ورثنا عن الأجداد حضارة عظيمة وعلينا الحفاظ عليها واستثمارها علي أحسن وجه ولكن ماذا سنترك لأولادنا وأحفادنا؟ من هذا المنطلق أتابع باهتمام بالغ كل ما ينشر أو يذاع عن المتحف المصري بالتحرير أو المتحف المصري الكبير الجديد، فأنا أفتخر دائما بالمتحف المصري الانتكخانة لكونه أحد أعرق وأشهر المتاحف في العالم حيث افتتحه خديوي مصر عباس حلمي الثاني عام 1902 وقام بنقل الاثار الفرعونية إليه التي كانت معروضة في متحف مؤقت أقيم في حديقة الأزبكية من عام 1835 وبذلك تكون مصر إحدي الدول الرائدة في عرض اثارها وثرواتها. ولأن مصر تمتلك أعظم كنوز الأرض في ثقافتها وحضارتها كان من الطبيعي مع تطور الزمن أن تفكر في إقامة متحف جديد نظرا لصغر مساحة مبني الانتكخانة الحالية وبالفعل تم اختيار عام 2002 مساحة شاسعة في موقع ممتاز لبناء المتحف الجديد الكبير وبالتحديد يقع المتحف فوق سهل صحراوي علي حافة وادي النيل بمساحة 117 فدانا يسع المتحف خمسة ملايين زائر ويري الزوار أهرامات الجيزة الخالدة وقد طرحت منظمة اليونسكو مسابقة دولية شارك فيها 1557 من مكاتب التصميم المعماري العالمية من 83 دولة ووقع الاختيار علي مشروع يعد تحفة معمارية شارك في تصميمها 14 مكتبا استشاريا من خمس دول اعتمد علي فكرة جاء بها شاب عبقري من أصول صينية حيث صمم واجهة المتحف علي شكل حائط عملاق يغطي بالالبستر يتخلله ثلاثة بوابات تؤدي لبهو المتحف حيث يتصدر الساحة الرئيسية تمثال رمسيس الثاني الذي كان واقفا في قلب القاهرة أمام مدخل محطة رمسيس للقطارات والذي يعرف باسم ميدان رمسيس. ومن حسن حظي أنني قمت بزيارة لأرض مشروع المتحف الجديد منذ عدة سنوات حيث شيد عدد من المباني منها مخازن للاثار وعدد من المعامل المخصصة في ترميم الخشب والخزف والحجر والزجاج والمعادن هذا بخلاف معمل للمومياوات والتقيت هناك بشباب مصري واعد من الجنسين يمارس عمله بحرفية وإتقان، ويضم المتحف مجموعة من الخدمات التجارية والترفيهية وحديقة ضخمة سيزرع بها أشجار كانت معروفة عند قدماء المصريين ورغم أن العمل لم يتوقف منذ ذلك الحين ولكنه يسير ببطء لعدم توافر السيولة المادية فالتكلفه تبلغ 550 مليون دولار تساهم اليابان بقيمة 300 مليون دولار كقرض ميسر. لاحظت مؤخرا اهتماما إعلاميا بالمتحف الكبير والذي يعد أحد أهم الإنجازات الحضارية في القرن الحادي والعشرين وأتمني أن نشهد حملة إعلامية وأن تضع مصر خطة مدروسة وبرنامجا حافلا يتم دعوة الشخصيات ووسائل الإعلام العالمية في أعقاب الانتهاء من عملية البناء والتشييد بالكامل فعملية افتتاح المتحف الكبير من أهم خطوات الترويج لمصر سياحيا واقتصاديا.