يزور الرئيس الاميريكي باراك اوباما المملكة العربية السعودية فى محاولة لترطيب أجواء العلاقات بين الحليفين التقليديين. وخلال الزيارة يشارك اوباما في قمة لدول مجلس التعاون الخليجي تستضيفها السعودية والبحث في تعزيز جهود مكافحة الجهاديين، وملفي النزاع في سوريا واليمن. زيارة اوباما للسعودية تأتي بعد أيام من بوادر توتر يشوب أجواء العلاقة بين الرياضوواشنطن على خلفية مشروع قرار في الكونجرس يسمح بمحاكمة مسؤولين سعوديين بتهمة التورط في أحداث ال 11 من أيلول/سبتمبر 2001. "العدالة ضد رعاة الارهاب".. مشروع القانون الذي قدمه الجمهوريون والديمقراطيون لم يصل الى مرحلة التصويت بعد، لكنه يثير غضب الرياض ويهدد بالمزيد من التدهور في العلاقات المتوترة اصلا بين واشنطن وحليفتها الخليجية. ويحاول البيت الابيض عرقلة مشروع قانون "العدالة ضد رعاة الارهاب" الذي من شأنه ان يسمح للعائلات التي فقدت ذويها في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر مقاضاة الحكومة السعودية. ويتيح مشروع القانون لعائلات ضحايا اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 ان تلاحق امام القضاء الامريكي الحكومة السعودية لمطالبتها بتعويضات. لكن البيت الابيض يؤكد ان اوباما لن يتوانى عن استخدام الفيتو ضد مشروع القانون اذا اقره الكونجرس. جدير بالذكر ان معظم خاطفي الطائرات وعددهم 19 كانوا مواطنين سعوديين. وألقيت المسؤولية في الهجمات على تنظيم القاعدة وغزت بعدها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها أفغانستان التي كان التنظيم يتحصن بها. ولم يصل أي تحقيق أجري في الولاياتالمتحدة حتى الآن لدليل على وجود دعم من السعودية للهجمات.وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست إن أوباما لا يؤيد هذا التشريع ولن يوقع عليه. ويجرد مشروع القانون الذي مررته اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ في وقت سابق من العام الجاري الحكومات الأجنبية من الحصانة في القضايا الناجمة عن هجوم إرهابي يقتل فيه أمريكيون على أراض أمريكية , وأثار مشروع القانون خلافا بين الكونجرس والبيت الأبيض. ويؤكد السناتور جون كورنين، الرجل الثاني في الحزب الجمهوري في مجلس النواب , وأحد رعاة مشروع القانون أن من شأن مشروع القانون الغاء مبدأ الحصانة السيادية والتأكيد على مبدأ مسئولية من يمول ويدعم هجمات إرهابية على الأراضي الأميركية عن الأضرار الناجمة عن هذه الهجمات. حصانة الدول .. من جانبه قال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جوش أرنست أن مبعث القلق من هذا القانون لا يتعلق بتداعياته على العلاقات مع دولة محددة , بل لارتباطه بمبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي ألا وهو حصانة الدول , وهو المبدأ الذي يتيح للدول ان تحل خلافاتها عبر الطرق الدبلوماسية وليس عن طريق المحاكم , وأضاف أنه إذا تم المس بهذا المبدأ يمكن لدول أخرى أن تقر قوانين مماثلة ,الامر الذي قد يشكل خطرا كبيرا على الولاياتالمتحدة، وعلى دافعي الضرائب والجنود والدبلوماسيين. أوباما يرفض القانون.. الرئيس الأمريكي شدد أيضا على رفضه للقانون لذات المبدأ , حيث أكد أنه إذا أقرت الولاياتالمتحدة مبدأ أن أفرادا في الولاياتالمتحدة يمكنهم بشكل روتيني مقاضاة حكومات أخرى , فإنها بهذا تفتح أيضا المجال لمقاضاة الولاياتالمتحدة باستمرار من أشخاص في دول أخرى. تهديدات سعودية.. وعلى إثر تلويح الكونجرس بهذا القانون , حذرت السعودية من انها قد تبيع أصولا أميركية قيمتها مئات المليارات من الدولارات إذا أقر الكونجرس مشروع القانون ,وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حذر برلمانيين أميركيين من التداعيات المكلفة على الولاياتالمتحدة في حال إقرار المشروع. وأكدت الصحيفة أن الجبير هدد باحتمال أن تقدم الرياض على بيع سندات خزينة أميركية بقيمة 750 مليار دولار فضلا عن أصول أخرى تملكها في الولاياتالمتحدة. ولم يتم إثبات وجود تواطؤ رسمي سعودي في هجمات القاعدة , إلا أن 15 من أصل 19 شاركوا في اعتداءات 11 سبتمبر كانوا سعوديين. وعبر البيت الأبيض عن ثقته في أن السعودية لن تمضي قدما لتنفيذ التهديد , وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض أن السعودية تعترف بالمصلحة المشتركة بين البلدين في الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي. ويؤكد البيت الأبيض أن أوباما لن يتوانى عن استخدام الفيتو ضد مشروع القانون إذا أقره الكونجرس , لكن المراقبون يؤكدون أن الأمور ليست بهذه البساطة , خاصة وأن أيام أوباما أصبحت معدودة في البيت الأبيض , وتشير الأنباء إلى ان هيلاري كلينتون، المرشحة الاوفر حظا عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الامريكية والمرشح الجمهوري المحتمل تيد كروز يؤيدان مشروع القرار الذي قد يصبح بعد الانتخابات قانونا بالفعل. الزيارة الرابعة .. زيارة اوباما للسعودية هى الرابعة منذ دخوله البيت الابيض في 2009 ومن المقرر ان يركز في مباحثاته مع العاهل السعودي على ملف مكافحة التنظيمات الجهادية وسبل حل النزاعات الدائرة في المنطقة ولا سيما في سوريا والعراق واليمن، بحسب البيت الابيض. وتشكل قمة الرياض متابعة للقمة التي عقدت في ايار/مايو 2015 في كامب ديفيد في غياب الملك سلمان بن عبد العزيز الذي قاطع يومها دعوة البيت الابيض على خلفية المخاوف حيال انفتاح واشنطن على ايران. وقد اعاد اوباما خلط الاوراق في المنطقة وأثار في الوقت نفسه غضب دول الخليج، شركاء بلاده منذ زمن طويل، باعادته ايران، خصم السعودية، الى الساحة الدبلوماسية،ورفضه التدخل ضد نظام بشار الاسد في سوريا، واعلانه بوضوح ان للولايات المتحدة اولويات اخرى غير الشرق الاوسط في مقدمتها اسيا.