عندما يكون الضمير يقظا.. تسقط كل المبررات والاعذار ويصنع المصريون المعجزات بأقل الامكانيات. "كتشنر" أو مستشفي شبرا العام رغم انه يتبع وزارة الصحة ويعمل بالامكانيات المتاحة ككل المستشفيات العامة الا انه يتقدم نموذجا مضيئا في سماء الخدمة الطبية بعيدا عن الاهمال وسوء المعاملة. تذكرة بجنيهين يحصل بها المريض علي خدمة طبية راقية وثلاثة انواع من الادوية.. يجلس في مكان استقبال مريح ونظيف. هذا ما أكده المرضي "لفريق مع الناس" فالمستشفي الذي أسسته "النمسا" في مصر عام 1929 وعمل به الراهبات متطوعات وأرسين فيه قواعد الرحمة مازالت آثارها ممتدة بين العاملين فيه حتي اليوم. "عمل الشئ الصحيح بطريقة صحيحة أول مرة وكل مرة" هو شعار مستشفي شبرا العام "كتشنر" ذلك المبني العريق الذي يعود تاريخه الي عام 1896 عندما قررت الجالية النمساوية تشييد مستشفي لعلاج رعايا النمسا في مصر تحت اسم "المستشفي النمساوي المجري" وكان متخصصا في طب الأطفال والنساء والتوليد.. وقد عرف باسم "مستشفي كتشنر" نسبة الي اللورد هربرت كتشنر بعد ان انتقلت ملكية المبني الي الجالية الانجليزية عام 1916 وهو واحد من اشهر القادة البريطانيين وله تاريخ عسكري حافل في الحرب العالمية الاولي وكان قد أمر بعلاج الاجانب من المقيمين في مصر بذلك المستشفي. في اعقاب حصول مصر علي استقلالها في إعلان فبراير 1922 تراجع الوجود الانجليزي شيئا فشيئا وفي عام 1925م تم بيع المستشفي لجمعية خيرية مصرية أسمته باسم مستشفي اللورد "كتشنر" التذكاري للنساء والاطفال وكان اغلب طاقم التمريض من الراهبات النمساويات وفي عام 1967 تحول الي مستشفي عام يقدم الخدمة العلاجية لكافة التخصصات واطلق عليه اسم مستشفي شبرا العام في الوقت الذي ظل اسم "كتشنر" علي اللوحة التي تحمل اسم المستشفي. وتعتبر دكتورة هيلانة سيداروس أول طبيبة قبطية عملت بالمستشفي وكانت قد سافرت الي مدرسة لندن الطبية مع خمس مصريات بغرض التأهيل للعمل في مستشفي للمرضي النساء فقط وعادت هيلانه الي مصر عام 1930 ومعها شهادة الطب والتوليد من الكلية الملكية البريطانية والتحقت بمستشفي "كتشنر" بالقاهرة في ذلك الوقت كانت الطبيبة المقيمة بالمستشفي انجليزية وبعد ان عادت الي وطنها شغلت دكتورة "هيلانة" مكانها بكفاءة وادارت المستشفي بالفكر الانجليزي القائم علي الدقة والالتزام والضمير وتقديم الخدمة للمريض كما ينبغي ان تكون وقد توارثت الاجيال المصرية من الاطباء العمل بنفس القيم السابقة. كما تقول الدكتورة مديحة عثمان - طبيبة التحاليل - مشيرة الي ان تاريخ المستشفي العريق ثمرة لغرس طيب منذ نشأته فقد كانت مبادئ الجدية والصرامة وتقديم الخدمة للمرضي بكل أمانة أهم ما بني عليه المستشفي منذ البداية وتوارثتها الاجيال بعد ان نقلت الممرضات النمساويات والانجليزيات الخبرة والدقة والضمير والالتزام للاجيال التالية. تضيف انها متواجدة بالمستشفي مند عام 37 عاما وهذا الفكر ترسخ داخل عقيدة أطباء المستشفي وقيادتها علي مر السنين مما اضفي حالة من التعاون والتفاني في تقديم الخدمة للمريض بالرحمة التي تفرضها علينا مهنة الطب قبل الواجب مما اعطي للمستشفي الانطباع الطيب لللمترددين عليه. مجرد الدخول من باب مستشفي شبرا العام كما رصدته عدسة "الجمهورية" يشعر المريض بالنظام والنظافة والهدوء الذي يتميز به المستشفي "البرجولات" تنتشر بالحديقة وقد تم تخصيصها كأماكن انتظار للمواطنين وطاقم التمريض الذي يساعد المرضي وكبار السن في الدخول الي العيادات وصرف العلاج. الدكتور وائل الجعار - مدير المستشفي - يرجع السمعة الطيبة المعروفة عنه بأنها نتاج طبيعي لروح التعاون والمشاركة بين الادارة وفريق العمل من الاطباء والتمريض وكافة العاملين لتحقيق هدف سام وهو تقديم افضل خدمة طبية ممكنة للمريض والمستشفي به عيادات لكافة التخصصات ما عدا الأوعية الدموية ويتراوح عدد المترددين علي العيادات بين 1200 الي 1400 مريض يوميا بالاضافة الي 400 حالة تقريبا لقسم الاستقبال ونتيجة الاقبال الكبير علي المستشفي تم زيادة اعداد العيادات بهدف استيعاب عدد اكبر وتقليل ساعات الانتظار مع توفير أحدث الأجهزة الطبية في جميع الاقسام. ويتابع : إدارة المستشفي حريصة علي عمل استطلاع شهري للرأي بين المرضي للوقوف علي أهم الشكاوي والعمل علي سرعة وتحسين الخدمة الطبية المقدمة للمرضي بخلاف الشكاوي العاجلة التي يتم حلها يوميا. إيمان محمد تعمل بمكتب الخدمة الاجتماعية تتحدث عن الخدمات التي تقدم للمرضي من خلال مكتب الخدمة ببحث حالتهم لتوفير الكشف والعلاج مجانا لغير القادرين علي الرغم من الاسعار الرمزية التي حددتها لائحة وزارة الصحة مع التكفل بمصاريف الانتقال للمرضي غير القادرين من المحافظات. ومن اهم الخدمات التي يقدمها المستشفي للمجتمع استقبال حالات الاطفال حديثي الولادة الذين يلقون في الشوارع واستضافتهم وتوفير اللبن والحفاضات مجانا لحين عمل محضر بالحالة وتسليمهم للدار الراعية وبالنسبة لقرارات العلاج علي نفقة الدولة فيتم انهاء الاجراءات في اقل من نصف ساعة ويمكن للمريض الحصول علي صورة من القرار لصرف العلاج اللازم لحين وصول اصل القرار في اقل من اسبوعين وبالنسبة لوحدة الكلي يحتل "كتشنر" المركز الثاني علي مستوي محافظة القاهرة في طوارئ غسيل الكلي وتحتوي علي 48 ماكينة غسيل كلوي تعمل لفترتين يوميا عدا الجمعة حيث يتم عمل تعقيم كامل للوحدة وتضم الوحدة عددا من الاخصائيين والاستشاريين من ذوي الخبرة في تركيب قساطر الغسيل سواء الدائمة أو العادية كما يوفر المستشفي للمريض امكانية اجراء بعض التحاليل غير المتوافرة بالمستشفي مثل تحليل الكالسيوم والفسفور والغدة جار الدرقية في مستشفي مصطفي محمود بمقابل رمزي بالاضافة الي توافر خمس ماكينات غسيل حديثة ذات كفاءة عالية جدا كما ان المستشفي يقوم بعمل دورات تدريبية اسبوعيا لزيادة الخبرة والكفاءة لدي الاطباء. توضح ان المستشفي به قسم لرعاية بنك دم لمرضي المستشفي وحالات الطوارئ بالتنسيق مع وزارة الصحة حيث تتوافر 8 أسرة اضافة الي عدد 2 سرير مخصصين للعمليات والطوارئ بخلاف سرير في الاستقبال مجهز للطوارئ وقد تم تطوير القسم منذ عام 2012 واصبحت مجهزة بأحدث الأجهزة وكافة المستلزمات الطبية. حديث المرضي يؤكد ما يقوم به العاملون زينب فايق - ربة منزل قالت : اتيت من المطرية الي مستشفي شبرا العام لما يتميز به من كفاءة الاطباء واسعار رمزية حيث لايتجاوز سعر التذكرة جنيهين شاملة الكشف وثلاثة انواع من الادوية منها مضاد حيوي. يشاركها الرأي محمد علي - مريض كلي - قائلا بعد "اللف" علي المستشفيات ودفع مبالغ طائلة في عمليات الغسيل الكلوي بالمستشفيات الحكومية المتخصصة تم استخراج قرار علاج علي نفقة الدولة ولكنه لايكفي الادوية ونصحني احد معارفي بالذهاب الي "كتشنر" لصرف الدواء منه وبالفعل لم أجد سوي المعاملة الطيبة والجميع يتسابق لتوفير الخدمة للمريض. تؤيده ضحي صلاح - مريضة فشل كلوي - وتقول انها تتابع بالمستشفي منذ 7 سنوات وعلي الرغم من وجود مستشفي قريب من محل اقامتي ببولاق أبوالعلا الا أنني أصر علي إجراء الغسيل بمستشفي شبرا العام حيث الرعاية والمعاملة الطيبة للمريض وكأنه فرد من أسرة المستشفي.