زيارة مهمة من وفد جامعة الدفاع الوطني الباكستانية ل مشيخة الأزهر    أوقاف شمال سيناء تعقد برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات    بيانات سوق العمل الأمريكية تهبط بالدولار .. و«الإسترليني» يتعافى    مدير مركز مصر لريادة الأعمال تؤكد أهمية الاستثمار في التعليم والصحة    بنك التعمير والإسكان يحصد 5 جوائز عالمية في مجال قروض الشركات والتمويلات المشتركة    «الأونروا»: الأوضاع في رفح الفلسطينية تزداد مأساوية وقتامة يومًا بعد يوم    منظمة العفو الدولية: الحكومات التي تمد إسرائيل بالسلاح تنتهك اتفاقية الإبادة    البيت الأبيض: سيتعين على بايدن اتخاذ قرارات بشأن شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    أحمد الطاهري: المفاوض المصري يعمل على تقريب وجهات النظر لوقف الحرب    قرار لا رجعة.. سلوفينيا تعتزم المصادقة على قرار الاعتراف بدولة فلسطين    الإسماعيلي يفلت من كمين الداخلية بهدف في الوقت القاتل بالدوري المصري    تشكيل النصر أمام الأخدود.. رونالدو يقود الهجوم    أمينة عرفي تتأهل إلى الدور الثاني من بطولة العالم للاسكواش    لطلاب الشهادة الإعدادية بالدقهلية.. عرض النماذج الاسترشادية للامتحانات    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم على طريق جمصة- المنصورة بالدقهلية    أحمد العوضى يحسم الجدل: طلاقى من ياسمين هو انتهاء نصيب وليس انتهاء حب    روبي تتصدر ترند X قبل 24 ساعة من إصدار «الليلة حلوة»    البيت الأبيض: حماس تعانى الآن خسائر بشرية ومادية أكثر من أى وقت مضى    خالد الجندي ب"لعلهم يفقهون": أركان الإسلام ليست خمس فقط    أمين الفتوى: «مطالب الزوجة الزيادة تجعل الزوج ضعيف الإيمان مرتشيًا» (فيديو)    "الخارجية" تستضيف جلسة مباحثات موسعة مع وزير الهجرة واللجوء اليوناني    تفاصيل مشروع تطوير عواصم المحافظات برأس البر.. وحدات سكنية كاملة التشطيب    «الهجرة» تكشف عن «صندوق طوارئ» لخدمة المصريين بالخارج في المواقف الصعبة    مصطفى غريب يتسبب في إغلاق ميدان الإسماعيلية بسبب فيلم المستريحة    "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتجاوز حاجز ال 49 مليون جنيه إيرادات    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج المائية    30 مايو الحكم على حسين الشحات في التعدي علي لاعب نادي بيراميدز    مصرع سائق في انقلاب سيارتين نقل على الصحراوي الشرقي بسوهاج    هل من زار قبر أبويه يوم الجمعة غُفر له وكُتب بارا؟.. الإفتاء تجيب    رئيس الوزراء يتابع جهود إنشاء مركز جوستاف روسي لعلاج الأورام فى مصر    متحور كورونا الجديد «FLiRT» يرفع شعار «الجميع في خطر».. وهذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة    وزير الصحة يشهد فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لهيئة المستشفيات التعليمية    فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات بواسطة طائرتين مسيرتين    محافظ الشرقية: الحرف اليدوية لها أهمية كبيرة في التراث المصري    مساعد وزير الصحة: تسليم 20 مستشفى نهائيا خلال العام الحالي    قوات الدفاع الشعبى تنظم ندوات ولقاءات توعية وزيارات ميدانية للمشروعات لطلبة المدارس والجامعات    بعد قرار سحبه من أسواقها| بيان مهم للحكومة المغربية بشأن لقاح أسترازينيكا    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    "الخشت" يستعرض زيادة التعاون بين جامعتي القاهرة والشارقة في المجالات البحثية والتعليمية    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    دعاء الامتحانات مستجاب ومستحب.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدالة تقسيم الدوائر الانتخابية‮ (‬2/‬2‮)‬

لم يستقر الفقه الدستوري علي أمر مثل استقراره علي حتمية تقسيم الدولة الي دوائر انتخابية لتحقيق المنظومة الديموقراطية سواء أجريت الانتخابات بالنظام الفردي أو بالقائمة أو بالجمع بينهما وقد أجمعت علي هذا الأمر‮ ‬غالبية الدساتير الحديثة‮ .‬
والدائرة الانتخابية لا تخرج عن كونها وحدة انتخابية يتيح فيها المشرع للأفراد المقيدين بجدولها الانتخابي بانتخاب ممثل لها أو أكثر في المجلس النيابي وينبغي علي سلطات الدولة المعنية بالتقسيم مراعاة مبدأ المساواة في التصويت‮ . ‬فلا يكون الغرض من هذا التقسيم الانتقاص من أصوات أي مجموعة سكانية أو جغرافية لأسباب سياسية أو لأغراض حزبية أو عرقية أو طائفية‮ .‬
فقد تعمد سلطات الدولة التي يهيمن علي مقدراتها أحد الأحزاب علي تمزيق أو تقسيم أو هندسة هذه الدوائر لمصلحة هذا الحزب أو لتيار بعينه ولكن يؤدي ذلك الي تفريغ‮ ‬مبدأي المساواة في الاقتراع والعدالة في التصويت من مضمونها ومما يذكر أن أساليب التلاعب في تقسيم الدوائر يرجع الي بداية القرن التاسع عشر عندما ابتدع حاكم ولاية ما تسوستش في الولايات المتحدة الأمريكية نظام التقسيم التفضيلي للدوائر عام‮ ‬1812‮ ‬ فقد أعاد تقسيم دوائر مقاطعة‮ ‬التي كانت تشبه حيوان السلمندر بصورة تسمح للحزب الحاكم بتحقيق ما يصبو اليه من أغلبية برلمانية
في الانتخابات المزمع اجراؤها في ذلك الحين وتمزيق الدوائر له صورة واضحة ونموذجها أن تكون الدوائر ممثلة مثلا بنائبين وعدد سكانها مائة ألف صوت،‮ ‬بينما دائرة أخري عدد سكانها خمسون ألفا وممثلة أيضا بنائبين فصوت نائب الدائرة الثانية يزن صوتين من ناخب الدائرة الأولي وهو ما يعرف بانخفاض أو ارتفاع مستوي التمثيل‮.. ‬وهذا الأمر يتنافي مع مبدأي العدالة في التصويت و المساوا الحسابية‮ .. ‬وهذا المبدأ يمثل العنصر الكمي لتقسيم الدوائر ومؤداه أن يكون هناك توازن وتناسب تقريبي بين عدد سكان كل دائرة والمقاعد النيابية المخصصة لها‮ ‬بيد أن بعض الأنظمة‮ ‬غير الديموقراطية انتهكت هذا المبدأ بأن استخدمت أسلوب أطلق عليه هندسة الدوائر الانتخابية الأمر الذي مكنها من تشتيت أصوات مؤيدي خصومها‮ ‬،‮ ‬وقد اتبعت هذا النظام في الماضي دولة الاتحاد الأمريكي فقد دأب مشرعو الولايات وهم بصدد عملية تقسيم الدوائر الي رسم تلك الدوائر بصورة تعسفية لمصلحة البيض علي حساب مصلحة سكان المدن الملونين لدرجة أن القوة التصويتية لأحد المناطق الريفية كان تعادل‮ ‬33‮ ‬مرة لسكان مدينة يقطنها السود‮ ‬وحدث ذلك في ولاية شيكاغو‮ .. ‬وقد تصدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة لهذا الأمر وحكمت بعدم دستوريته ولكن في عام‮ ‬64‮ ‬خرجت المحكمة العليا عن ذلك المبدأ لحماية أهداف مشروعة تتعلق بالمحافظة علي وحدة سلامة بعض الأقسام السياسية أو دمج بعض الأقسام المتلاصقة جغرافيا ولكنها علي الجانب الاخر رفضت الخروج عن مبدأ المساواة لأسباب تاريخية أو اقتصادية‮ .. ‬ولكن هناك مبدأ اخر يعد أكثر أهمية وهو مبدأ التمثيل العادل والفعال لكل المواطنين‮ .. ‬وهذا يمثل العنصر الكيفي لعملية تقسيم الدوائر ومقتضي هذا المبدأ أن يحظر التقسيم الجغرافي بصورة تؤدي الي اهدار أو تشتيت أو اضعاف القوة التصويتية لقوي سياسية معينة سواء انصبت علي جماعة أو فرد أو دائرة أو دوائر معينة ‮ ‬ولكن هناك صورة أخري نطلق عليها التمييز الشخصي ويندرج تحت مظلتها التمييز الفئوي أو الديني أو الحزبي‮ ‬والصورة الأولي توصف بالتقسيم التفصيلي الذي ابتدعه‮ ‬وتؤدي الي تمزيق أغلبية سكانية لمنطقة معينة تصوت عادة لأحد القوي السياسية بين أكثر من دائرة مما يفقد هذه القوي ثقلها التصويتي أو ضم أحد المناطق الريفية الي أحد المناطق الحضرية وهذه الصورة هي الأكثر شيوعا ودهاء وتهدف الي تشتيت المعارضة أو اهدار تصويت بعض الأقليات لأهداف عنصرية أو لتحقيق مصلحة حزب أو تيار بعينه‮ .‬
أما الصورة الأخري فموضوعها النظام الانتخابي وهي ترتبط ارتباط جد وثيق بعملية تقسيم الدوائر فقد ينصب ذلك علي تحديد نسبة لفئة معينة كالعمال والفلاحين أو كوتة للمرأة أو لأقلية دينية أو التفرقة بين الحزبيين والمستقلين أو اتباع نظام انتخابي يقصد الانتقاص من القوة التصويتية للأقليات العنصرية والسياسية فقد تلجأ بعض الأنظمة الي نظام الدوائر المتعددة‮ .. ‬ومما يشار اليه في هذا الصدد أن نظام حساب الأصوات بالأغلبية النسبية يختلف عن نظام القوائم بالتمثيل النسبي وهذا النظام الأخيرالسائد حاليا في الديموقراطيات الحديثة يسمح بحصول أحزاب الأقلية أو القوائم المستقلة علي مقاعد برلمانية تتفق مع أغلبيتهم في هذه الدوائر وقد أكد الفقه والقضاء علي ضرورة التزام المشرع بمبدأين اخرين‮:‬
أولهما‮ : ‬مبدأ معقولية تقسيم الدوائر‮ ‬
ويوجب هذا الأمر ألا تكون الدوائر صغيرة جدا الأمر الذي يزيد من عدد النواب وبالتالي يعرقل العمل البرلماني‮ ‬،‮ ‬أو تكون الدوائر كبيرة الأمر الذي يؤدي الي عدم التمثيل الفعال لاتجاهات الأمة المتباينة ويصعب من مهمة المرشحين أو الناخبين علي حد سواء ولا سيما اذا اختلطت المناطق الحضرية بالريفية أو اتسع نطاقها وبات الناخب يجهل المرشح أو يجهل الأخير المنطقة التي يمثلها بالاضافة الي عبء تكاليف الدعاية الانتخابية‮.‬
ثانيهما‮ : ‬مبدأ المراجعة الدورية‮ ‬
ومؤدي هذا أن يتم مراجعة توزيع المقاعد النيابية مع عدد السكان كل فترة زمنية ويكفي هنا المساواة التقريبية وليست المطلقة وهذا أمر يحقق العدالة والانصاف ولا سيما أن هناك مناطق أو مدن جديدة تجمع كثيرا من الكتل السكانية اذا تم اغفالها يؤدي ذلك الي عدم وجود ممثلين نيابين لهذه المناطق ‮ ‬
فقد تمسك مجلس الدولة الفرنسي بمعيار السكان واتجهت الدساتير الحديثة لذلك،كما التفتت أيضا عن معيار عدد الناخبين لضمان تحقيق المشاركة العامة‮ ‬
في مصر أثيرت مشكلة دستورية تقسيم الدوائر لأول مرة في ظل دستور‮ ‬1971‮ ‬عندما عدل من نظام الانتخاب الفردي الذي كان مطبقا بمصر طيلة عهدها بالنظام البرلماني ‮ ‬وأخذ بنظام القوائم الحزبية بموجب القانون‮ ‬120‮/‬1980‮ ‬،‮ 68‬،‮ 881 ‬الخاص بانتخاب أعضاء مجلس الشعب والقانون رقم‮ ‬43‮/‬79‮ ‬المعدل بالقانون رقم‮ ‬50‮/‬81‮ ‬الخاص بانتخاب أعضاء المجالس الشعبية ونظرا لاخلال هذه القوانين بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليهما في الدستور بين المستقلين والحزبيين فقد تم الطعن علي هذه القوانين أمام المحكمة الدستورية‮ .. ‬وقد أعملت محكمتنا العليا رقابتها اللاحقة وفقا لأحكام دستور‮ ‬71‮ ‬وعلقت بعبارات صريحة لا لبس فيها ولا‮ ‬غموض تأكيدها علي اختصاصها بفحص دستورية أنظمة تقسيم الدوائر ورفضت دفع الحكومة التي زعم محاميها أنها شأن سياسي لا تخضع للرقابة الدستورية وأكدت أن النصوص محل الطعن صدرت في شأن يتعلق بحقوق دستورية وينبغي علي سلطة التشريع ألا تنال منها والا وقعت أعمالها مخالفة لأحكام الدستور وأصدرت أحكاما بعدم دستورية القوانين الأربعة سالفة الذكر‮ ‬
ولا شك أن مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون يوجبان معاملة المرشحين كافة معاملة قانونية واحدة علي أساس تكافؤ الفرص للجميع ومنع أي تمييز يستند الي الصفة الحزبية اذ يعد هذا التمييز قائما علي أساس اختلاف الاراء السياسية وهو الأمر المحظور دستوريا‮ .. ‬وقد أرست محكمتنا العليا المبادئ السالف الاشارة اليها ولكنها لم تتطرق لاستثناء بعض المحافظات من التحديد العددي للمقاعد وفقا لعدد المواطنين ‮ ‬في حكمها الصادر ‮91/5/0991 ‬بعدم دستورية القانون رقم‮ ‬188‮/‬86‮ ‬ لأسباب موضوعية متعلقة بالصالح العام مثل الرغبة في المحافظة علي المقاعد المخصصة للمحافظات الحدودية‮ .‬
بيد أن محكمتنا العليا لم تدن الانتخاب بالقائمة في حد ذاته ولكنها أدانت الاخلال بمبدأ المساواة بين المرشح المستقل والمرشح الحزبي ومن ثم لم تتعرض محكمتنا العليا لمدي دستورية نظام الانتخاب بالقائمة ذاته ومن ثم كان للمشرع أن يأخذ بأي نظام انتخابي يراه ملائما لظروفنا السياسية والاجتماعية والثقافية‮ ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.