تنتهي يوم الإثنين القادم . الثالت من يوليو المهلة التي حددتها مصر والسعودية والإمارات والبحرين لدولة قطر للموافقة علي قائمة المطالب ال 13 التي تسلمتها من الدول الأربع عبر الوسيط الكويتي . قائمة المطالب . يتصدرها خفض العلاقات الدبلوماسية مع إيران . ووقف العمل في القاعدة العسكرية التركية في قطر وإغلاقها . وإغلاق قناة الجزيرة وتوابعها من المنابر التحريضية التي تروج للإرهاب وتتدخل في الشئون الداخلية لدول الخليج والدول العربية . بالإضافة إلي تسليم المطلوبين من العناصر الإرهابية لديها . الملاحظ أن قائمة المطالب حددت مهلة الأيام العشرة ¢للموافقة¢ وهو التعبير الذي استخدمته الدول الأربع . وليس لمجرد ¢الرد¢ أو فتح باب للتفاوض . وهو ما يعني أنه لاخيار أمام الدوحة إلا الموافقة أو الرفض . * السؤال هنا هو : هل ستوافق قطر علي جميع مطالب الدول الأربع ال 13 من حيث المبدأ؟! أم ستوافق علي بعضها وترفض البعض الآخر .. أم سترفضها جميعاً أيضاً. الإجابة عن هذا السؤال لاتتعلق بإرادة قطر وحدها . لأن مطلبين من هذه المطالب يتعلقان بأطراف إقليمية أخري. وهما إيران التي يخصها مطلب تخفيض علاقات قطر الدبلوماسية بها . وتركيا التي يتعلق بها مطلب إغلاق قاعدتها العسكرية في الدوحة. والطرفان يحرضان قطر منذ اللحظة الأولي علي عدم الاستجابة لمطالب الدول الأربع جملة وتفصيلاً وليس فقط ما يتعلق بعلاقات قطر بكل منهما . ولقد دعمت الدولتان هذا التحريض بإجراءات عملية تساعد قطر علي ذلك . إيران أبلغت القيادة القطرية بأن مجالها الجوي وموانيها ومنافذها البحرية مفتوحة أمامها في كل وقت وبلا قيد أو شرط . كمنفذ يخفف عنها آثار مقاطعة الدول الأربع لها . كما توالي إيران إرسال المساعدات الغذائية . وتعزيز وجود عناصر الحرس الثوري الإيراني علي الأراضي القطرية. تركيا من جانبها أعلنت أن مطالب الدول الأربع. من حيث المبدأ . غير مقبولة . وأن موضوع قاعدتها العسكرية لايخص أحداً غيرها وقطر . حيث ان هذا إتفاق بين دولتين لا يجوز لأطراف أخري التدخل فيه. وترجمة لذلك بدأت تركيا . بموافقة برلمانها . تعزيز وجودها العسكري في قطر بإرسال قوات وآليات عسكرية لطمأنة القيادة القطرية وتحريضها علي رفض المطالب العربية . وأتصور أن الدولتين . إيرانوتركيا. لا تتوقفان في اتصالاتهما مع القيادة القطرية عن الإيعاز لها بأن هذه المطالب هي مطالب ¢إذعان¢ وتشبه الشروط التي يفرضها الطرف المنتصر علي الطرف المهزوم في نهاية حرب . وأن الاستجابة لها تعني أن سياسات قطر وقراراتها في المستقبل ستكون رهناً بإرادة الدول الأربع . وهو ما يعني فقدانها سيادتها. * السؤال الثاني هو : ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للدول الأربع؟! الإجابة هي أننا أمام متغيرين جديدين في الأزمة: الأول - أن هناك مثلثاً فعلياً تشكل علي الأرض رأسه في قطر. أي في الخليج وقاعدته في إيرانوتركيا أكبر قوتين إقليميتين خارج العالم العربي . ولهما أطماعهما فيه . ويمثل تحالفاً مضاداً لمصر والسعودية والإمارات والبحرين. الثاني -أننا أمام محاولة متعمدة من جانب قطر وحليفتيها ل ¢عسكرة الأزمة . رغم الإعلان المتكرر من الدول الأربع بأن الأزمة مع قطر ¢سياسية دبلوماسية¢ وليست عسكرية علي الإطلاق . بدليل أن الدول الأربع لم تحرك جندياً أو آلية عسكرية واحدة تجاه قطر. ولا اتخذت بين جميع ما اتخذت من إجراءات . ما يحمل طابعاً عسكرياً. وهو ما يمثل نوعاً من¢الإرهاب¢ للدول الأربع حتي تتراجع عن مطالبها . * السؤال الثالث : ما الذي يؤدي إليه هذان المتغيران الجديدان ؟! الإجابة تتلخص في نتيجتين : 1 - تعزيز احتمال الرفض القطري للمطالب العربية . بصورة مباشرة أو غير مباشرة. جزئية أو كلية . ما لم يحدث تطور غير منظور يخفف من الأزمة أو يغير اتجاهها . 2 - تحويل الأزمة من خلاف داخل البيت الخليجي بين السعودية والإمارات والبحرين وبين قطر .. أو خلاف خليجي عربي بانضمام مصر إلي الدول الثلاث . إلي¢صدام إرادات¢.. إرادة خليجية إقليمية تمثلها قطر وتعززها دولتا الجوار إيرانوتركيا .. والإرادة الخليجية العربية ممثلة في الدول الأربع ما يرفع من مستوي الأزمة . ويزيد احتمالات التوتر فيها . * السؤال الرابع : ما هو موقف القوي الدولية الكبري من هذه المواجهة . خاصة الولاياتالمتحدةوروسيا . اللاعبين الرئيسيين علي المستوي العالمي والإقليمي في الشرق الأوسط؟! الإجابة . أن موقف الدولتين للأسف يصب بطريقة أو أخري في مصلحة قطر وحلفائها . * كيف؟! بالنسبة للولايات المتحدة .. الرئيس ترامب يعترف بأن قطر تمول الإرهاب الدولي . وتدعم جماعاته وتنظيماته . ويؤيد ظاهرياً الموقف الحاسم للدول الأربع ضدها . والإجراءات التي اتخذتها للضغط عليها لتغيير سياستها. بل وينسب إلي نفسه دوراً رئيسياً في ذلك . لكن .. علي المستوي العملي . قام الرئيس ترامب وإدارته بالآتي: 1 - لم يتخذ أي إجراء فعلي ضد قطر يترجم به رفضه تمويلها للإرهاب . رغم أنه الوحيد الذي يملك عشرات الأوراق التي يكفي استخدام أي منها لحمل القيادة القطرية علي تغيير سياستها . 2 - دعمت الإدارة الأمريكيةقطر عسكرياً بصفقة طائرات مقاتلة في توقيت قاتل أيضاً وهو احتدام أزمتها . مع التبرير الهزلي المعتاد . وهو أن الصفقة متفق عليها قبل الأزمة . 3 - قبل أن تعلن الدول الأربع مطالبها من قطر . أعلن وزير الخارجية الأمريكي أن المطالب العربية يجب أن تكون ¢معقولة وقابلة للتنفيذ¢ في مصادرة مسبقة علي هذه المطالب .. وهذا التصريح تستند إليه الدوحة الآن في إتجاهها لرفض المطالب . باختصار .. الرئيس الأمريكي ترامب يتاجر بالأزمة الحالية. ويريد أن يكسب من الطرفين . وقد طرحت الإدارة الأمريكية فكرة الدعوة إلي قمة عربية في واشنطن لبحث الأزمة . وهذا يعني أنها تريد مساواة من يحاربون الإرهاب ويسعون لحماية أمنهم وشعوبهم منه . وبين من يمولون الإرهاب ويدعمون جماعاته وتنظيماته .. وهذه طعنة للحرب العالمية ضد الإرهاب . روسيا حليفة لإيرانوتركيا في سوريا .. الدول الثلاث تشكل أساس محور مفاوضات ¢الأستانا¢ لتسوية الأزمة السورية .. ظلال قطر موجودة في هذه المفاوضات وإن لم تكن شريكاً مباشراً فيها بالحضور . وذلك من خلال علاقاتها بجميع الفصائل والجماعات والتنظيمات المقاتلة علي الأراضي السورية . والواضح أن روسيا تتعامل مع قطر من خلال هذا المنظور . أي أنه لاينبغي أن نتجاهل الربط المحتمل بين الأزمة القطرية والأزمة السورية . وبين الخيار الروسي الإيراني التركي . والخيار الأمريكي السعودي في التسوية السورية. أي أن شكل تسوية الأزمة القطرية سوف ينعكس علي الأزمة السورية . ومن المحتمل في أي مفاوضات دولية أن تحدث ¢مقايضات¢ بين الأطراف في الأزمتين . * السؤال بعد ذلك هو : ما هي الخطوة المحتملة القادمة من جانب الدول الأربع في حالة رفض قطر مطالبها؟! الإجابة هي . أنه مع استبعاد أي عمل عسكري من جانب هذه الدول . وهو أحد ثوابت موقفها. فإن الخيار السياسي المتاح أمامها - وهذا اجتهاد شخصي - هو تعليق عضويتها في مجلس التعاون الخليجي لفرض مزيد من العزلة عليها . لحملها علي تغيير سياستها المعادية لهذه الدول . علي أنه مع استبعاد مصر من هذا الخيار لكونها ليست عضواً في المجلس الخليجي . وإن كانت ضامناً أساسياً لأمن أعضائه . فإن الدول الثلاث : السعودية والإمارات والبحرين . قد لا تغامر بهذا الإجراء قبل أن تتيقن من موقف العضوين الآخرين في المجلس وهما الكويت وسلطنة عمان . فما لم يصدر قرار تعليق أو تجميد العضوية بإجماع الدول الخمس . أو بتوافقها علي الأقل . فإن الأفضل عدم المغامرة به لأنه سيصدر ضعيفاً . وسيهدد وحدة مجلس التعاون الخليجي التي لا ينبغي التضحية بها في هذا الظرف . * هل هناك خيارات سياسية أخري بديلة في حالة عدم ضمان الإجماع الخليجي؟! الإجابة يمكن أن تكون في مجلس الأمن . وفي اللجنة الدولية لمكافحة الإرهاب التابعة له والتي ترأسها مصر وتعقد الآن إجتماعاتها حول الإرهاب في ليبيا . وفي هذه الحالة . فإن الدول الأربع ستكون مطالبة بتقديم كل ما لديها من وثائق ومستندات تؤيد ضلوع قطر في دعم وتمويل وتسليح الإرهاب سواء داخل هذه الدول باعتبارها صاحبة الدعوي أو في سوريا وليبيا والعراق وغيرها . والهدف من ذلك . هو دعوة مجلس الأمن في حالة اقتناع أعضائه بهذه الأدلة . باتخاذ ما يدعم موقف الدول الأربع ضد قطر . وما اتخذته من إجراءات حيالها . * السؤال بعد ذلك هو : إلي متي يمكن أن تستمر الأزمة ؟! الإجابة هي أن الدول الأربع تراهن علي ¢عنصر الوقت¢ . وهذا ما أعلنه وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية . علي اعتبار أن قطر لن تحتمل استمرار المقاطعة وقتاً طويلاً وما ينتج عن ذلك من تفاعلات داخلية . والواقع أن الرهان علي الوقت سلاح ذو حدين . فكلما طالت الأزمة إعتاد المستهدفون بها عليها . وتحولت إلي ساحة مفتوحة لتدخلات كل الأطراف الخارجية . بل ستستغلها القيادة القطرية لتعزيز الدعم الداخلي لها . بتصويرها علي أنها تستهدف ¢تركيع¢ الشعب القطري وإخضاعه لإرادة الدول الأربع. للأسف .. انتهت المساحة المخصصة للمقال .. ولم تنته أسئلة الأزمة بعد.