مشوار طويل خاضه عمال مصر.. وناضلوا خلاله للحصول علي مكتسبات مستحقة.. حتي جاء عصر الخصخصة العشوائية وإحالة المئات منهم علي المعاش المبكر وبيع قلاعهم الصناعية والإنتاجية التي أفنوا عمرهم في بنائها وبذل العرق لتشغيلها من حلوان إلي المحلة الكبري ومن شبرا الخيمة إلي نجع حمادي ومن الإسكندرية إلي أسوان.. ومن كفرالزيات إلي كفر الدوار.. فأحسوا بعدم الأمان وأن الدولة تخلت عنهم!! تعد أعوام الستينيات من القرن الماضي العصر الذهبي للعمال في مصر حيث تحولوا إلي شركاء وانتخبوا في مجالس إدارات الشركات والمصانع والمؤسسات وتمتعوا بالتأمينات الاجتماعية وأصبحت لهم معاشات بعد التقاعد وحصلوا علي حقوق العلاج والإجازات السنوية والترقيات والعلاوات وتحصنوا ضد الفصل التعسفي.. وتوالت النقابات في مختلف الفروع لترعي مصالحهم وتدافع عنهم.. وكانت الدولة حريصة علي العمال مع "الفلاحين" وأعطتهم حق التمثيل في المجالس النيابية بنسبة 50% لأن التنمية تقوم علي أكتافهم وكانت معظم وسائل الإنتاج بيد الحكومة التي تعطي العمال حقوقهم بكرامة فلا يشعرون أنهم يتسولونها!! دارت الأيام.. وتبدلت الأحوال.. وأصبح القطاع الخاص هو المسئول الأول عن الاستثمارات والتنمية.. وتغيرت المعادلة.. وبات من المستحيل تعيين أعداد كبيرة في مصانع شركات الحكومة والقطاع العام.. وزادت نسبة البطالة.. فلم يعد هناك ملجأ للعمال سوي المصانع والشركات والمؤسسات الخاصة.. ومن هنا ظهرت أهمية إقرار قانون جديد للعمل يضمن الأمان والاستقرار للعمال ويحدد لهم واجباتهم.. وفي نفس الوقت يوضح لأصحاب الأعمال الالتزامات التي عليهم تجاه من يقومون بتشغيل مصانعهم وشركاتهم والذين بدونهم لا يكون هناك إنتاج ولا مكاسب ولا أرباح. لابد أن يعي طرفا العملية الإنتاجية أن العلاقة بينهما ليست سخرة أو استعباداً أو وضع شروط إذعان من المالك لأجير وإجباره علي التوقيع علي "استمارة 6" للتخلص منه في أي وقت!! .. ولا هي تواكل وتسيب وعدم مراعاة للضمير من العامل أو محاولته ابتزاز رجل الأعمال.. ولكنها علاقة إنسانية تقوم علي التكامل والتعاون وتبادل المصالح فلا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الآخر.. وهي بعد ذلك تخدم المجتمع وتصب في مصلحة البلاد.. وكلما كانت هذه العلاقة وطيدة زاد الإنتاج ونمو الاقتصاد القومي. الخلاصة.. إنه لا غني لطرف عن الآخر.. ومطلوب أن يقوم كل منهما بالتزاماته.. فالله سبحانه وتعالي يقول في حديث قدسي: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة.. رجل أُعطي بي ثم غدر.. ورجل باع حراً فأكل ثمنه.. ورجل استأجر أجيراً فاستوفي منه ولم يعطه أجره".. وفي المقابل قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".. فبدون العامل لن تدور الماكينات ويزيد الإنتاج.. وبدون صاحب المصنع لن تتوافر فرص العمل ولن تنتعش الاستثمارات.. وبدنهما معاً لن يتقدم المجتمع وتتحقق التنمية للبلاد!! قانون العمل.. والمعادلة الصعبة!! ** كان الرئيس عبدالفتاح السيسي واضحاً في حديثه إلي عمال مصر في عيدهم أول أمس وطمأنهم بقوله: "مفيش إنسان هيضيع نتيجة الإصلاح".. وأكد علي القيمة العظيمة للعمل وأن الدول لا تقوم إلا بالعمل الجاد لشعوبها.. مشيراً إلي أن الإدارة السيئة وعدم الجدية سبب فشل الكثير من القطاعات.. ولذلك لا سبيل أمامنا إذا أردنا التقدم وتحقيق التنمية لبلادنا وشعبنا سوي العمل بإخلاص وباتقان وجودة.. وبشرط عدم الإجحاف بالعمال ومنحهم حقوقهم. مع الاحتفال بعيد العمال.. يتكرر السؤال منذ سنوات: ألم يحن الوقت ليري قانون العلم الجديد الذي طال انتظاره النور لينصف العمال.. ويحدد العلاقة بين طرفي العملية الإنتاجية.. وليعرف كل من العامل وصاحب العمل ما له وما عليه؟! قال محمد سعفان وزير القوي العاملة: إن مشروع القانون موجود بالبرلمان منذ يناير 2017.. أي منذ أكثر من عامين فهل لم تكف هذه المدة لإقراره؟ لا يوجد ما يشغل العامل سوي أن يحصل علي الأجر الذي يضمن حياة كريمة له ولأسرته.. ويوفر الأمان من غدر الأيام فهو لا يريد سوي معاش إذا تقاعد وبلغ السن التي لا يستطيع فيها العطاء.. أو من يوفر له العلاج إذا أصابه المرض خاصة إذا كان قد أعطي كل عمره وصحته ووقته وجهده وأخلص في عمله. ما يجعل العمال يفضلون العمل في الحكومة والقطاع العام هو التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي واتقاء الفصل التعسفي ثم الحصول علي الإجازات والترقيات وبالطبع الراتب المناسب والعلاوات الدورية.. فإذا ضمن لهم القانون ذلك من القطاع الخاص فلن تكون هناك مشكلة ولن يبحث عن "الميري ولا ترابه"!! مطلوب من القانون الجديد أيضاً وضع حد لمشاكل العمالة المؤقتة ومن يعملون باليومية وبالعقود وعمال التراحيل فتلك الفئة مظلومة وتحتاج إلي إنصاف. أما رجال الأعمال فيأملون أن يخلصهم القانون من تكاسل العاملين وتواكلهم وعدم انضباط بعضهم أو لكبرهم عن العمل الفني وحبهم للوجاهة والجلوس علي المكاتب وهي العيوب التي أدت إلي فشل وخسارة معظم شركات ومصانع القطاع العام!! هل يمكن أن يري القانون الجديد للعمل النور قريباً.. ويحقق المعادلة الصعبة.. يحافظ علي حقوق العمال ويضمن لرجال الأعمال انضباط عمالهم.. أم اننا سنعود لنفس الكلام مع عيد العمال في 2020؟!. ** يتساءل ملاك الوحدات بالقري السياحية بالساحل الشمالي: هل توجد رقابة علي القري التابعة لتعاونيات الإسكان أم أن إدارتها واتحاد شاغليها يفعلون ما يحلو لهم ويتخذون القرارات دون أخذ رأي أصحاب الشأن.. وهل يحق عقد الجمعية العمومية دون توجيه دعوات رسمية لكل شاغلي الوحدات؟ مازال الفكر المسيطر علي إدارات القري السياحية بالساحل الشمالي هو إنها لا تصلح سوي لأشهر الصيف فقط وتظل مهجورة طوال العام.. وإذا حدث وذهب الملاك خلال الشتاء أو حتي أيام اجازات الأعياد وشم النسيم فكل مرافق القرية غير قابلة للاستخدام.. وهو ما يحتاج إلي تغيير كامل في الاستراتيجية وإعادة النظر في مليارات الجنيهات المستثمرة فيها مثلما يحدث في مثيلاتها في إسبانيا وإيطاليا وتونس التي تعمل طوال أيام السنة ويتم تأجيرها للسائحين. وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوي من ملاك الوحدات في العديد من القري ومنها قرية بدر الواقعة عند الكيلو 82 طريق الإسكندرية مطروح والتي يقول المنتفعون بوحداتها إنها لم تشهد أي تطوير حقيقي طوال 20 عاماً سواء في المرافق أو في النظافة أو تمهيد الشاطئ وذلك بخلاف مخالفة التخطيط الأساسي للقرية من البداية وإضافة عمارات وشاليهات وفيلات أكثر من العدد حتي ان القرية معروفة في الساحل الشمالي بأنها "الصين الشعبية" وأن مبانيها مثل "علب الكبريت" وبالطبع لم يقم الاتحاد التعاوني الإسكان بدوره وقتها لأن رئيس مجلس إدارة القرية كان في نفس الوقت نائب رئيس الاتحاد ومن يعرفها ظلت هذه القرية كان عندها حصانة ولا يتم بحث شكاوي الملاك ولا يتم التفتيش عليها ومراقبتها. مما زاد من المعاناة تكوين اتحاد للشاغلين.. لتتحكم جهتان في الملاك وتصدران الأوامر.. وعلي الجميع الطاعة.. فقد فوجئ السكان بزيادة رسوم الصيانة السنوية بشكل مبالغ فيه.. وقيل لهم إن ذلك تم بموجب عقد جمعية عمومية لاتحاد الشاغلين.. وتعجبوا كيف تعقد جمعية دون اخطارهم بخطابات رسمية مسجلة كالمتبع في كل مكان.. وتساءلوا بفرض صحة الجمعية فإن القانون يشترط نسبة حضور معينة ونسبة موافقة لا تقل عن الثلثين عند فرض رسوم جديدة وإنه لا يعتد بأي لائحة داخلية إذا تعارضت مع القانون.. كما لابد من حضور ممثل عن الجهة الإدارية.. والأهم أن تتحقق العدالة فكيف مثلاً يتم مساواة الجعل السنوي لمن يمتلك فيلا بصاحب شقة في عمارة أو شاليه.. وكيف يتم مساواة من يسكنون علي البحر مباشرة بمن تقع وحدته بالقرب من البوابة علي الطريق والغريب هو التفرقة بين أصحاب الوحدات فإذا كان مالك الفيلا شخصاً واحداً يدفع مبلغاً أما إذا كانت نفس الفيلا مملوكة لشخصين فيتم دفع الضعف وهو غير دستوري؟! هذا النموذج الصارخ الذي يتحدث عنه ملاك قرية بدر بالتأكيد يتكرر في قري أخري يعاني سكانها من وجود قصور في الخدمات والصيانة.. ويكفي الاتحاد التعاوني ما لديه من مشاكل في جمعيات الإسكان بالقاهرة والمحافظات.. لذلك فهناك ضرورة لإنشاء جهة أو هيئة تختص بمتابعة وإدارة كل القري السياحية بالساحل الشمالي وتراقب إداراتها وتعمل علي الحفاظ علي ثروة عقارية مصرية بعشرات المليارات وعلي حقوق المواطنين.. بل ويمكنها التخطيط للاستفادة من الوحدات طوال العام وتسويقها سياحيا فحرام أن نهدر هذه الثروة ولا يستفاد بها سوي الشهر الصيفي فقط!!