لم يكن اقرار الكونجرس الأمريكى وبعده موافقة مجلس النواب لقانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" المعروف ب"جاستا" والذى يسمح لعائلات ضحايا الهجمات الإرهابية بمقاضاة دول أجنبية مقصود بها ايران والسعودية وذلك إذا ما ثبت ضلوع المملكة في هجمات الحادى عشر من سبتمبر بأي شكل من الأشكال وهو القانون الذي استخدم أوباما حق النقض لوقف تمريره والذى كانت السعودية قد لوحت بأنها ستسحب استثماراتها التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات إذا أصبح المشروع قانونا نافذا وذلك على الرغم من أنه ليس هنالك أي دليل على تورط المملكة في أي عمل إرهابي . وفى الحقيقة فان الاعلام العربى تناول اقرار هذا القانون بشيئ من المبالغة والتهويل فالقانون عمليا ليس قابلا للتطبيق لأنه ليس هنالك حقا قانونيا لنزع الحصانة القضائية العالمية عن الدول علاوة على أن النظام القضائي الأمريكي يحمي الدول الأجنبية وديبلوماسييها من مقاضاتهم من قبل الولاياتالمتحدة كما أكدت لجنة أمريكية مستقلة عملت على التحقيق في هجمات 11 سبتمبر أنه لا يوجد أي دليل على أن الحكومة السعودية أو كبار المسؤولين السعوديين قاموا بتمويل هذه العملية التى تورط فيها 15 من منفذي الهجوم كانوا أعضاء في تنظيم القاعدة وكانوا يحملون الجنسية السعودية. وأرى أن القانون الأمريكى يستهدف الابتزاز ولكن لاخوف على السعودية لأنه اذا نظرنا بتدقيق الى القانون فان الدولة التى يمكن أن يهددها هذا القانون بشكل كبير هى ايران التى تعتبرها الولاياتالمتحدة دولة راعية للارهاب ويمكن مقاضاتها وهنالك قضايا معلقة ضدها وبها أدلة دامغة وصدرت ضدها أحكام قضائية بعشرات المليارات من الدولارات على الرغم من الاتفاق النووى بين الدولتين . ويبدو أن سماح الكونجرس بقانون جديد يسمح بمقاضاة ايران والسعودية حتى بعد أن رفضه أوباما فقد يوافق عليه الرئيس الأمريكي القادم ضمن تعهداته الانتخابية لضمان الفوز ليجعل مخاطر هذا القانون تتعدي الابتزاز وطلب التعويضات ويضمن على الأقل أن أصول المملكة التى تتجاوز ال700 مليار دولار تحت رحمة القضاء الأمريكي واحتمال الحصول على تأكيدات على الأقل بأن الرياض لن تسحب أصولها أو تلعب بها سياسيا ضد مصالح واشنطن. ومن المؤكد أن هناك أسباب سياسية وراء اقرار هذا القانون من أهمها محاولة استعادة قوة ومتانة العلاقات الأمريكية السعودية التى تدهورت بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته الولاياتالمتحدة مع إيران علاوة على عدم الرضا عن الدور السعودى فى اليمن على الرغم من أن السعودية شريك مع الولاياتالمتحدة فى التحالف الدولى لمكافحة الإرهاب ولكن هناك شواهد تاريخية فى مسار العلاقات بين البلدين تؤكد أن الولاياتالمتحدة لن تضحى بعلاقا تها التاريخية مع السعودية وأنها تناور لعودة هذه العلاقات الى طبيعتها. وعلى كل الأحوال فمن الواجب على الدول العربية تأييد السعودية والاصطفاف معها للدفاع عن مصالح دولة عربية شقيقة والاحتياط من مؤامرات الحلفاء قبل الأعداء لما للولايات المتحدة من سوابق فى التخلى عنن أصدقائها وحلفائها اذا تعارض ذلك مع مصالحها الخاصة .