تعتبر صناعة السيارات في مصر من الصناعات الهامة الداعمة للاقتصاد الوطني والموفرة للكثير من فرص العمل كما إنها تخلق مجالات عمل أخري من نقل وتوزيع وشحن وتفريغ وخلافه ، ولكن مع الأزمة الاقتصادية الأخيرة و ارتفاع سعر الدولار وعدم توفره بالبنوك تأثرت هذه الشركات سلبيا بشكل كبير نظرا لأنها تعتمد علي الدولار والعملات الأجنبية الأخري في شراء احتياجات السوق من سيارات وقطع غيار من الدول الأجنبية ، وبالتالي مع عدم توافر الدولار بالبنوك تأثرت مبيعات الشركات وتوكيلات الصيانة، الأمر الذي رفع سعر السيارات بموديلاتها المختلفة وقطع الغيار، قررت »أخبار السيارات» فتح ملف الدولار. يقول طارق مصطفي مدير الإنتاج بشركة كيا : نعتمد في الشركة علي نظام الاعتمادات المستندية والذي يتمثل في فتح حساب بالعملة الأجنبية في دولة الشركة المنتجة الأم والتعامل مع الطلبيات بمستندات طلب فيتم خصم المبلغ المطلوب نظير السيارات من حسابنا بالخارج لصالح الشركة المصنعة خاصة واننا نستورد السيارات كاملة »تقفيل الخارج» وليس لدينا مصانع تجميع هنا في مصر، وبالتالي نحتاج للدولار كرأس مال ثابت في هذا الحساب باستمرار ونقوم بتوفيره بعدة طرق إما من البنوك وهذا السبيل الأول أو من السوق المتمثل في شركات الصرافة المختلفة وهنا تظهر مشكلة فروق الأسعار حيث يكون الدولار دائما في شركات الصرافة أعلي سعرا من البنوك، وأيضا من خلال بيع سيارات كيا المختلفة لجهات معينة تشتريها بالدولار مثل شركات البترول والسفارات المختلفة والشركات السياحية وحاملي الجنسيات الأجنبية المقيمين في مصر وذلك لأن القانون لا يتيح لهم الشراء بالعملة المحلية، والمشكلة لدينا لا تكمن في توفير العملة الصعبة ولكن عدم ثبات سعر الدولار وتذبذبها باستمرار هو الأزمة الرئيسية فالدولار دائما غير مستقر وأغلب الوقت في ازدياد دائم وذلك ينعكس سلبا علي المبيعات لأننا نضطر دائما لزيادة سعر السيارات وفقا لمتغيرات الدولار وبالتالي تقل المبيعات لأن العميل ينتظر دائما ثبات سعر السيارة أو انخفاضها في أفضل الظروف وبالتالي يؤجل قرار الشراء لفترات أو يلغيه وفقا للظروف الاقتصادية حينها. أما إبراهيم إميل مدير شركة إسبيرانزا قال بدون تطرق إلي تفاصيل، الموضوع يطول شرحه ولكن إنتاج الشركة بالتأكيد لن يتوقف إلا باحتياجات ومتطلبات السوق والعميل فقط وليس بسبب عدم توفير الكميات المطلوبة من الدولار من البنوك. رأي الخبراء المصرفيين يقول د.محمد أحمد عبدالعظيم الشيمي الخبير المصرفي : الأزمة ظهرت بشكل واضح في الفترة الماضية بسبب قلة الاحتياطي النقدي ، وهي الأموال التي تستخدمها الدولة للضخ للسيطرة علي سعر الصرف في السوق ، والذي يحكم الدولار أو العملة الأجنبية هو مبدأ العرض والطلب فإذا زاد الطلب علي الدولار ارتفع سعره وإذا انخفض الطلب عليه قل سعره ، والبنوك تنظم عملياتها الشرائية والبيعية وفقا للأولويات مثل استيراد السلع الأساسية مثل الغذاء والمأكل والمشرب والمسكن ، ينما عملية استيراد السيارات تعتبر من الرفاهيات أو السلع التكميلية وبالتالي طالما هناك نُدرة في النقد الأجنبي لابد من تنظيم وتحديد كمية الدولارات وفقا للاحتياجات الأساسية فالأولوية في هذا التوقيت للسلع الرئيسية ثم يتم توفير الدولار لباقي السلع الترفيهية أو التكميلية مثل السيارات وخلافه ، ومع التدفقات النقدية الحالية التي تأتي من الخارج، الاستقرار يزيد وبالتالي يحدث توفير للعملة الأجنبية مما يدبر المتطلبات والاحتياجات المختلفة في عمليات التصدير والاستيراد. وبالنسبة لشركات السيارات التي تلجأ للسوق السوداء ظنا منها انه حل للأزمة المؤقتة أنصحهم بعدم التعامل مطلقا مع السوق السوداء في مسألة شراء الدولارات حتي لا يزيد سعره مما سينعكس علي سعر السيارة التي ستزيد في المقابل ، وبعد فترة لو نزل سعر الدولار ستجد الشركات التي تشتري من السوق السوداء فروقا سعرية في سوق السيارات من شركة لأخري نتيجة لفروق الصرف بين سعر الدولار في البنوك وفي السوق السوداء ، وبالتالي الشركة ذات التعامل الهادئ مع المتغيرات الاقتصادية هي التي ستخرج بأقل الخسائر من الأزمات الاقتصادية خاصة مع وجود تفاؤل حالي لانخفاض سعر الدولار مرة أخري. وبسؤال الدكتورة سلوي العنتري »الخبيرة المصرفية والاقتصادية» قالت: في ظل الأحداث الجارية والظروف السياسية المتقلبة منذ أكثر من عامين ونصف تراجعت موارد مصر من النقد الأجنبي وظهر ذلك جليا في تراجع احتياطي النقدي الأجنبي من 33 مليار دولار إلي 13 مليار دولار وكان من المنطقي والنتيجة الطبيعية لمثل هذا الحدث أن يضع البنك المركزي أولويات فيما يتعلق باحتياجات الدولة من السلع الأساسية من أدوية وأغذية ومستلزمات كثيرة ليس لها علاقة بالسلع التكميلية وبالتالي لا يصرف العملة النقدية الصعبة إلا لمثل هذه الاحتياجات فالمواطن يستطيع العيش بدون سيارة ولكنه لن يستطيع العيش بدون غذاء أو دواء، حيث تعتبر السيارات من السلع التي تتعلق بالرفاهية فأغلب الشعب المصري لا يمتلك سيارات و بالتالي بعد أن يوفر البنك مستلزمات السوق الأساسية من مأكل ودواء ينظر إلي السلع الأخري مثل السيارات، وأنا علي المستوي الشخصي أكن كل الاحترام علي حسن تصرف البنك المركزي في التعامل مع هذه الظروف وتوفير المتطلبات الأساسية وليست الترفيهية فهو يثبت حسن تصرفه وحسن إدارته وتعامله مع الأزمات المتتالية من ارتفاع أسعار العملات الأجنبية وانخفاض الجنيه أمامها وعدم توافر العملة في بعض الأوقات، والواقع الذي نعرفه جميعا أن شركات السيارات في مثل هذه الظروف تقوم بتصريف نفسها لتوفي احتياجاتها من السوق السوداء وذلك استغلالا للموقف لكي تقوم برفع أسعار السيارات وبالتالي تقوم بتحقيق مكاسب وأرباح أكثر علي حساب المستهلك فهي تنظر إلي مصلحتها فقط دون مراعاة أي ظروف اقتصادية أو اجتماعية للعملاء والمستهلكين. أما عفت عبد العاطي رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة:فيقول: ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات أمر طبيعي ورد فعل لارتفاع أسعار الدولار الذي أنعكس علي جميع السلع الأساسية خاصة الطعام والشراب وغيرها وللأسف هناك بعض الأشخاص يعترضون علي هذه الزيادة في الأسعار بحجة أن المستوردين لهم يستوردون من الخارج بمجرد انخفاض سعر الدولار وهو أمر غير صحيح لأن بعض التجار حصلوا علي بضاعتهم من الخارج مع زيادة سعر الدولار. وبالفعل هناك بعض التجار لديهم بضائع بكميات كبيرة في المخازن لكنهم لن يبيعوا بالسعر القديم لأن هذا يؤدي إلي خسائر كبيرة لديهم في نهاية العام ولن يجدوا السيولة الكافية لشراء البضائع الجديدة.إن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر سيؤدي إلي إعاقة عمليات استيراد السيارات خلال الفترة المقبلة وهو ما قد يؤدي إلي مزيد من ارتفاع الأسعار التي يتحملها المستهلك نتيجة نقص المعروض وان ارتفاع الدولار مازال يلقي بأثره علي تكلفة استيراد السيارة بوتيرة تصاعدية بالاضافة إلي ارتفاع التأمين عليها وجماركها وضرائب المبيعات عليها ما قلص حجم المبيعات بالسوق المحلية سواء السيارات المستوردة أو المجمعة محلياً التي تعتمد علي المكونات القادمة من المصانع الأم. المستقبل القريب وأوضح اللواء نور الدين درويش نائب رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة قائلا :مصر تحتاج إلي منظومة جديدة خاصة بصناعات السيارات تهدف إلي تحقيق إسهام فعلي في الاقتصاد المصري وتوفير فرص للعديد من الأيدي العاملة التي تستوعبها تلك الصناعة علي عكس المنظومة السابقة الهادفة إلي تحقيق مصالح شخصية من عمليات تجميع السيارات التي كانت تدرعلي جميع التجار الربح السريع.مشيرا أن جميع قطع غيار السيارات يتم استيرادها بالكامل من الخارج ولا يوجد لدينا البدائل في السوق المحلي وبالتالي أي تأثير لأسعار الدولار ينعكس تلقائيا علي الواردات. أفضل صورة وأشارعلاء السبع عضو شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة إلي أن السوق لا تشهد انخفاضا بسبب التكلفة المرتفعة للسيارات فيستطيع التجار أن يخفضوا الأسعار حتي لا يتعرض أحد منهم للخسارة وأن نسبة الزيادة لا تتجاوز نسبة 2% التي تعد مساوية لنسبة ارتفاع العملات .ومصر لديها الإمكانات التي تؤهلها للمنافسة التي يجب استغلالها في أفضل صورة حتي تسهم هذه الصناعة في الاقتصاد المصري وتعمل علي توفير العديد من فرص العمل مشيرا إلي أن خطط تم وضعها للنهوض بصناعة السيارات لرفع الطاقة الإنتاجية للمصانع التي كانت تعمل بربع طاقاتها تم تأجيلها لحين عودة الاستقرار والأمن مرة أخري. وإن ارتفاع الدولار سيزيد قيمة فاتورة استيراد السيارات الأوروبية واليابانية وهو ما قد يسهم في تراجع مبيعات السيارات في حال استمرار انخفاض الجنيه أمام الدولار. وأن الجنيه المصري تراجع أمام الدولار فارتفعت الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 10إلي15% . الفترة المقبلة وأوضحت الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك قائلة :برغم استمرار أزمة الدولار تخوف العملاء من زيادة أخري في سعر صرف الدولار ما كان له أثراً بالغاً علي سلوك العملاء باتخاذ قرار الشراء.وان تخفيض التصنيف الائتماني لن يؤثر كثيراً في ظل حالة الركود المنتشرة بالسوق فالمستهلكون أصبحوا يستثمرون مدخراتهم في صورة ودائع دولارية بالبنوك منذ بدء الاضطرابات الأخيرة خصوصاً مع ارتفاع الدولار أمام الجنيه منوهة بأن السيارات الأغلي ثمناً مثل المرسيدس وال بي إم دبليو هي الأكثر تضرراً من تراجع حركة السوق خلال الفترة الأخيرة.وأن شراء السيارات سيكون آخر اهتمامات العملاء في الفترة المقبلة نظرا لما يضرب السوق من أزمات متتالية بدءا بأزمة ارتفاع سعر الدولار وأن العديد من صغار وكلاء السيارات سيعلنون خلال أشهر قليلة غلق مكاتبهم لما سيلاقونه من صعوبات في التعامل مع الشركات الأم خارج مصر خاصة فيما يتعلق باستيراد السيارات والتسهيلات الائتمانية المقدمة لهم.