أزمة جديدة تحلق فى الأفق بين سلطتين كبيرتين بالدولة، التشريعية الممثلة فى مجلس النواب والقضائية الممثلة فى المجلس الأعلى للقضاء والمجالس الخاصة بالهيئات القضائية المختلفة «مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة»، إثر تقدم النائب أحمد حلمى الشريف عضو اللجنة التشريعية بمشروع تعديل على القوانين المنظمة للقضاء، بشأن تعديل قوانين السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، وقانون هيئة النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958، وقانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963، وقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، والخاص بكيفية تعيين رؤساء الهيئات القضائية. وينص مشروع القانون الذى قدمه النائب على «أن يعين رئيس هيئة النيابة الإدارية بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة، وتعيين رئيس هيئة قضايا الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة، وتعيين رئيس محكمة النقض بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه يرشحهم مجلس القضاء الأعلى». المشروع البرلمانى دفع القضاة إلى الانتفاضة، وإصدار بيان «شديد اللهجة» من قبل نادى القضاة، على لسان رئيسه المستشار محمد عبدالمحسن نائب رئيس محكمة النقض، جاء فيه: «إن كان الدستور قد جعل رأى الجهات القضائية استشاريًا بأن قصر حقهم فى المادة 185 منه على إبداء الرأى فى تلك المشروعات، إلا أن رأيهم هذا يكون ملزمًا للجميع إذا استند إلى حق دستورى أصيل، هو مبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه فى المادة 184 من الدستور». وأضاف: «استقلال القضاء يقتضى حتما وبدون أى مواربة أن تظل الاختيارات القضائية بجميع مستوياتها بأيدى القضاة أنفسهم»، مشيرًا إلى أن نادى القضاة فى سبيله لإعداد مشروع متكامل بمقترحات لقانون السلطة القضائية بالتشاور مع كل من له صلة بهذا الأمر سيتقدم به عبر القنوات الشرعية لمجلس القضاء الأعلى، معتبرًا التعديل الخاص ب «سلطة الرئيس» اعتداءً على استقلال القضاء. وعلق المستشار عبدالستار أمام رئيس نادى قضاة المنوفية بقوله: «إجراء تعديل على القوانين المنظمة لاختيار رؤساء الهيئات القضائية بهذا الشكل يثير أزمة لن تتحملها الدولة فى الوقت الراهن. ودعا أمام مجلس النواب إرسال القوانين إلى القضاة أولًا قبل إقرارها لأخذ الرأى، وهو ما تم خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تم إرسال نسخة من التعديلات المقترحة إلى الهيئات القضائية المختلفة، وفى الغالب سيتم رفضها منعًا للتداخل بين السلطات، خاصة أن الهدف من التشريع تحقيق المصلحة العامة، وهذه التعديلات تختلف كليًا وجزئيًا مع هذا المبدأ». وأكد مصدر قضائى ل«الصباح» أن هناك «حالة من الغضب بين عموم شباب القضاة وشيوخه بسبب هذه التعديلات، والتى تم الرد عليها ببيان شديد اللهجة، ويتم بحث انعقاد جمعية عمومية طارئة لبحث آليات التصدى لمثل هذه الاعتداءات على استقلال القضاء، ومن المرجح أن تكون خلال الأيام القليلة المقبلة، فى حال لم تؤخذ آراء الهيئات القضائية المختلفة بعين الاعتبار، وإغلاق هذا الملف، خاصة أن هذه التعديلات تتعارض مع صحيح القانون والدستور». وتابع المصدر «فى حال تم إقرار هذه التعديلات والموافقة عليها، فإن أولى ضحاياها هو المستشار يحيى الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وقاضى (تيران وصنافير) كونه الأقدم بين نواب رئيس المجلس، وتنتهى ولايته خلال الفترة القليلة المقبلة، وبالتالى سيتم ترشيح اثنين آخرين ليختار رئيس الجمهورية واحدًا منهم، وهو الأمر الذى قد يتم تفسيره على محمل تداخل بين السلطات غير مسموح به». أما النائب أحمد حلمى عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، ومقدم مشروع القانون فقال: «هذه الطريقة الجديدة فى اختيار رؤساء هذه الهيئات تعطى الهيئات حق الترشيح لثلاثة من نوابها، وحصر دور رئيس الجمهورية فى اختيار أحدهم.