اليوم يوافق الذكري السابعة لرحيل الأستاذ الكبير، والكاتب القدير عبدالوارث الدسوقي الذي تولي الإشراف علي صفحات الرأي والقسم الديني بمعشوقتنا »الأخبار» لعقود قاربت الثلاثين عاما، كما عمل نائبا لرئيس مجلس إدارة أخبار اليوم حين كان الكاتب الكبير موسي صبري رئيسا لمجلس الإدارة. ونحن نتذكر الرجل اليوم ينبغي أن نبدأ بالقول المأثور: »لا يموت من غرس غرسا طيبا» ثم نثني بقول الشاعر: الناس صنفان موتي في حياتهم.. وآخرون ببطن الأرض أحياء نعم، فأنا دائما أقنع نفسي بأن أحبائي عندما يذهبون لم يموتوا وإذا كان النبض في قلب أستاذ العم عبدالوارث - كما يسميه أهل قريته كفر دنشواي - فما توقف في قلبه إلا ليستمر في قلوب كل من أحبوه وتعلموا منه، فأمثاله لا يموتون، كما أن مقالاته كلمات ستظل خالدة إلي الأبد كشجرة الورد ترتوي من رحيقها الأجيال، وينساب عطرها حبا وسلاما ونورا يضيء ظلام الهموم ما بقيت الحياة. من القلب أقول إن عبدالوارث الدسوقي من الأساتذة الكبار الذين تركوا بصمة علي »الأخبار» لا تستطيع أن تمحوها الأيام، لأن ثمرة الإخلاص تبقي وإن غاب أصحابها، لقد كانت كتاباته الصحفية - علي ندرتها -تتسم بالسلاسة اللغوية، والأسلوبية والوضوح مع عمق المعالجة وجمال الصياغة وروعة العرض والمصداقية مما يجعله جديرا بأن يوصف بالتفرد الفكري والمعرفي فهو -بحق- كاتب من طراز فريد يندر أن يجود الزمان بمثله. لقد كان استاذنا دقيقا في استخدام مفرداته، حريصا علي الفصحي بل غيورا عليها ومدافعا عنها، يري أن لغة المرء تساوي هويته، كما كان مثالا للالتزام والأنضباط، وكانت لديه ملكة الابتكار والتجديد، وتميز بالعطاء الإنساني لكل من حوله فاتسعت دائرة تلاميذه ومحبيه علي المستوي المهني فكان سابقا لعصره، عاش مرفوع الهامة والقامة ووهب حياته للكلمة الصادقة، وأفني لأجلها عمره، فاستحق أن يبقي حيا في القلوب. حمادة عجور خبير لغوي - سوهاج
لم أر اسمه مزيلاً لمقال سوي في أول أكتوبر 1970 بجريدة الأخبار في تأبين المرحوم الزعيم جمال عبد الناصر تحت عنوان » لا تذهب » وهي المرة الأولي والأخيرة علي ما أتذكَّر التي أري فيها اسمه. في يولية 2000 وكنت من القراء الدائمين لصفحتي » الرأي للشعب » أرسلتُ مقالاً بالبريد العادي لمحرر الصفحة - الذي لا أعرفه - ونُشِرت قبل أن يمر الأسبوع وسط كوكبة من كُتَّاب الصفحة.. اتصلت بالجريدة أسأل عن صاحب الفضل في تحقيق أمنيتي وما أن قدمتُ له نفسي حتي جاءني صوته مهللا مُرحباً وكانت جُملتي الوحيدة » سيادتك أسعدتني » فيأتيني رده المهذب والمغلف بالود مُشجعاً ومُحفزاً : » إنتِ اللي أسعدتينا » وواصل مستنهضاً همتي: إرسلي ما تريدين. مكالمة معه لم تستغرق ثلاث دقائق استشعرتُ من خلالها أنني أمام شخصية محترمة متواضعة، واستمر النشر لمقالاتي بنفس المعدل لمدة عامين ونصف وكانت فترة مرضه ثم وفاته رحمه الله مساء الأحد 16 أغسطس 2009، ورأيت صورته لأول مرة مع كلمات التأبين من مختلف الأجيال وكلها تدور حول تصوفه وزهده وعدم حرصه علي الظهور أو كتابة اسمه علي كتاباته، وبالإضافة لإشرافِهِ علي صفحتي الرأي كانت معلومة جديدة لم أتبينها سابقاً وهي إشرافه علي صفحة الجمعة الدينية والصفحة الدينية اليومية في رمضان. رحم الله شيخ الصحفيين المرحوم الأستاذ عبد الوارث دسوقي وأسكنه فسيح جناته. سيدة اسماعيل الجمل المنصورة