في ظل كل هذه الظروف الاقتصادية المتأزمة التي تمر بها مصر.. لم يعد من الممكن تحميل المؤامرات الخارجية كل الذنب في تدمير اقتصادنا عن عمد.. فالعالم كله تجتاحه مؤامرات اقتصادية تأخذ في طريقها كل من تسول له نفسه الاسترخاء أو النوم في سبات اقتصادي عميق كما نفعل نحن! وللأسف فإن العواصف الاقتصادية،التي تجتاحنا بفعل سوء أدائنا، قد ألقت بنا في مهب ريح الاقتراض من الصناديق العالمية التي قد يضمر بعضها لنا الشر، لذلك لابد - إن كان مازال لدينا بعض من إحساس- أن تصيبنا نوبة صحيان كي نفيق من غيبوبة حصار إرادتنا حتي أننا لم نعد نفكر إلا في جلب السكر والزيت وكل أنواع »المم» من الخارج بدلا أن نهب لنضع حدا نهائيا لهذا الركود الفكري الاقتصادي، ونستبعد العقول الاقتصادية العاجزة بسبب انعدام الرؤي الاقتصادية الناجحة والناجعة لديها.. والتي تقودنا للتراجع بدلا من أن تأخذ بيدنا كشعب إلي طريق الإنتاج.. وتقدم لشبابنا فرص عمل حقيقية، لافرص تسكن شاشات الفضائيات وإعلانات الطرق! ولعل من المؤسف ورغم أننا كشعب لسنا متخصصين في الاقتصاد، أن نظل نسمع مرارا وتكرارا حتي حفظنا عن ظهر قلب» ضرورة جذب الاستثمار الخارجي،وأن الطريق إلي جنة المستثمرين يمر عبر بوابة »الشباك الواحد» وهو ماانتظرناه طويلا، ولكن علي الرغم من تغير الوزارات والوزراء فإننا لم نجد سوي »شبابيكهم المفندقة علي البهلي» والتي تترك »شبابيك الفساد مفتوحة علي البهلي» بما يُلقي بالظُلمة علي »نهار» الاستثمار! كما أن الوعود الوردية التي تُعلن صباح مساء للشباب بأن هناك أكثر من 200 مليار جنيه في انتظارهم للحصول عليها لإقامة مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة.. قد أثبتت الأيام أنها مشاريع تشبه »عشم إبليس في الجنة» وأنها لا ولن تعرف طريقها إليهم لأن »الكبار» يتفننون في وضع العراقيل أمام فرصة شاب لاتأتي! أما برامج » التوك شو» التي تتصدر المشهد فهي تلهث وراء الأرز والسكر في مشاهد مقززة تُظهرنا وكأننا شعب منزوع الكرامة، كما تُظهر أكبر مسئولينا» للأسف» وهم يقفون في الشوارع لتنظيم توزيع المواد الغذائية وكأنهم رجال »مرور الأكل»، وكأن حرب الجوع المصرية قد قامت.. لذلك أدعو الحكومة مادمنا في هوجة الاستيراد أن تستورد لنا من الخارج اقتصاديين يحلون مشاكلنا، أو أن ترفع يدها عن الخبراء الوطنيين الحقيقيين وتمنحهم فرصة ليتقدموا للصفوف الأولي.. اقتصاديون ممن بمقدورهم إدارة اقتصاد حرب من خلال حُسن إدارة موارد مصر، ومضاعفة الإنتاج، ومحاربة الفساد، وتعزيز الصناعة والإنتاج الزراعي، ووقف نزيف الاستيراد، وتمكين العلم والعلماء وبحوثهم، والانتصار لصحة المواطنين.. وتعزيز قيمة الإعلام الوطني التنموي، والأهم أن يكون بمقدورهم المناورة، ومعرفة من أين تؤكل كتف المصالح الاقتصادية للدول،حتي يمنحونا أمل صبر الحصاد. مسك الكلام.. قوم يامصري من نومك »وتسلم ياجيش بلادي».