معركة غير متكافئة، ومشاجرة لا يمكن أن نقول أن أحد الطرفين خرج فائزا، فالطرفين خاسرين. الابن القتيل خسر حياته والام القاتلة خسرت حريتها وقبلها خسرت فلذة كبدها! جريمة غريبة ومثيرة ومعقدة، الحكم فيها علي أى طرف من الأطراف بالإدانة صعب، لكن المؤكد أن الحكم الإلهى هو الفاصل.. اعترافات الام المثيرة والتفاصيل الغريبة فى السطور القادمة. كان صوتها العالي مألوفا للجيران، كل يوم مشاجرة مع ابنها عبد الرحمن، لاتعرف ماذا تفعل معه، تنام تفكر فيه خوفا عليه، قلبها بات يخفق ألما وحزنا على ما آلت إليه حياة ذلك الشاب الذي أصبحت سيرته على لسان جميع جيرانه وزملائه بالحى الشعبي فى المطرية، لا تنتهي مشكلة إلا ويفتعل مشكلة جديدة مع شخص من منطقته، لم تعتقد الأم أن ابنها عبدالرحمن ذلك الشاب الهادئ الطباع منذ صغره سيتحول لهذه الدرجة وينقلب به الحال بعد إنهاء تعليمه، كانت شقيقته الكبرى سارة خلف، الحاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية، والتى تبلغ من العمر 30 عاما، تهون على والدتها، تصبرها، تشد من أزرها، فهى تراها فى العمل والمنزل، سيدة بمأئة راجل، قوية الشخصية، لديها قدرة على تحمل الصعاب، تحدت الظروف الصعبة التى واجهتها، عاشت حياة عصيبة من أجل أولادها، كافحت حتى ربتهما، وكانت ابنتها مقدرة لجميع هذه الظروف، لكن عبدالرحمن كان يعيش فى عالم آخر، عالم الإدمان، وصداقة السوء، والسهر فى الشوارع وعلى المقاهى، لا يعود إلى منزله إلا فى وقت متأخر، كانت أمه تنتظره بصفة يومية، تسأله، تعنفه حتى لايعود إلى هذا العمل مرة أخرى، لكنه كان يعود فى حالة شبه فاقدا للوعى، مخمورا، يتمايل يمينا ويسارا، رائحة الخمر تفوح من فمه، حينما كانت تشتم الأم هذه الرائحة الكريهة، تغضب، وتنفعل عليه، وتسبه، وتطرده من المنزل، لكنه كان يتشاجر معها، وكان ينتصر فى النهاية ويدخل إلى حجرته، يلقى بجسده على السرير يغلق باب حجرته من الداخل حتى لا يعكر صفو مزاجه أحد، ويغرق فى النوم، كانت الأم تتعب من كثرة الطرق على الباب والصراخ على ابنها، وفى النهاية لا تجد حلا سوى الصمت، وكتم الحزن والألم بين ضلوعها، وتدخل إلى حجرتها ودموعها تنهمر من عينيها حتى تجف، وابنتها وابنها ابراهيم إلى جوارها، تنظر لهما ثم تخرجهما من حجرتها لتنام وتفكر مع نفسها فى حال ابنها الذي سوف يجلب لها مصيبة فى يوم الأيام. مشاجرات يومية لم يكن ذلك اليوم هو الأول الذي يعود هكذا الابن لمنزل أسرته، ولم تكن هذه فقط هى أسباب التشاجر، ولكن تعددت المشاجرات والأسباب متعددة، فهو مدمن يعشق المخدرات، حاولت الأم علاجه لدى الكثير من الأطباء لكن لم تنجح محاولاتها وكانت تبوء بالفشل، سلكت طريق المصحات لكنه أيضا كان يذهب فترة ويهرب منها عائدا لمنزله، بل كان يسرق الفلوس من أمه لشراء الكيف الذي به يصفو مزاجه، وبدونه تشتعل الدنيا وتنتفض الأجواء فى البيت، وتنشب المشاجرات مع أخته او أخيه بسبب منعه عن أخذ الفلوس أو مساعدته بإعطائه المال لشراء الكيف، وحينما يتأكد أنهما لا يحتكمان على المال، يحاول سرقة أمه، لكنها كانت تخفى الفلوس معها لأنها تعلمت الدرس جيدا فهذه ليست المرة الأولى الذي يسرقها ابنها، ولكن فى اليوم الأخير، عاد الابن متأخرا، زملاؤه ينتظرونه على المقهى للذهاب لتاجر الكيف ليشتروا منه "المزاج"، بحث فى المنزل، سأل شقيقته وشقيقه، وفى النهاية كان الطريق مغلقا أمامه ولم يعثر على "مليم واحدا" فى المنزل، دخل حجرة أمه، ظل يفتش فيها، لكن الأم أخفت كل ماهو ثمين من المنزل بل باعت كل ماهو ثمين حتى لا يأخذه ويبيعه، أمسك بأمه وعنفها، وظل يهز كتفها وجسدها بيديه معتقدا أنها ستخضع لطلبه، لكنها دفعته إلى الخلف، وسبته، وصرخت فى وجهه لإبعاده وحاولت طرده لكنه لم يخرج، الجيران فتحوا نوافذهم من شدة الصرخات وألقوا بسمعهم لمعرفة مصدر الصوت ولكنهم حينما سمعوا أم عبد الرحمن أدركوا سر الصوت العنيف هذه المرة، وكانت شقيقته تحاول تهدئتها وكذلك الابن الأصغر يدفع أخيه للخروج من المنزل، لكن الشيطان سيطر على الابن العاق، بدأ يفرض ظلاله فى كل ركن من أركان الشقة، الابن مغيب يفتقد لأعصابه بسبب عدم أخذ الجرعة التى ستهدئ أعصابه، دفع والدته وضربها فى وجهها، الأم ثارت، وغضبت، المشاجرة خرجت من مجرد تعنيف أم لابنها المدمن ومنعه، إلى مشاجرة وكأنها بين امرأة وشاب، لم يلمس الابن أن التي تقف أمامه هى صاحبة البطن الذي حمله تسعة أشهر وقاست وعانت من أجل أن يصبح رجلا، كانت الأم تنظر فى عين ابنها عبدالرحمن، وشعرت فى ذلك الوقت أنه ليس بضناها وفلذة كبدها ولا تجرى دمائها فى عروقه ولكنه عمل غير صالح ابتليت به. سكين وحبل أسرع عبدالرحمن إلى المطبخ، بعد تطاوله على أمه، تعجبت الأم، تساءلت فى ثوانى ماالذي ينوى فعله؟.. أسئلة مرت على عقلها فى ثوانى وأجابت على نفسها واتخذت القرار أن الذي يفعل هذا هو ليس بابنها، وماكانت تنتظره الأم بالفعل وجدته، ابنها يمسك بسكين، يحاول الاعتداء عليها. برقت الأم، غضبت، هرب الدم من وجهها وشحب، تحولت من أم تخاف على ابنها من "الهوا الطاير" إلى وحش كاسر يفتك بمن يقف أمامه، الابن يصر على ضربها بالسكين، وتمكن من الهرب من بين يد اخته وأخيه الأصغر وحاول ضرب أمه بالسكين، التي أمسكت بابنها من يده، بعنف وقوة، وأمسكت بالسكين من يده، وأثناء ذلك أصيب الابن فى وجهه، وبلا رحمة، نزعت السكين من يده ووثقت يديه، وقامت بلف سلك الانترنت على رأسه، وشدته، حتى فقد الوعى، كما اعتقدت الأم، التى حملت ابنها وألقت به على سريره، خرجت الأم جلست على الكرسي بالصالة، وبجانبها ابنها وابنتها تبكى، وتحاول تهدئتها، وبعد فترة قصيرة دلفت شقيقة الابن المجنى عليه لتطمئن عليه وجدته فاقدا للوعى ولا يرد عليها، أسرعت الأم ناحيته واقتربت ناحية قلبه لتسمع دقاته لكنها اكتشفت أن ابنها فارق الحياة، صمتت الأم ولم تنطق سوى بكلمة "ماااات". خرجت وابنيها، الدموع فقط هى التى تسيطر على المشهد الذي يحيطه الهدوء والسكون، فقط النظرات، إلى أن تحدثت الأم قائلة سأبلغ الشرطة وندعى أنه مات بسبب المخدرات. لم يرد أحد سواء سارة ابنتها أو ابراهيم، وأبلغت رئيس قسم شرطة المطرية بوفاة، "عبدالرحمن. م. خ"، 24 سنة، عاطل ومحكوم عليه فى قضيتين حبس جزئى "ضرب، سرقة" والمقضى فيهما بالحبس شهرين. وأمر اللواء هشام العراقى مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة بتشكيل فريق بحث لكشف غموض الجريمة، بانتقال اللواء عبد العزيز خضر لمكان الواقعة عثر على جثة المتوفى بمسكنه وبه إصابات عبارة عن "جروح متفرقة بالذراع اليمنى والرقبة"، وتبين حدوث مشادة كلامية بين المتوفى ووالدته، "صافية. م. ش"، 51 سنة، ربة منزل ومقيمة بذات العنوان، تطورت المشاجرة وقام عل أثرها الابن بمحاولة التعدى على والدته بسكين إلا أنها تمكنت من تقييد حركته ونزع السكين من يده مما أحدث إصابته وقامت بلف سلك كهربائى حول رقبته وخنقه ووضعه على سريره ظنا منها أنه فى حالة إغماء، لكن عند محاولتها إيقاظه فوجئت بأنه فارق الحياة. اعترفت المتهمة بارتكاب الواقعة على النحو المشار إليه، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 2811 لسنة 2016م جنح القسم، وأحاله اللواء خالد عبد العال مساعد الوزير مدير أمن القاهرة إلى النيابة العامة التى تولت التحقيق وأمرت بحبس المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيقات. اعترافات أم قاتلة.. وقالت الأم صافية وهى غير متأثرة بقتل ابنها: لم أقتله بل هو الذي قتل نفسه، صبرت عليه كثيرا، نصحته ألا يسير فى هذا الطريق المليء بالأشواك، إلا أنه انساق وراء أصدقاء السوء وكانت النتيجة انه مات على يد امه، لكن ليه؟.. لأنه تناسى أن التى تقف أمامه ويقوم بالتشاجر معها ويضربها هذه هى امه، وليست امرأة فى الشارع، ولا أعرف كيف قتلته؟.. ولا كيف امتلكت هذه القوة والشجاعة على ضربه، رغم أننى لم أقد قتله فقط أردت تأديبه لكن إرادة الله بانه فارق الحياة.