كان لاكتشاف موهبتها الموسيقية والغنائية في سن مبكرة وهي ابنة العاشرة سبباً أساسياً في إلحاقها بمعهد الكونسرفتوار بعدما نالت إعجاب جموع ملتقي المثقفين الذي كان ينظمه والدها الفنان الكبير رائد فن الخزف مع صديق عمره الفنان الكبير الراحل حسين بيكار بالحرانية، وهناك اكتشفت أستاذتها موهبتها واختارتها بالصدفة للتخصص في العزف علي آله الهارب ونمت بالعمل الدءوب والاشتغال علي صقل موهبتها ودفعها إلي أقصي مكامن الإبداع.. إنها الدكتورة منال محيي الدين حسين الأستاذة بمعهد الكونسرفتوار أشهر عازفة هارب محلياً وعالمياً. وفي الكونسرفتوار تفوقت منال وجاء ترتيبها الأول علي دفعتها، وحصلت علي أعلي مؤهل في العزف علي آلتها خلال المنحة الألمانية التي حصلت من خلالها علي درجة الدكتوراه بامتياز، وبعد عودتها أصبحت بكفاءتها من الأسماء الشهيرة علي مستوي العالم، لدرجة أنها كانت أول مصرية تلتحق بأوركسترا القاهرة السيمفوني في وقت كان لا تتم فيه الاستعانة إلا بعازفين علي آلة الهارب من الخارج. غالباً تظهر عند البعض مواهب واعدة في الطفولة فتجذبه إليها اهتمامات المحيطين بها، وهذا هو ما حدث مع الدكتورة منال ابنة حي منيل الروضة التي قضت 4 سنوات من عمر دراستها في بستان إحدي مدارسها الابتدائية وعندما لاحظ والدها الفنان الخزاف الكبير محيي الدين حسين ميولها الموسيقية ألحقها بمعهد الكونسرفتوار وعمرها 10 سنوات، وكانت فاتحة خير عليها حيث استمرت تكمل دراستها العادية حتي المرحلة الثانوية، إلي جانب دارستها للموسيقي. تقول الدكتورة منال إن علاقتها الإبداعية بالموسيقي عادت لتظهر بوضوح عند انتقالها مع أسرتها للإقامة في حي الحرانية وأشارت إلي أن والدها الشرقاوي الأصل كان أول من ذهب إلي هناك في أوائل الستينيات وكان منزله ملتقي جميع الفنانين التشكيليين القاطنين هناك، وكان فاكهة الملتقي الفنان الكبير الراحل حسين بيكار، حيث كان يمتع رجال الملتقي بعزفه علي آلة "البزق" خلاف شدوه البديع لأغاني عبدالوهاب.. وكان والدها يزيد الإمتاع بعزفه المنفرد علي العود. هذا الملتقي كان مهد هواية الدكتورة منال في الغناء هي وشقيقها شريف الذي يعمل الآن مؤلفا موسيقيا وقائد أوركسترا. تتابع: زاد شغفي بالموسيقي لدرجة أن حصص الموسيقي كانت من أمتع الحصص بالنسبة لي، ونظرا إلي أنها متعة وإبداع اختارتني أستاذتي ناهد زكري للتخصص في العزف علي آلة الهارب من بين جميع الطالبات المتقدمات للكونسرفتوار، ونتيجة تركيزي مع أساتذتي ونضوج فروع موهبتي جاءت نتائجي كلها متميزة في امتحانات الأداء الموسيقي بجانب تفوقي في فروع الدراسة الأخري، ولا أخفي أن والديّ كان لهما الفضل في إيجاد جاذبية خاصة زادت من تعلقي بعالم الإبداع الموسيقي والآلة الساحرة، ما دفعني لتغليف موهبتي الموسيقية في إطار أكاديمي منذ فترة تخرجي في الكونسرفتوار عام 1987 وحصولي علي منحة من البعثة الألمانية للقيادات العلمية، ومع دخولي في رحلة نضوج جديدة وقراءة الألمان لموهبتي حصلت علي أعلي مؤهل في تخصص العزف علي آله الهارب. تواصل: انتهزت الفرصة في الاطلاع علي عوالم وبحور الموسيقي ودورها في كل مدارس ألمانيا العريقة المتخصصة في دراسة الموسيقي الكلاسيكية، كما استفدت بصقل موهبتي في العزف علي "الهارب" والارتقاء بأسلوبي في التخصصات الموسيقية الأخري، واكتساب خبرات عديدة من خلال حضوري الحفلات الموسيقية لكبار أساتذة وعمالقة الموسيقي هناك وفي دول أوروبية أخري، وأعتبر معزوفاتي قطعة من الحياة وصرخة إبداع لا تنتهي. وتتذكر الدكتورة منال أنها بعد عودتها لمصر عام 1992 تم معادلة شهاداتها الألمانية في مصر وحصلت علي درجة الدكتوراه بامتياز وعُينت مدرساً بالمعهد، كما حظيت بفرصة أن تكون أول مصرية التحقت بأوركسترا القاهرة السيمفوني خاصة أنه كان يتم الاستعانة بعازفين وعازفات أجانب في العزف علي آلة الهارب، ولكونها حريصة علي عشق التميز لم تنحرف خطوة عن السير في مضمار النجاح ولهذا حظيت علي صعيد التكريم علي جائزة الدولة التشجيعية بالإضافة لمجموعة تكريمات أخري من هيئة قصور الثقافة ومختلف الجهات الفنية الأخري. وتري الدكتورة منال أن الحياة الأسرية جميلة لكن بنسبة 85 % نظرا لظهور خلافات سرعان ما تجد لها حلا ولكنها تشعر بتناغم فكري ووجداني مع زوجها مهندس الكمبيوتر أحمد القوصي، وتؤكد أنه يقدر عملها ويفتخر بها كونه أيضاً عاشقاً للموسيقي، وهي تبادله الحب والاحترام منذ أن التقي بها وتعرف عليها في إحدي الحفلات الموسيقية. وتشير إلي أن الحياة أثمرت عن إنجاب أمينة (8 سنوات) وهي الآن طالبة بالصف الثاني الابتدائي بالمدرسة الأوروبية الألمانية، لكنها لم تظهر أي ميول موسيقية عندها رغم دندنتها علي آلة الهارب، وتضيف منال: "ربما قريبا أعلمها العزف علي آلة موسيقية". علي مستوي أناقتها وحياتها الأسرية وهواياتها تقول: أفضل الملابس التراثية المصنوعة من نسيج "نجادا" بالصعيد والمعروف بأنه مغزول علي النول، وأفضل أيضاً "الكاجوال" في الحياة العادية، لكن علي المسرح أرتدي الأزياء المرتبطة بالهوية المصرية، ولم تخف عشقها لشراء الأنتيكات من المزادات وتعتبرها جزءاً من اهتماماتها، بينما تؤكد أنها تتحدي الجميع بأنها طباخة ماهرة خاصة في صناعة الرقاق والبطاطس والمحاشي.