تتعثر المفاوضات مع قطر بخصوص تنفيذ مطالب الدول الأربع مصر والسعودية والإمارات والبحرين بالتوقف عن دعم الإرهاب, بل أعلنت التحدي وقالت إنها لا تقبل التدخل في سياستها الخارجية, وهو ما دعا وزير الخارجية الأمريكي إلي أن يصف الأزمة مع قطر بأنها زادت تعقيدا وخطورة. القلق الأمريكي له مبرراته, فتدويل الأزمة القطرية يجري بوتيرة سريعة, فقد زار وزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني ألمانيا محاولا اللعب علي الخلافات الأخيرة بين ألمانيا والولايات المتحدة, وهو ما ظهر في تصريحات صحفية أدلي بها وزير الخارجية الألماني زجمار جابريل, الذي ألقي باللوم علي سياسة الرئيس الأمريكي ترامب تجاه دول الخليج, أما زيارة الوزير القطريلروسيا فسعي فيها إلي إظهار التقارب مع روسيا في الأزمة السورية, والتي كان لقطر دور كبير وواضح في دعم الجماعات الإرهابية, وتمسكها الدائم بإزاحة الرئيس السوري من الحكم, لكن الوزير القطري قال في موسكو إن وجود الرئيس السوري لن يكون حائلا لسعي قطروروسيا في احتواء الأزمة علي أساس وحدة سوريا وسلامة أراضيها. أما الخطوة الأخطر فهي الإعلان عن افتتاح القاعدة العسكرية التركية في قطر قبل الموعد المحدد لاستكمال تجهيزاتها بنحو عامين, وهي القاعدة العسكرية الوحيدة لتركيا خارج أراضيها, وهذه الخطوة تجسد مقامرة أردوغان بإلقاء كل أوراقه علي علاقته بقطر مضحيا بكل من السعودية والإمارات, وهو إعلان رسمي عن ميلاد تحالف قطري تركي إخواني في مواجهة الدول الأربع, وضد الإرادة الأمريكية, وخلط للأوراق ولعب بالنار في منطقة شديدة الحساسية والخطورة, خاصة مع الأنباء التي أكدت أن تركيا سحبت عناصر إرهابية من سوريا وتدربها داخل تركيا علي أسلحة متطورة, حتي تتمكن من استخدامها في مواجهة الأكراد أو في تعزيز الجماعات الإرهابية في الخارج, خاصة في ليبيا, ويمكن الاستعانة بهؤلاء المسلحين الذين ينتمي معظمهم لجماعة الإخوان في القاعدة العسكرية التركية في قطر. ورغم محاولة قطر عدم إظهار التقارب مع إيران, فإن فتح إيران لثلاثة موان لتزويد قطر باحتياجاتها الغذائية والسلعية, فإن توطيد العلاقات مع طهران يبدو أكثر من ذلك, خصوصا مع إعلان إيران أنها ضد أي تصعيد يستهدف قطر, وتجاهل إيران للدور القطري المساند للجماعات الإرهابية ضد أهم حليفين لها وهما العراقوسوريا, والسعي إلي توسيع الشرخ الخليجي الذي أحدثته قطر. التحالف القطري التركي الإخواني يراهن علي استمرار وتعميق الأزمات والعنف في المنطقة, فأردوغان يشعر أنه يغرق في أزماته الداخلية والدولية, ويجد في قطر ممولا سخيا لمغامراته, وجماعة الإخوان التي تتفكك, وتتبرأ الكثير من الأحزاب الإخوانية العربية من الانتماء إليها, تسعي عبر التمويل القطري والتوظيف التركي إلي استعادة بعض ما فقدته, وأن تجد بارقة أمل في جمع أشلائها, ورفع معنويات أعضائها بعد سلسلة طويلة من الهزائم العسكرية والسياسية. إن السياسة القطرية لا يبدو أنها مستعدة لتتجاوب مع مساعي احتواء الأزمة والالتزام بمطالب الدول الأربع, بل تتخذ مسارا تصعيديا, بل تلوح بالقدرة علي جلب المزيد من الأزمات إلي منطقة الخليج, وتحويلها إلي بؤرة للصراعات الإقليمية والدولية, وهدم المعبد علي الجميع, والوصول إلي حافة الهاوية. علي الجانب الآخر تسعي الدول الأربع إلي تضييق الخناق علي قطر, وتكثيف الضغوط السياسية لتعيد النظر في مسارها الضار والخطير, ليس علي دول المنطقة فقط, بل علي استقرار قطر ومصير حاكمها, وعبرت الإمارات عن أملها بأن تدرك قطر عواقب ما تفعله, وأن يتوجه حاكمها إلي الرياض بدلا من الانزلاق إلي الهاوية.