سهلة    1695 طالبا وطالبة يؤدون الامتحانات العملية والشفوية ب"تمريض القناة"    سويلم يتابع إجراءات وخطة تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه في مصر    اليوم.. «صحة النواب» تناقش موازنة الوزارة للعام المالي 2024-2025    المفتي يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمي    ضبط 56 بلطجياً وهارباً من المراقبة بالمحافظات    البيت الأبيض: بايدن يوقع قانونا يحظر استيراد اليورانيوم المخصب من روسيا    الإسكان تعلن تسليم الأراضى بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر.. الأحد    اللمسات النهائية قبل افتتاح الدورة 77 من مهرجان كان السينمائي الدولي    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الثلاثاء 14 مايو    الزمالك يدرس توجيه دعوة إلى مجلس الأهلي لحضور نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024    إطلاق مبادرة «اعرف معاملاتك وأنت في مكانك» لخدمة المواطنين بسفاجا    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بنسبة 25%    المستشار الألماني يثبط التوقعات بشأن مؤتمر السلام لأوكرانيا    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا مع خريجي المبادرة الرئاسية «1000 مدير مدرسة»    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    جاريدو: الأهلي يساعدك على التتويج بالبطولات.. ومن يدربه محظوظ    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    طارق الشناوي: بكاء شيرين في حفل الكويت أقل خروج عن النص فعلته    صحيفة أوكرانية: بعض العائلات بدأت مغادرة خاركوف    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء مع الشاعر المصري محمد المخزنجي
نشر في شباب مصر يوم 05 - 07 - 2015

للقلم أسراره و الكلمة شفرة البوح، فما ضاقت نفس إلا و تهاطلت تقاسيم التعبير ناحتة خلجات الروح و من أسرها تعتق، فتعزف الأحاسيس بين خرير و حفيف، رحما لميلاد الكتّاب من مختلف الأقطار، ليجمع الأدب، الراوي بالناظم و القاص بالناثر، فنجد المراقم تتنافس، و في مضمار الإبداع تتآنس، من قديمها لحديثها، و من رجالها لنسائها، فمنها حاذق اللسانيات و الآخر المتضلّع في قضايا العباد، على غرار شاعرنا المطل علينا حاملا الحرف معتقدا، صارخا عاطفته قصيدة، تتنفّس اللفظ، فتشهق حسّا يملأ عطشنا رغبة في الارتواء لما تسوقه من عمق في المعاني و الدلالات، ليضع أمامنا مفاهيم تعبر بنا أعماقنا التي يجسّدها بثبات و دقة كأنه الساكن فينا، هو الشاعر المصري محمد المخزنجي.
أهل بك سيدي
أهلا ومرحبا بك
س "محمد المخزنجي، الإنسان العادي دائم التواجد بين الناس والأهل، متفاعل مع المجتمع بشكل مرضي ويعشق البسطاء الذين ينتمي إليهم ويستمع لهم ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم، ومن عيونهم يستقي ويرتشف معان جديدة للشعر وأسراره، واليهم يهديها قصائد قد تعبر عنهم، وله لحظات خاصة يقضيها في التأمل والولوج داخل تجاويف وحنايا الأشياء التي يرى أنها سر من أسرار الشعر وصناعة الدهشة لدى المتلقي وربما له هو"، من خلال هذه الحالة التي يعيشها الشاعر "محمد المخزنجي"، كيف يقف بنا على مشارف إحساس الكاتب اليوناني "نيكوس كازانتزاكيس" حيث أنه يرى بأن "الكلمات لا يمكنها أبدا أن تخفف عما في قلب الإنسان و تريحه، الصمت وحده قادر على فعل ذلك"؟
ج قلت أني كشاعر وإنسان اعشق أن أكون بين الناس وأكتب منهم ولهم،أعلم وأري أن الكلمة رسالة أسعي لأن تصل لأكبر قدر من الناس، وما قاله الأديب والفيلسوف اليوناني الشهير "نيكوس كازانتزاكيس" بأن الكلمات لا يمكنها أبدا أن تخفف عما في قلب الإنسان ويرى أن الصمت وحده هو القادر علي ذلك فهذا رأيه الذي قد يقابل ميل عند البعض ممن يعشقون الصمت .. نحن شعوب العرب نجامل في الأفراح بالغناء والغناء كلمة ونواسي في الكوارث بكلمات وليس بالصمت، الكلمة رسول محبة بين الناس وحني حين يكون الصمت والحوار يدار بالبصر فإن للعيون لغتها التي تكاد تقول ما يعجز اللسان عن قوله، الكلمة سر من أسرار الحياة ومفتاح الدخول للقلوب ومعرفة الأخر وتعريف للأخر بي ومن أكون .. نكتب الشعر ونتمنى أن يكون مصدر سعادة لمن تلقاه، هذه هي غاية كل صاحب قلم وصاحب رسالة.
س "محمد المخزنجي، يعتبر نفسه من متنفسي الشعر وخاصة العامي الذي يراه الأقرب إلي المتلقي، فهو يستنشق هواء القصيدة التي تلامس قلبه دون غيرها"، هل نفهم من معتقدك هذا أنك تناصر أم تعارض قول الشاعر الفلسطيني "عبد السلام العطاري" حيث يعتبر أن الشعر هو " مخيال و خيال نحققه واقعة على أرض الكلام، ليصير في السكون حياة، و تصير الحياة سكوناً، لينهض المعنى سرب طير تتبعه كل ذائقة على اختلاف اللون، و الطعم شهد الورود على شفاهنا"؟
ج كما قلت أنني اعشق قصيدة العامية بل أراني استنشق حروفها ومعناها وارى أن ما قاله الشاعر الفلسطيني عبد السلام العطاري لا يتعارض مع ما أقول وخاصة انه يراه مخيال وخيال يحققة الشاعر واقعا علي ارض الكلام ليصير في السكون حياة وتصير الحياة سكونا، هذا هو الشعر الذي يغير ويبدل ويؤثر في من حوله بمعانيه التي لا تقف عند حد وتعبر عن الأشياء بمعان كثيرة، فيرى كل متلقي في القصيدة بعض من مبتغاة وروعة الشعر انه يصادف ما يروق المتلقي حسب ما وصله هو من معني، فقد تكون الحبيبة في القصيدة الوطن، وقد تكون الأم وقد يرى أخر أنها الابنة، وهكذا تتعدد رؤى الاستقبال وتختلف من شخص لآخر، وللشعر هذا الساحر العجيب معان وتعريفات كثيرة، أرى أن يكون منها انه الهواء الذي يحدث التغيير بدواماته التي تفوق دوامات البحر.
س"مصر وطن يسكنني وعشقي الأبدي، و الحرف قدر تملكني وأحببته، وما بين عشقي للوطن وحبي للحرف أحيا"، بماذا تتصف الحياة بين المصري "محمد الخزنجي" و الشاعر "محمد الخزنجي"؟
ج محمد المخزنجي، الإنسان والشاعر نبتة من طين وتراب الوطن، نمت وترعرعت علي ضفاف نيل مصر العظيم فكانت حياته مزدحمة بعشق الناس وعشق الموروث من رائحة الأجداد وثقافاتهم المتعددة، وتعلم من أسلافه الكثير وتتلمذ علي يد من سبقه، فأصبح الإنسان والشاعر في آن ولا يمكنه بحال أن يفصل كلاهم عن الأخر، هكذا يحيا ويرى الحياة وهو سعيد بذلك، إذ لا يوجد شعر بدون إنسانية، ودائما الإنسانية الحق لا ترفض الشعر والفن وكافة ألوان الإبداع التي تشكل الوجدان وتنمي الرقي وتفتح أفاقا جديدة لكل محبيها ومتذوقيها، وتهذب النفس وتقبل الأخر وتسعي لنشر الخير والحب والجمال.
س "الوطن عايش أكيد حتى و لو كان مجروح"، كيف يدرك ملامحه، هذا الوطن، وسط إحساس يرعاه الألم؟
ج نعم الوطن عايش أكيد وسيظل دائما ...هكذا تكون الأوطان علي مر العصور والتاريخ تتقدم وتتعثر ولكنها لا تباد ولا يمحوها هبوب الرياح العاتية التي تجتاحها، ولم يؤثر كثيرا علي ملامح الوطن هذا الجرح الذي أصابه، وأعتقد انه في طريقه للتماثل بالشفاء ..وإحساس الألم قريبا ما يتبدل بالأمل إلي إحساس مغاير نري فيه بشارات بالخير والتفاؤل رغم بعض العثرات التي مازالت تسعى من الدخل والخارج عرقلته لكنها ستكون كلها محاولات فاشلة وسيبقى الوطن عايش أكيد حني ولو مجروح.
س ما هي مواصفات العلاقة الرابطة بين الألم، الشاعر "محمد المخزنجي" و الأمل؟
ج أنا بطبيعتي إنسان متفائل ولا افقد الأمل مهما كانت حجم معاناة الألم، ولا يوجد بين ألمي وأملي مواصفات لعلاقة، إذ أنني دائما كما قلت لا يغيب عني الأمل واسعي بحرفي إلي بث هذه الروح إلي المتلقي عبر قصائدي، وهذا اعتبره دور هام ينبغي أن يركز عليه كل مبدع وكل إنسان حني نستطيع أن نواصل مسيرة الحياة بشيء من السعادة وبعيدا عن اليأس والملل.
س عندما تتوشّح بلاغة الكلمات بإحساس الشاعر "محمد المخزنجي" ما هي المعزوفات التي يترنّم بها و تصل لأسماعنا و هل تعتقد في الانسجام بينها و بين المتلقي؟
ج لكل قصيدة بعد اختمار فكرتها وقت لكتابتها، بالشكل الذي ستعرض فيه علي المتلقي في أمسيات أو كنص ضمن نصوص ديوان جديد، وحسب فكرة القصيدة، تكون إما نص رومانسي أو وطني أو اجتماعي، وهكذا ولا يستطيع شاعر أن يقول إن ما يكتبه أو كتبه معزوفات، هو مؤكد أعطي ما كتب جواز مرور ليكون نص بتوقيعه، ولكن ما هي المعزوفات التي يترنم بها، أرى أن هذا السؤال يجب أن يطرح علي من وصلتهم قصائدي من جمهور ومحي الشعر الذي اعتقد بل ويهمني معرفة إذا ما كان هذا المتلقي في حالة انسجام من عدمه أثناء أمسياتي، أو من خلال معرفة رأيه بعد قراءة إصدار جديد، وطالما نؤمن بان الشعر رسالة فهي مقدمة إلي متلقي يسعدني جدا أن ينسجم معها حال وصولها إليه.
س كيف يتعامل الشاعر "محمد المخزنجي" مع النقد و من أي منظور يبصّره؟
ج يري البعض أن النقد يعد أدب موازي، والحقيقة أنني لا أراه كذلك، ربما كان هذا الرأي يصلح لقصيدة النثر أما قصيدة العامية فلها من بنصفها ولها من يتعامل معها بشيء من التعالي، للأسف الشديد أرى انه لا يوجد منهج معين لتقييم النص الشعري في كثير من الأحول، لذلك أفرق بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، والناقد الأكاديمي الذي ليس له ميل محدد ووجهة نظر مسبوقة في قصيدة العامية ربما قدم شيء يفيد المتلقي والشاعر معا ويفتح أمام المتلقي بعض ما استغلق عليه ويسعى لفك شفرات بعض النصوص التي تميل للرمزية، خلاصة القول أن هناك أسلوب نقدي لا يفيد القارئ ولا الشاعر وهناك من يجتهد بعلمه ويتعامل مع النص بمنهجية وعلمية لها قبول بين طرفي الإبداع بل تعد طرف ثالث إن جاز التعبير.
س اعتمادا على ما فسرت، كيف تتجاوب و معتقد الشاعر التونسي-المصري "بيرم التونسي" عندما قال "النقد امتداد للنبوة، و لولا النقاد لهلك الناس ولطغي الباطل على الحق و لامتطى الأراذل ظهور الأفاضل، و بقدر ما يخفت صوت الناقد يرتفع صوت الدجال؟
ج أنا لا أرى بعيني غيري، ولكل ما يرى، وتختلف الرؤى من جيل لجيل ومن زمن إلي زمن، النقد هو تمييز بين الغش والثمين واثبات ذلك بمنهجية، ولكل متلقي ذائقته التي ربما تعارض الناقد حتي لو كان رأي الناقد صحيح، إن ورب حسن عند زيد هو قبح عند عمرو فمقولة شاعرنا الكبير بيرم التونسي التي طرحت في السؤال ليست دليل علي أن كل ناقد امتدر لنبي ولو وجوده لفسدت الأرض، واعتقد أن المتلقي وان لم يكن خبير ليس في حاجه لناقد بصوت مرتفع حتي لا يعلو صوت الدجال، وقد أشرت في إجابتي السابقة أن هناك ناقد يستفاد منه وهناك غيره لا يضر ولا ينفع وهناك من يكون ضرره أكبر من نفعه وخاصة من يكون نقدهم نقد انطباعي و به الكثير من المجاملات لإنصاف شعراء تحبط شاعر حقيقي قيل في شعره غير ما يليق بشاعريته.
س إذا ما اتبعنا منهاج "فون غوتة"، الأديب الألماني، القائل بأنه "لا شيء يظهر شخصية المرء أكثر من الأشياء التي تضحكه"، في أي صورة يضع الشاعر "محمد المخزنجي" شخصيته و هل تتباعد هذه الأخيرة مع روح الإنسان "محمد المخزنجي"؟
ج لا اعتقد أن هناك انفصام في شخصيتي كشاعر وإنسان، محمد المخزنجي الشاعر هو ذاته الإنسان الذي حباه الله موهبة الشعر الذي يعد أب للفنون و يسعى لأن تصل قصائده إلى أكثر عدد من الملتقين ومن المؤكد أن يرى القارئ من نبضي وروحي بين سطور القصيدة، واعتقد معظم الشعراء كذلك تظهر شخصيتهم وأرواحهم من خلال نصوصهم، إذ أنني أرى كما قلت لا فصل تام بين الشاعر والإنسان و إن وقت الكتابة ما هو الا ترجمة لأوقات تأمل مضت وأوقات نضوج الفكرة التي يصوغها.
س "حجات كثيرة بتموت"، ما الأثر الذي يتركه هذا الموت في العلاقة الرابطة بين الحرف و الإحساس عند الشاعر "محمد المخزنجي"؟
ج الموت هو الحقيقة الثابتة لكل الأشياء، ورغم ذلك فان الإنسان هو الأكثر تأثرا بفعل الموت، ومن الطبيعي أن يكون هناك علاقة بين الحرف والإحساس لدى الشاعر خاصة، وتظهر هذه العلاقة من خلال دموع القلم علي الأوراق حال كتابة النص الشعري، غير انه لابد أيضا أن يكون بين سطور القصيدة ما يبث روح الصبر وروح الأملن وان هناك حياة أبدية بعد هذا الموت الذي نعرفه والذي هو نهاية لكل حي حتي يمكننا البقاء ومواصلة ما تبقي من العمر وأرى أن للكلمة تأثير في ذلك.
س أكدت لي الكلمة أن الذكرى رحيق بدون أزهار، كيف يتفاعل الشاعر "محمد المخزنجي" مع هذا العاطفة؟
ج الكلمة ترجمة وتعبير عن روح الشاعر وأحاسيسه، تظهر في روح النص الأدبي عامة والقصيدة الشعرية خاصة من خلال التأمل بكل الأشياء من حولنا والنظر بعين ترى الجمال في كل مخلوقات الله المسكونة بالجمال، والكون مليء بأسرار وجماليات تستحق من المبدع ومن أي إنسان أن يسعى إلي الوصول إليها، وهنا يستنشق الرحيق والعبير الساكن تلك الأشياء ويرى النور والضياء الذي يجعل للحياة طعم آخر ومذاق مختلف.
س يقول الشاعر اللبناني "إيليا أبو ماضي" "أيها الشاكي و ما بك داء، كن جميلا ترى الوجود جميلا"، ما مفهوم الجمال عند الشاعر "محمد المخزنجي" و في أي المشاهد يتلمّسه؟
ج أرى أن أي إنسان إذا تحلى بجمال الروح وجمال النظرة للأشياء المحيطة به سوف يري جمال الوجود.. الله سبحانه وتعالي خلق الأشياء وخلق بها جماليات لا تعد ولا تحصي، حين نبصر تلك الأشياء بعين فاحصة متأملة ومتعمقة، يختلف الوضع كثيرا وسنرى جمال الكون وما يحتويه.. فقط علي الإنسان أن يصفو بروحه لترى وتتأمل وتتلمس أسرار الجمال الساكن في كل الموجودات، وأنا كشاعر دائم البحث عن كل ما هو جميل في مختلق الأشياء المحيطة بي وما بعدت عني أيضا، أسعي للوصول إليها لأقتبس منها، وحينها سيظهر هذا في روح النص الذي أقدمه وسيتلمسها القارئ بنفسه بين سطور القصيد، إذا وفق الشاعر لذلك، وكلنا نحاول أن تصل رسالتنا من خلال نصوص تنشر الجمال والحب.
س تعددت الآراء حول الحب، بين الفلاسفة و الشعراء، من ممجّد و متّهم، فمنهم من يعتقد أنه ضرب من الحرب على غرار الشاعر الروماني "أوفيد"، و منهم من يعتبره أنه وقود الحياة مثل الشاعر الانجليزي "روبرت براونينغ"، و منهم من ظن أن الحب حكمة الأحمق و حماقة الحكيم حسب مفهوم الشاعر البريطاني "صمويل جونسون"، على أي منهاج من هؤلاء تسير علاقة الشاعر "محمد المخزنجي" بالحب؟
ج لكل إنسان رأيه الخاص حول الحب وغيره، وللحب نفسه عدة تعريفات لا يمكن أن تتشابه من شخص لأخر لان إحساس كل إنسان به يختلف عن إحساس الآخر، وأنا أرى أن الحب حياة، إذ لا يمكن أن احي بدونه، واعتقد غيري الكثير من الناس كذلك ولا اتفق مع من يري انه حرب كما يري البعض، إذ انه لو كان الحب حرب فماذا يكون الكره .. وكما يقول الشاعر الكبير نزار قباني الحب في الأرض بعض من تصورنا ... لو لم نجده عليها لاخترعناه .. فهو من اسمي العلاقات الإنسانية النبيلة التي بها نحيا والتي تجعل للحياة معني جميل ونكهة مختلفة لا يشعر بلذتها إلا من عرف الحب الحقيقي وتلمسه وسكن وجدانه وظهرت آثاره في سلوك وتعاملات ونظرة المحب لكل الأشياء التي تحيط به.
س حدّثتني الصداقة أن المحبة رحيق في شرايينها، ماذا تقول الصداقة عن الشاعر "محمد المخزنجي"؟
ج الموت طريق
والخوف رفيق
قلب الولد
لساه رقيق
ينظر يمين
ينظر شمال
سكته بتضيق
عطش الولد
والبير عميق
خاف ينزله
ليموت غريق
سمع الولد
صوت في الخلا
صوت زلزله
بدل كيانه وبدله
ليه يابني
مااخترتش صديق
الصداقة في حياة الإنسان كما أري هم الأخوة التي أختارها بنفسي، وهذه الكلمات جزء من قصيدة بهذا المعنى إذ أرى انه كما لا تحلو وتصفو الحياة بدون حب لا تكتمل روعتها بدون صديق أو مجموعة من الأصدقاء، قلت في العدد ام كثرت المهم أن تكون وأن تتواجد وأن تسعي إليها وحينها نشعر بسعادة من لا يصادفها ينقصه الكثير.
س الصداقة قيمة تشرق حتى مع الغروب، و ما من صديق ليس له عيوب، لذلك طريقها بالعثرات يشوب، كيف يتعامل "الشاعر محمد المخزنجي" مع هذه العثرات؟ و إلى أي مدى يعتقد في قدرته على تخطيها ليحافظ على هذه القيمة وهّاجة في روحه؟
ج الله سبحانه وتعالي خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف، وأعلم أنه لا يوجد إنسان كامل علي وجه الأرض، ومن هم أصدقاء لا نتطابق مؤكدا في الصفات والأفعال ولكل منا وجهات نظر مختلفة في كثير من الأمور، قد تلتقي الأرواح والقلوب علي محبة الله ومحبة الناس وهذا ما يقربنا، وقليل بل ومن النادر أن نلتقي بقلوب تشبه قلوبنا ولهذا نحافظ علي التمسك بها ..اسعي جاهدا ألا افقد صداقة إنسان أرى في روحه الجمال وفي قلبه الحب والخير لمن حوله، وأتمسك بهذه النماذج النبيلة من البشر قدر المستطاع والتمس لها الأعذار حال اختلافنا في أمر ما، والتسامح من أهم الصفات التي تبقي علي دوام أي علاقة إنسانية.
س"التسامح من أهم الصفات التي تبقى على دوام أي علاقة إنسانية"، يرى الكاتب الفرنسي "فولتير" أن "الابتسامة تذيب الجليد و تنشر الارتياح و تبلسم الجرح، إنها مفتاح العلاقات الإنسانية الصافية"، بين التسامح و الابتسامة، بين الشاعر "محمد المخزنجي" و الكاتب "فولتير"، كيف تولد و تعيش هذه العلاقة؟
ج علمنا النبي محمد بن عبد الله (ص) أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، وعلمنا أن من خير الأعمال إلى الله أن نلقي الناس بوجه طليق ..الابتسامة رسول سلام بين الناس، والتسامح من شيم الكرام، وبهذه الخصال الحميدة التي إن خلت من إنسان اعتقد انه يكون قد فقد إنسانيته ولا أقول جزء منها لان إنسانية الفرد لا تتجزأ، وأرى أن هذه الصفات و التي تفتح بين الناس دروب من المحبة والألفة رغم عدم صعوبتها إلا أنها تحتاج لقلوب تعرف المعني الحقيقي للود والحب والصداقة وتعرف الله قبل كل شيء وتسكنها مساحات رائعة من الإنسانية النبيلة والخصال الحميدة وحب الحياة ونشر السلام بين الناس وتقبل الأخر.
شكرا لك الشاعر "محمد المخزنجي" على تواصلك الراقي و حرفك الجميل و إلى لقاء آخر إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.