أثارت موافقة لجنة الشئون بمجلس النواب علي مقترح مشروع قانون ضوابط تعيين رؤساء الهيئات القضائية غضب القضاة الذين اعتبروه يمثل تدخلاً في شئونهم ومخالفاً للدستور ويتسبب في تفتيت وحدة القضاة والتقاليد المستقرة منذ مئات السنين. أكد المستشار محمد عبدالمحسن رئيس نادي القضاة أنهم لن يقبلوا بتمرير تعديلات قانون السلطة القضائية بتلك الطريقة التي تثير الكثير من علامات الاستفهام وتمثل إهانة واستهانة غير مقبولة علي الإطلاق بالقضاء وتتسبب في افتعال أزمة مع القضاة بلا سند. أوضح رئيس نادي القضاة في تصريحات للجمهورية ان التعديل المقترح من قبل مجلس النواب يخالف أحكام الدستور بانتهاك استقلال القضاء وإخلاله بمبدأ الفصل بين السلطات مشدداً علي أن استقلال القضاء ضمانة للشعب قبل القضاة. ذكر المستشار عبدالمحسن أن وفداً من نادي القضاة توجه إلي اللجنة التشريعية واجتمع مع بعضهم وأبدوا أسباب رفض القضاة للتعديل المقترح الذي يعد تدخلاً في أعمال السلطة القضائية مشيراً إلي أن مجلس النواب قام بإرجاء مناقشة مشروع القانون بعد رفض الجهات القضائية له إلا أن القضاة فوجئوا بإعادة مناقشة القانون في اللجنة التشريعية بهذه الطريقة المتسرعة التي لا تتفق مع أهمية مشروع القانون المقترح وتمت الموافقة عليه وعرضه في جلسة مسائية بطريقة تثير الكثير من علامات الاستفهام والاستياء من القضاة مؤكداً أنه ليس هكذا يتم التعامل مع قانون خاص بالقضاة. أشار رئيس نادي القضاة إلي أن الرفض والاعتراض علي التعديلات هي أنها تعطي الحق لرئيس الجمهورية في تعيين رئيس محكمة النقض "رئيس المجلس الأعلي للقضاء" من بين ثلاثة نواب يرشحهم مجلس القضاء الأعلي واصفاً قرار رئيس الجمهورية في تلك الحالة بأنه قرار منشيء وأن رئيس الجمهورية وفقاً لنص المادة 139 من الدستور هو رئيس السلطة التنفيذية بما مؤداه تغول السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية بتعيين رئيس السلطة القضائية من قبل رئيس السلطة التنفيذية وأن القضاة مع كامل احترامهم وتقديرهم لرئيس الجمهورية إلا أن النصوص القانونية قواعد عامة مجردة توضع وتسن لتبقي وتستمر. أضاف المستشار عبدالمحسن قائلاً: إنه إذا كان منصب النائب العام قد حصنه الدستور بالاختيار المباشر من قبل المجلس الأعلي للقضاء فإن الواجب اتباعه بالنسبة لرئيس السلطة القضائية عن طريق قانون السلطة القضائية احتكاماً لأحكام الدستور. ويري نادي القضاة أنهم رأوا رغبة ملحة وغير مبررة من مجلس النواب باختزال مشروع القانون بالكامل رغم ما به من مناقضات دستورية في المادة الخاصة بتعيين رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلي ولذلك بادر نادي القضاة عند مناقشة اللجنة التشريعية للمرة الثانية بمقترح مقدم لتعديل نص تلك المادة بما يحفظ استقلال القضاء لحين عرض مشروع القانون بالكامل موضحاً أن النص المقترح يتضمن اختيار مجلس القضاء الأعلي أحد أقدم ثلاثة من نواب الرئيس ليصدر قراراً بتعيينه من رئيس الجمهورية ليكون قرار التعيين كاشفاً وليس منشئاً وذلك حتي تبقي الاختيارات بأيدي القضاة أنفسهم ولذلك تم إرسال المقترح لمجلس القضاء الأعلي ومجلس النواب مرفقاً به مذكرة تفسيرية بأسباب المقترح المقدم من النادي ورفض المقترح المقدم من مجلس النواب لعواره الدستوري. شدد المستشار عبدالمحسن أن نادي القضاة يربأ بمجلس النواب الذي أقسم نوابه علي احترام الدستور أن يخالفوا أحكامه موضحاً أن نادي القضاة قد فتح باب الحوار مع مجلس النواب لإبداء الرأي درءاً للفتن وحرصاً علي استقرار الوطن واحتراماً لمجلس النواب الذي يتعين عليه تحمل مسئوليته في هذا الشأن. كشف رئيس نادي القضاة عن قرب الانتهاء من إعداد مشروع كامل لقانون السلطة القضائية تتوافق أحكامه مع أحكام الدستور ويتضمن استقلالاً كاملاً وحقيقياً للقضاء مؤكداً أنهم لا يسعون إلي الصدام مع مؤسسات الدولة ومشدداً علي أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الاستهانة بإرادتهم والانتهاك الصارخ لاستقلالهم داعياً الجميع لاحترام مباديء الدستور والتي نصت صراحة علي استقلال القضاء خاصة أن الجميع في دولة مؤسسات تسير بخطي ثابتة نحو التقدم والازدهار. من جانبه قال المستشار عادل الشوربجي نائب رئيس محكمة النقض "عضو المجلس الأعلي للقضاء" أنهم عندما تم استطلاع رأيهم في مجلس القضاء قد رفضوا تلك التعديلات وأما الآن فلا تعليق. أكد المستشار عبدالله قنديل رئيس نادي مستشاري هيئة النيابة الإدارية أن مشروع تعديلات النواب بشأن اختيار رؤساء الهيئات القضائية مرفوضة شكلاً ومضموناً باعتبارها مساساً صريحاً وواضحاً باستقلال القضاة لأنها تمثل تدخل رئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية في اختيار رؤساء الهيئات القضائية بالمخالفة لنصوص الدستور التي جعلت كل هيئة أو جهة تقوم علي شئونها ومن ثم فإن تعيين رئيس الجهة أو الهيئة يعد من أخص شئونها طبقاً للدستور. أعرب رئيس نادي مستشاري هيئة النيابة الإدارية عن أمله من رئيس مجلس النواب والأعضاء أن يعيدوا النظر ويرفضوا التقرير المقدم من لجنة الشئون التشريعية والدستورية كما ناشد رئيس الجمهورية إلي استعمال سلطاته الدستورية بالامتناع عن إصدار هذا القانون. شدد المستشار قنديل علي أنه لا يجوز الحيدة عن المبدأ الذي استقر طبقاً للأعراف منذ مئات السنين بأن يتولي الرئاسة هو الأقدم إذ أن غير ذلك يؤدي لتفتيت الهيئة أو الجهة ويخل بالتقاليد والقيم القضائية موضحاً أن اختيار رئيس اليهئة يتم من خلال موافقة المجلس الخاص الذي يضم أقدم 6 من مستشاري الهيئة وبالتالي فللمجلس صلاحية الاعتراض علي تولي أقدم الأعضاء لمنصب الرئيس إذا كان هناك أسباب تدعو لذلك ومن ثم فإن الأفضل أن يكون القضاة هم القائمون علي شئونهم إعمالاً للعرف القضائي المستقر في هذا الشأن.