عدم الاهتمام بتحسين الظروف المعيشية للفلاح وتدريبه وتأهيله وايجاد حلول فورية للمشاكل التي تواجهه جانب آخر من جوانب الأزمة مما أدي إلي تفاقم أزمة الغذاء وارتفاع أسعار معظم المنتجات الغذائية حتي وصل سعر كيلو الطماطم إلي 15 جنيها في مختلف الأسواق مما أصاب معظم الأسر بالصدمة لأنها تعتمد عليها في معظم الوجبات البسيطة غير المكلفة. في البداية يقول فؤاد عزام موظف بالجمعية التعاونية بمدينة طوخ ان قلة توافر الأيدي العاملة وضعف الأجر الذي يحصلون عليه من أصحاب الأراضي عند زراعة محاصيل لديهم كان دافعا أساسيا في نزوح العمال من الريف إلي الحضر والمدن حيث تصل يومية العامل إلي 70 جنيها بعكس الريف فهي لا تتعدي 30 جنيها إلي جانب عدم الاهتمام بتحسين شئون الفلاحين من حيث المعيشة والتدريب. ويصرخ اسماعيل عبدالفتاح من المنيا من عدم وجود ارشاد زراعي وانتاج حيواني لارتفاع ثمن الاعلاف وضعف امكانيات الفلاح ولم تمد الحكومة يد المساعدة للفلاحين مما أدي لقلة الانتاج بالاضافة إلي تجاهل تأهيل المزارعين علي الأساليب الحديثة للزراعة. ويؤكد محمد احمد صالح من القوصية أسيوط انه ظل يعمل في القطاع الزراعي عاملاً لكن السن تقدمت بي ولم يحصل علي معاش ولم يفكر المسئولون في مطالب عمال الزراعة من تأمينات ومعاشات وتأمين صحي فهربت للمدن والتحقت بعمل أمن ويتضرر رمضان عبدالسيد من البحيرة من عدم اهتمام المسئولين بالعمال الزراعيين حتي اني ظللت اعمل لدي الغير في الأراضي الزراعية حتي أصبت بمرض الغضروف والدولة رفضت علاجي ولم أجد قوت يومي وأطفالي. ويشكو رمضان توفيق مزارع بطوخ انه قام باستئجار قطعة أرض هذا العام ومساحتها نصف فدان وقام بزراعتها قمح وعندما كبر المحصول ذهبت إلي الجمعية الزراعية لبيع المحصول قالوا لي تعالي بعد عشرين يوما لتحصل علي ثمنه لأن الجمعية لا يوجد بها تمويل وبالتالي فأنا أعاني واحتاج ثمن تعبي في زراعتها في نفس الوقت احتاج مالاً لتسديد ثمن تأجيرها لصاحب الأرض. ويؤكد الدكتور محمد رضا بمركز بحوث الصحراء أن تدهور الحال بالأراضي الزراعية وضعف المحاصيل والكميات المعروضة منها يرجع إلي عدة عوامل أولها ارتفاع أسعار البذور والاسمدة والمبيدات مما يؤثر علي المزارعين ويجعلهم يتجهون إلي زراعة الأصناف التي تكون في متناول أيديهم وبأسعار قليلة كما يعجز المزارعون عن شراء المبيدات لمعالجة هذه الأصناف لارتفاع أسعارها مما يجعل الانتاج ضعيفاً والعامل الثاني يرجع إلي ارتفاع أجر العمالة حيث يتراوح أجر العامل ما بين 50 إلي 60 جنيها. تغير المناخ والعامل الثالث هو ارتفاع حرارة الجو مما أثر علي الثمار في الخضراوات وادي ارتفاع درجة الحرارة إلي هلاك الخضراوات مما جعل الانتاج قليلاً وجعل التجار يتحكمون في الأسعار كذلك غياب الرقابة علي الأسواق خاصة في السلع الغذائية التي تحتاج لرقابة. ويضيف الدكتور محمد رضا أن هجرة المزارعين من الريف للحضر تسبب في زيادة الطلب علي الاستيراد وتحول الريف من منتج إلي مستهلك مشيرا إلي أن ارتفاع أسعار الأعلاف في غياب الرقابة والبذور أيضا جعل الفلاح يهرب من الريف للحضر بعدما كان الريف سلة غذاء لانتاج الخضراوات الطازجة والمحاصيل الحيوية والبارزة التي كانت تتباهي بها مصر وسط الدول في تصديرها تحول إلي مستهلك يقوم بشراء الخضراوات من لندن. ويوضح الدكتور فارس عياد شاكر استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة بأن عدم حصول الفقراء علي حقوق الملكية في الأراضي الزراعية يفقدهم الحافز لاستثمار جهودهم في الأساليب المستدامة لادارة الأراضي لأنهم غير واثقين من الانتفاع بجهودهم في المدي المتوسط أو الطويل وقد نجم عن ذلك تدهور الأراضي الزراعية وفقد التربة وتهديد الأمن الغذائي. ويطالب الدكتور أسامة البهسناوي استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الأزهر باعادة النظر في الريف المصري والارشاد الزراعي والحيواني حتي يعود إلي عهده ويصبح الريف مصدرا للثروة الحيوانية والانتاج الزراعي من تربية الطيور والدواجن والعجول والعلف والبتلو للحد من أزمة الأسعار التي فاقت الحدود كما يطلب توفير البذور الحيوية للمزارع حتي يقوم بانتاج خضراوات وفاكهة للقضاء علي الأزمة العالمية في الأسعار. المهندس محمد عبدالمنصف مهندس زراعي يؤكد علي ان هروب المزارعين من المحاصيل الزراعية الرئيسية والخضراوات إلي المحاصيل التي تصدر لارتفاع اسعارها مثل الفول السوداني والسوري وغيرها من المحاصيل ذات الانتاج السريع وبتكاليف أقل مما يهدد بكارثة. ويحدد المهندس محمد استراتيجية جديدة تهدف إلي الحد من الفقر الريفي من خلال عدة محاور رئيسية أولها: دعم فقراء الريف من خلال الإصلاحات المدروسة مثل الادارة المحلية بالمشاركة وتيسير الحصول علي الائتمان الزراعي واتاحة الفرصة لتنويع مصادر دخلهم مع تنمية البنية الأساسية الريفية حيث يفقد المزارعون 15% من الانتاج الزراعي في عملية التسويق ونقل المحصول وبعض خدمات التخزين. مواجهة مع رئيس بنك الائتمان وبمواجهة علي شاكر رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعي أكد ان الوظيفة الأولي للبنك هي دعم المزارع والتنمية الزراعية وتقديم كافة الخدمات المصرفية في الريف والحضر وتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر وذلك ضمن استراتيجية البنك التي اعتمدها وزير الزراعة مؤكدا أنه لا تفكير اطلاقا في بيع أو تأجير أو خصخصة البنك علي مستوي المحافظات لأنه أقيم لخدمة صغار الفلاحين وتحقيق التنمية الزراعية وخدمة الزراعة ومواجهة أزمات الغذاء في مصر مشيرا إلي أنه تقرر زيادة الفئات التسليفية لمختلف المحاصيل الزراعية بنسبة تتراوح بنحو 30% لمواجهة ارتفاع اسعار تكلفة الزراعة في مصر مما يؤدي إلي زيادة القروض الزراعية التي تمنح لصغار المزارعين بنسبة من 22 إلي 27% ويشدد شاكر علي حرص الدولة علي منح القروض الزراعية لصغار المزارعين بفائدة مدعمة تقدر بنحو 5% فقط بعكس القروض الاستثمارية التي تمنح بفائدة 12%. وأوضح رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعي ان القروض الأقل من 10 آلاف جنيه تمنح لصغار المزارعين وتمنح بضمان المحصول وبنسبة 5% من الأرض الزراعية فقط لافتا إلي انه تقرر الغاء نظام توقيع العميل شيكات علي بياض نهائيا وفي حالة توقيع أي عميل علي شيك لابد أن يسجل بالشيك المبلغ والاسم والتاريخ. ويؤكد شاكر ان عمليات تطوير بنوك التنمية والائتمان الزراعي أدت إلي تحسن جودة المحفظة الائتمانية لبنوك التنمية نتيجة لإلغاء عمليات تدوير القروض الاستثمارية والتي كان لها دور رئيسي في ارتفاع نسبة التعسر للفلاحين والتي تقرر إلغاؤها نهائيا بنهاية عام 2010 وانه تم رفع دراسة تشخيصية عن أوضاع بنوك التنمية والائتمان الزراعي بواسطة خبراء من هولندا وتم ارسالها للبنك المركزي ووزارة المالية لاقرارها كما تم وضع ضوابط صارمة لمنع تكرار الديون المتعثرة مرة أخري ومنها الغاء نظام تدوير القروض الاستثمارية بنهاية عام 2010 مشيرا إلي أنه لسرعة الاستجابة لمطالب المزارعين فقط تم ربط بنوك القري بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي بالقاهرة بواسطة 700 خط تم الحصول عليها من الشركة المصرية للاتصالات واضاف انه في اطار اعادة هيكلة البنوك الزراعية تقرر تطبيق نظام جديد لإقراض الفلاحين وبدون تعثر في المستقبل وتضمنت التيسيرات منح القروض للفلاحين الأقل من 10 آلاف جنيه بدون ضمانات ويكتفي بالتوقيع علي عقد بيع المحصول وسند اذن فقط. وأوضح انه بالنسبة للقروض الأكثر من 10 آلاف جنيه وحتي 250 ألف جنيه فقد تم تحديد الضمانات علي أساس نسبة 3 أضعاف قيمة القرض فقط أي بنسبة 5% فقط من الممتلكات الزراعية بعد أن كانت في السابق بنسبة 100% مثلا في حالة منح قرض لزراعة القمح قدره 3500 جنيه للفدان والمطلوب من المزارع التوقيع علي عقد بيع عن جزء من ممتلكاته بنحو 10 آلاف جنيه فقط وليس بالأرض كلها كما كان سابقا.