يوم 15 أغسطس عام 1835م أصدر محمد علي باشا والي مصر مرسوماً يحظر تصدير جميع الآثار المصرية والاتجار بها. وشمل المرسوم إنشاء مبني بحديقة الأزبكية بالقاهرة كدار لحفظ الآثار. ولكن محتويات هذه الدار نفدت تقريباً بسبب معلن وهو إهداء حكام مصر قطعها لكبار الضيوف. ويعد هذا المرسوم أول إجراء رسمي لحماية الآثار المصرية التي تعرضت لنهب واسع من الأجانب منذ أن ألقي علماء الحملة الفرنسية الضوء عليها بعد نشر كتاب وصف مصر وفك رموز حجر رشيد. وبعد 23 عاماً جاء الإجراء الثاني بتصديق الخديوي سعيد باشا عام 1858م علي إنشاء مصلحة الآثار للحد من استمرارية الاتجار المحظور في الآثار المصرية. لتكون مسئولة عن الحفائر والموافقة والإشراف علي البعثات الأثرية الأجنبية. وتم تعيين الفرنسي "أوجست مارييت" كأول مدير لتلك المصلحة. الذي أسس عام 1863 أول متحف في الشرق الأوسط. وهناك كتابات تشير إلي أن مارييت كان يمتلك أكثر من 800 ألف قطعة أثرية مصرية لم يبلغ السلطات بها. الغريب أن الفرنسيين سيطروا علي رئاسة مصلحة الآثار المصرية لمدة 94 عاماً متواصلة. وتشير وثائق وزارة الآثار المصرية إلي أنه توالي علي رئاسة المصلحة 8 فرنسيين. أولهم أوجست مارييت في الفترة "1858 1888" وآخرهم إيتين دريتون في الفترة "1936 1952". وهنا يثور تساؤل مشروع وهو : هل يعقل أن يسند لمسئولين أجانب حماية آثار بلد آخر؟! والإجابة يكشف عنها تهريب مئات الآلاف من القطع الأثرية المصرية والتي تعرض علنا في أكثر من 40 متحفاً تنتشر في قارات العالم. وكان مصطفي عامر أول مصري يتولي رئاسة المصلحة عام 1953 واستمر ثلاث سنوات فقط. تولي المسئولية بعده وحتي الآن حوالي 25 مسئولاً. وتحول اسم المصلحة خلال تلك الفترة الممتدة من مصلحة إلي هيئة ثم مجلس أعلي ثم وزارة. ورغم تعدد القوانين وتعدد المسئولين المصريين وتعدد مسمي الجهة المسئولة عن الآثار المصرية استمر التهريب والاتجار غير المشروع بآثارنا فكيف نوقف تلك الجريمة؟ وقف هذه الجريمة من وجهة نظري يتطلب أولا إعادة النظر في بند ثابت في المراسيم والقوانين التي صدرت لحماية الآثار منذ عهد محمد علي وحتي الآن. هذا البند ينص علي "نزع ملكية الأرض التي عثر علي الآثار في باطنها". وينص أيضاً علي "التعويض عن قيمة الأرض. ولا يدخل في تقدير قيمة الأرض المنزوع ملكيتها قيمة ما بها من آثار". هذا البند غير العادل دفع الآلاف من أصحاب المنازل التي بها آثار إلي عدم الإعلان عن ذلك خشية نزع ملكيتها في مقابل تعويضات زهيدة و"يدوخ صاحبها السبع دوخات" حتي يصرفها. والتعديل العادل المطلوب هو أن يقدر قيمة الأرض بضعف ثمنها ويصرف فوراً ويتضمن نسبة معقولة من قيمة الآثار لا تقل عن 10% وهناك اقتراح عملي لحماية آثارنا بل والاستفادة منها طرحه أحد القراء الأعزاء يتمثل في إنشاء متاحف فرعية بالمحافظات تتضمن أماكن لائقة لعرض الآثار الموجودة في المخازن ويزورها أهل البلد وطلبة المدارس والجامعات وزوار المحافظة. ويتم وضعها علي خريطة المزارات السياحية. والأمر مطروح للقراء الأعزاء والمختصين لارسال اقتراحاتهم وعرضها. وأتطلع أن تجد طريقاً للمسئولين لحماية آثارنا والاستفادة بها.